فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْناصالِحاً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُبِرَحْمَةٍ مِنَّا وَ مِنْ خِزْيِيَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَ أَخَذَالَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُفَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ(67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلاإِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلابُعْداً لِثَمُودَ (68)اعلم أن مثل هذه الآية قد مضى في قصة عاد،و قوله: وَ مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ فيهمسائل:
المسألة الأولى: الواو في قوله: وَ مِنْخِزْيِ واو العطف
و فيه وجهان: الأول: أن يكون التقدير:نجينا صالحا و الذين آمنوا معه برحمة منامن العذاب النازل بقومه و من الخزي الذيلزمهم و بقي العار فيه مأثورا عنهم ومنسوبا إليهم، لأن معنى الخزي العيب الذيتظهر فضيحته و يستحيا من مثله فحذف ما حذفاعتمادا على دلالة ما بقي عليه. الثاني: أنيكون التقدير: نجينا صالحا برحمة منا ونجيناهم من خزي يومئذ.
المسألة الثانية: قرأ الكسائي و نافع فيرواية ورش و قالوا و إحدى الروايات عنالأعشى يومئذ بفتح الميم،
و في المعارج عذاب يومئذ [المعارج: 11] والباقون بكسر الميم فيهما فمن قرأ بالفتحفعلى أن يوم مضاف إلى إذ و أن إذ مبني، والمضاف إلى المبني يجوز جعله مبنيا ألاترى أن المضاف يكتسب من المضاف إليهالتعريف و التنكير فكذا ههنا، و أما الكسرفي إذ فالسبب أنه يضاف إلى الجملة منالمبتدأ و الخبر تقول:جئتك إذ الشمس طالعة، فلما قطع عن المضافإليه نون ليدل التنوين على ذلك ثم كسرتالذال لسكونها و سكون التنوين، و أماالقراءة بالكسر فعلى إضافة الخزي إلىاليوم و لم يلزم من إضافته إلى المبني أنيكون مبنيا لأن هذه الإضافة غير لازمة.
المسألة الثالثة: الخزي الذل العظيم حتىيبلغ حد الفضيحة
و لذلك قال تعالى في المحاربين ذلِكَلَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا [المائدة: 33]و إنما سمى اللَّه تعالى ذلك العذاب خزيالأنه فضيحة باقية يعتبر بها أمثالهم ثمقال: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّالْعَزِيزُ و إنما حسن ذلك، لأنه تعالىبين أنه أوصل ذلك العذاب إلى الكافر و صانأهل الإيمان عنه، و هذا التمييز لا يصح إلامن القادر الذي يقدر على قهر طبائعالأشياء فيجعل الشيء الواحد بالنسبة إلىإنسان بلاء و عذابا و بالنسبة إلى إنسانآخر راحة و ريحانا ثم إنه تعالى بين ذلكالأمر فقال:وَ أَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا و فيهمسألتان:
المسألة الأولى: إنما قال: أَخَذَ و لم يقلأخذت
لأن الصيحة محمولة على الصياح، و أيضا فصلبين الفعل و الاسم المؤنث بفاصل، فكانالفاصل كالعوض من تاء التأنيث، و قد سبقلها نظائر.