لها، إلا أن يخلق فيه داعية جازمة في جانبالطاعة و أن يزيل عن قلبه داعية المعصية، وذلك هو المطلوب، و الدليل على أن المراد ماذكرناه ما نقل أن النبي صلّى الله عليهوسلّم لما وقع بصره على زينب قال: «يا مقلبالقلوب ثبت قلبي على دينك» و كان المرادمنه تقوية داعية الطاعة، و إزالة داعيةالمعصية فكذا ههنا، و كذا قوله عليهالسلام:
«قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن»فالمراد من الأصبعين داعية الفعل، و داعيةالترك و هاتان الداعيتان لا يحصلان إلابخلق اللَّه تعالى، و إلا لافتقرت إلىداعية أخرى و لزم التسلسل فثبت أن قول يوسفعليه السلام: مَعاذَ اللَّهِ من أدلالدلائل على قولنا و اللَّه أعلم.
السؤال الثالث: ذكر يوسف عليه السلام فيالجواب عن كلامها ثلاثة أشياء:
أحدها: قوله: مَعاذَ اللَّهِ و الثاني:قوله تعالى عنه: إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَمَثْوايَ و الثالث: قوله: إِنَّهُ لايُفْلِحُ الظَّالِمُونَ فما وجه تعلق بعضهذا الجواب ببعض؟ و الجواب: هذا الترتيب فيغاية الحسن، و ذلك لأن الانقياد لأمراللَّه تعالى و تكليفه أهم الأشياء لكثرةإنعامه و ألطافه في حق العبد فقوله: مَعاذَاللَّهِ إشارة إلى أن حق اللَّه تعالىيمنع عن هذا العمل، و أيضا حقوق الخلق واجبة الرعاية، فلما كان هذا الرجل قد أنعمفي حقي يقبح مقابلة إنعامه و إحسانهبالإساءة، و أيضا صون النفس عن الضررواجب، و هذه اللذة لذة قليلة يتبعها خزي فيالدنيا، و عذاب شديد في الآخرة، و اللذةالقليلة إذا لزمها ضرر شديد، فالعقل يقتضيتركها و الاحتزاز عنها فقوله: إِنَّهُ لايُفْلِحُ الظَّالِمُونَ إشارة إليه، فثبتأن هذه الجوابات الثلاثة مرتبة على أحسنوجوه الترتيب.
وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهالَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِكَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَاالْمُخْلَصِينَ (24)
اعلم أن هذه الآية من المهمات التي يجبالاعتناء بالبحث عنها
و في هذه الآية مسائل:
حل الهميان و جلس منها مجلس الخائن و عنهأيضا أنها استلقت له و جلس بين رجليها ينزعثيابه، ثم إن الواحدي طول في كلمات عديمةالفائدة في هذا الباب، و ما ذكر آية يحتجبها و لا حديثا صحيحا يعول عليه في تصحيحهذه المقالة، و ما أمعن النظر في تلكالكلمات العارية عن الفائدة روي أن يوسفعليه السلام لما قال: ذلِكَ لِيَعْلَمَأَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ [يوسف:52] قال له جبريل عليه السلام و لا حين هممتيا يوسف فقال يوسف عند ذلك: وَ ماأُبَرِّئُ نَفْسِي [يوسف: 53] ثم قال و الذينأثبتوا هذا العمل ليوسف كانوا أعرف بحقوقالأنبياء عليهم السلام و ارتفاع منازلهمعند اللَّه تعالى من الذين نفوا الهم عنه،فهذا خلاصة كلامه في هذا الباب.