شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 219
نمايش فراداده

اعرابى: ال لهم انا نبات نعمتك، فلا تجعلنا حصائد نقمتك.

بعضهم: اللهم ان كنت قد بلغت احدا من عبادك الصالحين درجه ببلاء، فبلغنيها بالعافيه.

حج اعرابى، فكان لايستغفر اذا صلى كما يستغفر الناس، فقيل له، فقال: كما ان تركى الاستغفار مع ما اعلم من عفو الله و رحمته ضعف، فكذلك استغفارى مع ما اعلم من اصرارى لوم.

لما صاف قتيبه بن مسلم الترك و هاله امرهم، سال عن محمد بن واسع، فقيل: هو فى اقصى الميمنه جانحا على سيه قوسه، مبصبصا باصبعه نحو السماء، فقال قتيبه: لتلك الاصبع القاروره، احب الى من مائه الف سيف شهير، و رمح طرير.

سمع مطرف بن الشخير صيحه الناس بالدعاء، فقال: لقد هممت ان احلف ان الله غفر لهم، ثم ذكرت انى فيهم فكففت.

كان المامون اذا رفعت المائده من بين يديه يقول: الحمد لله الذى جعل ارزاقنا اكثر من اقواتنا.

الحسن البصرى: من دخل المقبره فقال: اللهم رب الارواح العاليه، و الاجساد الباليه، و العظام النخره التى خرجت من الدنيا و هى مومنه بك، ادخل عليهم روحا منك و سلاما منى، كتب الله له بعدد من ولد- منذ زمن آدم الى ان تقوم الساعه- حسنات.

على (ع): الدعاء سلاح المومن، و عماد الدين، و نور السموات و الارض.

قيل: ان فيما انزله الله تعالى من ا لكتب القديمه: ان الله يبتلى العبد و هو يحبه، ليسمع دعاءه و تضرعه.

ابوهريره: اطلبوا الخير دهركم كله، و تعرضوا لنفحات من رحمه الله تعالى، فان لله تعالى نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، و اسالوا الله ان يستر عوراتكم، و يومن روعاتكم.

صلى رجل الى جنب عبدالله بن المبارك، فلما سلم الامام سلم و قام عجلا، فجذب عبدالله بثوبه، و قال: اما لك الى ربك حاجه! قيل لعمر بن عبدالعزيز: جزاك الله عن الاسلام خيرا! فقال: لا، بل جزى الله الاسلام عنى خيرا.

على (ع): الداعى بغير عمل كالرامى بغير وتر.

كان الزهرى اذا فرغ من الحديث تلاه، فدعا: اللهم انى اسالك خير ما احاط به علمك فى الدنيا و الاخره، و اعوذ بك من شر ما احاط به علمك فى الدنيا و الاخره.

كان زبيد النامى يستتبع الصبيان الى المسجد، و فى كمه الجوز، و يقول: من يتبعنى منكم فاعطيه خمس جوزات؟ فاذا دخلوا المسجد، قال ارفعوا ايديكم و قولوا: اللهم اغفر لزبيد، فاذا دعوا قال: اللهم استجب لهم، فانهم لم يذنبوا.

على (ع): جعل فى يديك مفاتيح خزائنه بما اذن لك فيه من مسالته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء ابواب نعمته، و استمطرت شابيب رحمته، فلا يقنطنك ابطاء اجابته، فان العطيه على قدر النيه، و ربما اخرت عنك الاجابه، ليكون ذلك اعظم لاجر السائل، و اجزل لعطاء الامل، و ربما سالت الشى ء فلا توتاه، و اوتيت خيرا منه، او صرف عنك بما هو لك خير.

و اعلم انه رب امر قد طلبت، فيه هلاك دينك لو اوتيته.

و من الدعاء المرفوع: اللهم من اراد بنا سوءا فاحط به ذلك السوء كاحاطه القلائد بترائب الولائد، و ارسخه على هامته كرسوخ السجيل على قمم اصحاب الفيل.

سمع عمر رجلا يقول فى دعائه: اللهم اجعلنى من الاقلين! فقال: ما اردت بهذا؟ قال: قول الله عز و جل: (و ما آمن معه الا قليل)، و قوله تعالى: (و قليل من عبادى الشكور)، فقال: عليكم من الدعاء بما عرف.

قال سعيد بن المسيب: مربى صله بن اشيم، فقلت له: ادع لى، فقال: رغبك الله فيما يبقى، و زهدك فيما يفنى، و وهب لك اليقين الذى لاتسكن النفوس الا اليه، و لاتعول الا عليه.

كان على بن عيسى بن ماهان صاحب خراسان، و فى ايامه عصام بن يوسف الزاهد فلقيه فى الطريق، و سلم عليه على، فاعرض عنه و لم يرد عليه، فوقف على، و رفع يديه و اسبل عينيه، و قال اللهم ان هذا الرجل يتقرب اليك ببغضى، و انا اتقرب اليك بحبه، فان كنت غفرت له ببغضى، فاغفر لى بحبه، يا كريم! ثم سار.

قال الاصمعى: سمعت اعرابيا يدعو و يقول: ال لهم ان كان رزقى فى السماء فانزله، و ان كان فى الارض فاخرجه، و ان كان بعيدا فقربه، و ان كان قريبا فيسره، و ان كان قليلا فكثره، و ان كان كثيرا فبارك لى فيه.

من دعاء عمرو بن عبيد، اللهم اغننى بالافتقار اليك، و لاتفقرنى بالاستغناء عنك، اللهم اعنى على الدنيا بالقناعه، و على الدين بالعصمه.

شكا رجل الى الحسن رحمه الله تعالى رجلا يظلمه، فقال له: اذا صليت الركعتين بعد المغرب، فاسجد و قل: يا شديد القوى، يا شديد المحال، يا عزيز، اذللت لعزك جميع من خلقت، فصل على محمد و آل محمد، و اكفنى مونه فلان بما شئت.

فدعا بها فلم يرعه الا الواعيه بالليل.

فسال، فقيل: مات فلان فجاه.

قال موسى (ع): يا رب انك لتعطينى اكثر من املى، قال: لانك تكثر من قول: ما شاء الله، لا قوه الا بالله.

كان بعض الصالحين يقول قبل الصلاه: يا محسن، قد جاءك المسى ء، و قد امرت المحسن ان يتجاوز عن المسى ء، فتجاوز عن قبيح ما عندى بجميل ما عندك.

اللهم ارزقنى عمل الخائفين و خوف العاملين، حتى انعم بترك التنعم طمعا فيما وعدت، و خوفا مما اوعدت.

و من الادعيه الجامعه: اللهم اغننى بالعلم، و زينى بالحلم، و جملنى بالعافيه، و كرمنى بالتقوى.

احمد بن يوسف كاتب المامون، اذا دخل عليه حياه بتحيه ابرويز الملك: عشت الدهر، و نلت المنى، و جنبت طاعه النساء.

البزر مسال و من الدعاء المروى عن رسول الله (ص): (اللهم اغفر لى ذنوبى و خطاياى كلها.

اللهم انعشنى و اجزنى و انصرنى و اهدنى لصالح الاعمال و الاخلاق، انه لايهدى لصالحها، و لايصرف عن سيئها الا انت.

اللهم انى اسالك الثبات فى الامر، و العزيمه على الرشد، و اسالك شكر نعمتك و حسن عبادتك، و اسالك قلبا سليما، و لسانا صادقا، و اسالك من خير ما تعلم، و اعوذ بك من شر ما تعلم، و استغفرك لما تعلم، انك انت علام الغيوب.

(آداب الدعاء) قالوا: و من آداب الدعاء ان ترصد له الاوقات الشريفه، كما بين الاذان و الاقامه، و كوقت السجود و وقت السحر، و يستحب ان يدعو مستقبل القبله رافعا يديه، لما روى سلمان عن النبى (ص): (ان ربكم كريم يستحى من عبده اذا رفع اليه يديه ان يردهما صفرا)، و يستحب ان يمسح بهما وجهه بعد الدعاء، فان ذلك قد روى عن رسول الله (ص).

و يكره ان يرفع بصره الى السماء، لقوله (ع): (لينتهين اقوام عن رفع ابصارهم الى السماء عند الدعاء، او لتخطفن ابصارهم)، و قد رخص فى ذلك للصديقين و الائمه العادلين و يستحب ان يخفض صوته، لقوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا و خفي ه).

و قد روى ان عمر سمع رجلا يجهر بالدعاء، فقال: لكن زكريا نادى ربه نداء خفيا.

و يكره ان يتكلف الكلام المسجوع، و يستحب الاتيان بالمطبوع منه، لقوله (ص): (اياكم و السجع فى الدعاء، بحسب احدكم ان يقول: اللهم انى اسالك الجنه و ما قرب اليها من قول او عمل، و اعوذ بك من النار و ما قرب اليها من قول او عمل).

و قيل فى الوصيه الصالحه: ادع ربك بلسان الذله و الاحتقار، لابلسان الفصاحه و التشدق.

و قال سفيان بن عيينه: لايمنعن احدكم من الدعاء ما يعلمه من نفسه، فان الله تعالى اجاب دعاء شر خلقه ابليس حيث قال: (انظرنى).

النبى (ص): (اذا سال احدكم ربه مساله (فتعرف الاجابه)، فليقل: الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.

و من ابطا عنه شى ء من ذاك فليقل: الحمد لله على كل حال).

و من الاداب ان يفتتح بالذكر و الا يبتدى ء بالمساله، كان رسول الله (ص) قبل ان يدعو يقول: (سبحان ربى العلى الوهاب).

ابوسليمان الدارانى: من اراد ان يسال الله تعالى حاجته فليبدا بالصلاه على رسول الله (ص)، ثم يسال حاجته، ثم يختم بالصلاه على رسول الله (ص)، فان الله تعالى يقبل الصلاتين، و هو اكرم من ان يدع ما بينهما.

و من دعاء على (ع): (اللهم صن وجهى باليسار، و لاتبذل جا هى بالاقتار، فاسترزق طالبى رزقك، و استعطف شرار خلقك، و ابتلى بحمد من اعطانى، و افتتن بذم من منعنى، و انت من وراء ذلك كله ولى الاعطاء و المنع، انك على كل شى ء قدير).

و من دعاء الحسن رحمه الله تعالى: (اللهم انى اعوذ بك من قلب يعرف، و لسان يصف، و اعمال تخالف).

و من دعاء اهل البيت (ع)، و فيه رائحه من كلام اميرالمومنين (ع) الذى نحن فى شرحه: اللهم انى استغفرك لما تبت منه اليك ثم عدت فيه، و استغفرك لما وعدتك من نفسى ثم اخلفتك، و استغفرك للنعم التى انعمت بها على، فتقويت على معصيتك، و استغفرك من كل ذنب تمكنت منه بعافيتك، و نالته يدى بفضل نعمتك، و انبسطت اليه بسعه رزقك، و احتجبت فيه عن الناس بسترك، و اتكلت فيه على اكرم عفوك.

اللهم انى اعوذ بك ان اقول حقا ليس فيه رضاك، التمس به احدا سواك، و اعوذ بك ان اتزين للناس بشى ء يشيننى عندك، و اعوذ بك ان اكون عبره لاحد من خلقك، و ان يكون احد من خلقك اسعد بما علمتنى منى، و اعوذ بك ان استعين بمعصيه لك على ضر يصيبنى.

كان ابومسلم الخولانى اذا اهمه امر قال: يا مالك يوم الدين، اياك نعبد و اياك نستعين.

و من دعاء على (ع): اللهم ان تهت عن مسالتى و اعميت عن طلبتى، فدلنى على مصالحى، و خذ ب قلبى الى مراشدى.

اللهم احملنى على عفوك، و لاتحملنى على عدلك.