شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 223
نمايش فراداده

خطبه 081-در نكوهش دنيا

قال الرضى رحمه الله: اقول: و اذا تامل المتامل قوله (ع): (و من ابصر بها بصرته)، وجد تحته من المعنى العجيب، و الغرض البعيد، ما لايبلغ غايته و لايدرك غوره، لا سيما اذا قرن اليه قوله: (و من ابصر اليها اعمته)، فانه يجد الفرق بين (ابصر بها)، و (ابصر اليها) واضحا نيرا، و عجيبا باهرا.

الشرح:

العناء: التعب.

و ساعاها: جاراها سعيا.

و واتته: طاوعته.

و نظر الرضى الى قوله.

(اولها عناء و آخرها فناء)، فقال.

و اولنا العناء اذا طلعنا الى الدنيا و آخرنا الذهاب و نظر الى قوله (ع) (فى حلالها حساب، و فى حرامها عقاب) بعض الشعراء، فقال: الدهر يومان فيوم مضى عنك بما فيه و يوم جديد حلال يوميك حساب و فى حرام يوميك عذاب شديد تجمع ما ياكله وارث و انت فى القبر وحيد فريد انى لغيرى واعظ تارك نفسى و قولى من فعالى بعيد حلاوه الدنيا و لذاتها تكلف العاقل ما لايريد و من المعنى ايضا قول بعضهم: حلالها حسره تفضى الى ندم و فى المحارم منها الغنم منزور و نظر الحسن البصرى الى قوله (ع): (من استغنى فيها فتن، و من افتقر فيها حزن)، فقال، و قد جاءه انسان يبشره بمولود له ذكر: ليهنك الفارس يا اباسعيد، فقال: بل الر اجل! ثم قال: لا مرحبا بمن ان كان غنيا فتننى، و ان كان فقيرا احزننى، و ان عاش كدنى، و ان مات هدنى، ثم لاارضى بسعيى له سعيا، و لابكدحى له كدحا، حتى اهتم بما يصيبه بعد موتى، و انا فى حال لاينالنى بمساءته حزن، و لا بسروره جذل.

و نظر ابن المعتز الى قوله (ع): (من ساعاها فاتته، و من قعد عنها واتته) فقال: الدنيا كظلك، كلما طلبته زاد منك بعدا.

و نظرت الى قوله (ع): (و من ابصر بها بصرته، و من ابصر اليها اعمته،) فقلت: دنياك مثل الشمس تدنى الي ك الضوء لكن دعوه المهلك ان انت ابصرت الى نورها تعش و ان تبصر به تدرك فان قلت: المسموع: ابصرت زيدا، و لم يسمع ابصرت الى زيد، قلت: يجوز ان يكون قوله (ع): (و من ابصر اليها)، اى و من ابصر متوجها اليها، كقوله: (فى تسع آيات الى فرعون) و لم يقل (مرسلا)، و يجوز ان يكون اقام ذلك مقام قوله (نظر اليها) لما كان مثله، كما قالوا فى (دخلت البيت)، و (دخلت الى البيت) اجروه مجرى (ولجت الى البيت) لما كان نظيره.