شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 236
نمايش فراداده

خطبه 084-در توحيد و موعظه

الشرح:

فى هذا الفصل على قصره ثمانى مسائل من مسائل التوحيد: الاولى، انه لا ثانى له سبحانه فى الالهيه.

و الثانيه: انه قديم لا اول له.

فان قلت: ليس يدل كلامه على القدم، لانه قال: (الاول لا شى ء قبله) فيوهم كونه غير قديم بان يكون محدثا و ليس قبله شى ء، لانه محدث عن عدم و العدم ليس بشى ء! قلت: اذا كان محدثا كان له محدث، فكان ذلك المحدث قبله، فثبت انه متى صدق انه ليس شى ء قبله صدق كونه قديما.

و الثالثه: انه ابدى لا انتهاء و لا انقضاء لذاته.

و الرابعه: نفى الصفات عنه اعنى المعانى.

و الخامسه: نفى كونه مكيفا، لان كيف انما يسال بها عن ذوى الهيئات و الاشكال و هو منزه عنها.

و السادسه: انه غير متبعض لانه ليس بجسم و لا عرض.

و السابعه: انه لايرى و لايدرك.

و الثامنه: ان ماهيته غير معلومه، و هو مذهب الحكماء و كثير من المتكلمين من اصحابنا و غيرهم.

و ادله هذه المسائل مشروحه فى كتبنا الكلاميه.

و اعلم ان التوحيد و العدل و المباحث الشريفه الالهيه، ما عرفت الا من كلام هذا الرجل، و ان كلام غيره من اكابر الصحابه لم يتضمن شيئا من ذلك اصلا، و لاكانوا يتصورونه، و لو تصوروه لذكروه.

و هذه الفضيله عندى اعظم فضائله (ع).

الشرح:

العبر جمع عبره، و هى ما يعتبر به اى يتعظ.

و الاى: جمع آيه، و يجوز ان يريد بها آى القرآن، و يجوز ان يريد بها آيات الله فى خلقه، و فى غرائب الحوادث فى العالم.

و السواطع: المشرقه المنيره.

و النذر: جمع نذير، و هو المخوف، و الاحسن ان يكون النذر هاهنا هى الانذرات نفسها، لانه قد وصف ذلك بالبوالغ، و فواعل لاتكون فى الاكثر الا صفه المونث.

و مفظعات الامور: شدائدها الشنيعه، افظع الامر فهو مفظع، و يجوز فظع الامر بالضم فظاعه فهو فظيع، و افظع الرجل على ما لم يسم فاعله، اى نزل به ذلك.

و قوله: (و السياقه الى الورد المورود)، يعنى الموت.

و قوله: (سائق و شهيد)، و قد فسر (ع) ذلك و قال: (سائق يسوقها الى محشرها، و شاهد يشهد عليها بعملها)، و قد قال بعض المفسرين: ان الايه لاتقتضى كونهما اثنين، بل من الجائز ان يكون ملكا واحدا جامعا بين الامرين، كانه قال: (و جاءت كل نفس معها ملك يسوقها و يشهد عليها).

و كلام اميرالمومنين يحتمل ذلك ايضا، لانه لم يقل احدهما، لكن الاظهر فى الاخبار و الاثار انهما ملكان.

فان قلت: اذا كان تعالى عالما بكل شى ء فاى حاجه الى الملائكه التى تكتب الاعمال، كما قال سبحانه: (بلى و رسلنا لديهم ي كتبون)، و اذا كان تعالى اعدل العادلين فاى حاجه الى ملك يشهد على المكلف يوم القيامه؟ و اذا كان قادرا لذاته، فاى حاجه الى ملك يسوق المكلف الى المحشر؟ قلت: يجوز ان يكون فى تقرير مثل ذلك فى انفس المكلفين فى الدنيا الطاف و مصالح لهم فى اديانهم، فيخاطبهم الله تعالى به لوجوب اللطف فى حكمته، و اذا خاطبهم به وجب فعله فى الاخره، لان خبره سبحانه لايجوز الخلف عليه.

الشرح:

الدرجات: جمع درجه، و هى الطبقات و المراتب، و يقال لها: درجات فى الجنه و دركات فى النار، و انما تفاضلت و تفاوتت بحسب الاعمال، و لايجوز ان يقع ذلك تفضلا، لان التفضل بالثواب قبيح.

فان قلت: فما قولك فى الحور و الولدان و الاطفال و المجانين؟ قلت: يكون الواصل اليهم نعيما و لذه لا شبهه فى ذلك، و لكن لا ثواب لهم و لاينالونه، و الثواب امر اخص من المنافع و النعيم، لانه منافع يقترن بها التعظيم و التبجيل، و هذا الامر الاخص لايحسن ايصاله الا الى ارباب العمل.

و قوله: (لاينقطع نعيمها و لايظعن مقيمها) قول متفق عليه بين اهل المله، الا ما يحكى عن ابى الهذيل، ان حركات اهل الجنه تنتهى الى سكون دائم.

و قد نزهه قوم من اصحابنا عن هذا القول و اكذبوا رواته، و من اثبته منهم عنه زعم انه لم يقل بانقطاع النعيم، لكن بانقطاع الحركه مع دوام النعيم، و انما حمله على ذلك انه لما استدل على ان الحركه الماضيه يستحيل الا يكون لها اول، عورض بالحركات المستقبله لاهل الجنه و النار، فالتزم انها متناهيه، و انما استبعد هذا عنه، لانه كان اجل قدرا من ان يذهب عليه الفرق بين الصورتين.

و يباس: مضارع بئس، و جاء فيه (يبئس) بالكسر، و هو شاذ كشذوذ (يحسب) و ينعم، و معنى (يباس): يصيبه البوس و هو الشقاء.

خطبه 085-صفات پرهيزكارى

الشرح:

السرائر جمع سريره، و هو ما يكتم من السر.

و خبر الضمائر، بفتح الباء: امتحنها و ابتلاها، و من رواه بكسر الباء اراد (علم)، و الاسم الخبر، بضم الخاء و هو العلم.

و الضمائر: جمع ضمير، و هو ما تضمره و تكنه فى نفسك.

و فى قوله: (له الاحاطه بكل شى ء)، و قد بينها ثلاث مسائل فى التوحيد: احداهن: انه تعالى عالم بكل المعلومات.

و الثانيه: انه لا شريك له، و اذا ثبت كونه عالما بكل شى ء كان فى ضمن ذلك نفى الشريك، لان الشريك لايكون مغلوبا.

و الثالثه: انه قادر على كل ما يصح تعلق قادريته تعالى به.

و ادله هذه المسائل مذكوره فى الكتب الكلاميه.

و قوله: (فليعمل العامل منكم الى قوله): (و ليتزود من دار ظعنه لدار اقامته) ماخوذ من قول رسول الله (ص) فى خطبته المشهوره و هى: (ايها الناس، ان لكم معالم فانتهوا الى معالمكم و ان لكم غايه فانتهوا الى غايتكم.

ان المومن بين مخافتين: بين اجل قد مضى لايدرى ما الله صانع به، و اجل قد بقى لايدرى ما الله قاض فيه، فلياخذ العبد من نفسه لنفسه، و من دنياه لاخرته، و من الشبيبه قبل الهرم، و من الحياه قبل الموت، فو الذى نفس محمد بيده، ما بعد الموت من مستعتب، و ما بعد الدنيا من دار الا ال جنه او النار).

و المهل: المهله و التوده.

و الارهاق: مصدر ارهق، تقول: ارهقه قرنه فى الحرب ارهاقا اذا غشيه ليقتله، و زيد مرهق، قال الشاعر: تندى اكفهم و فى ابياتهم ثقه المجاور و المضاف المرهق و فى متنفسه، اى فى سعه وقته، يقال: انت فى نفس من امرك، اى فى سعه.

و الكظم بفتحهما: مخرج النفس، و الجمع اكظام.

و يجوز ظعنه و ظعنه، بتحريك العين و تسكينها، و قرى ء بهما: (يوم ظعنكم) (و ظعنكم).

و نصب (الله الله) على الاغراء، و هو ان تقدر فعلا ينصب المفعول به، اى اتقوا الله، و جعل تكرير اللفظ نائبا عن الفعل المقدر و دليلا عليه.

استحفظكم من كتابه: جعلكم حفظه له، جمع حافظ.

السدى: المهمل، و يجوز سدى بالفتح، اسديت الابل: اهملتها.

و قوله: (قد سمى آثاركم) يفسر بتفسيرين: احدهما: قد بين لكم اعمالكم خيرها و شرها، كقوله تعالى: (و هديناه النجدين)، و الثانى: قد اعلى ماثركم، اى رفع منازلكم ان اطعتم، و يكون سمى بمعنى اسمى، كما كان فى الوجه الاول بمعنى ابان و اوضح.