يده هاهنا: نعمته، يقال: لفلان عندى يد، اى نعمه و احسان، قال الشاعر: فان ترجع الايام بينى و بينها فان لها عندى يدا لا اضيعها و صادعا، اى مظهرا و مجاهرا للمشركين، قال تعالى: (فاصدع بما تومر).
و رايه الحق: الثقلان المخلفان بعد رسول الله (ص)، و هما الكتاب و العتره.
و مرق: خرج، اى فارق الحق، و مزق السهم عن الرميه: خرج من جانبها الاخر، و به سميت الخوارق مارقه.
و زهقت نفسه، بالفتح زهوقا، اى خرجت، قال تعالى: (و تزهق انفسهم و هم كافرون).
و زهقت الناقه، اذا سبقت و تقدمت امام الركاب، و زهق الباطل: اضمحل، يقول (ع): من خالفها متقدما لها او متاخرا عنها فقد خرج عن الحق، و من لازمها فقد اصاب الحق.
ثم قال: (دليلها مكيث الكلام)، يعنى نفسه (ع)، لانه المشار اليه من العتره، و اعلم الناس بالكتاب.
و مكيث الكلام: بطيئه، و رجل مكيث، اى رزين، و المكث: اللبث و الانتظار، مكث و مكث بالفتح و الضم، و الاسم المكث و المكثه بالضم و كسرها، يعنى انه ذو اناه و توده، ثم اكد ذلك بقوله: (بطى ء القيام).
ثم قال: (سريع اذا قام)، اى هو متان متثبت فى احواله، فاذا نهض جد و بالغ، و هذا المعنى كثير جدا، قال ابوالطيب: و ما قلت للبدر انت اللجين و لا قلت للشمس انت الذهب فيقلق منه البعيد الاناه و يغضب منه البطى ء الغضب يعنى سيف الدوله.
(اقوال ماثوره فى مدح الاناه و ذم العجله) و من امثالهم: (يريك الهوينى و الامور تطير)، يضرب لمن ظاهره الاناه و باطنه ابرام الامور و تنفيذها و الحاضرون لايشعرون، و يقولون لمن هو كذلك: (و ترى الجبال تحسبها جامده و هى تمر مر السحاب).
و وقع ذو الرياستين الى عامل له: ان اسرع النار التهابا اسرعها خمودا، فتان فى امرك.
و يقال: ان آدم (ع) اوصى ولده عند موته فقال: كل عمل تريدون ان تعملوه فتوقفوا فيه ساعه، فانى لو توقفت لم يصبنى ما اصابنى.
بعض الاعراب يوصى ولده: اياكم و العجله، فان ابى كان يكنيها: ام الندم.
و كان يقال: من ورد عجلا صدر خجلا.
و قال ابن هانى المغربى: و كل اناه فى المواطن سودد و لا كاناه من قدير محكم و من يتبين ان للصفح موضعا من السيف يصفح عن كثير و يحلم و ما الراى الا بعد طول تثبت و لا الحزم الا بعد طول تلوم و قوله (ع): (بطى ء القيام، سريع اذا قام) فيه شبه من قول الشنفرى: مسبل فى الحى احوى رفل و اذا يغزو فسمع ازل و من امثالهم فى مدح الاناه و ذم العجله: اخطا مستعجل او كاد، و اصاب مت ثبت او كاد.
و منها: و قد يكون مع المستعجل الزلل و منها: رب عجله تهب ريثا: و قال البخترى: حليم اذا القوم استخفت حلومهم وقور اذا ما حادث الدهر اجلبا قال الاحنف لرجل سبه فافرط: يا هذا، انك منذ اليوم تحدو بجمل ثقال.
و قال الشاعر: احلامنا تزن الجبال رجاحه و تخالنا جنا اذا ما نجهل (فصل فى مدح قله الكلام و ذم كثرته) فاما قوله (ع): (مكيث الكلام)، فان قله الكلام من صفات المدح و كثرته من صفات الذم.
قالت جاريه ابن السماك له: ما احسن كلامك لولا انك تكثر ترداده! فقال: اردده حتى يفهمه من لم يفهمه، قالت: فالى ان يفهمه من لم يفهمه قد مله من فهمه.
بعث عبدالعزيز بن مروان بن الحكم الى ابن اخيه الوليد بن عبدالملك قطيفه حمراء، و كتب اليه: اما بعد، فقد بعثت اليك بقطيفه حمراء، حمراء، حمراء، فكتب اليه الوليد: اما بعد، فقد وصلت القطيفه، و انت يا عم احمق، احمق، احمق.
و قال المعتضد لاحمد بن الطيب السرخسى: طول لسانك دليل على قصر عقلك.
قيل للعتابى: ما البلاغه؟ قال: كل من افهمك حاجته من غير اعاده و لاخلسه و لااستعانه فهو بليغ.
قيل له: ما الاستعانه؟ قال: الا ترى الرجل اذا حدث قال: يا هناه، و استمع الى، و افهم، و الست تفهم؟.
هذا كله عى و فساد.
دخل على المامون جماعه من بنى العباس، فاستنطقهم فوجدهم لكنا، مع يسار و هيئه، و من تكلم منهم اكثر و هذر، فكانت حاله افحش من حال الساكتين، فقال: ما ابين الخله فى هولاء! لا خله الايدى بل خله الالسنه و الاحلام.
و سئل على (ع) عن اللسان فقال: معيار اطاشه الجهل، و ارجحه العقل.
سمع خالد بن صفوان مكثارا يتكلم، فقال له: يا هذا، ليست البلاغه بخفه اللسان، و لا بكثره الهذيان، و لكنها اصابه المعنى و القصد الى الحجه.
قال ابوسفيان بن حرب لعبدالله بن الزبعرى: ما لك لاتسهب فى شعرك؟ قال حسبك من الشعر غره لائحه، او وصمه فاضحه.
و فى خطبه كتاب (البيان و التبيين)،) لشيخنا ابى عثمان: (و نعوذبك من شر السلاطه و الهذر، كما نعوذ بك من العى و الحصر،، قال احيحه بن الجلاح: و الصمت اجمل بالفتى ما لم يكن عى يشينه و القول ذو خطل اذا ما لم يكن لب يعينه و قال الشاعر يرثى رجلا: لقد وارى المقابر من شريك كثير تحلم و قليل عاب صموتا فى الجالس غير عى جديرا حين ينطق بالصواب و كان رسول الله (ص) يكره التشادق و الاطاله و الهذر، و قال: (اياك و التشادق)، و قال (ص): (ابغضكم الى الثرثارون المتفيهقون).