شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و روى عمرو بن عبيد رحم
ه الله تعالى، عن النبى (ص): (انا معاشر الانبياء بكاوون قليلو الكلام)، رجل بكى ء على (فعيل).قال: و كانوا يكرهون ان يزيد منطق الرجل على عقله.و قيل للخليل، و قد اجتمع بابن المقفع: كيف رايته؟ فقال: لسانه ارجح من عقله، و قيل لابن المقفع: كيف رايت الخليل؟ قال: عقله ارجح من لسانه.فكان عاقبتهما ان عاش الخليل مصونا مكرما، و قتل ابن المقفع تلك القتله.و سال حفص بن سالم عمرو بن عبيد عن البلاغه، فقال: ما بلغك الجنه، و باعدك عن النار، و بصرك مواقع رشدك، و عواقب غيك.قال: ليس عن هذا اسال، فقال: كانوا يخافون من فتنه القول، و من سقطات الكلام، و لايخافون من فتنه السكوت و سقطات الصمت.قال ابوعثمان الجاحظ: و كان عمرو بن عبيد رحمه الله تعالى: لايكاد يتكلم، فان تكلم لم يكد يطيل، و كان يقول: لا خير فى المتكلم اذا كان كلامه لمن شهده دون نفسه، و اذا اطال المتكلم الكلام عرضت له اسباب التكلف، و لاخير فى شى ء ياتيك بالتكلف.و قال بعض الشعراء: و اذا خطبت على الرجال فلا تكن خطل الكلام تقوله مختالا و اعلم بان من السكوت ابانه و من التكلف ما يكون خبالا و كان يقال: لسان العاقل من وراء قلبه، فاذا اراد الكلام تفكر، فان كان له قال،
و ان كان عليه سكت، و قلب الجاهل من وراء لسانه، فان هم بالكلام تكلم به.و قال سعد بن ابى وقاص لعمرو ابنه حين نطق مع القوم فبذهم، و قد كان غضب عليه، فكلموه فى الرضا عنه: هذا الذى اغضبنى عليه، سمعت رسول الله (ص) يقول: (يكون قوم ياكلون الدنيا بالسنتهم كما تلحس الارض البقر بالسنتها).و قال معاويه لعمرو بن العاص فى ابى موسى: قد ضم اليك رجل طويل اللسان قصير الراى فاجد الحز، و طبق المفصل، و لاتلقه برايك كله.و كان يقال: لو كان الكلام من فضه لكان السكوت من ذهب.و كان يقال: مقتل الرجل بين فكيه، و قيل: بين لحييه.و كان يقال: ما شى ء باحق بسجن من لسان.و قالوا: اللسان سبع عقور.و اخذ ابوبكر بطرف لسانه، و قال: هذا الذى اوردنى الموارد.لما انكح ضرار بن عمرو ابنته من معبد بن زراره، اوصاها حين اخرجها اليه فقال: امسكى عليك الفضلين، قالت: و ما هما؟ قال: فضل الغلمه، و فضل الكلام.و سئل اعرابى كان يجالس الشعبى عن طول صمته، فقال: اسمع فاعلم، و اسكت فاسلم.و قال النبى (ص): (و هل يكب الناس فى النار على مناخرهم الا حصائد السنتهم!).تكلم رجل فى مجلس النبى (ص) فخطل فى كلامه، فقال (ع): (ما اعطى العبد شرا من ذلاقه لسان).قال عمر بن عبد
العزيز يوم بويع بالخلافه خالد بن عبدالله القسرى، و قد انشده متمثلا: و اذا الدر زان حسن نحور كان للدر حسن نحرك زينا ان صاحبكم اعطى مقولا، و حرم معقولا.و قيل لاياس بن عمر: ادع لنا، فقال: اللهم ارحمنا و عافنا و ارزقنا، فقالوا: زدنا يا اباالرحمن، فقال: اعوذ بالله من الاسهاب.و كان القباع- و هو الحارث بن عبدالله بن ابى ربيعه بن المغيره المخزومى- مسهابا، سريع الحديث كثيره، فقال فيه ابوالاسود الدولى: اميرالمومنين جزيت خيرا ارحنا من قباع بنى المغيره بلوناه و لمناه فاعيا علينا مايمر لنا مريره على ان الفتى نكح اكول و مسهاب، مذاهبه كثيره و قال ابوالعتاهيه: كل امرى ء فى نفسه اعلى و اشرف من قرينه و الصمت اجمل بالفتى من منطق فى غير حينه و قال الشاعر: و اياك اياك المراء فانه الى الشر دعاء و للشر جالب و كان يقال: العجله قيد الكلام.اطال خطيب بين يدى الاسكندر فزبره، قال: ليس حسن الخطبه على حسب طاقه الخاطب، و لكن على حسب طاقه السامع.محمد الباقر (ع): انى لاكره ان يكون مقدار لسان الرجل فاضلا على مقدار علمه، كما اكره ان يكون مقدار علمه فاضلا على مقدار عقله.اطال ربيعه الراى الكلام، و عنده اعرابى، فل
ما فرغ من كلامه، قال للاعرابى: ما تعدون العى و الفهاهه فيكم؟ قال: ما كنت فيه اصلحك الله منذ اليوم! و من كلام اميرالمومنين (ع): اذا تم العقل نقص الكلام.واصل بن عطاء: لان يقول الله لى يوم القيامه: هلا قلت! احب الى، من ان يقول لى: لم قلت؟ لانى اذا قلت طالبنى بالبرهان، و اذا سكت لم يطالبنى بشى ء.نزل النعمان بن المنذر برابيه، فقال له رجل من اصحابه: ابيت اللعن! لو ذبح رجل على راس هذه الرابيه، الى اين كان يبلغ دمه؟ فقال النعمان: المذبوح و الله انت، و لانظرن الى اين يبلغ دمك! فذبحه.فقال رجل: رب كلمه تقول: دعنى.اعرابى: رب منطق صدع جمعا، و رب سكوت شعب صدعا.قالت امراه لبعلها: ما لك اذا خرجت تطلقت و تحدثت، و اذا دخلت قعدت و سكت؟ قال: لانى ادق عن جليلك، و تجلين عن دقيقى.النخعى: كانوا يتعلمون السكوت كما يتعلمون الكلام.على بن هشام: لعمرك ان الحلم زين لاهله و ما الحلم الا عاده و تحلم اذا لم يكن صمت الفتى من بلاده و عى فان الصمت اهدى و اسلم وهيب بن الورد: ان الحكمه عشره اجزاء، تسعه منها فى الصمت، و العاشره العزله عن الناس.مكث الربيع بن خثيم عشرين سنه لايتكلم الى ان قتل الحسين (ع)، فسمعت منه كلمه واحده، قال لم
ا بلغه ذلك: او قد فعلوها! ثم قال: (اللهم فاطر السموات و الارض، عالم الغيب و الشهاده، انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون).ثم عاد الى السكوت حتى مات.الفضل بن العباس بن عتبه بن ابى لهب: زعم ابن سلمى ان حلمى ضرنى ما ضر قبلى اهله الحلم انا اناس من سجيتهم صدق الحديث و رايهم حتم لبسوا الحياء فان نظرت حسبتهم سقموا و لم يمسسهم سقم انى وجدت العدم اكبره عدم العقول و ذلك العدم و المرء اكثر عيبه ضررا خطل اللسان و صمته حكم جاء فى الحديث المرفوع عن النبى (ص): (اذا رايتم المومن صموتا فادنوا منه، فانه يلقى الحكمه).سفيان بن عيينه: من حرم العلم فليصمت، فان حرمها فالموت خير له.و كان يقال: اذا طلبت صلاح قلبك فاستعن عليه بحفظ لسانك.و اعلم ان هذه الخطبه خطب بها اميرالمومنين (ع) فى الجمعه الثالثه من خلافته، و كنى فيها عن حال نفسه، و اعلمهم فيها انهم سيفارقونه و يفقدونه بعد اجتماعهم عليه، و طاعتهم له، و هكذا وقع الامر، فانه نقل ان اهل العراق لم يكونوا اشد اجتماعا عليه من الشهر الذى قتل فيه (ع).و جاء فى الاخبار انه عقد للحسن ابنه (ع) على عشره آلاف، و لابى ايوب الانصارى على عشره آلاف، و لفلان و فلان، ح
تى اجتمع له مائه الف سيف، و اخرج مقدمته امامه يريد الشام فضربه اللعين ابن ملجم، و كان من امره ما كان، و انفضت تلك الجموع، و كانت كالغنم فقد راعيها.و معنى قوله: (النتم له رقابكم) اطعتموه، و معنى (اشرتم اليه باصابعكم) اعظمتموه و اجللتموه، كالملك الذى يشار اليه بالاصبع، و لايخاطب باللسان.ثم اخبرهم انهم يلبثون بعده ماشاءالله: و لم يحدد ذلك بوقت معين، ثم يطلع الله لهم من يجمعهم و يضمهم، يعنى من اهل البيت (ع)، و هذا اشاره الى المهدى الذى يظهر فى آخر الوقت.و عند اصحابنا انه غير موجود الان و سيوجد، و عند الاماميه انه موجود الان.قوله (ع): (فلاتطمعوا فى غير مقبل، و لاتياسوا من مدبر)، ظاهر هذا الكلام متناقض، و تاويله انه نهاهم عن ان يطمعوا فى صلاح امورهم على يد رئيس غير مستانف الرياسه، و هو معنى مقبل، اى قادم، تقول: سوف افعل كذا فى الشهر المقبل، و فى السنه المقبله، اى القادمه، يقول: كل الرياسات التى تشاهدونها فلاتطمعوا فى صلاح اموركم بشى ء منها، و انما تنصلح اموركم على يد رئيس يقدم عليكم، مستانف الرياسه خامل الذكر، ليس ابوه بخليفه، و لاكان هو و لا ابوه مشهورين بينكم برياسه، بل يتبع و يعلو امره، و لم يكن قبل معروفا ه
و و لا اهله الادنون، و هذه صفه المهدى الموعود به.و معنى قوله: (و لاتياسوا من مدبر)، اى و اذا مات هذا المهدى و خلفه بنوه بعده، فاضطرب امر احدهم فلاتياسوا و تتشككوا و تقولوا: لعلنا اخطانا فى اتباع هولاء، فان المضطرب الامر منا ستثبت دعائمه و تنتظم اموره، و اذا زلت احدى رجليه ثبتت الاخرى فثبتت الاولى ايضا.و يروى: (فلاتطعنوا فى عين مقبل)، اى لاتحاربوا احدا منا و لاتياسوا من اقبال من يدبر امره منا.ثم ذكر (ع) انهم كنجوم السماء، كلما خوى نجم طلع نجم.خوى: مال للمغيب.ثم وعدهم بقرب الفرج، فقال: ان تكامل صنائع الله عندكم، و رويه ما تاملونه امر قد قرب وقته، و كانكم به و قد حضر و كان، و هذا على نمط المواعيد الالهيه بقيام الساعه، فان الكتب المنزله كلها صرحت بقربها، و ان كانت بعيده عندنا، لان البعيد فى معلوم الله قريب، و قد قال سبحانه: (انهم يرونه بعيدا و نراه قريبا).