حکمت 165
الشرح:
هذا من باب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، و الكلمه تتضمن استعاره تدل على الفصاحه، و المعنى ان من ارهف عزمه على انكار المنكر، و قوى غضبه فى ذات الله و لم يخف و لم يراقب مخلوقا، اعانه الله على ازاله المنكر، و ان كان قويا صادرا من جهه عزيزه الجانب، و عنها وقعت الكنايه باشداء الباطل.حکمت 166
الشرح:
ما احسن ما قال المتنبى فى هذا المعنى: و اذا لم يكن من الموت بد فمن العجز ان تكون جبانا كل ما لم يكن من الصعب فى الان فس سهل فيها اذا هو كانا و قال آخر: لعمرك ما المكروه الا ارتقابه و اعظم مما حل ما يتوقع و قال آخر: صعوبه الرزء تلقى فى توقعه مستقبلا و انقضاء الرزء ان يقعا و كان يقال: توسط الخوف تامن.و من الامثال العاميه: ام المقتول تنام، و ام المهدد لاتنام.و كان يقال: كل امر من خير او شر فسماعه اعظم من عيانه.و قال قوم من اهل المله و ليسوا عند اصحابنا مصيبين: ان عذاب الاخره المتوعد به اذا حل بمستحقيه وجدوه اهون مما كانوا يسمعونه فى الدنيا، و الله اعلم بحقيقه ذلك.حکمت 167
الشرح:
الرئيس محتاج الى امور، منها الجود، و منها الشجاعه، و منها- و هو الاهم- سعه الصدر، فانه لاتتم الرئاسه الا بذلك.و كان معاويه واسع الصدر كثير الاحتمال، و بذلك بلغ ما بلغ.(سعه الصدر و ما ورد فى ذلك من حكايات) و نحن نذكر من سعه الصدر حكايتين دالتين على عظم محله فى الرئاسه، و ان كان مذموما فى باب الدين، و ما احسن قول الحسن فيه و قد ذكر عنده عقيب ذكر ابى بكر و عمر، فقال: كانا و الله خيرا منه، و كان اسود منهما.الحكايه الاولى: وفد اهل الكوفه على معاويه حين خطب لابنه يزيد بالعهد بعده، و فى اهل الكوفه هانى ء بن عروه المرادى- و كان سيدا فى قومه- فقال يوما فى مسجد دمشق و الناس حوله: العجب لمعاويه يريد ان يقسرنا على بيعه يزيد، و حاله حاله، و ما ذاك و الله بكائن، و كان فى القوم غلام من قريش جالسا، فتحمل الكلمه الى معاويه، فقال معاويه: انت سمعت هانئا يقولها؟ قال: نعم، قال: فاخرج فات حلقته، فاذا خف الناس عنه فقل له: ايها الشيخ، قد وصلت كلمتك الى معاويه، و لست فى زمن ابى بكر و عمر، و لااحب ان تتكلم بهذا الكلام فانهم بنواميه، و قد عرفت جراتهم و اقدامهم، و لم يدعنى الى هذا القول لك الا النصيحه و الاشفاق عليك، فانظر ما يقول، فاتنى به.فاقبل الفتى الى مجلس هانى ء، فلما خف من عنده دنا منه فقص عليه الكلام و اخرجه مخرج النصيحه له، فقال هانى ء: و الله يابن اخى ما بلغت نصيحتك كل ما اسمع، و ان هذا الكلام لكلام معاويه اعرفه! فقال الفتى: و ما انا و معاويه! و الله ما يعرفنى، قال: فلا عليك، اذا لقيته فقل له: يقول لك هانى ء: و الله ما الى ذلك من سبيل، انهض يابن اخى راشدا!.فقام الفتى فدخل على معاويه فاعلمه، فقال: نستعين بالله عليه.ثم قال معاويه بعد ايام للوفد: ارفعوا حوائجكم- و هانى ء فيهم- فعرض عليه كتابه فيه ذكر حوائجه، فقال: يا هانى ء، ما اراك صنعت شيئا، زد، فقام هانى ء فلم يدع حاجه عرضت له الا و ذكرها، ثم عرض عليه الكتاب فقال: اراك قصرت فيما طلبت، زد، فقام هانى ء فلم يدع حاجه لقومه و لا لاهل مصره الا ذكرها، ثم عرض عليه الكتاب، فقال: ما صنعت شيئا، زد، فقال: يا اميرالمومنين، حاجه بقيت، قال: ما هى؟ قال: ان اتولى اخذ البيعه ليزيد ابن اميرالمومنين بالعراق، قال: افعل، فما زلت لمثل ذلك اهلا، فلما قدم هانى ء العراق قام بامر البيعه ليزيد بمعونه من المغيره بن شعبه و هو الوالى بالعراق يومئذ.و اما الحكايه الثانيه: كان م
ال حمل من اليمن الى معاويه، فلما مر بالمدينه وثب عليه الحسين بن على (ع)، فاخذه و قسمه فى اهل بيته و مواليه، و كتب الى معاويه: من الحسين بن على الى معاويه بن ابى سفيان، اما بعد، فان عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا و حللا و عنبرا و طيبا اليك لتودعها خزائن دمشق، و تعل بها بعد النهل بنى ابيك، و انى احتجت اليها فاخذتها.والسلام.فكتب اليه معاويه: من عند عبدالله معاويه اميرالمومنين الى الحسين بن على: سلام عليك، اما بعد، فان كتابك ورد على تذكر ان عيرا مرت بك من اليمن تحمل مالا و حللا و عنبرا و طيبا الى لاودعها خزائن دمشق، و عل بها بعد النهل بنى ابى، و انك احتجت اليها فاخذتها و لم تكن جديرا باخذها اذ نسبتها الى لان الوالى احق بالمال، ثم عليه المخرج منه، و ايم الله لو ترك ذلك حتى صار الى، لم ابخسك حظك منه، و لكنى قد ظننت يابن اخى ان فى راسك نزوه و بودى ان يكون ذلك فى زمانى فاعرف لك قدرك، و اتجاوز عن ذلك، و لكنى و الله اتخوف ان تبتلى بمن لاينظرك فواق ناقه، و كتب فى اسفل كتابه: يا حسين بن على ليس ما جئت بالسائغ يوما فى العلل اخذك المال و لم تومر به ان هذا من حسين لعجل قد اجزناها و لم نغضب لها و احتملنا من حسي
ن ما فعل يا حسين بن على ذا الامل لك بعدى وثبه لاتحتمل و بودى اننى شاهدها فاليها منك بالخلق الاجل اننى ارهب ان تصلى بمن عنده قد سبق السيف العذل و هذه سعه صدر و فراسه صادقه.