حکمت 395 - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

حکمت 395

الشرح:

قيل فى تفسيره: من استدل بالمتشابه من القرآن فى التوحيد و العدل انكشفت حيلته، فان علماء التوحيد قد اوضحوا تاويل ذلك.

و قيل: من بنى عقيده له مخصوصه على امرين مختلفين: حق و باطل، كان مبطلا.

و قيل: من اوما بطمعه و امله الى فائت قد مضى و انقضى لن تنفعه حيله، اى لايتبعن احدكم امله ما قد فاته، و هذا ضعيف لان المتفاوت فى اللغه غير الفائت.

حکمت 396

الشرح:

معنى هذا الكلام انه (ع) جعل الحول عباره عن الملكيه و التصرف، و جعل القوه عباره عن التكليف، كانه يقول: لاتملك و لاتصرف الا بالله، و لا تكليف لامر من الامور الا بالله، فنحن لانملك مع الله شيئا، اى لانستقل بان نملك شيئا، لانه لو لا اقداره ايانا و خلقته لنا احياء لم نكن مالكين و لا متصرفين، فاذا ملكنا شيئا هو املك به- اى اقدر عليه منا- صرنا مالكين له كالمال مثلا حقيقه، و كالعقل و الجوارح و الاعضاء مجازا، و حينئذ يكون مكلفا لنا امرا يتعلق بما ملكنا اياه، نحو ان يكلفنا الزكاه عند تمليكنا المال، و يكلفنا النظر عند تمليكنا العقل، و يكلفنا الجهاد و الصلاه و الحج و غير ذلك عند تمليكنا الاعضاء و الجوارح، و متى اخذ منا المال وضع عنا تكليف الزكاه، و متى اخذ العقل سقط تكليف النظر، و متى اخذ الاعضاء و الجوارح سقط تكليف الجهاد و ما يجرى مجراه.

هذا هو تفسير قوله (ع)، فاما غيره فقد فسره بشى ء آخر، قال ابوعبدالله جعفر بن محمد (ع): فلا حول على الطاعه و لا قوه على ترك المعاصى الا بالله، و قال قوم- و هم المجبره: لا فعل من الافعال الا و هو صادر من الله، و ليس فى اللفظ ما يدل ما ادعوا، و انما فيه انه لا اقتدار
الا بالله، و ليس يلزم من نفى الاقتدار الا بالله صدق قولنا: لا فعل من الافعال الا و هو صادر عن الله و الاولى فى تفسير هذه اللفظه ان تحمل على ظاهرها، و ذلك ان الحول هو القوه و القوه، هى الحول كلاهما مترادفان، و لاريب ان القدره من الله تعالى، فهو الذى اقدر المومن على الايمان، و الكافر على الكفر، و لايلزم من ذلك مخالفه القول بالعدل لان القدره ليست موجبه.

فان قلت: فاى فائده فى ذكر ذلك و قد علم كل احد ان الله تعالى خلق القدره فى جميع الحيوانات؟ قلت: المراد بذلك الرد على من اثبت صانعا غير الله، كالمجوس و الثنويه، فانهم قالوا بالهين: احدهما يخلق قدره الخير، و الاخر يخلق قدره الشر.

حکمت 397

الشرح:

المغيره بن شعبه اصحابنا غير متفقين على السكوت على المغيره، بل اكثر البغداديين يفسقونه و يقولون فيه ما يقال فى الفاسق، و لما جاء عروه بن مسعود الثقفى الى رسول الله (ص) عام الحديبيه نظر اليه قائما على راس رسول الله (ص) مقلدا سيفا، فقيل: من هذا؟ قيل: ابن اخيك المغيره، قال: و انت هاهنا يا غدر! و الله انى الى الان ما غسلت سوئتك.

و كان اسلام المغيره من غير اعتقاد صحيح، و لا انابه و نيه جميله، كان قد صحب قوما فى بعض الطرق، فاستغفلهم و هم نيام، فقتلهم و اخذ اموالهم و هرب خوفا ان يلحق فيقتل، او يوخذ ما فاز به من اموالهم، فقدم المدينه فاظهر الاسلام، و كان رسول الله (ص) لا يرد على احد اسلامه، اسلم عن عله او عن اخلاص، فامتنع بالاسلام، و اعتصم، و حمى جانبه.

ذكر حديثه ابوالفرج على بن الحسين الاصفهانى فى كتاب "الاغانى" قال: كان المغيره يحدث حديث اسلامه، قال: خرجت مع قوم من بنى مالك و نحن على دين الجاهليه الى المقوقس ملك مصر، فدخلنا الى الاسكندريه، و اهدينا للملك هدايا كانت معنا، فكنت اهون اصحابى عليه، و قبض هدايا القوم، و امر لهم بجوائز، و فضل بعضهم على بعض، و قصر بى فاعطانى شيئا قليلا لا ذكر له، و
خرجنا فاقبلت بنو مالك يشترون هدايا لاهلهم و هم مسرورون، و لم يعرض احد منهم على مواساه، فلما خرجوا حملوا معهم خمرا، فكانوا يشربون منها، فاشرب معهم، و نفسى تابى ان تدعنى معهم و قلت: ينصرفون الى الطائف بما اصابوا، و ما حباهم به الملك، و يخبرون قومى بتقصيره بى و ازدرائه اياى فاجمعت على قتلهم، فقلت: انى اجد صداعا، فوضعوا شرابهم و دعونى، فقلت.

راسى يصدع، و لكن اجلسوا فاسقيكم، فلم ينكروا من امرى شيئا، فجلست اسقيهم و اشرب القدح، بعد القدح فلما دبت الكاس فيهم اشتهوا الشراب، فجعلت اصرف لهم و اترع الكاس، (فيشربون و لا يدرون) فاهمدتهم الخمر حتى ناموا ما يعقلون، فوثبت اليهم فقتلتهم جميعا، و اخذت جميع ما كان معهم.

و قدمت المدينه فوجدت النبى (ص) بالمسجد و عنده ابوبكر- و كان بى عارفا- فلما رآنى قال: ابن اخى عروه؟ قلت: نعم، قد جئت اشهد ان لا اله الا الله، و ان محمدا رسول الله، فقال رسول الله (ص) الحمد لله: فقال ابوبكر من مصر اقبلت؟ قلت: نعم؟ قال فما فعل المالكيون الذين كانوا معك؟ قلت: كان بينى و بينهم بعض ما يكون بين العرب، و نحن على دين الشرك، فقتلتهم، و اخذت اسلابهم، و جئت بها الى رسول الله (ص) ليخمسها و (يرى فيها رايه) فا
نها غنيمه من المشركين، فقال رسول الله: اما اسلامك فقد قبلته، و لا ناخذ من اموالهم شيئا و لا نخمسها، لان هذا غدر، و الغدر لا خير فيه، فاخذنى ما قرب و ما بعد، فقلت: يا رسول الله، انما قتلتهم و انا على دين قومى، ثم اسلمت حين دخلت اليك الساعه، فقال (ع): الاسلام يجب ما قبله.

قال و كان قتل منهم ثلاثه عشر انسانا، و احتوى ما معهم، فبلغ ذلك ثقيفا بالطائف، فتداعوا للقتال، ثم اصطلحوا على ان حمل عمى عروه بن مسعود ثلاث عشره ديه.

قال: فذلك معنى قول عروه يوم الحديبيه: يا غدر، انا الى الامس اغسل سوئتك، فلا استطيع ان اغسلها، فلهذا قال اصحابنا البغداديون: من كان اسلامه على هذا الوجه، و كانت خاتمته ما قد تواتر الخبر به، من لعن على (ع) على المنابر الى ان مات على هذا الفعل، و كان المتوسط من عمره الفسق و الفجور و اعطاء البطن و الفرج سوالهما، و ممالاه الفاسقين، و صرف الوقت الى غير طاعه الله، كيف نتولاه! و اى عذر لنا فى الامساك عنه، و الا نكشف للناس فسقه! ايراد كلام لابى المعالى الجوينى فى امر الصحابه و الرد عليه و حضرت عند النقيب ابى جعفر يحيى بن محمد العلوى البصرى فى سنه احدى عشره و ستمائه ببغداد، و عنده جماعه، و احدهم يقرا فى
الاغانى لابى الفرج، فمر ذكر المغيره بن شعبه و خاض القوم، فذمه بعضهم، و اثنى عليه بعضهم، و امسك عنه آخرون، فقال بعض فقهاء الشيعه ممن كان يشتغل بطرف من علم الكلام على راى الاشعرى: الواجب الكف و الامساك عن الصحابه، و عما شجر بينهم، فقد قال ابوالمعالى الجوينى: ان رسول الله (ص) نهى عن ذلك، و قال: اياكم و ما شجر بين صحابتى، و قال: دعوا لى اصحابى، فلو انفق احدكم مثل احد ذهبا لما بلغ مد احدهم و لا نصيفه، و قال اصحابى كالنجوم، بايهم اقتديتم اهتديتم، و قال: خيركم القرن الذى انا فيه ثم الذى يليه، ثم الذى يليه، ثم الذى يليه، و قد ورد فى القرآن الثناء على الصحابه و على التابعين، و قال رسول الله (ص)، و ما يدريك لعل الله اطلع على اهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم! و قد روى عن الحسن البصرى انه ذكر عنده الجمل و صفين فقال: تلك دماء طهر الله منها اسيافنا، فلا نلطخ بها السنتنا.

ثم ان تلك الاحوال قد غابت عنا و بعدت اخبارها على حقائقها، فلا يليق بنا ان نخوض فيها، و لو كان واحد من هولاء قد اخطا لوجب (ان يحفظ رسول الله (ص) فيه و من المروئه) ان يحفظ رسول الله (ص) فى عائشه زوجته، و فى الزبير ابن عمته، و فى طلحه الذى وقاه بيده
.

ثم ما الذى الزمنا و اوجب علينا ان نلعن احدا من المسلمين او نبرا منه! و اى ثواب فى اللعنه و البرائه! ان الله تعالى لايقول يوم القيامه للمكلف: لم لم تلعن؟ بل قد يقول له: لم لعنت؟ و لو ان انسانا عاش عمره كله لم يلعن ابليس لم يكن عاصيا و لا آثما، و اذا جعل الانسان عوض اللعنه استغفر الله كان خيرا له.

ثم كيف يجوز للعامه ان تدخل انفسها فى امور الخاصه، و اولئك قوم كانوا امراء هذه الامه و قادتها، و نحن اليوم فى طبقه سافله جدا عنهم، فكيف يحسن بنا التعرض لذكرهم! اليس يقبح من الرعيه ان تخوض فى دقائق امور الملك و احواله و شئونه التى تجرى بينه و بين اهله و بنى عمه و نسائه و سراريه! و قد كان رسول الله (ص) صهرا لمعاويه.

و اخته ام حبيبه تحته، فالادب ان تحفظ ام حبيبه و هى ام المومنين فى اخيها.

و كيف يجوز ان يلعن من جعل الله تعالى بينه و بين رسوله موده! اليس المفسرون كلهم قالوا: هذه الايه انزلت فى ابى سفيان و آله، و هى قوله تعالى: (عسى الله ان يجعل بينكم و بين الذين عاديتم منهم موده)! فكان ذلك مصاهره رسول الله (ص) اباسفيان و تزويجه ابنته.

على ان جميع ما تنقله الشيعه من الاختلاف بينهم و المشاجره لم يثبت، و ما كان القوم الا كب
نى ام واحده و لم يتكدر باطن احد منهم على صاحبه قط، و لاوقع بينهم اختلاف و لا نزاع.

فقال ابوجعفر رحمه الله: قد كنت منذ ايام علقت بخطى كلاما وجدته لبعض الزيديه فى هذا المعنى نقضا و ردا على ابى المعالى الجوينى فيما اختاره لنفسه من هذا الراى، و انا اخرجه اليكم لاستغنى بتامله عن الحديث على ما قاله هذا الفقيه، فانى اجد الما يمنعنى من الاطاله فى الحديث، لا سيما اذا خرج مخرج الجدل و مقاومه الخصوم.

ثم اخرج من بين كتبه كراسا قراناه فى ذلك المجلس و استحسنه الحاضرون، و انا اذكر هاهنا خلاصته.

قال: لو لا ان الله تعالى اوجب معاداه اعدائه، كما اوجب موالاه اوليائه، و ضيق على المسلمين تركها اذا دل العقل عليها، او صح الخبر عنها بقوله سبحانه: (لاتجد قوما يومنون بالله و اليوم الاخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آبائهم او ابنائهم او اخوانهم او عشيرتهم) و بقوله تعالى: (و لو كانوا يومنون بالله و النبى و ما انزل اليه ما اتخذوهم اولياء) و بقوله سبحانه: (لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) و لاجماع المسلمين على ان الله تعالى فرض عداوه اعدائه، و ولايه اوليائه، و على ان: البغض فى الله واجب، و الحب فى الله واجب- لما تعرضنا لمعاداه احد
من الناس فى الدين، و لا البرائه منه و لكانت عداوتنا للقوم تكلفا.

و لو ظننا ان الله عز و جل يعذرنا اذا قلنا: يا رب غاب امرهم عنا، فلم يكن لخوضنا فى امر قد غاب عنا معنى، لاعتمدنا على هذا العذر، و واليناهم، و لكنا نخاف ان يقول سبحانه لنا: ان كان امرهم قد غاب عن ابصاركم، فلم يغب عن قلوبكم و اسماعكم، قد اتتكم به الاخبار الصحيحه التى بمثلها الزمتم انفسكم الاقرار بالنبى (ص) و موالاه من صدقه، و معاداه من عصاه و جحده، و امرتم بتدبر القرآن و ما جاء به الرسول، فهلا حذرتم من ان تكونوا من اهل هذه الايه غدا: (ربنا انا اطعنا سادتنا و كبرائنا فاضلونا السبيلا)! فاما لفظه اللعن فقد امر الله تعالى بها و اوجبها، الا ترى الى قوله: (اولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون) فهو اخبار معناه الامر، كقوله: (و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثه قروء) و قد لعن الله تعالى العاصين بقوله: لعن الذين كفروا من بنى اسرائيل على لسان داود) و قوله: (ان الذين يوذون الله و رسوله لعنهم الله فى الدنيا و الاخره و اعدلهم عذابا مهينا) و قوله: (ملعونين اينما ثقفوا اخذوا و قتلوا تقتيلا) و قال الله تعالى لابليس: و (ان عليك لعنتى الى يوم الدين و قال: (ان الله لعن ال
كافرين و اعدلهم سعيرا).

فاما قول من يقول: اى ثواب فى اللعن! و ان الله تعالى لايقول للمكلف لم لم تلعن؟ بل قد يقول له: لم لعنت؟ و انه لو جعل مكان لعن الله فلانا، اللهم اغفرلى لكان خيرا له، و لو ان انسانا عاش عمره كله لم يلعن ابليس لم يواخذ بذلك، فكلام جاهل لايدرى ما يقول، اللعن طاعه، و يستحق عليها الثواب اذا فعلت على وجهها، و هو ان يلعن مستحق اللعن لله و فى الله، لا فى العصبيه و الهوى، الا ترى ان الشرع قد ورد بها فى نفى الولد و نطق بها القرآن، و هو ان يقول الزوج فى الخامسه: (ان لعنه الله عليه ان كان من الكاذبين) فلو لم يكن الله تعالى يريد ان يتلفظ عباده بهذه اللفظه و انه قد تعبدهم بها، لما جعلها من معالم الشرع، و لما كررها فى كثير من كتابه العزيز، و لما قال فى حق القاتل: (و غضب الله عليه و لعنه) و ليس المراد من قوله: و لعنه الا الامر لنا بان نلعنه، و لو لم يكن المراد بها ذلك لكان لنا ان نلعنه، لان الله تعالى قد لعنه، افيلعن الله تعالى انسانا و لايكون لنا ان نلعنه! هذا ما لا يسوغ فى العقل، كما لايجوز ان يمدح الله انسانا الا و لنا ان نمدحه، و لا يذمه الا و لنا ان نذمه، و قال تعالى: (هل انبئكم بشر من ذلك مثوبه عن
د الله من لعنه الله) و قال: (ربنا آتهم ضعفين من العذاب و العنهم لعنا كبيرا) و قال عز و جل: (و قالت اليهود يد الله مغلوله غلت ايديهم و لعنوا بما قالوا).

و كيف يقول القائل: ان الله تعالى لايقول للمكلف: لم لم تلعن؟ الا يعلم هذا القائل ان الله تعالى امر بولايه اوليائه، و امر بعداوه اعدائه، فكما يسال عن التولى يسال عن التبرى! الا ترى ان اليهودى اذا اسلم يطالب بان يقال له: تلفظ بكلمه الشهادتين، ثم قل: برئت من كل دين يخالف دين الاسلام، فلا بد من البرائه، لان بها يتم العمل! الم يسمع هذا القائل قول الشاعر: تود عدوى ثم تزعم اننى صديقك ان الراى عنك لعازب فموده العدو خروج عن ولايه الولى، و اذا بطلت الموده لم يبق الا البرائه، لانه لايجوز ان يكون الانسان فى درجه متوسطه مع اعداء الله تعالى و عصاته بالا يودهم و لا يبرا منهم باجماع المسلمين على نفى هذه الواسطه.

و اما قوله: لو جعل عوض اللعنه استغفر الله لكان خيرا له، فانه لو استغفر من غير ان يلعن او يعتقد وجوب اللعن لما نفعه استغفاره و لا قبل منه، لانه يكون عاصيا لله تعالى، مخالفا امره فى امساكه عمن اوجب الله تعالى عليه البرائه منه، و اظهار البرائه، و المصر على بعض المعاص
ى لاتقبل توبته و استغفاره عن البعض الاخر، و اما من يعيش عمره و لايلعن ابليس، فان كان لايعتقد وجوب لعنه فهو كافر، و ان كان يعتقد وجوب لعنه و لايلعنه فهو مخطى ء، على ان الفرق بينه و بين ترك لعنه رئوس الضلال فى هذه الامه كمعاويه و المغيره و امثالهما، ان احدا من المسلمين لا يورث عنده الامساك عن لعن ابليس، شبهه فى امر ابليس و الامساك عن لعن هولاء و اضرابهم يثير شبهه عند كثير من المسلمين فى امرهم، و تجنب ما يورث الشبهه فى الدين واجب، فلهذا لم يكن الامساك عن لعن ابليس نظيرا للامساك عن امر هولاء.

قال: ثم يقال للمخالفين: ارايتم لو قال قائل: قد غاب عنا امر يزيد بن معاويه و الحجاج بن يوسف، فليس ينبغى ان نخوض فى قصتهما، و لا ان نلعنهما و نعاديهما و نبرا منهما، هل كان هذا الا كقولكم: قد غاب عنا امر معاويه و المغيره بن شعبه و اضرابهما، فليس لخوضنا فى قصتهم معنى! و بعد، فكيف ادخلتم ايها العامه و الحشويه و اهل الحديث انفسكم فى امر عثمان و خضتم فيه، و قد غاب عنكم! و برئتم من قتلته، و لعنتموهم! و كيف لم تحفظوا ابابكر الصديق فى محمد ابنه فانكم لعنتموه و فسقتموه، و لا حفظتم عائشه ام المومنين فى اخيها محمد المذكور، و منعتمونا ان
نخوض و ندخل انفسنا فى امر على و الحسن و الحسين و معاويه الظالم له و لهما، المتغلب على حقه و حقوقهما! و كيف صار لعن ظالم عثمان من السنه عندكم، و لعن ظالم على و الحسن و الحسين تكلفا! و كيف ادخلت العامه انفسها فى امر عائشه و برئت ممن نظر اليها، و من القائل لها: يا حميراء، او انما هى حميراء، و لعنته بكشفه سترها، و منعتنا نحن عن الحديث فى امر فاطمه و ما جرى لها بعد وفاه ابيها.

فان قلتم: ان بيت فاطمه انما دخل، و سترها انما كشف، حفظا لنظام الاسلام، و كيلا ينتشر الامر و يخرج قوم من المسلمين اعناقهم من ربقه الطاعه و لزوم الجماعه.

قيل لكم: و كذلك ستر عائشه انما كشف، و هودجها انما هتك، لانها نشرت حبل الطاعه، و شقت عصا المسلمين، و اراقت دماء المسلمين من قبل وصول على بن ابى طالب (ع) الى البصره، و جرى لها مع عثمان بن حنيف و حكيم بن جبله و من كان معهما من المسلمين الصالحين من القتل و سفك الدماء ما تنطق به كتب التواريخ و السير، فاذا جاز دخول بيت فاطمه لامر لم يقع بعد جاز كشف ستر عائشه على ما قد وقع و تحقق، فكيف صار هتك ستر عائشه من الكبائر التى يجب معها التخليد فى النار، و البرائه من فاعله، و من اوكد عرى الايمان، و صار كشف
بيت فاطمه و الدخول عليها منزلها و جمع حطب ببابها، و تهددها بالتحريق من اوكد عرى الدين، و اثبت دعائم الاسلام، و مما اعز الله به المسلمين و اطفا به نار الفتنه، و الحرمتان واحده، و الستران واحد.

و ما نحب ان نقول لكم: ان حرمه فاطمه اعظم، و مكانها ارفع، و صيانتها لاجل رسول الله (ص) اولى، فانها بضعه منه، و جزء من لحمه و دمه، و ليست كالزوجه الاجنبيه التى لا نسب بينها و بين الزوج، و انما هى وصله مستعاره، و عقد يجرى مجرى اجاره المنفعه، و كما يملك رق الامه بالبيع و الشراء، و لهذا قال الفرضيون: اسباب التوارث ثلاثه: سبب، و نسب و ولاء، فالنسب القرابه، و السبب النكاح، و الولاء: ولاء العتق، فجعلوا النكاح خارجا عن النسب، و لو كانت الزوجه ذات نسب لجعلوا الاقسام الثلاثه قسمين.

و كيف تكون عائشه او غيرها فى منزله فاطمه، و قد اجمع المسلمون كلهم من يحبها و من لايحبها منهم انها سيده نساء العالمين! قال: و كيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله (ص) فى زوجته، و حفظ ام حبيبه فى اخيها، و لم تلزم الصحابه انفسها حفظ رسول الله (ص) فى اهل بيته، و لا الزمت الصحابه انفسها حفظ رسول الله (ص) فى صهره و ابن عمه ابن عفان، و قد قتلوهم و لعنوهم، و لقد كان ك
ثير من الصحابه يلعن عثمان و هو خليفه، منهم عائشه كانت تقول: اقتلوا نعثلا لعن الله نعثلا، و منهم عبدالله بن مسعود، و قد لعن معاويه على بن ابى طالب و ابنيه حسنا و حسينا و هم احياء يرزقون بالعراق، و هو يلعنهم بالشام على المنابر، و يقنت عليهم فى الصلوات، و قد لعن ابوبكر و عمر سعد بن عباده و هو حى، و برئا منه، و اخرجاه من المدينه الى الشام، و لعن عمر خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويره، و ما زال اللعن فاشيا فى المسلمين اذا عرفوا من الانسان معصيه تقتضى اللعن و البرائه.

قال: و لو كان هذا امرا معتبرا و هو ان يحفظ زيد لاجل عمرو فلا يلعن، لوجب ان تحفظ الصحابه فى اولادهم، فلايلعنوا لاجل آبائهم، فكان يجب ان يحفظ سعد بن ابى وقاص فلا يلعن ابنه عمر بن سعد قاتل الحسين، و ان يحفظ معاويه فلا يلعن يزيد صاحب وقعه الحره و قاتل الحسين و مخيف المسجد الحرام بمكه، و ان يحفظ عمر بن الخطاب فى عبيدالله ابنه قاتل الهرمزان، و المحارب عليا (ع) فى صفين.

قال: على انه لو كان الامساك عن عداوه من عادى الله من اصحاب رسول الله (ص) من حفظ رسول الله (ص) فى اصحابه و رعايه عهده و عقده لم نعادهم و لو ضربت رقابنا بالسيوف، و لكن محبه رسول الله (ص) لاص
حابه ليست كمحبه الجهال الذين يصنع احدهم محبته لصاحبه موضع العصبيه، و انما اوجب الله رسول الله (ص) محبه اصحابه لطاعتهم لله، فاذا عصوا الله و تركوا ما اوجب محبتهم فليس عند رسول الله (ص) محاباه فى ترك لزوم ما كان عليه من محبتهم، و لا تغطرس فى العدول عن التمسك بموالاتهم، فلقد كان (ص) يحب ان يعادى اعداء الله و لو كانوا عترته، كما يحب ان يوالى اولياء الله و لو كانوا ابعد الخلق نسبا منه، و الشاهد على ذلك اجماع الامه على ان الله تعالى قد اوجب عداوه من ارتد بعد الاسلام، و عداوه من نافق و ان كان من اصحاب رسول الله (ص) و ان رسول الله (ص)، هو الذى امر بذلك و دعا اليه و ذلك انه (ص) قد اوجب قطع السارق و ضرب القاذف، و جلد البكر اذا زنى، و ان كان من المهاجرين او الانصار، الا ترى انه قال: لو سرقت فاطمه لقطعتها، فهذه ابنته، الجاريه مجرى نفسه، لم يحابها فى دين الله، و لا راقبها فى حدود الله، و قد جلد اصحاب الافك، و منهم مسطح بن اثاثه، و كان من اهل بدر.

قال: و بعد، فلو كان محل اصحاب رسول الله (ص) محل من لا يعادى اذا عصى الله سبحانه و لايذكر بالقبيح، بل يجب ان يراقب لاجل اسم الصحبه، و يغضى عن عيوبه و ذنوبه، لكان كذلك صاحب موسى ا
لمسطور ثناوه فى القرآن لما اتبع هواه، فانسلخ مما اوتى من الايات و غوى، قال سبحانه: (و اتل عليهم نبا الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين) و لكان ينبغى ان يكون محل، عبده العجل من اصحاب موسى هذا المحل لان هولاء كلهم قد صحبوا رسولا جليلا من رسل الله سبحانه.

قال: و لو كانت الصحابه عند انفسها بهذه المنزله، لعلمت ذلك من حال انفسها، لانهم اعرف بمحلهم من عوام اهل دهرنا، و اذا قدرت افعال بعضهم ببعض دلتك على ان القصه كانت على خلاف ما قد سبق الى قلوب الناس اليوم، هذا على و عمار، و ابوالهيثم بن التيهان، و خزيمه بن ثابت، و جميع من كان مع على (ع) من المهاجرين و الانصار، لم يروا ان يتغافلوا عن طلحه و الزبير حتى فعلوا بهما و بمن معهما ما يفعل بالشراه فى عصرنا، و هذا طلحه و الزبير و عائشه و من كان معهم و فى جانبهم لم يروا ان يمسكوا عن على، حتى قصدوا له كما يقصد للمتغلبين فى زماننا، و هذا معاويه و عمرو لم يريا عليا بالعين التى يرى بها العامى صديقه او جاره، و لم يقصرا دون ضرب وجهه بالسيف و لعنه و لعن اولاده و كل من كان حيا من اهله، و قتل اصحابه، و قد لعنهما هو ايضا فى الصلوات المفروضات، و لعن معهما ابا
الاعور السلمى، و اباموسى الاشعرى، و كلاهما من الصحابه، و هذا سعد بن ابى وقاص، و محمد بن مسلمه، و اسامه بن زيد، و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، و عبدالله بن عمر، و حسان بن ثابت، و انس بن مالك، لم يروا ان يقلدوا عليا فى حرب طلحه، و لا طلحه فى حرب على، و طلحه و الزبير باجماع المسلمين افضل من هولاء المعدودين، لانهم زعموا انهم قد خافوا ان يكون على قد غلط و زل فى حربهما، و خافوا ان يكونا قد غلطا و زلا فى حرب على، و هذا عثمان قد نفى اباذر الى الربذه كما يفعل باهل الخنا و الريب، و هذا عمار و ابن مسعود تلقيا عثمان بما تلقياه به لما ظهر لهما- بزعمهما- منه ما وعظاه لاجله ثم فعل بهما عثمان ما تناهى اليكم- ثم فعل القوم بعثمان ما قد علمتم و علم الناس كلهم، و هذا عمر يقول فى قصه الزبير بن العوام لما استاذنه فى الغزو: ها انى ممسك بباب هذا الشعب ان يتفرق اصحاب محمد فى الناس فيضلوهم، و زعم انه و ابوبكر كانا يقولان: ان عليا و العباس فى قصه الميراث زعماهما كاذبين ظالمين فاجرين، و ما راينا عليا و العباس اعتذرا و لاتنصلا، و لانقل احد من اصحاب الحديث ذلك، و لاراينا اصحاب رسول الله (ص) انكروا عليهما ما حكاه عمر عنهما و نسبه اليهما، و
لا انكروا ايضا على عمر قوله فى اصحاب رسول الله (ص) انهم يريدون اضلال الناس و يهمون به، و لا انكروا على عثمان دوس بطن عمار، و لا كسر ضلع ابن مسعود، و لا على عمار و ابن مسعود ما تلقيا به عثمان، كانكار العامه اليوم الخوض فى حديث الصحابه و لا اعتقدت الصحابه، فى انفسها ما يعتقده العامه فيها، اللهم الا ان يزعموا انهم اعرف بحق القوم منهم.

و هذا على و فاطمه و العباس ما زالوا على كلمه واحده يكذبون الروايه: نحن معاشر الانبياء لا نورث، و يقولون، انها مختلفه.

قالوا: و كيف كان النبى (ص) يعرف هذا الحكم غيرنا و يكتمه عنا و نحن الورثه، و نحن اولى الناس بان يودى هذا الحكم اليه، و هذا عمر بن الخطاب يشهد لاهل الشورى انهم النفر الذين توفى رسول الله (ص) و هو عنهم راض، ثم يامر بضرب اعناقهم ان اخروا فصل حال الامامه، هذا بعد ان ثلبهم، و قال فى حقهم ما لو سمعته العامه اليوم من قائل لوضعت ثوبه فى عنقه سحبا الى السلطان، ثم شهدت عليه بالرفض و استحلت دمه، فان كان الطعن على بعض الصحابه رفضا فعمر بن الخطاب ارفض الناس و امام الروافض كلهم.

ثم ما شاع و اشتهر من قول عمر: كانت بيعه ابى بكر فلته، وقى الله شرها، فمن عاد الى مثلها فاقتلوه، و هذا
طعن فى العقد، و قدح فى البيعه الاصليه.

ثم ما نقل عنه من ذكر ابى بكر فى صلاته، و قوله عن عبدالرحمن ابنه: دويبه سوء و لهو خير من ابيه.

ثم عمر القائل فى سعد بن عباده، و هو رئيس الانصار و سيدها: اقتلوا سعدا، قتل الله سعدا اقتلوه فانه منافق.

و قد شتم اباهريره و طعن فى روايته، و شتم خالد بن الوليد و طعن فى دينه، و حكم بفسقه و بوجوب قتله، و خون عمرو بن العاص و معاويه بن ابى سفيان و نسبهما الى سرقه مال الفى ء و اقتطاعه، و كان سريعا الى المسائه، كثير الجبه و الشتم و السب لكل احد، و قل ان يكون فى الصحابه من سلم من معره لسانه او يده، و لذلك ابغضوه و ملوا ايامه مع كثره الفتوح فيها، فهلا احترم عمر الصحابه كما تحترمهم العامه! اما ان يكون عمر مخطئا، و اما ان تكون العامه على الخطا! فان قالوا: عمر ما شتم و لاضرب، و لا اساء الا الى عاص مستحق لذلك، قيل لهم: فكانا نحن نقول: انا نريد ان نبرا و نعادى من لايستحق البرائه و المعاداه! كلا ما قلنا هذا، و لايقول هذا مسلم و لا عاقل.

و انما غرضنا الذى اليه نجرى بكلامنا هذا ان نوضح ان الصحابه قوم من الناس لهم ما للناس، و عليهم ما عليهم، من اساء منهم ذممناه، و من احسن منهم حمدناه، و ليس له
م على غيرهم من المسلمين كبير فضل الا بمشاهده الرسول و معاصرته لا غير، بل ربما كانت ذنوبهم افحش من ذنوب غيرهم، لانهم شاهدوا الاعلام و المعجزات، فقربت اعتقاداتهم من الضروره، و نحن لم نشاهد ذلك، فكانت عقائدنا محض النظر و الفكر، و بعرضيه الشبه و الشكوك، فمعاصينا اخف لانا اعذر.

ثم نعود الى ما كنا فيه فنقول: و هذه عائشه ام المومنين، خرجت بقميص رسول الله (ص) فقالت للناس: هذا قميص رسول الله لم يبل، و عثمان قد ابلى سنته، ثم تقول: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا، ثم لم ترض بذلك حتى قالت: اشهد ان عثمان جيفه على الصراط غدا.

فمن الناس من يقول: روت فى ذلك خبرا، و من الناس من يقول: هو موقوف عليها، و بدون هذا لو قاله انسان اليوم يكون عند العامه زنديقا.

ثم قد حصر عثمان، حصرته اعيان الصحابه، فما كان احد ينكر ذلك، و لايعظمه و لايسعى فى ازالته، و انما انكروا على من انكر على المحاصرين له، و هو رجل كما علمتم من وجوه اصحاب رسول الله (ص) ثم من اشرافهم، ثم هو اقرب اليه من ابى بكر و عمر، و هو مع ذلك امام المسلمين، و المختار منهم للخلافه، و للامام حق على رعيته عظيم، فان كان القوم قد اصابوا فاذن ليست الصحابه فى الموضع الذى وضعتها به العامه
، و ان كانوا ما اصابوا فهذا هو الذى نقول، من ان الخطا جائز على آحاد الصحابه، كما يجوز على آحادنا اليوم.

و لسنا نقدح فى الاجماع، و لاندعى اجماعا حقيقيا على قتل عثمان، و انما نقول: ان كثيرا من المسلمين فعلوا ذلك و الخصم يسلم ان ذلك كان خطا و معصيه، فقد سلم ان الصحابى يجوز ان يخطى ء و يعصى، و هو المطلوب.

و هذا المغيره بن شعبه و هو من الصحايه، ادعى عليه الزنا، و شهد عليه قوم بذلك، فلم ينكر ذلك عمر، و لاقال: هذا محال و باطل لان هذا صحابى من صحابه رسول الله (ص) لايجوز عليه الزنا.

و هلا انكر عمر على الشهود و قال لهم: و يحكم هلا تغافلتم عنه لما رايتموه يفعل ذلك، فان الله تعالى قد اوجب الامساك عن مساوى ء اصحاب رسول الله (ص) و اوجب الستر عليهم! و هلا تركتموه لرسول الله (ص) فى قوله: دعوا لى اصحابى! ما راينا عمر الا قد انتصب لسماع الدعوى، و اقامه الشهاده، و اقبل يقول للمغيره: يا مغيره، ذهب ربعك يا مغيره، ذهب نصفك، يا مغيره، ذهب ثلاثه ارباعك، حتى اضطرب الرابع، فجلد الثلاثه.

و هلا قال المغيره لعمر: كيف تسمع فى قول هولاء، و ليسوا من الصحابه، و انا من الصحابه، و رسول الله (ص) قد قال: اصحابى كالنجوم، بايهم اقتديتم اهتديتم! م
ا رايناه قال ذلك، بل استسلم لحكم الله تعالى.

و هاهنا من هو امثل من المغيره و افضل، قدامه بن مظعون، لما شرب الخمر فى ايام عمر، فاقام عليه الحد، و هو رجل من عليه الصحابه و من اهل بدر، و المشهود لهم بالجنه، فلم يرد عمر الشهاده، و لا درا عنه الحد لعله انه بدرى، و لاقال: قد نهى رسول الله (ص) عن ذكر مساوى ء الصحابه.

و قد ضرب عمر ايضا ابنه حدا فمات، و كان ممن عاصر رسول الله (ص) و لم تمنع معاصرته له من اقامه الحد عليه.

و هذا على (ع) يقول: ما حدثنى احد بحديث عن رسول الله (ص) الا استحلفته عليه، اليس هذا اتهاما لهم بالكذب! و ما استثنى احدا من المسلمين الا ابابكر على ما ورد فى الخبر، و قد صرح غير مره بتكذيب ابى هريره، و قال: لا احد اكذب من هذا الدوسى على رسول الله (ص).

و قال ابوبكر فى مرضه الذى مات فيه: وددت انى لم اكشف بيت فاطمه و لو كان اغلق على حرب، فندم و الندم لايكون الا عن ذنب.

ثم ينبغى للعاقل ان يفكر فى تاخر على (ع) عن بيعه ابى بكر بن سته اشهر الى ان ماتت فاطمه، فان كان مصيبا فابوبكر على الخطا فى انتصابه فى الخلافه، و ان كان ابوبكر مصيبا فعلى على الخطا فى تاخره عن البيعه و حضور المسجد، ثم قال ابوبكر فى مرض موته ا
يضا للصحابه: فلما استخلفت عليكم خيركم فى نفسى- يعنى عمر- فكلكم ورم لذلك انفه يريد ان يكون الامر له، لما رايتم الدنيا قد جائت، اما و الله لتتخذن ستائر الديباج و نضائد الحرير.

اليس هذا طعنا فى الصحابه، و تصريحا بانه قد نسبهم الى الحسد لعمر، لما نص عليه بالعهد! و لقد قال له طلحه لما ذكر عمر للامر: ماذا تقول لربك اذا سالك عن عباده، و قد وليت عليهم فظا غليظا! فقال ابوبكر: اجلسونى اجلسونى، بالله تخوفنى! اذا سالنى قلت: وليت عليهم خير اهلك، ثم شتمه بكلام كثير منقول، فهل قول طلحه الا طعن فى عمر، و هل قول ابى بكر الا طعن فى طلحه! ثم الذى كان بين ابى بن كعب و عبدالله بن مسعود من السباب حتى نفى كل واحد منهما الاخر عن ابيه و كلمه ابى بن كعب مشهوره منقوله: ما زالت هذه الامه مكبوبه على وجهها منذ فقدوا نبيهم، و قوله: الا هلك اهل العقيده، و الله ما آسى عليهم انما آسى على من يضلون من الناس.

ثم قول عبدالرحمن بن عوف: ما كنت ارى ان اعيش حتى يقول لى عثمان: يا منافق، و قوله: لو استقبلت من امرى ما استدبرت ما وليت عثمان شسع نعلى، و قوله: اللهم ان عثمان قد ابى ان يقيم كتابك فافعل به و افعل.

و قال عثمان لعلى (ع) فى كلام دار بينهما: اب
وبكر و عمر خير منك، فقال على: كذبت، انا خير منك و منهما، عبدت الله قبلهما، و عبدته بعدهما.

و روى سفيان بن عينيه عن عمرو بن دينار، قال: كنت عند عروه بن الزبير، فتذاكر ناكم اقام النبى بمكه بعد الوحى؟ فقال عروه: اقام عشرا، فقلت: كان ابن عباس يقول: ثلاث عشره، فقال: كذب ابن عباس.

و قال ابن عباس: المتعه حلال، فقال له جبير بن مطعم: كان عمر ينهى عنها، فقال يا عدى نفسه، من هاهنا ضللتم، احدثكم عن رسول الله (ص)، و تحدثنى عن عمر! و جاء فى الخبر عن على (ع)، لو لا ما فعل عمر بن الخطاب فى المتعه ما زنى الا شقى، و قيل: ما زنى الا شفا، اى قليلا.

فاما سبب بعضهم بعضا و قدح بعضهم فى بعض فى المسائل الفقهيه فاكثر من ان يحصى، مثل قول ابن عباس و هو يرد على زيد مذهبه القول فى الفرائض: ان شاء او قال: من شاء- باهلته ان الذى احصى رمل عالج عددا اعدل من ان يجعل فى مال نصفا و نصفا و ثلثا: هذان النصفان قد ذهبا بالمال، فاين موضع الثلث! و مثل قول ابى بن كعب فى القرآن: لقد قرات القرآن و زيد هذا غلام ذو ذوابتين يلعب بين صبيان اليهود فى المكتب.

و قال على (ع) فى امهات الاولاد و هو على المنبر: كان رايى و راى عمر الا يبعن، و انا ارى الان بيعهن، فق
ام اليه عبيده السلمانى، فقال: رايك فى الجماعه احب الينا من رايك فى الفرقه.

و كان ابوبكر يرى التسويه فى قسم الغنائم، و خالفه عمر و انكر فعله.

و انكرت عائشه على ابى سلمه بن عبدالرحمن خلافه على ابن عباس فى عده المتوفى عنها زوجها و هى حامل، و قالت: فروج يصقع مع الديكه.

و انكرت الصحابه على ابن عباس قوله فى الصرف، و سفهوا رايه حتى قيل: انه تاب من ذلك عند موته.

و اختلفوا فى حد شارب الخمر حتى خطا بعضهم بعضا.

و روى بعض الصحابه عن النبى (ص) انه قال: الشوم فى ثلاثه: المراه و الدار، و الفرس، فانكرت عائشه ذلك، و كذبت الراوى و قالت: انه انما قال (ع) ذلك حكايه عن غيره.

و روى بعض الصحابه عنه (ع) انه قال: التاجر فاجر، فانكرت عائشه ذلك، و كذبت الراوى و قالت: انما قاله (ع) فى تاجر دلس.

و انكر قوم من الانصار روايه ابى بكر: الائمه من قريش، و نسبوه الى افتعال هذه الكلمه.

و كان ابوبكر يقضى بالقضاء فينقضه عليه اصاغر الصحابه كبلال و صهيب و نحوهما.

قد روى ذلك فى عده قضايا.

و قيل لابن عباس: ان عبدالله بن الزبير يزعم ان موسى صاحب الخضر ليس موسى بنى اسرائيل، فقال: كذب عدو الله! اخبرنى ابى بن كعب، قال: خطبنا رسول الله (ص) و ذكر كذا، بكلا
م يدل على ان موسى صاحب الخضر هو موسى بنى اسرائيل.

و باع معاويه اوانى ذهب و فضه باكثر من وزنها، فقال له ابوالدرداء: سمعت رسول الله (ص) ينهى عن ذلك، فقال معاويه: اما انا فلا ارى به باسا، فقال ابوالدرداء: من عذيرى من معاويه! اخبره عن الرسول الله (ص)، و هو يخبرنى عن رايه! و الله لا اساكنك بارض ابدا.

و طعن ابن عباس فى ابى هريره، عن رسول الله (ص): اذا استيقظ احدكم من نومه فلايدخلن يده فى الاناء حتى يتوضا، و قال: فما نصنع بالمهراس! و قال على (ع) لعمر و قد افتاه الصحابه فى مساله و اجمعوا عليها: ان كانوا راقبوك فقد غشوك، و ان كان هذا جهد رايهم فقد اخطئوا.

و قال ابن عباس: الا يتقى الله زيد بن ثابت، يجعل ابن الابن ابنا، و لايجعل اب الاب ابا! و قالت عائشه: اخبروا زيد بن ارقم انه قد احبط جهاده مع رسول الله (ص).

و انكرت الصحابه على ابى موسى قوله: ان النوم لاينقض الوضوء، و نسبته الى الغفله و قله التحصيل، و كذلك انكرت على ابى طلحه الانصارى قوله: ان اكل البرد لايفطر الصائم، و هزئت به و نسبته الى الجهل.

و سمع عمر عبدالله بن مسعود و ابى بن كعب يختلفان فى صلاه الرجل فى الثوب الواحد فصعد المنبر و قال: اذا اختلف اثنان من اصحاب رس
ول الله (ص) فعن اى فتياكم يصدر المسلمون! لا اسمع رجلين يختلفان بعد مقامى هذا الا فعلت و صنعت.

و قال جرير بن كليب: رايت عمر ينهى عن المتعه، و على (ع) يامر بها، فقلت: ان بينكما لشرا، فقال على (ع): ليس بيننا الا الخير، و لكن خيرنا اتبعنا لهذا الدين.

قال هذا المتكلم: و كيف يصح ان يقول رسول الله (ص) اصحابى كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم، لا شبهه ان هذا يوجب ان يكون اهل الشام فى صفين على هدى، و ان يكون اهل العراق ايضا على هدى، و ان يكون قاتل عمار بن ياسر مهتديا، و قد صح الخبر الصحيح انه قال له: تقتلك الفئه الباغيه، و قال فى القرآن: (فقاتلوا التى تبغى حتى تفى ء الى امر الله) فدل على انها ما دامت موصوفه بالمقام على البغى، مفارقه لامر الله، و من يفارق امر الله لايكون مهتديا.

و كان يجب ان يكون بسر بن ابى ارطاه الذى ذبح ولدى عبيدالله بن عباس الصغيرين مهتديا، لان بسرا من الصحابه ايضا، و كان يجب ان يكون عمرو بن العاص و معاويه اللذان كانا يلعنان عليا ادبار الصلاه و ولديه مهتديين، و قد كان فى الصحابه من يزنى و من يشرب الخمر كابى محجن الثقفى، و من يرتد عن الاسلام كطليحه بن خويلد، فيجب ان يكون كل من اقتدى بهولاء فى افعالهم مهد
يا.

قال: و انما هذا من موضوعات متعصبه الامويه، فان لهم من ينصرهم بلسانه، و بوضعه الاحاديث اذا عجز عن نصرهم بالسيف.

و كذا القول فى الحديث الاخر، و هو قوله: القرن الذى انا فيه، و مما يدل على بطلانه ان القرن الذى جاء بعده بخمسين سنه شر قرون الدنيا، و هو احد القرون التى ذكرها فى النص، و كان ذلك القرن هو القرن الذى قتل فيه الحسين، و اوقع بالمدينه، و حوصرت مكه، و نقضت الكعبه، و شربت خلفاوه و القائمون مقامه و المنتصبون فى منصب النبوه الخمور، و ارتكبوا الفجور، كما جرى ليزيد بن معاويه و ليزيد، بن عاتكه و للوليد بن يزيد و اريقت الدماء الحرام، و قتل المسلمون، و سبى الحريم، و استعبد ابناء المهاجرين و الانصار، و نقش على ايديهم كما ينقش على ايدى الروم، و ذلك فى خلافه عبدالملك و امره الحجاج.

و اذا تاملت كتب التواريخ وجدت الخمسين الثانيه شرا كلها لا خير فيها، و لا فى روسائها و امرائها، و الناس بروسائهم و امرائهم، و القرن خمسون سنه، فكيف يصح هذا الخبر.

قال: فاما ما ورد فى القرآن من قوله تعالى: (لقد رضى الله عن المومنين).

و قوله: (محمد رسول الله و الذين معه).

و قول النبى (ص): ان الله اطلع على اهل بدر، ان كان الخبر صحيحا فكله
مشروط بسلامه العاقبه، و لايجوز ان يخبر الحكيم مكلفا غير معصوم بانه لا عقاب عليه، فليفعل ما شاء.

قال هذا المتكلم: و من انصف و تامل احوال الصحابه وجدهم مثلنا، يجوز عليهم ما يجوز علينا، و لا فرق بيننا و بينهم الا بالصحبه لا غير، فان لها منزله و شرفا، و لكن لا الى حد يمتنع على كل من راى الرسول او صحبه يوما او شهرا او اكثر من ذلك ان يخطى ء و يزل، و لو كان هذا صحيحا ما احتاجت عائشه الى نزول برائتها من السماء، بل كان رسول الله (ص) من اول يوم يعلم كذب اهل الافك، لانها زوجته، و صحبتها له آكد من صحبه غيرها.

و صفوان بن المعطل ايضا كان من الصحابه، فكان ينبغى الا يضيق صدر رسول الله (ص)، و لايحمل ذلك الهم و الغم الشديدين اللذين حملهما و يقول: صفوان من الصحابه، و عائشه من الصحابه، و المعصيه عليهما ممتنعه.

و امثال هذا كثير، و اكثر من الكثير، لمن اراد ان يستقرى ء احوال القوم، و قد كان التابعون يسلكون بالصحابه هذا المسلك، و يقولون فى العصاه منهم مثل هذا القول، و انما اتخذهم العامه اربابا بعد ذلك.

قال: و من الذى يجترى ء على القول بان اصحاب محمد لاتجوز البرائه من احد منهم و ان اساء و عصى بعد قول الله تعالى للذى شرفوا برويته: (ل
ئن اشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين) بعد قوله: (قل انى اخاف ان عصيت ربى عذاب يوم عظيم) و بعد قوله: (فاحكم بين الناس بالحق و لاتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد)، الا من لا فهم له و لا نظر معه، و لا تمييز عنده.

قال: و من احب ان ينظر الى اختلاف الصحابه، و طعن بعضهم فى بعض، و رد بعضهم على بعض و ما رد به التابعون عليهم و اعترضوا به اقوالهم، و اختلاف التابعين ايضا فيما بينهم، و قدح بعضهم فى بعض فلينظر فى كتاب النظام، قال الجاحظ: كان النظام اشد الناس انكارا على الرافضه، لطعنهم على الصحابه، حتى اذا ذكر الفتيا و تنقل الصحابه فيها، و قضاياهم بالامور المختلفه، و قول من استعمل الراى فى دين الله، انتظم مطاعن الرافضه و غيرها، و زاد عليها، و قال فى الصحابه اضعاف قولها.

قال: و قال بعض روساء المعتزله: غلط ابى حنيفه فى الاحكام عظيم، لانه اضل خلقا و غلط حماد اعظم من غلط ابى حنيفه، لان حمادا اصل ابى حنيفه الذى منه تفرع، و غلط ابراهيم اغلظ و اعظم من غلط حماد، لانه اصل حماد و غلط علقمه و الاسود اعظم من غلط ابراهيم، لانهما اصله الذى عليه اعتمد، و غلط ابن مسعود اعظم من غلط هولاء جميعا، ل
انه اول من بدر الى وضع الاديان برايه، و هو الذى قال: اقول فيها برايى، فان يكن صوابا فمن الله، و ان يكن خطا فمنى.

قال: و استاذن اصحاب الحديث على ثمامه بخراسان حيث كان مع الرشيد بن المهدى، فسالوه كتابه الذى صنفه على ابى حنيفه فى اجتهاد الراى، فقال: لست على ابى حنيفه كتبت ذلك الكتاب، و انما كتبته على علقمه و الاسود و عبدالله بن مسعود لانهم الذين قالوا بالراى قبل ابى حنيفه.

قال: و كان بعض المعتزله ايضا اذا ذكر ابن عباس استصغره و قال: صاحب الذوابه يقول فى دين الله برايه.

و ذكر الجاحظ فى كتابه المعروف بكتاب التوحيد ان اباهريره ليس بثقه فى الروايه عن رسول الله (ص)، قال: و لم يكن على (ع) يوثقه فى الروايه، بل يتهمه، و يقدح فيه، و كذلك عمر و عائشه.

و كان الجاحظ يفسق عمر بن عبدالعزيز و يستهزى ء به و يكفره، و عمر بن العزيز و ان لم يكن من الصحابه فاكثر العامه يرى له من الفضل ما يراه لواحد من الصحابه.

و كيف يجوز ان نحكم حكما جزما ان كل واحد من الصحابه عدل، و من جمله الصحابه الحكم بن ابى العاص! و كفاك به عدوا مبغضا لرسول الله (ص)! و من الصحابه الوليد بن عقبه الفاسق بنص الكتاب، و منهم حبيب بن مسلمه الذى فعل ما فعل بالمسلمين
فى دوله معاويه، و بسر بن ابى ارطاه عدو الله و عدو رسوله، و فى الصحابه كثير من المنافقين لايعرفهم الناس.

و قال كثير من المسلمين: مات رسول الله (ص) و لم يعرفه الله سبحانه كل المنافقين باعيانهم، و انما كان يعرف قوما منهم، و لم يعلم بهم احدا الا حذيفه فيما زعموا، فكيف يجوز ان نحكم حكما جزما ان كل واحد ممن صحب رسول الله او رآه او عاصره عدل مامون، لايقع منه خطا و لا معصيه، و من الذى يمكنه ان يتحجر واسعا كهذا التحجر، او يحكم هذا الحكم! قال: و العجب من الحشويه و اصحاب الحديث اذ يجادلون على معاصى الانبياء، و يثبتون انهم عصوا الله تعالى، و ينكرون على من ينكر ذلك، و يطعنون فيه، و يقولون: قدرى معتزلى، و ربما قالوا: ملحد مخالف لنص الكتاب، و قد راينا منهم الواحد و المائه و الالف يجادل فى هذا الباب، فتاره يقولون: ان يوسف قعد من امراه العزيز مقعد الرجل من المراه، و تاره يقولون: ان داود قتل اوريا لينكح امراته، و تاره يقولون: ان رسول الله كان كافرا ضالا قبل النبوه، و ربما ذكروا زينب بنت جحش و قصه الفداء يوم بدر.

فاما قدحهم فى آدم (ع)، و اثباتهم معصيته و مناظرتهم من يذكر ذلك فهو دابهم و ديدنهم، فاذا تكلم واحد فى عمرو بن العاص
او فى معاويه و امثالهما و نسبهم الى المعصيه و فعل القبيح، احمرت وجوههم، و طالت اعناقهم، و تخازرت اعينهم، و قالوا: مبتدع رافضى، يسب الصحابه، و يشتم السلف، فان قالوا: انما اتبعنا فى ذكر معاصى الانبياء نصوص الكتاب، قيل لهم: فاتبعوا فى البرائه من جميع العصاه نصوص الكتاب، فانه تعالى قال: (لاتجد قوما يومنون بالله و اليوم الاخر يوادون من حاد الله و رسوله)، و قال: (فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفى ء الى امر الله)، و قال: (اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولى الامر منكم).

ثم يسالون عن بيعه على (ع): هل هى صحيحه لازمه لكل الناس؟ فلا بد من بلى، فيقال لهم: فاذا خرج على الامام الحق خارج اليس يجب على المسلمين قتاله حتى يعود الى الطاعه؟ فهل يكون هذا القتال الا البرائه التى نذكرها لانه لا فرق بين الامرين، و انما برئنا منهم لانا لسنا فى زمانهم، فيمكننا ان نقاتل بايدينا، فقصارى امرنا الان ان نبرا منهم و نلعنهم، و ليكون ذلك عوضا عن القتال الذى لا سبيل لنا اليه.

قال هذا المتكلم: على ان النظام و اصحابه ذهبوا الى انه لا حجه فى الاجماع، و انه يجوز ان تجتمع الامه على الخطا و المعصيه، و على الفسق بل على الرده، و له ك
تاب موضوع فى الاجماع يطعن فيه فى ادله الفقهاء، و يقول: انها الفاظ غير صريحه فى كون الاجماع حجه، نحو قوله: (جعلناكم امه وسطا) و قوله: (كنتم خير امه) و قوله: و (يتبع غير سبيل المومنين).

و اما الخبر الذى صورته: (لاتجتمع امتى على الخطا)، فخبر واحد، و امثل دليل للفقهاء قولهم: ان الهمم المختلفه، و الاراء المتباينه، اذا كان اربابها كثيره عظيمه، فانه يستحيل اجتماعهم على الخطا، و هذا باطل باليهود و النصارى و غيرهم من فرق الضلال.

هذه خلاصه ما كان النقيب ابوجعفر، علقه بخطه من الجزء الذى اقراناه.

و نحن نقول: اما اجماع المسلمين فحجه، و لسنا نرتضى ما ذكره عنا من انه امثل دليل لنا ان الهمم المختلفه، و الاراء المتباينه، يستحيل ان تتفق على غير الصواب، و من نظر فى كتبنا الاصوليه علم وثاقه ادلتنا على صحه الاجماع و كونه صوابا، و حجه تحريم مخالفته، و قد تكلمت فى اعتبار الذريعه للمرتضى على ما طعن به المرتضى فى ادله الاجماع.

و اما ذكره من الهجوم على دار فاطمه و جمع الحطب لتحريقها فهو خبر واحد غير موثوق به، و لا معول عليه فى حق الصحابه، بل و لا فى حق احد من المسلمين ممن ظهرت عدالته.

و اما عائشه و الزبير و طلحه فمذهبنا انهم اخطئوا،
ثم تابوا، و انهم من اهل الجنه، و ان عليا (ع) شهد لهم بالجنه بعد حرب الجمل.

و اما طعن الصحابه بعضهم فى بعض، فان الخلاف الذى كان بينهم فى مسائل الاجتهاد لايوجب اثما، لان كل مجتهد مصيب، و هذا امر مذكور فى كتب اصول الفقه و ما كان من الخلاف خارجا عن ذلك فالكثير من الاخبار الوارده فيه غير موثوق بها و ما جاء من جهه صحيحه نظر فيه و رجح جانب احد الصحابيين على قدر منزلته فى الاسلام كما يروى عن عمر و ابى هريره.

فاما على (ع) فانه عندنا بمنزله الرسول (ص) فى تصويب قوله، و الاحتجاج بفعله، و وجوب طاعته، و متى صح عنه انه قد برى ء من احد من الناس برئنا منه كائنا من كان، و لكن الشان فى تصحيح ما يروى عنه (ع)، فقد اكثر الكذب عليه، و ولدت العصبيه احاديث لا اصل لها.

فاما برائته (ع) من المغيره و عمرو بن العاص و معاويه، فهو عندنا معلوم جار مجرى الاخبار المتواتره، فلذلك لا يتولاهم اصحابنا، و لا يثنون عليهم، و هم عند المعتزله فى مقام غير محمود، و حاش لله ان يكون (ع) ذكر من سلف من شيوخ المهاجرين الا بالجميل و الذكر الحسن بموجب ما تقتضيه رئاسته فى الدين، و اخلاصه فى طاعه رب العالمين، و من احب تتبع ما روى عنه مما يوهم فى الظاهر خلاف ذلك
فليراجع هذا الكتاب، اعنى شرح نهج البلاغه، فانا لم نترك موضعا يوهم خلاف مذهبنا الا و اوضحناه و فسرناه على وجه يوافق الحق، و بالله التوفيق.

عمار بن ياسر و طرف من اخباره فاما عمار بن ياسر رحمه الله، فنحن نذكر نسبه و طرفا من حاله مما ذكره ابن عبد البر فى كتاب الاستيعاب، قال ابوعمر بن عبد البر رحمه الله.

هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانه بن قيس بن حصين بن لوذ بن ثعلبه بن عوف بن حارثه بن عامر بن نام بن عنس - بالنون- بن مالك بن ادد العنسى المذحجى، يكنى ابا اليقظان، حليف لبنى مخزوم، كذا قال ابن شهاب و غيره.

و قال موسى بن عقبه: و ممن شهد بدرا عمار بن ياسر حليف لبنى مخزوم بن يقظه.

و قال الواقدى و طائفه من اهل العلم: ان ياسرا والد عمار بن ياسر عربى قحطانى من عنس، من مذحج، الا ان ابنه عمارا مولى لبنى مخزوم، لان اباه ياسرا تزوج امه لبعض بنى مخزوم فاولدها عمارا، و ذلك ان ياسر قدم مكه مع اخوين له يقال لهما: الحارث و مالك فى طلب اخ لهم رابع، فرجع الحارث و مالك الى اليمن، و اقام ياسر بمكه، فحالف اباحذيفه بن المغيره بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، فزوجه ابوحذيفه امه له يقال لها سميه بنت خياط، فولدت له عمارا فاعتقه ابوح
ذيفه، فصار ولاوه لبنى مخزوم، و للحلف و الولاء الذى بين بنى مخزوم و عمار بن ياسر كان اجتماع بنى مخزوم الى عثمان حين نال من عمار غلمان عثمان ما نالوا من الضرب، حتى انفتق له فتق فى بطنه و كسروا ضلعا من اضلاعه، فاجتمعت بنو مخزوم، و قالوا: و الله لئن مات لا قتلنا به احدا غير عثمان.

قال ابوعمر: و اسلم عمار و عبدالله اخوه و ياسر ابوهما و سميه امهما، و كان اسلامهم قديما فى اول الاسلام فعذبوا فى الله عذابا عظيما، و كان رسول الله (ص) يمر بهم و هم يعذبون فيقول: (صبرا يا آل ياسر، فان موعدكم الجنه)، و يقول لهم ايضا: (صبرا يا آل ياسر، اللهم اغفر لال ياسر، و قد فعلت).

قال ابوعمر: و لم يزل عمار مع ابى حذيفه بن المغيره حتى مات و جاء الله بالاسلام.

فاما سميه فقتلها ابوجهل، طعنها بحربه فى قبلها فماتت، و كانت من الخيرات الفاضلات و هى اول شهيده فى الاسلام، و قد كانت قريش اخذت ياسرا و سميه و ابنيهما، و بلالا و خبابا و صهيبا فالبسوهم ادراع الحديد، و صهروهم فى الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ، فاعطوهم ما سالوا من الكفر، و سب النبى (ص)، ثم جاء الى كل واحد منهم قومه بانطاع الادم فيها الماء فالقوهم فيها، ثم حملوا بجوانبها، فلما كان ال
عشى جاء ابوجهل فجعل يشتم سميه و يرفث، ثم وجاها بحربه فى قبلها فقتلها، فهى اول من استشهد فى الاسلام، فقال عمار للنبى (ص): يا رسول الله بلغ العذاب من امى كل مبلغ، فقال: (صبرا يا ابا اليقظان، اللهم لاتعذب احدا من آل ياسر بالنار)، قال ابوعمر: و فيهم انزل: (الا من اكره و قلبه مطمئن بالايمان).

قال: و هاجر عمار الى ارض الحبشه و صلى القبلتين، و شهد بدرا و المشاهد كلها و ابلى بلاء حسنا، ثم شهد اليمامه، فابلى فيها ايضا، و يومئذ قطعت اذنه.

قال: و ذكر الواقدى عن عبدالله بن نافع، عن ابيه، عن عبدالله بن عمر، قال: رايت عمار بن ياسر يوم اليمامه على صخره و قد اشرف يصيح: يا معشر المسلمين، امن الجنه تفرون؟ انا عمار بن ياسر، هلموا الى، و انا انظر الى اذنه قد قطعت، فهى تذبذب و هو يقاتل اشد القتال.

قال ابوعمر: و كان عمار طويلا اشهل، بعيد ما بين المنكبين، قال: و قد قيل فى صفته: كان آدم طوالا مضطربا، اشهل العينين، بعيد ما بين المنكبين، رجلا لا يغير شيبه.

قال: و كان عمار يقول: انا ترب رسول الله (ص)، لم يكن احد اقرب اليه سنا منى.

قال: و قتل عمار و هو ابن ثلاث و تسعين سنه، و الخبر المرفوع مشهور فى حقه: (تقتلك الفئه الباغيه)، و هو من د
لائل نبوه رسول الله (ص)، لانه اخبار عن غيب.

و قال رسول الله (ص) فى عمار: (ملى ء ايمانا الى مشاشه)، و يروى: (الى اخمص قدميه).

و فضائل عمار كثيره، و قد تقدم القول فى ذكر عمار و اخباره، و ما ورد فى حقه.

حکمت 398

الشرح:

قد تقدم شرح مثل هذه الكلمه مرارا.

و قال الشاعر: قنعت فاعتقت نفسى و لن املك ذا ثروه رقها و نزهتها عن سوال الرجال و منه من لايرى حقها و ان القناعه كنز اللبيب اذا ارتتقت فتقت رتقها سيبعث رزق الشفاه الغراث و خمص البطون الذى شقها فما فارقت مهجه جسمها لعمرك او وفيت رزقها مواعيد ربك مصدوقه اذا غيرها ففقدت صدقها

حکمت 399

الشرح:

لا بد ان يكون للبارى ء تعالى فى ايداع العقل قلب زيد مثلا غرض، و لا غرض الا ان يستدل به على ما فيه نجاته و خلاصه، و ذلك هو التكليف، فان قصر فى النظر و جهل و اخطا الصواب فلا بد ان ينقذه عقله من ورطه من ورطات الدنيا، و ليس يخلو احد عن ذلك اصلا، لان كل عاقل لا بد ان يتخلص من مضره سبيلها ان تنال باعمال فكرته و عقله فى الخلاص منها، فالحاصل ان العقل اما ان ينقذ الانقاذ الدينى، و هو الفلاح و النجاح على الحقيقه، او ينقذ من بعض مهالك الدنيا و آفاتها، و على كل حال فقد صح قول اميرالمومنين (ع)، و قد رويت هذه الكلمه مرفوعه، و رويت: (الا استنفذه به يوما ما).

و عنه (ص): (العقل نور فى القلب يفرق به بين الحق و الباطل).

و عن انس قال: سئل رسول الله (ص) عن الرجل يكون حسن العقل كثير الذنوب، فقال: ما من بشر الا و له ذنوب و خطايا يقترفها، فمن كانت سجيته العقل، و غريزته اليقين، لم تضره ذنوبه، قيل: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال: كلما اخطا لم يلبث ان يتدارك ذلك بتوبه و ندامه على ما فرط منه، فيمحو ذنوبه، و يبقى له فضل يدخل به الجنه.

(نكت فى مدح العقل و ما قيل فيه) و قد تقدم من قولنا فى العقل و ما ذكر فيه ما فيه كف
ايه، و نحن نذكر هاهنا شيئا آخر: كان يقال: العاقل يروى ثم يروى و يخبر ثم يخبر.

و قال عبدالله بن المعتز: ما ابين وجوه الخير و الشر فى مرآه العقل! لقمان: يا بنى، شاور من جرب الامور فانه يعطيك من رايه ما قام عليه بالغلاء و تاخذه انت بالمجان.

اردشير بن بابك: اربعه تحتاج الى اربعه: الحسب الى الادب، و السرور الى الامن، و القرابه الى الموده، و العقل الى التجربه.

الاسكندر: لا تحتقر الراى الجزيل من الحقير، فان الدره لايستهان بها لهوان غائصها.

مسلمه بن عبدالملك: ما ابتدات امرا قط بحزم فرجعت على نفسى بلائمه، و ان كانت العاقبه على، و لا اضعت الحزم فسررت و ان كانت العاقبه لى.

وصف رجل عضدالدوله بن بويه، فقال: لو رايته لرايت رجلا له وجه فيه الف عين، و فم فيه الف لسان، و صدر فيه الف قلب.

اثنى قوم من الصحابه على رجل عند رسول الله (ص) بالصلاه و العباده و خصال الخير حتى بالغوا، فقال (ص): كيف عقله؟ قالوا: يا رسول الله نخبرك باجتهاده فى العباده و ضروب الخير، و تسال عن عقله! فقال: ان الاحمق ليصيب بحمقه اعظم مما يصيبه الفاجر بفجوره، و انما ترتفع العباد غدا فى درجاتهم، و ينالون من الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.

الريحانى: العقل ملك،
و الخصال رعيته، فاذا ضعف عن القيام عليها، وصل الخلل اليها.

و سمع هذا الكلام اعرابى فقال: هذا كلام يقطر عسله.

قال معن بن زائده: ما رايت قفا رجل الا عرفت عقله، قيل: فان رايت وجهه؟ قال: ذا كتاب يقرا.

بعض الفلاسفه: عقل الغريزه مسلم الى عقل التجربه.

بعضهم: كل شى ء اذا كثر رخص الا العقل، فانه اذا كثر غلا.

قالوا فى قوله تعالى: (لينذر من كان حيا)، اى من كان عاقلا.

و من كلامهم: العاقل بخشونه العيش مع العقلاء آنس منه بلين العيش مع السفهاء.

اعرابى: لو صور العقل اظلمت معه الشمس، و لو صور الحمق لاضاء معه الليل.

قيل لحكيم: متى عقلت؟ قال: حين ولدت، فانكروا ذلك، فقال: اما انا فقد بكيت حين جعت، و طلبت الثدى حين احتجت، و سكت حين اعطيت، يريد ان من عرف مقادير حاجته فهو عاقل.

المامون: اذا انكرت من عقلك شيئا فاقدحه بعاقل.

بزرجمهر: العاقل الحازم اذا اشكل عليه الراى بمنزله من اضل لولوه فجمع ما حول مسقطها من التراب، ثم التمسها حتى وجدها، و كذلك العاقل يجمع وجوه الراى فى الامر المشكل، ثم يضرب بعضها فى بعض حتى يستخلص الراى الاصوب.

كان يقال: هجين عاقل خير من هجان جاهل.

كان بعضهم اذا استشير قال لمشاوره: انظرنى حتى اصقل عقلى بنومه.

اذا ن
زلت المقادير، نزلت التدابير.

من نظر فى المغاب، ظفر بالمحاب.

من استدت عزائمه اشتدت دعائمه.

الراى السديد، اجدى من الايد الشديد.

بعضهم: ما الف مطرور السنان مشدد يعارض يوم الروع رايا مسددا ابوالطيب: الراى قبل شجاعه الشجعان هو اول وهى المحل الثانى فاذا هما اجتمعا لنفس حره بلغت من العلياء كل مكان و لربما طعن الفتى اقرانه بالراى قبل تطاعن الاقران لو لا العقول لكان ادنى ضيغم ادنى الى شرف من الانسان و لما تفاضلت النفوس و دبرت ايدى الكماه عوالى المران ذكر المامون ولد على (ع)، فقال: خصوا بتدبير الاخره، و حرموا تدبير الدنيا.

كان يقال: اذا كان الهوى مقهورا تحت يد العقل، و العقل مسلط عليه، صرفت مساوى ء صاحبه الى المحاسن، فعدت بلادته حلما، و حدته ذكاء، و حذره بلاغه، وعيه صمتا، و جبنه حذرا، و اسرافه جودا.

و ذكر هذا الكلام عند بعضهم فقال: هذه خصيصه الحظ نقلها مرتب هذا الكلام الى العقل.

سمع محمد بن يزداد كاتب المامون قول الشاعر: اذا كنت ذا راى فكن ذا عزيمه فان فساد الراى ان تترددا فاضاف اليه: و ان كنت ذا عزم فانفذه عاجلا فان فساد العزم ام يتفندا

حکمت 400

الشرح:

هذا مثل قوله فى موضع آخر: من ابدى صفحته للحق هلك، و نحو هذا قول الطائى: و من قامر الايام عن ثمراتها فاحج بها ان تنجلى و لها القمر

حکمت 401

الشرح:

هذا مثل قول الشاعر: تخبرنى العينان ما القلب كاتم و ما جن بالبغضاء و النظر الشزر يقول (ع): كما ان الانسان اذا نظر فى المصحف قرا ما فيه، كذلك اذا ابصر الانسان صاحبه فانه يرى قلبه بوساطه رويه وجهه، ثم يعلم ما فى قلبه من حب و بغض و غيرهما، كما يعلم برويه الخط الذى فى المصحف ما يدل الخط عليه.

و قال الشاعر: ان العيون لتبدى فى تقلبها ما فى الضمائر من ود و من حنق

حکمت 402

الشرح:

يعنى رئيس الاخلاق الدينيه، لان الاخلاق الحميده كالجود و الشجاعه و الحلم و العفه و غير ذلك، لو قدرنا انتفاء التكاليف العقليه و الشرعيه، لم يكن التقى رئيسا لها، و انما رياسه التقى لها مع ثبوت التكليف، لا سيما الشرعى.

و التقى فى الشرع هو الورع و الخوف من الله، و اذا حصل حصلت الطاعات كلها، و انتفت القبائح كلها، فصار الانسان معصوما، و تلك طبقه عاليه، و هى اشرف من جميع الطبقات التى يمدح بها الانسان، نحو قولنا: جواد او شجاع او نحوهما، لانها طبقه ينتقل الانسان منها الى الجنه و دار الثوات الدائم، و هذه مزيه عظيمه يفضل بها على سائر طبقات الاخلاق.

حکمت 403

الشرح:

يقول: لا شبهه ان الله تعالى هو الذى انطقك، و سدد لفظك، و علمك البيان كما قال سبحانه: (خلق الانسان علمه البيان)، فقبيح ان يجعل الانسان ذرب لسانه و فصاحه منطقه على من انطقه و اقدره على العباده، و قبيح ان يجعل الانسان بلاغه قوله على من سدد قوله، و جعله بليغا حسن التعبير على المعانى التى فى نفسه، و هذا كمن ينعم على انسان بسيف فانه يقبح منه ان يقتله بذلك السيف ظلما قبحا زائدا على ما لو قتله بغير ذلك السيف، و ما احسن قول المتنبى فى سيف الدوله: و لما كسا كعبا ثيابا طغوا بها رمى كل ثوب من سنان بخارق و ما يوجع الحرمان من كف حازم كما يوجع الحرمان من كف رازق

حکمت 404

الشرح:

قد قال (ع) هذا اللفظ او نحوه مرارا، و قد تكلمنا نحن عليه، و ذكرنا نظائر له كثيره نثرا و نظما.

و كتب بعض الكتاب الى بعض الملوك فى حال اقتضت ذلك: ما على ذا افترقنا بشبذان اذ كنا و لا هكذا عهدنا الاخاء تضرب الناس بالمهنده الب يض على غدرهم و تنسى الوفاء

/ 614