خطبه 126-درباره تقسيم بيت المال
الشرح:
اصل (تامرونى): تامروننى بنونين، فاسكن الاولى و ادغم، قال تعالى: (افغير الله تامرونى اعبد ايها الجاهلون).و لا اطور به: لا اقربه و لاتطر حولنا، اى لا تقرب ما حولنا، و اصله من طوار الدار، و هو ما كان ممتدا معها من الفناء.و قوله: (ما سمر سمير) يعنى الدهر، اى ما اقام الدهر و ما بقى، و الاشهر فى المثل: (ما سمر ابنا سمير)، قالوا: السمير الدهر، و ابناه الليل و النهار.و قيل: ابنا سمير الليل و النهار، لانه يسمر فيهما، و يقولون: لا افعله السمر و القمر، اى ما دام الناس يسمرون فى ليله قمراء و لاافعله سمير الليالى، اى ابدا، قال الشنفرى: هنالك لاارجو حياه تسرنى سمير الليالى مبسلا بالجرائر قوله: (و ما ام نجم فى السماء نجما)، اى قصد و تقدم، لان النجوم تتبع بعضها، بعضا فلا بد من تقدم و تاخر، فلا يزال النجم يقصد نجما غيره، و لا يزال النجم يتقدم نجما غيره.و الخدين: الصديق، يقول (ع): كيف تامروننى ان اطلب النصر من الله بان اجور على قوم وليت عليهم! يعنى الذين لا سوابق لهم و لاشرف، و كان عمر ينقصهم فى العطاء عن غيرهم.ثم قال (ع): لو كان المال لى و انا افرقه بينهم لسويت، فكيف و انما هو مال الله و فيئه!ثم ذكر ان اعطاء المال فى غير حقه تبذير و اسراف، و قد نهى الله عنه و انه يرفع صاحبه عند الناس، و يضعه عند الله، و انه لم يسلك احد هذه المسلك الا حرمه الله ود الذين يتحبب اليهم بالمال، و لو احتاج اليهم يوما عند عثره يعثرها لم يجدهم.و اعلم ان هذه مساله فقهيه و راى على (ع) و ابى بكر فيها واحد، و هو التسويه بين المسلمين فى قسمه الفى ء و الصدقات، و الى هذا ذهب الشافعى رحمه الله، و اما عمر فانه لما ولى الخلافه فضل بعض، الناس على بعض، ففضل السابقين على غيرهم، و فضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، و فضل المهاجرين كافه على الانصار كافه، و فضل العرب على العجم، و فضل الصريح على المولى، و قد كان اشار على ابى بكر ايام خلافته بذلك، فلم يقبل، و قال: ان لم يفضل احد، على احد، ولكنه قال: (انما الصدقات للفقراء و المساكين)، و لم يخص قوما دون قوم، فلما افضت اليه الخلافه عمل بما كان اشار به اولا.و قد ذهب كثير من فقهاء المسلمين الى قوله، و المساله محل اجتهاد، و للامام ان يعمل بما يوديه اليه اجتهاده، و ان كان اتباع على (ع) عندنا اولى، لا سيما اذا عضده موافقه ابى بكر على المساله، و ان صح الخبر ان رسول الله (ص) سوى، فقد صارت المساله منصوصا عليها، لان فعله (ع) كقوله.