خطبه 239-در ذكر آل محمد - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خطبه 239-در ذكر آل محمد

الشرح:

يقول: بهم يحيا العلم و يموت الجهل، فسماهم حياه ذاك، و موت هذا، نظرا الى السببيه، يدلكم حلمهم و صفحهم عن الذنوب على علمهم و فضائلهم، و يدلكم ما ظهر منهم من الافعال الحسنه على ما بطن من اخلاصهم، و يدلكم صمتهم و سكوتهم عما لايعنيهم، عن حكمه منطقهم.

و يروى: (و يدلكم صمتهم على منطقهم)، و ليس فى هذه الروايه لفظه (حكم).

لايخالفون الحق: لايعدلون عنه، و لايختلفون فيه كما يختلف غيرهم من الفرق و ارباب المذاهب، فمنهم من له فى المساله قولان و اكثر، و منهم من يقول قولا ثم يرجع عنه، و منهم من يرى فى اصول الدين رايا ثم ينفيه و يتركه.

و دعائم الاسلام: اركانه.

و الولائج: جمع وليجه، و هى الموضع يدخل اليه و يستتر فيه، و يعتصم به.

و عاد الحق الى نصابه: رجع الى مستقره و موضعه: و انزاح الباطل: زال.

و انقطع لسانه: انقطع حجته.

عقلوا الدين عقل رعايه، اى عرفوا الدين و علموه معرفه من وعى الشى ء و فهمه و اتقنه.

و وعايه، اى وعوا الدين و حفظوه و حاطوه، ليس كما يعقله غيرهم عن سماع و روايه، فان من يروى العلم و يسنده الى الرجال و ياخذه من افواه الناس كثير، و من يحفظ العلم حفظ فهم و ادراك اصاله لا تقليدا قليل.

نامه ها

نامه 001-به مردم كوفه

الشرح:

قوله: (جبهه الانصار)، يمكن ان يريد جماعه الانصار، فان الجبهه فى اللغه الجماعه و يمكن ان يريد به ساده الانصار و اشرافهم، لان جبهه الانسان اعلى اعضائه، و ليس يريد بالانصار هاهنا بنى قيله، بل الانصار هاهنا الاعوان.

قوله (ع): (و سنام العرب)، اى اهل الرفعه و العلو منهم، لان السنام اعلى اعضاء البعير.

قوله (ع): (اكثر استعتابه و اقل عتابه)، الاستعتاب: طلب العتبى، و هى الرضا، قال: كنت اكثر طلب رضاه، و اقل عتابه و تعنيفه على الامور، و اما طلحه و الزبير فكانا شديدين عليه.

و الوجيف: سير سريع، و هذا مثل للمشمرين فى الطعن عليه، حتى ان السير السريع ابطا ما يسيران فى امره، و الحداء العنيف ارفق ما يحرضان به عليه.

و دارالهجره: المدينه.

و قوله: (قد قلعت باهلها و قعلوا بها)، الباء هاهنا زائده فى احد الموضعين، و هو الاول، و بمعنى (من) فى الثانى، يقول: فارقت اهلها و فارقوها، و منه قولهم: (هذا منزل قلعه) اى ليس بمستوطن.

و جاشت: اضطربت.

و المرجل القدر.

و من لطيف الكلام قوله (ع): (فكنت رجلا من المهاجرين)، فان فى ذلك من التخلص و التبرى ما لايخفى على المتامل، الا ترى انه لم يبق عليه فى ذلك حجه لطاعن، حيث كان قد جع
ل نفسه كواحد من عرض المهاجرين، الذين بنفر يسير منهم انعقدت خلافه ابى بكر، و هم اهل الحل و العقد، و انما كان الاجماع حجه لدخولهم فيه.

و من لطيف الكلام ايضا قوله: (فاتيح له قوم قتلوه) و لم يقل: (اتاح الله له قوما)، و لا قال: (اتاح له الشيطان قوما)، و جعل الامر مبهما.

و قد ذكر ان خط الرضى رحمه الله (مستكرهين) بكسر الراء، و الفتح احسن و اصوب، و ان كان قد جاء: استكرهت الشى ء بمعنى كرهته.

و قال الراوندى: المراد بدار الهجره هاهنا الكوفه التى هاجر اميرالمومنين (ع) اليها، و ليس بصحيح، بل المراد المدينه، و سياق الكلام يقتضى ذلك، و لانه كان حين كتب هذا الكتاب الى اهل الكوفه بعيدا عنهم، فكيف يكتب اليهم يخبرهم عن انفسهم.

(اخبار على عند مسيره الى البصره و رسله الى اهل الكوفه) و روى محمد بن اسحاق عن عمه عبدالرحمن بن يسار القرشى، قال: لما نزل على (ع) الربذه متوجها الى البصره بعث الى الكوفه محمد بن جعفر بن ابى طالب و محمد بن ابى بكر الصديق، و كتب اليهم هذا الكتاب، و زاد فى آخره: فحسبى بكم اخوانا، و للدين انصارا، ف (انفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا باموالكم و انفسكم فى سبيل الله ذلك خير لكم ان كنتم تعلمون).

و روى ابومخنف، قا
ل: حدثنى الصقعب، قال: سمعت عبدالله بن جناده يحدث ان عليا (ع) لما نزل الربذه بعث هاشم بن عتبه بن ابى وقاص الى ابى موسى الاشعرى، و هو الامير يومئذ على الكوفه، لينفر اليه الناس، و كتب اليه معه: من عبدالله على اميرالمومنين الى عبدالله بن قيس.

اما بعد، فانى قد بعثت اليك هاشم بن عتبه لتشخص الى من قبلك من المسلمين ليتوجهوا الى قوم نكثوا بيعتى، و قتلوا شيعنى، و احدثوا فى الاسلام هذا الحدث العظيم، فاشخص بالناس الى معه حين يقدم عليك، فانى لم اولك المصر الذى انت فيه، و لم اقرك عليه الا لتكون من اعوانى على الحق، و انصارى على هذا الامر، والسلام.

فاما روايه محمد بن اسحاق فانه قال: لما قدم محمد بن جعفر و محمد بن ابى بكر الكوفه، استنفرا الناس، فدخل قوم منهم على ابى موسى ليلا، فقالوا له: اشر علينا برايك فى الخروج مع هذين الرجلين الى على (ع)، فقال: اما سبيل الاخره فالزموا بيوتكم، و اما سبيل الدنيا فاشخصوا معهما.

فمنع بذلك اهل الكوفه من الخروج.

و بلغ ذلك المحمدين، فاغلظا لابى موسى، فقال ابوموسى: و الله ان بيعه عثمان لفى عنق على و عنقى و اعناقكما، و لو اردنا قتالا ما كنا لنبدا باحد قبل قتله عثمان.

فخرجا من عنده، فلحقا بعلى (ع)،
فاخبراه الخبر.

و اما روايه ابى مخنف، فانه قال: ان هاشم بن عتبه لما قدم الكوفه، دعا ابوموسى السائب بن مالك الاشعرى، فاستشاره، فقال: اتبع ما كتب به اليك.

فابى ذلك و حبس الكتاب، و بعث الى هاشم يتوعده و يخوفه.

قال السائب: فاتيت هاشما فاخبرته براى ابى موسى، فكتب الى على (ع): لعبدالله على اميرالمومنين من هاشم بن عتبه.

اما بعد يا اميرالمومنين، فانى قدمت بكتابك على امرى ء مشاق بعيد الود، ظاهر الغل و الشنان، فتهددنى بالسجن، و خوفنى بالقتل، و قد كتبت اليك هذا الكتاب مع المحل بن خليفه، اخى طى ء، و هو من شيعتك و انصارك، و عنده علم ما قبلنا، فاساله عما بدا لك، و اكتب الى برايك والسلام.

قال: فلما قدم المحل بكتاب هاشم على على (ع) سلم عليه، ثم قال: الحمد لله الذى ادى الحق الى اهله، و وضعه موضعه، فكره ذلك قوم قد و الله كرهوا نبوه محمد (ص)، ثم بارزوه و جاهدوه، فرد الله عليهم كيدهم فى نحورهم، و جعل دائره السوء عليهم.

و الله يا اميرالمومنين لنجاهدنهم معك فى كل موطن، حفظا لرسول الله (ص) فى اهل بيته، اذ صاروا اعداء لهم بعده.

فرحب به على (ع)، و قال له خيرا، ثم اجلسه الى جانبه، و قرا كتاب هاشم، و ساله عن الناس و عن ابى موسى، فقال: و الله يا اميرالمومنين، ما اثق به و لاآمنه على خلافك، ان وجد من يساعده على ذلك.

فقال على (ع): و الله ما كان عندى بموتمن و لا ناصح، و لقد اردت عزله فاتانى الاشتر، فسالنى ان اقره، و ذكر ان اهل الكوفه به راضون فاقررته.

و روى ابومخنف، قال: و بعث على (ع) من الربذه بعد وصول المحل بن خليفه، اخى طى ء، عبدالله بن عباس و محمد بن ابى بكر الى ابى موسى، و كتب معهما: من عبدالله على اميرالمومنين الى عبدالله بن قيس، اما بعد يابن الحائك، يا عاض اير ابيه، فو الله انى كنت لارى ان بعدك من هذا الامر الذى لم يجعلك الله له اهلا، و لاجعل لك فيه نصيبا، سيمنعك من رد امرى و الانتزاء على.

و قد بعثت اليك ابن عباس و ابن ابى بكر فخلهما و المصر و اهله، و اعتزل عملنا مذئوما مدحورا.

فان فعلت و الا فانى قد امرتهما ان ينابذاك على سواء، ان الله لايهدى كيد الخائنين.

فاذا ظهرا عليك قطعاك اربا اربا، و السلام على من شكر النعمه، و وفى بالبيعه، و عمل برجاء العاقبه.

قال ابومخنف: فلما ابطا ابن عباس و ابن ابى بكر عن على (ع)، و لم يدر ما صنعا، رحل عن الربذه الى ذى قار فنزلها، فلما نزل ذا قار، بعث الى الكوفه الحسن ابنه (ع) و عمار بن ياسر و زيد بن صوحان و ق
يس بن سعد بن عباده، و معهم كتاب الى اهل الكوفه، فاقبلوا حتى كانوا بالقادسيه، فتلقاهم الناس، فلما دخلوا الكوفه قرئوا كتاب على، و هو من عبدالله على اميرالمومنين، الى من بالكوفه من المسلمين: اما بعد، فانى خرجت مخرجى هذا، اما ظالما، و اما مظلوما، و اما باغيا، و اما مبغيا على، فانشد الله رجلا بلغه كتابى هذا الا نفر الى، فان كنت مظلوما اعاننى، و ان كنت ظالما استعتبنى.

والسلام.

قال ابومخنف: فحدثنى موسى بن عبدالرحمن بن ابى ليلى، عن ابيه، قال: اقبلنا مع الحسن و عمار بن ياسر من ذقار، حتى نزلنا القادسيه، فنزل الحسن و عمار، و نزلنا معهما، فاحتبى عمار بحمائل سيفه، ثم جعل يسال الناس عن اهل الكوفه و عن حالهم، ثم سمعته يقول: ما تركت فى نفسى حزه اهم الى من الا نكون نبشنا عثمان من قبره، ثم احرقناه بالنار.

قال: فلما دخل الحسن و عمار الكوفه، اجتمع اليهما الناس، فقام الحسن، فاستنفر الناس، فحمد الله و صلى على رسوله، ثم قال: ايها الناس، انا جئنا ندعوكم الى الله و الى كتابه و سنه رسوله، و الى افقه من تفقه من المسلمين، و اعدل من تعدلون، و افضل من تفضلون، و اوفى من تبايعون، من لم يعبه القرآن، و لم تجهله السنه و لم تقعد به السابقه، ال
ى من قربه الله تعالى الى رسوله قرابتين: قرابه الدين و قرابه الرحم، الى من سبق الناس الى كل ماثره، الى من كفى الله به رسوله و الناس متخاذلون، فقرب منه و هم متباعدون، و صلى معه و هم مشركون، و قاتل معه و هم منهزمون، و بارز معهم و هم محجمون، و صدقه و هم يكذبون.

الى من لم ترد له روايه و لاتكفا له سابقه، و هو يسالكم النصر، و يدعوكم الى الحق، و يامركم بالمسير اليه، لتوازروه و تنصروه على قوم نكثوا بيعته، و قتلوا اهل الصلاح من اصحابه، و مثلوا بعماله، و انتهبوا بيت ماله.

فاشخصوا اليه رحمكم الله، فمروا بالمعروف و انهوا عن المنكر، و احضروا بما يحضر به الصالحون.

قال ابومخنف: حدثنى جابر بن يزيد، قال: حدثنى تميم بن حذيم الناجى، قال: قدم علينا الحسن بن على (ع) و عمار بن ياسر، يستنفران الناس الى على (ع)، و معهما كتابه، فلما فرغا من قرائه كتابه، قام الحسن- و هو فتى حدث، و الله انى لارثى له من حداثه سنه و صعوبه مقامه- فرماه الناس بابصارهم و هم يقولون: اللهم سدد منطق ابن بنت نبينا! فوضع يده على عمود يتساند اليه، و كان عليلا من شكوى به، فقال: الحمد لله العزيز الجبار، الواحد القهار، الكبير المتعال، (سواء منكم من اسر القول و من جه
ر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار).

احمده على حسن البلاء، و تظاهر النعماء، و على ما احببنا و كرهنا من شده و رخاء.

و اشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له، و ان محمدا عبده و رسوله، امتن علينا بنبوته، و اختصه برسالته، و انزل عليه وحيه، و اصطفاه على جميع خلقه، و ارسله الى الانس و الجن، حين عبدت الاوثان و اطيع الشيطان، و جحد الرحمن، فصلى الله عليه و على آله و جزاه افضل ما جزى المسلمين.

اما بعد فانى لااقول لكم الا ما تعرفون، ان اميرالمومنين على بن ابى طالب- ارشد الله امره، و اعز نصره- بعثنى اليكم يدعوكم الى الصواب، و الى العمل بالكتاب، و الجهاد فى سبيل الله، و ان كان فى عاجل ذلك ما تكرهون، فان فى آجله ما تحبون ان شاء الله.

و لقد علمتم ان عليا صلى مع رسول الله (ص) وحده، و انه يوم صدق به لفى عاشره من سنه، ثم شهد مع رسول الله (ص) جميع مشاهده.

و كان من اجتهاده فى مرضاه الله و طاعه رسوله و آثاره الحسنه فى الاسلام ما قد بلغكم، و لم يزل رسول الله (ص) راضيا عنه، حتى غمضه بيده و غسله وحده، و الملائكه اعوانه، و الفضل ابن عمه ينقل اليه الماء، ثم ادخله حفرته، و اوصاه بقضاء دينه و عداته، و غير ذلك من اموره، كل ذلك من م
ن الله عليه.

ثم و الله ما دعا الى نفسه، و لقد تداك الناس عليه تداك الابل الهيم عند ورودها فبايعوه طائعين، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث احدثه، و لاخلاف اتاه حسدا له و بغيا عليه.

فعليكم عباد الله بتقوى الله و طاعته، و الجد و الصبر و الاستعانه بالله و الخفوف الى ما دعاكم اليه اميرالمومنين.

عصمنا الله و اياكم بما عصم به اوليائه و اهل طاعته، و الهمنا و اياكم تقواه، و اعاننا و اياكم على جهاد اعدائه.

و استغفر الله العظيم لى و لكم.

ثم مضى الى الرحبه، فهيا منزلا لابيه اميرالمومنين.

قال جابر: فقلت لتميم: كيف اطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه؟ فقال و لما سقط عنى من قوله اكثر، و لقد حفظت بعض ما سمعت.

قال: و لما نزل على (ع) ذا قار، كتبت عائشه الى حفصه بنت عمر: اما بعد، فانى اخبرك ان عليا قد نزل ذا قار، و اقام بها مرعوبا خائفا لما بلغه من عدتنا و جماعتنا، فهو بمنزله الاشقر، ان تقدم عقر و ان تاخر نحر، فدعت حفصه جوارى لها يتغنين و يضربن بالدفوف، فامرتهن ان يقلن فى غنائهن: ما الخبر ما الخبر، على فى السفر، كالفرس الاشقر، ان تقدم عقر، و ان تاخر نحر.

و جعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصه، و يجتمعن لسماع ذلك الغناء.

فبلغ ام كلثوم
بنت على (ع)، فلبست جلابيبها، و دخلت عليهن فى نسوه متنكرات، ثم اسفرت عن وجهها، فلما عرفتها حفصه خجلت، و استرجعت، فقالت ام كلثوم: لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم، لقد تظاهرتما على اخيه من قبل، فانزل الله فيكما ما انزل! فقالت حفصه: كفى رحمك الله! و امرت بالكتاب فمزق، و استغفرت الله.

قال ابومخنف: روى هذا جرير بن يزيد، عن الحكم، و رواه الحسن بن دينار، عن الحسن البصرى.

و ذكر الواقدى مثل ذلك، و ذكر المدائنى ايضا مثله قال: فقال سهل بن حنيف فى ذلك هذه الاشعار.

عذرنا الرجال بحرب الرجال فما للنساء و ما للسباب! ا ما حسبنا ما اتينابه! لك الخير من هتك ذاك الحجاب و مخرجها اليوم من بيتها يعرفها الذنب نبح الكلاب الى ان اتانا كتاب لها مشوم فيا قبح ذاك الكتاب! قال: فحدثنا الكلبى، عن ابى صالح ان عليا (ع)، لما نزل ذا قار فى قله من عسكره، صعد الزبير منبر البصره، فقال: الا الف فارس اسير بهم الى على، فابيته بياتا، و اصبحه صباحا، قبل ان ياتيه المدد! فلم يجبه احد، فنزل واجما، و قال: هذه و الله الفتنه التى كنا نحدث بها! فقال له بعض مواليه: رحمك الله يا ابا عبدالله! تسميها فتنه ثم نقاتل فيها! فقال: ويحك! و الله انا لنبصر ثم
لانصبر.

فاسترجع المولى ثم خرج فى الليل فارا الى على (ع) فاخبره، فقال: اللهم عليك به! قال ابومخنف: و لما فرغ الحسن بن على (ع) من خطبته، قام بعده عمار، فحمد الله و اثنى عليه، و صلى على رسوله ثم قال: ايها الناس، اخو نبيكم و ابن عمه يستنفركم لنصر دين الله، و قد بلاكم الله بحق دينكم، و حرمه امكم، فحق دينكم اوجب، و حرمته اعظم.

ايها الناس، عليكم بامام لايودب و فقيه لايعلم، و صاحب باس لاينكل، و ذى سابقه فى الاسلام ليست لاحد، و انكم لو قد حضرتموه بين لكم امركم ان شاء الله.

قال: فلما سمع موسى خطبه الحسن و عمار، قام فصعد المنبر، و قال: الحمد لله الذى اكرمنا بمحمد، فجمعنا بعد الفرقه، و جعلنا اخوانا متحابين بعد العداوه، و حرم علينا دمائنا و اموالنا، قال الله سبحانه: (و لاتاكلوا اموالكم بينكم بالباطل).

و قال تعالى: (و من يقتل مومنا متعمدا فجزاوه جهنم خالدا فيها).

فاتقوا الله، عباد الله، و ضعوا اسلحتكم، و كفوا عن قتال اخوانكم.

اما بعد يا اهل الكوفه، ان تطيعوا الله باديا، و تطيعونى ثانيا، تكونوا جرثومه من جراثيم العرب، ياوى اليكم المضطر، و يامن فيكم الخائف.

ان عليا انما يستنفركم لجهاد امكم عائشه و طلحه و الزبير حوارى رسول ا
لله و من معهم من المسلمين، و انا اعلم بهذه الفتن انها اذا اقبلت شبهت، و اذا ادبرت اسفرت، انى اخاف عليكم ان يلتقى غاران منكم فيقتتلا ثم يتركا كالا حلاس الملقاه بنجوه من الارض، ثم يبقى رجرجه من الناس، لايامرون بالمعروف، و لاينهون عن منكر.

انها قد جائتكم فتنه كافره لايدرى من اين توتى! تترك الحليم حيران! كانى اسمع رسول الله (ص) بالامس يذكر الفتن، فيقول: (انت فيها نائما خير منك قاعدا، و انت فيها جالسا خير منك قائما، و انت فيها قائما خير منك ساعيا) فثلموا سيوفكم و قصفوا رماحكم، و انصلوا سهامكم، و قطعوا اوتاركم، و خلوا قريشا ترتق فتقها، و تراب صدعها، فان فعلت فلا نفسها ما فعلت، و ان ابت فعلى انفسها ما جنت، سمنها فى اديمها.

استنصحونى و لاتستغشونى، و اطيعونى و لاتعصونى، يتبين لكم رشد كم، و يصلى هذه الفتنه من جناها.

فقام اليه عمار بن ياسر، فقال: انت سمعت رسول الله (ص) يقول ذلك! قال: نعم هذه يدى بما قلت، فقال: ان كنت صادقا فانما عناك بذلك وحدك، و اتخذ عليك الحجه، فالزم بيتك و لا تدخلن فى الفتنه، اما انى اشهد ان رسول الله (ص) امر عليا بقتال الناكثين، و سمى له فيهم من سمى، و امره بقتال القاسطين، و ان شئت لاقيمن لك شهودا ي
شهدون ان رسول الله (ص) انما نهاك وحدك، و حذرك من الدخول فى الفتنه.

ثم قال له: اعطنى يدك على ما سمعت.

فمد اليه يده، فقال له عمار: غلب الله من غالبه و جاهده! ثم جذبه فنزل عن المنبر.

و روى محمد بن جرير الطبرى فى "التاريخ" قال: لما اتى عليا (ع) الخبر و هو بالمدينه بامر عائشه و طلحه و الزبير، و انهم قد توجهوا نحو العراق، خرج يبادر، و هو يرجو ان يدركهم و يردهم، فلما انتهى الى الربذه اتاه عنهم انهم قد امعنوا، فاقام بالربذه اياما، و اتاه عنهم انهم يريدون البصره، فسر بذلك، و قال: ان اهل الكوفه اشد لى حبا، و فيهم روساء العرب و اعلامهم.

فكتب اليهم: انى قد اخترتكم على الامصار، و انى بالاثر.

قال ابوجعفر محمد بن جرير رحمه الله: كتب على (ع) من الربذه الى اهل الكوفه: اما بعد، فانى قد اخترتكم، و آثرت النزول بين اظهركم، لما اعرف من مودتكم و حبكم لله و رسوله، فمن جائنى و نصرنى فقد اجاب الحق، و قضى الذى عليه.

قال ابوجعفر: فاول من بعثه على (ع) من الربذه الى الكوفه محمد بن ابى بكر و محمد بن جعفر، فجاء اهل الكوفه الى ابى موسى، و هو الامير عليهم ليستشيروه فى الخروج الى على بن ابى طالب (ع)، فقال لهم: اما سبيل الاخره فان تقعدوا، و ام
ا سبيل الدنيا فان تخرجوا.

و بلغ المحمدين قول ابى موسى الاشعرى، فاتياه و اغلظا له، فاغلظ لهما، و قال: لايحل لك القتال مع على حتى لايبقى احد من قتله عثمان الا قتل حيث كان.

و قالت اخت على بن عدى، من بنى عبد العزى بن عبدشمس، و كان اخوها على بن عدى من شيعه على (ع)، و فى جمله عسكره: لاهم فاعقر بعلى جمله و لا تبارك فى بعير حمله الا على بن عدى ليس له قال ابوجعفر: ثم اجمع على (ع) على المسير من الربذه الى البصره، فقام اليه رفاعه بن رافع، فقال: يا اميرالمومنين، اى شى ء تريد؟ و اين تذهب بنا؟ قال: اما الذى نريد و ننوى فاصلاح، ان قبلوا منا و اجابوا اليه، قال، فان لم يقبلوا، قال: ندعوهم و نعطيهم من الحق ما نرجو ان يرضوا به، قال: فان لم يرضوا! قال: ندعهم ما تركونا: قال: فان لم يتركونا، قال: نمتنع منهم، قال: فنعم اذا.

و قام الحجاج بن غزيه الانصارى، فقال: و الله يا اميرالمومنين لارضينك بالفعل، كما ارضيتنى منذ اليوم بالقول.

ثم قال: دراكها دراكها قبل الفوت و انفر بنا و اسم بنا نحو الصوت لا والت نفسى ان خفت الموت و لله لننصرن الله عز و جل كما سمانا انصارا.

قال ابوجعفر رحمه: الله و سار على (ع) نحو البصره، و رايته مع ا
بنه محمد ابن الحنفيه، و على ميمنته عبدالله بن عباس، و على ميسرته عمر بن ابى سلمه، و على (ع) فى القلب على ناقه حمراء، يقود فرسا كميتا.

فتلقاه بفيد غلام من بنى سعد بن ثعلبه، يدعى مره، فقال: من هولائ؟ قيل: هذا اميرالمومنين، فقال: سفره قانيه، فيها دماء من نفوس فانيه.

فسمعها على (ع) فدعاه، فقال: ما اسمك؟ قال: مره، قال امر الله عيشك! اكاهن سائر اليوم؟ قال: بل عائف، فخلى سبيله.

و نزل بفيد فاتته اسد وطيى ء، فعرضوا عليه انفسهم، فقال: الزموا قراركم، ففى المهاجرين كفايه.

و قدم رجل من الكوفه فيدا، فاتى عليا (ع)، فقال له: من الرجل؟ قال: عامر بن مطرف، قال: الليثى؟ قال: الشيبانى، قال: اخبرنى عما ورائك؟ قال: ان اردت الصلح فابوموسى صاحبك، و ان اردت القتال فابوموسى ليس لك بصاحب.

فقال (ع): ما اريد الا الصلح الا ان يرد علينا.

قال ابوجعفر: و قدم عليه عثمان بن حنيف، و قد نتف طلحه و الزبير شعر راسه و لحيته و حاجبيه، فقال: يا اميرالمومنين، بعثتنى ذا لحيه، و جئتك امرد، فقال: اصبت خيرا و اجرا.

ثم قال: ايها الناس، ان طلحه و الزبير بايعانى، ثم نكثانى بيعتى، و البا على الناس، و من العجب انقياد هما لابى بكر و عمر و خلافهما على، و الله ان
هما ليعلمان انى لست بدونهما.

اللهم فاحلل ما عقدا، و لاتبرم ما قد احكما فى انفسهما، و ارهما المسائه فيما قد عملا.

قال ابوجعفر: و عاد محمد بن ابى بكر و محمد بن جعفر الى على (ع)، فلقياه و قد انتهى الى ذى قار، فاخبراه الخبر، فقال على (ع) لعبد الله بن العباس: اذهب انت الى الكوفه، فادع ابا موسى الى الطاعه، و حذره من العصيان و الخلاف، و استنفر الناس.

فذهب عبدالله بن عباس حتى قدم الكوفه، فلقى اباموسى، و اجتمع الروساء من اهل الكوفه.

فقام ابوموسى فخطبهم، و قال: ان اصحاب رسول الله (ص)، صحبوه فى مواطن كثيره، فهم اعلم بالله ممن لم يصحبه، و ان لكم على حقا، و انا موديه اليكم، امر الا تستخفوا بسلطان الله، و الا تجترئوا (على الله) ان تاخذوا كل من قدم عليكم من اهل المدينه فى هذا الامر، فتردوه الى المدينه، حتى تجتمع الامه على امام ترتضى به، انها فتنه صماء، النائم فيها خير من اليقظان، و اليقظان خير من القاعد، و القاعد خير من القائم، و القائم خير من الراكب، فكونوا جرثومه من جراثيم العرب، اغمدوا سيوفكم، و انصلوا اسنتكم، و اقطعوا اوتار قسيكم، حتى يلتئم هذا الامر، و تنجلى هذه الفتنه.

قال ابوجعفر رحمه الله: فرجع ابن عباس الى على (ع)
، فاخبره، فدعا الحسن ابنه (ع) و عمار بن ياسر، و ارسلهما الى الكوفه، فلما قدماها كان اول من اتاهما مسروق بن الاجدع، فسلم عليهما، و اقبل على عمار، فقال: يا ابااليقظان، علام قتلتم اميرالمومنين؟ قا: ل على شتم اعراضنا، و ضرب ابشارنا.

قال: فو الله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، و لئن صبرتم لكان خيرا للصابرين.

ثم خرج ابوموسى فلقى الحسن (ع) فضمه اليه، و قال لعمار: يا ابااليقظان، اغدوت فيمن غدا على اميرالمومنين، و احللت نفسك مع الفجار؟ قال: لم افعل، و لم تسوئنى؟ فقطع عليهما الحسن، و قال لابى موسى: يا اباموسى.

لم تثبط الناس عنا، فو الله ما اردنا الا الاصلاح، و ما مثل اميرالمومنين يخاف على شى ء، قال ابوموسى: صدقت بابى! و امى و لكن المستشار موتمن، سمعت رسول الله (ص) يقول: (ستكون فتنه.

) و ذكر تمام الحديث.

فغضب عمار و سائه ذلك، و قال: ايها الناس، انما قال رسول الله (ص) ذلك له خاصه، و قام رجل من بنى تميم فقال لعمار: اسكت ايها العبد! انت امس مع الغوغاء، و تسافه اميرنا اليوم! و ثار زيد بن صوحان و طبقته، فانتصروا لعمار، و جعل ابوموسى يكف الناس و يردعهم عن الفتنه.

ثم انطلق حتى صعد المنبر، و اقبل زيد بن صوحان و معه كتاب من عائشه
اليه خاصه، و كتاب منها الى اهل الكوفه عامه، تثبطهم عن نصره على، و تامرهم بلزوم الارض، و قال: ايها الناس، انظروا الى هذه، امرت ان تقر فى بيتها، و امرنا نحن ان نقاتل، حتى لاتكون فتنه، فامرتنا بما امرت به، و ركبت ما امرنا به، فقام اليه شبث بن ربعى.

فقال له: و ما انت و ذاك ايها العمانى الاحمق! سرقت امس بجلولاء فقطعك الله، و تسب ام المومنين! فقام زيد، و شال يده المقطوعه و اوما بيده الى ابى موسى و هو على المنبر، و قال له: يا عبدالله بن قيس، اترد الفرات عن امواجه! دع عنك ما لست تدركه، ثم قرا: (الم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا...) الايتين، ثم نادى: سيروا الى اميرالمومنين و صراط سيدالمرسلين، و انفروا اليه اجمعين.

و قام الحسن بن على (ع)، فقال: ايها الناس، اجيبوا دعوه امامكم، و سيروا الى اخوانكم، فانه سيوجد لهذا الامر من ينفر اليه، و الله لان يليه اولوا النهى امثل فى العاجله، و خير فى العاقبه، فاجيبوا دعوتنا، و اعينونا على امرنا، اصلحكم الله! و قام عبد خير فقال: يا اباموسى، اخبرنى عن هذين الرجلين، الم يبايعا عليا! قال: بلى، قال: افا حدث على حدثا يحل به نقض بيعته؟ قال: لاادرى، قال: لادريت و لااتيت! اذا كنت لاتدرى
فنحن تاركوك حتى تدرى.

اخبرنى: هل تعلم احدا خارجا عن هذه الفرق الاربع: على بظهر الكوفه، و طلحه و الزبير بالبصره، و معاويه بالشام، و فرقه رابعه بالحجاز قعود لايجبى بهم فى ء، و لايقاتل بهم عدو! فقال ابوموسى: اولئك خير الناس، قال عبد خير: اسكت يا اباموسى، فقد غلب عليك غشك.

قال ابوجعفر: و اتت الاخبار عليا (ع) باختلاف الناس بالكوفه، فقال للاشتر: انت شفعت فى ابى موسى ان اقره على الكوفه، فاذهب فاصلح ما افسدت، فقام الاشتر، فشخص نحو الكوفه، فاقبل حتى دخلها و الناس فى المسجد الاعظم، فجعل لايمر بقبيله الا دعاهم، و قال: اتبعونى الى القصر، حتى وصل القصر، فاقتحمه و ابوموسى يومئذ يخطب الناس على المنبر، و يثبطهم، و عمار يخاطبه، و الحسن (ع) يقول: اعتزل عملنا و تنح عن منبرنا، لا ام لك! قال ابوجعفر: فروى ابومريم الثقفى، قال: و الله انى لفى المسجد يومئذ اذ دخل علينا غلمان ابى موسى يشتدون و يبادرون اباموسى: ايها الامير، هذا الاشتر قد جاء، فدخل القصر، فضربنا و اخرجنا.

فنزل ابوموسى من المنبر، و جاء حتى دخل القصر، فصاح به الاشتر: اخرج من قصرنا لا ام لك، اخرج الله نفسك! فو الله انك لمن المنافقين قديما.

قال: اجلنى هذه العشيه، قال: قد
احلتك، و لاتبيتن فى القصر (الليله).

و دخل الناس ينتهبون متاع ابى موسى، فمنعهم الاشتر، و قال: انى قد اخرجته و عزلته عنكم.

فكف الناس حينئذ عنه.

قال ابوجعفر: فروى الشعبى، عن ابى الطفيل، قال: قال على (ع): ياتيكم من الكوفه اثنا عشر الف رجل و رجل واحد، فو الله لقعدت على نجفه ذى قار، فاحصيتهم واحدا واحدا، فما زادوا رجلا، و لانقصوا رجلا.

(فصل فى نسب عائشه و اخبارها) و ينبغى ان نذكر فى هذا الموضع طرفا من نسب عائشه و اخبارها، و ما يقوله اصحابنا المتكلمون فيها، جريا على عادتنا فى ذكر مثل ذلك كلما مررنا بذكر احد من الصحابه.

اما نسبها، فانها ابنه ابى بكر، و قد ذكرنا نسبه فيما تقدم، و امها ام رومان ابنه عامر بن عويمر بن عبدشمس بن عتاب بن اذينه بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن تميم بن مالك بن كنانه.

تزوجها رسول الله (ص) بمكه قبل الهجره بسنتين- و قيل بثلاث- و هى بنت ست سنين- و قيل بنت سبع سنين- و بنى عليها بالمدينه و هى بنت تسع، لم يختلفوا فى ذلك.

و كانت تذكر لجبير بن مطعم و تسمى له، و ورد فى الاخبار الصحيحه ان رسول الله (ص) ارى عائشه فى المنام فى سرقه حرير، متوفى خديجه رضى الله عنها، فقال: ان يكن هذا من عند الله يمضه، فتز
وجها بعد موت خديجه بثلاث سنين، و تزوجها فى شوال، و اعرس بها بالمدينه فى شوال، على راس ثمانيه عشر شهرا من مهاجره الى المدينه.

و قال ابن عبدالبر فى كتاب "الاستيعاب": كانت عائشه تحب ان تدخل النساء من اهلها و احبتها فى شوال على ازواجهن، و تقول: هل كان فى نسائه احظى عنده منى و قد نكحنى و بنى على فى شوال! قلت: قرى ء هذا الكلام على بعض الناس، فقال: كيف رات الحال بينها و بين احمائها و اهل بيت زوجها! و روى ابوعمر بن عبدالبر، فى الكتاب المذكور: ان رسول الله (ص) توفى عنها و هى بنت ثمان عشره سنه، فكان سنها معه تسع سنين، و لم ينكح بكرا غيرها، و استاذنت رسول الله (ص) فى الكنيه، فقال لها: اكتنى بابنك عبدالله بن الزبير- يعنى ابن اختها- فكانت كنيتها ام عبدالله، و كانت فقيهه عالمه بالفرائض و الشعر و الطب.

و روى ان النبى (ص)، قال: (فضل عائشه على النساء كفضل الثريد على الطعام)، و اصحابنا يحملون لفظه النساء فى هذا الخبر على زوجاته، لان فاطمه (ع) عندهم افضل منها، لقوله (ص): (انها سيده نساء العالمين).

و قذفت بصفوان بن المعطل السلمى فى سنه ست، منصرف رسول الله (ص) من غزاه بنى المصطلق- و كانت معه- فقال فيها اهل الافك ما قالوا، و نزل
القرآن ببرائتها.

و قوم من الشيعه زعموا ان الايات التى فى سوره النور لم تنزل فيها، و انما انزلت فى ماريه القبطيه، و ما قذفت به مع الاسود القبطى.

و جحدهم لانزال ذلك فى عائشه جحد لما يعلم ضروره من الاخبار المتواتره.

ثم كان من امرها و امر حفصه و ما جرى لهما مع رسول الله (ص) فى الامر الذى اسره على احداهما ما قد نطق الكتاب العزيز به.

و اعتزل رسول الله (ص) نسائه كلهن و اعتزلهما معهن ثم صالحهن، و طلق حفصه ثم راجعها، و جرت بين عائشه و فاطمه ابلاغات، و حديث يوغر الصدور، فتولد بين عائشه و بين على (ع) نوع ضغينه، و انضم الى ذلك اشارته على رسول الله (ص) فى قصه الافك بضرب الجاريه و تقريرها و قوله: (ان النساء كثير).

ثم جرى حديث صلاه ابى بكر بالناس، فتزعم الشيعه ان رسول الله (ص) لم يامر بذلك، و انه انما صلى بالناس عن امر عائشه ابنته، و ان رسول الله (ص) خرج متحاملا و هو مثقل، فنحاه عن المحراب.

و زعم معظم المحدثين ان ذلك كان عن امر رسول الله (ص) و قوله، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: نحاه و صلى هو بالناس، و منهم من قال: بل ائتم بابى بكر كسائر الناس، و منهم من قال: كان الناس يصلون بصلاه ابى بكر، و ابوبكر يصلى بصلاه رسول الله (ص).

ثم
كان منها فى امر عثمان، و تضريب الناس عليه، ما قد ذكرناه فى مواضعه، ثم تلا ذلك يوم الجمل.

و اختلف المتكلمون فى حالها و حال من حضر واقعه الجمل، فقالت الاماميه: كفر اصحاب الجمل كلهم، الروساء و الاتباع.

و قال قوم من الحشويه و العامه: اجتهدوا فلا اثم عليهم، و لانحكم بخطئهم و لاخطا على (ع) و اصحابه.

و قال قوم من هولاء: بل نقول: اصحاب الجمل اخطئوا، و لكنه خطا مغفور، و كخطا المجتهد فى بعض مسائل الفروع عند من قال بالاشبه، و الى هذا القول يذهب اكثر الاشعريه.

و قال اصحابنا المعتزله: كل اهل الجمل هالكون الا من ثبتت توبته منهم، قالوا: و عائشه ممن ثبتت توبتها، و كذلك طلحه و الزبير، اما عائشه فانها اعترفت لعلى (ع) يوم الجمل بالخطا، و سالته العفو، و قد تواترت الروايه عنها باظهار الندم، و انها كانت تقول: ليته كان لى من رسول الله (ص) بنون عشره، كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام- و ثكلتهم- و لم يكن يوم الجمل! و انها كانت تقول: ليتنى مت قبل يوم الجمل، و انها كانت اذا ذكرت ذلك اليوم تبكى حتى تبل خمارها.

و اما الزبير فرجع عن الحرب معترفا بالخطا لما اذكره على (ع) ما اذكره.

و اما طلحه فانه مر به- و هو صريع- فارس، فقال له: قف، فو
قف، قال: من اى الفريقين انت؟ قال: من اصحاب اميرالمومنين، قال: اقعدنى، فاقعده، فقال: امدد يدك ابايعك لاميرالمومنين، فبايعه.

و قال: شيوخنا: ليس لقائل ان يقول: ما يروى من اخبار الاحاد بتوبتهم لايعارض ما علم قطعا من معصيتهم.

قالوا: لان التوبه انما يحكم بها للمكلف على غالب الظن فى جميع المواضع، لاعلى القطع، الا ترى انا نجوز ان يكون من اظهر التوبه منافقا و كاذبا، فبان ان المرجع فى قبولها فى كل موضع انما هو الى الظن، فجاز ان يعارض ما علم من معصيتهم بما يظن من توبتهم.

نامه 002-قدردانى از اهل كوفه

الشرح:

موضع قوله: (من اهل مصر) نصب على التمييز، و يجوز ان يكون حالا.

فان قلت: كيف يكون تمييزا و تقديره: و جزاكم الله متمدنين احسن ما يجزى المطيع، و التمييز لايكون الا جامدا، و هذا مشتق! قلت: انهم اجازوا كون التمييز مشتقا فى نحو قولهم: (ما انت جاره)، و قولهم: (يا سيدا ما انت من سيد).

و ما يجوز ان تكون مصدريه، اى احسن جزاء العاملين، و يجوز ان تكون بمعنى الذى، و يكون قد حذف العائد الى الموصول، و تقديره احسن الذى يجزى به العاملين.

نامه 003-به شريح قاضى

الشرح:

(نسب شريح و ذكر بعض اخباره) هو شريح بن الحارث بن المنتجع بن معاويه بن جهم بن ثور بن عفير بن عدى ابن الحارث بن مره بن ادد الكندى، و قيل انه حليف لكنده من بنى الرائش.

و قال ابن الكلبى: ليس اسم ابيه الحارث، و انما هو شريح بن معاويه ابن ثور.

و قال قوم: هو شريح بن هانى ء.

و قال قوم: هو شريح بن شراحيل.

و الصحيح انه شريح بن الحارث، و يكنى ابااميه.

استعمله عمر بن الخطاب على القضاء بالكوفه، فلم يزل قاضيا ستين سنه، لم يتعطل فيها الا ثلاث سنين فى فتنه ابن الزبير، امتنع فيها من القضاء، ثم استعفى الحجاج من العمل فاعفاه، فلزم منزله الى ان مات، و عمر عمرا طويلا، قيل: انه عاش مائه سنه و ثمانيا و ستين، و قيل مائه سنه، و توفى سنه سبع و ثمانين.

و كان خفيف الروح، مزاحا، فقدم اليه رجلان، فاقر احدهما بما ادعى به خصمه، و هو لايعلم فقضى عليه، فقال لشريح: من شهد عندك بهذا؟ قال: ابن اخت خالك.

و قيل: انه جائته امراته تبكى و تتظلم على خصمها، فما رق لها حتى قال له انسان كان بحضرته: الا تنظر ايها القاضى الى بكائها! فقال: ان اخوه يوسف جائوا اباهم عشاء يبكون.

و اقر على (ع) شريحا على القضاء: مع مخالفته له فى مسائل
كثيره من الفقه مذكوره فى كتب الفقهاء.

و استاذنه شريح و غيره من قضاه عثمان فى القضاء اول ما وقعت الفرقه، فقال: اقضوا كما كنتم تقضون حتى تكون للناس جماعه، او اموت كما مات اصحابى.

و سخط على (ع) مره عليه فطرده عن الكوفه و لم يعزله عن القضاء، و امره بالمقام ببانقيا- و كانت قريه قريبه من الكوفه اكثر ساكنها اليهود- فاقام بها مده، حتى رضى عنه و اعاده الى الكوفه.

و قال ابوعمر بن عبد البر فى كتاب "الاستيعاب": ادرك شريح الجاهليه، و لايعد من الصحابه، بل من التابعين، و كان شاعرا محسنا، و كان سناطا لا شعر فى وجهه.

قوله (ع): (و خطه الهالكين) بكسر الخاء، و هى الارض التى يختطها الانسان، اى يعلم عليها علامه بالخط ليعمرها، و منه خطط الكوفه و البصره.

و زخرف البناء، اى ذهب جدرانه بالزخرف، و هو الذهب.

و نجد: فرش المنزل بالوسائد، و النجاد الذى يعالج الفرش و الوسائد و يخيطهما، و التنجيد: التزيين بذلك، و يجوز ان يريد بقوله: (نجد) رفع و علا، من النجد، و هو المرتفع من الارض.

و اعتقد: جعل لنفسه عقده كالضيعه او الذخيره من المال الصامت.

(و اشخاصهم) مرفوع بالابتداء و خبره الجار المجرور المقدم، و هو قوله: (فعلى مبلبل اجسام الملوك).

و موضع
الاستحسان من هذا الفصل- و ان كان كله حسنا- امران: احدهما: انه (ع) نظر اليه نظر مغضب، انكارا لابتياعه دارا بثمانين دينارا، و هذا يدل على زهد شديد فى الدنيا و استكثار للقليل منها، و نسبه هذا المشترى الى الاسراف، و خوف من ان يكون ابتاعها بمال حرام.

الثانى: انه املى عليه كتابا زهديا و عظيا، مماثلا لكتب الشروط التى تكتب فى ابتياع الاملاك، فانهم يكتبون: هذا ما اشترى فلان من فلان، اشترى منه دارا من شارع كذا و خطه كذا، و يجمع هذه الدار حدود اربعه، فحد منها ينتهى الى دار فلان، و حد آخر ينتهى الى ملك فلان، و حد آخر ينتهى الى ما كان يعرف بفلان، و هو الان معروف بفلان، و حد آخر ينتهى الى كذا.

و منه شروع باب هذه الدار، و طريقها: (اشترى هذا المشترى المذكور من البائع المذكور جميع الدار المذكوره بثمن مبلغه كذا و كذا دينارا، او درهما، فما ادرك المشترى المذكور من درك فمرجوع به على من يوجب الشرع الرجوع به عليه).

ثم تكتب الشهود فى آخر الكتاب.

شهد فلان ابن فلان بذلك و شهد فلان ابن فلان به ايضا، و هذا يدل على ان الشروط المكتوبه الان قد كانت فى زمن الصحابه تكتب مثلها او نحوها، الا انا ما سمعنا عن احد منهم نقل صيغه الشرط الفقهى الى
معنى آخر كما قد نظمه هو (ع)، و لاغرو فما زال سباقا الى العجائب و الغرائب! فان قلت: لم جعل الشيطان المغوى فى الحد الرابع؟ قلت: ليقول: و فيه يشرع باب هذه الدار، لانه اذا كان الحد اليه ينتهى كان اسهل لدخوله اليها و دخوله اتباعه و اوليائه من اهل الشيطنه و الضلال.

/ 614