خطبه 079-نكوهش زنان - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خطبه 079-نكوهش زنان

الشرح:

جعل (ع) نقصان الصلاه نقصانا فى الايمان، و هذا هو قول اصحابنا: ان الاعمال من الايمان، و ان المقر بالتوحيد و النبوه، و هو تارك للعمل ليس بمومن.

و قوله (ع) (و لاتطيعوهن فى المعروف)، ليس بنهى عن فعل المعروف، و انما هو نهى عن طاعتهن، اى لاتفعلوه لاجل امرهن لكم به، بل افعلوه لانه معروف، و الكلام ينحو نحو المثل المشهور: (لاتعط العبد كراعا فياخذ ذراعا).

و هذا الفصل كله رمز الى عائشه، و لايختلف اصحابنا فى انها اخطات فيما فعلت ثم تابت و ماتت تائبه، و انها من اهل الجنه.

قال كل من صنف فى السير و الاخبار: ان عائشه كانت من اشد الناس على عثمان، حتى انها اخرجت ثوبا من ثياب رسول الله (ص)، فنصبته فى منزلها، و كانت تقول للداخلين اليها: هذا ثوب رسول الله (ص) لم يبل، و عثمان قد ابلى سنته.

قالوا: اول من سمى عثمان نعثلا عائشه، و النعثل: الكثير شعر اللحيه و الجسد، و كانت تقول: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا! و روى المدائنى فى كتاب "الجمل"، قال: لما قتل عثمان، كانت عائشه بمكه، و بلغ قتله اليها و هى بشراف، فلم تشك فى ان طلحه هو صاحب الامر، و قالت: بعدا لنعثل و سحقا! ايه ذا الاصبع! ايه اباشبل! ايه يا بن عم، لكانى
انظر الى اصبعه و هو يبايع له: حثوا الابل و دعدعوها.

قال: و قد كان طلحه حين قتل عثمان اخذ مفاتيح بيت المال، و اخذ نجائب كانت لعثمان فى داره، ثم فسد امره، فدفعها الى على بن ابى طالب (ع).

(اخبار عائشه فى خروجها من مكه الى البصره بعد مقتل عثمان) و قال ابومخنف لوط بن يحيى الازدى فى كتابه: ان عائشه لما بلغها قتل عثمان و هى بمكه، اقبلت مسرعه، و هى تقول: ايه ذا الاصبع! لله ابوك! اما انهم وجدوا طلحه لها كفوا.

فلما انتهت الى شراف استقبلها عبيد بن ابى سلمه الليثى، فقالت له: ما عندك؟ قال: قتل عثمان، قالت: ثم ماذا؟ قال: ثم حارت بهم الامور الى خير محار، بايعوا عليا، فقالت: لوددت ان السماء، انطبقت على الارض ان تم هذا، ويحك! انظر ما تقول! قال: هو ما قلت لك يا ام المومنين، فولولت، فقال لها: ما شانك يا ام المومنين! و الله ما اعرف بين لابتيها احدا اولى بها منه و لااحق، و لاارى له نظيرا فى جميع حالاته، فلماذا تكرهين ولايته؟ قال: فما ردت عليه جوابا.

قال: و قد روى من طرق مختلفه ان عائشه لما بلغها قتل عثمان و هى بمكه، قالت: ابعده الله! ذلك بما قدمت يداه، و ما الله بظلام للعبيد.

قال: و قد روى قيس بن ابى حازم انه حج فى العام الذ
ى قتل فيه عثمان و كان مع عائشه لما بلغها قتله، فتحمل الى المدينه، قال: فسمعها تقول فى بعض الطريق: ايه ذا الاصبع! و اذا ذكرت عثمان قالت: ابعده الله! حتى اتاها خبر بيعه على، فقالت: لوددت ان هذه وقعت على هذه، ثم امرت برد ركائبها الى مكه فردت معها، و رايتها فى سيرها الى مكه تخاطب نفسها، كانها تخاطب احدا: قتلوا ابن عفان مظلوما، فقلت لها: يا ام المومنين، الم اسمعك آنفا تقولين: ابعده الله، و قد رايتك قبل اشد الناس عليه و اقبحهم فيه قولا! فقالت: لقد كان ذلك، و لكنى نظرت فى امره، فرايتهم استتابوه حتى اذا تركوه كالفضه البيضاء اتوه صائما محرما فى شهر حرام فقتلوه.

قال: و روى من طرق اخرى انها قالت لما بلغها قتله ابعده الله! قتله ذنبه، و اقاده الله بعمله! يا معشر قريش لايسومنكم قتل عثمان، كما سام احمر ثمود قومه، ان احق الناس بهذا الامر ذو الاصبع، فلما جاءت الاخبار ببيعه على (ع)، قالت: تعسوا تعسوا! لايردون الامر فى تيم ابدا.

كتب طلحه و الزبير الى عائشه و هى بمكه كتابا: ان خذلى الناس عن بيعه على، و اظهرى الطلب بدم عثمان، و حملا الكتاب مع ابن اختها عبدالله بن الزبير، فلما قرات الكتاب كاشفت و اظهرت الطلب بدم عثمان، و كانت ام س
لمه رضى الله عنها بمكه فى ذلك العام، فلما رات صنع عائشه، قابلتها بنقيض ذلك، و اظهرت موالاه على (ع) و نصرته على مقتضى العداوه المركوزه فى طباع الضرتين.

قال ابومخنف: جاءت عائشه الى ام سلمه تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان، فقالت لها: يا بنت ابى اميه، انت اول مهاجره من ازواج رسول الله (ص) و انت كبيره امهات المومنين، و كان رسول الله (ص) يقسم لنا من بيتك، و كان جبريل اكثر ما يكون فى منزلك، فقالت ام سلمه: لامر ما قلت هذه المقاله، فقالت عائشه: ان عبدالله اخبرنى ان القوم استتابوا عثمان، فلما تاب قتلوه صائما فى شهر حرام، و قد عزمت على الخروج الى البصره و معى الزبير و طلحه، فاخرجى معنا، لعل الله ان يصلح هذا الامر على ايدينا بنا، فقالت ام سلمه: انك كنت بالامس تحرضين على عثمان، و تقولين فيه اخبث القول، و ما كان اسمه عندك الا نعثلا: و انك لتعرفين منزله على بن ابى طالب عند رسول الله (ص)، افاذكرك؟ قالت: نعم، قالت: اتذكرين يوم اقبل (ع) و نحن معه، حتى اذا هبط من قديد ذات الشمال، خلا بعلى يناجيه فاطال، فاردت ان تهجمى عليهما، فنهيتك فعصيتنى، فهجمت عليهما، فما لبثت ان رجعت باكيه، فقلت: ما شانك؟ فقلت: انى هجمت عليهما و هما يتن
اجيان فقلت لعلى: ليس لى من رسول الله الا يوم من تسعه ايام، افما تدعنى يا بن ابى طالب و يومى! فاقبل رسول الله (ص) على، و هو غضبان محمر الوجه، فقال: ارجعى وراءك، و الله لايبغضه احد من اهل بيتى و لا من غيرهم من الناس الا و هو خارج من الايمان، فرجعت نادمه ساقطه! قالت عائشه: نعم اذكر ذلك.

قالت: و اذكرك ايضا، كنت انا و انت مع رسول الله (ص)، و انت تغسلين راسه، و انا احيس له حيسا، و كان الحيس يعجبه، فرفع راسه، و قال: (يا ليت شعرى، ايتكن صاحبه الجمل الاذنب، تنبحها كلاب الحوءب، فتكون ناكبه عن الصراط!) فرفعت يدى من الحيس، فقلت: اعوذ بالله و برسوله من ذلك، ثم ضرب على ظهرك، و قال: (اياك ان تكونيها) ثم قال: يا بنت ابى اميه، اياك ان تكونيها يا حميراء، اما انا فقد انذرتك)، قالت عائشه: نعم اذكر هذا.

قالت: و اذكرك ايضا كنت انا و انت مع رسول الله (ص) فى سفر له، و كان على يتعاهد نعلى رسول الله (ص) فيخصفها، و يتعاهد اثوابه فيغسلها، فنقبت له نعل، فاخذها يومئذ يخصفها، و قعد فى ظل سمره، و جاء ابوك و معه عمر، فاستاذنا عليه، فقمنا الى الحجاب، و دخلا يحادثانه فيما اراد، ثم قالا: يا رسول الله انا لاندرى قدر ما تصحبنا، فلو اعلمتنا من يس
تخلف علينا، ليكون لنا بعدك مفزعا؟ فقال لهما: اما انى قد ارى مكانه، و لو فعلت لتفرقتم عنه.

كما تفرقت بنو اسرائيل عن هارون بن عمران، فسكتا ثم خرجا، فلما خرجنا الى رسول الله (ص)، قلت له، و كنت اجرا عليه منا: من كنت يا رسول الله، مستخلفا عليهم؟ فقال: خاصف النعل، فنظرنا فلم نر احدا الا عليا، فقلت: يا رسول الله، ما ارى الا عليا، فقال: هو ذاك، فقالت عائشه: نعم اذكر ذلك، فقالت: فاى خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت: انما اخرج للاصلاح بين الناس و ارجو فيه الاجر ان شاءالله، فقالت: انت و رايك، فانصرفت عائشه عنها، و كتبت ام سلمه بما قالت و قيل لها الى على (ع).

فان قلت: فهذا نص صريح فى امامه على (ع)، فما تصنع انت و اصحابك المعتزله به؟ قلت: كلا انه ليس بنص كما ظننت، لانه (ص) لم يقل: قد استخلفته، و انما قال: (لو قد استخلفت احدا لاستخلفته)، و ذلك لايقتضى حصول الاستخلاف، و يجوز ان تكون مصلحه المكلفين متعلقه بالنص عليه لو كان النبى (ص) مامورا بان ينص على امام بعينه من بعده، و ان يكون من مصلحتهم ان يختاروا لانفسهم من شاءوا اذا تركهم النبى (ص) و آراءهم و لم يعين احدا.

و روى هشام بن محمد الكلبى فى كتاب "الجمل" ان ام سلمه كتبت الى على (
ع) من مكه: اما بعد، فان طلحه و الزبير و اشياعهم اشياع الضلاله، يريدون ان يخرجوا بعائشه الى البصره و معهم عبدالله بن عامر بن كريز، و يذكرون ان عثمان قتل مظلوما، و انهم يطلبون بدمه، و الله كافيهم بحوله و قوته، و لولا ما نهانا الله عنه من الخروج، و امرنا به من لزوم البيت لم ادع الخروج اليك، و النصره لك، و لكنى باعثه نحوك ابنى، عدل نفسى عمر بن ابى سلمه، فاستوص به يا اميرالمومنين خيرا.

قال: فلما قدم عمر على على (ع) اكرمه، و لم يزل مقيما معه حتى شهد مشاهده كلها، و وجهه اميرا على البحرين.

و قال لابن عم له: بلغنى ان عمر يقول الشعر، فابعث الى من شعره، فبعث اليه بابيات له اولها: جزتك اميرالمومنين قرابه رفعت بها ذكرى جزاء موفرا فعجب على (ع) من شعره و استحسنه.

و من الكلام المشهور الذى قيل: ان ام سلمه رحمها الله، كتبت به الى عائشه: انك جنه بين رسول الله (ص) و بين امته، و ان الحجاب دونك لمضروب على.

حرمته، و قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه، و سكن عقيراك فلا تصحريها، لو اذكرتك قوله من رسول الله (ص) تعرفينها لنهشت بها نهش الرقشاء المطرقه.

ما كنت قائله لرسول الله (ص) لو لقيك ناصه قلوص قعودك من منهل الى منهل قد تركت عهيداه،
و هتكت ستره، ان عمود الدين لايقوم بالنساء، و صدعه لايراب بهن، حماديات النساء خفض الاصوات و خفر الاعراض، اجعلى قاعده البيت قبرك حتى تلقينه، و انت على ذلك.

فقالت عائشه: ما اعرفنى بنصحك، و اقبلنى لوعظك! و ليس الامر حيث تذهبين، ما انا بعميه عن رايك، فان اقم ففى غير حرج، و ان اخرج ففى اصلاح بين فئتين من المسلمين.

و قد ذكر هذا الحديث ابومحمد عبدالله بن مسلم بن قتيبه فى كتابه المصنف فى "غريب الحديث" فى باب ام سلمه، على ما اورده عليك، قال: لما ارادت عائشه الخروج الى البصره، اتتها ام سلمه، فقالت لها: انك سده بين محمد رسول الله (ص) و بين امته، و حجابك مضروب على حرمته، قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه، و سكن عقيراك فلا تصحريها، الله من وراء هذه الامه، لو اراد رسول الله (ص) ان يعهد اليك عهدا علت علت: بل قد نهاك عن الفرطه فى البلاد، ان عمود الاسلام لايثاب بالنساء ان مال، و لايراب بهن ان صدع، حماديات النساء غض الاطراف و خفر الاعراض و قصر الوهازه، ما كنت قائله لو ان رسول الله (ص) عارضك بعد الفلوات، ناصه قلوصا من منهل الى آخر، ان بعين الله مهواك، و على رسوله تردين، و قد وجهت سدافته- و يروى سجافته- و تركت عهيداه.

لو سرت مسيرك هذ
ا ثم قيل لى: ادخلى الفردوس لاستحييت ان القى محمدا (ص) هاتكه حجابا، و قد ضربه على، اجعلى حصنك بيتك، و وقاعه الستر قبرك، حتى تلقينه، و انت على تلك اطوع ما تكونين لله بالرقبه، و انصر ما تكون للدين ما حلت عنه.

لو ذكرتك قولا تعرفينه لنهشت به نهش الرقشاء المطرقه.

فقالت عائشه: ما اقبلنى لوعظك! و ليس الامر كما تظنين، و لنعم المسير مسير فزعت فيه الى فئتان متناجزتان- او قالت متناحرتان- ان اقعد ففى غير حرج، و ان اخرج فالى ما لابد لى من الازدياد منه.

تفسير غريب هذا الخبر السده: الباب، و منه حديث رسول الله (ص) انه ذكر اول من يرد عليه الحوض، فقال: الشعث رءوسا، الدنس ثيابا، الذين لاتفتح لهم السدد، و لاينكحون المتنعمات، و ارادت ام سلمه انك باب بين النبى (ص) و بين الناس، فمتى اصيب ذلك الباب بشى ء فقد دخل على رسول الله (ص) فى حرمه و حوزته، و استبيح ما حماه، تقول: فلا تكونى انت سبب ذلك بالخروج الذى لايجب عليك، فتحوجى الناس الى ان يفعلوا ذلك.

و هذا مثل قول نعمان بن مقرن للمسلمين فى غزاه نهاوند: الا و انكم باب بين المسلمين و المشركين، ان كسر ذلك الباب دخل عليهم منه.

و قولها: (قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه)، اى لاتفتحيه و لات
وسعيه بالحركه و الخروج، يقال: ندحت الشى ء اذا وسعته، و منه يقال: فلان فى مندوحه عن كذا، اى فى سعه، تريد قول الله تعالى: (و قرن فى بيوتكن).

و من روى (تبدحيه) بالباء فانه من البداح و هو المتسع من الارض، و هو معنى الاول.

و سكن عقيراك، من عقر الدار و هو اصلها، اهل الحجاز يضمون العين، و اهل نجد يفتحونها.

و عقير اسم مبنى من ذلك على صيغه التصغير، و مثله مما جاء مصغرا (الثريا) و (الحميا) و هو سوره الشراب.

قال ابن قتيبه: و لم اسمع (بعقيرا) الا فى هذا الحديث.

قولها: (فلا تصحريها)، اى لاتبرزيها و تجعليها بالصحراء، يقال: اصحر، كما يقال: انجد و اسهل و احزن.

و قولها: (الله من وراء هذه الامه)، اى محيط بهم و حافظ لهم و عالم باحوالهم، كقوله تعالى: (و الله من ورائهم محيط).

قولها: (لو اراد رسول الله (ص)) الجواب محذوف، اى لفعل و لعهد، و هذا كقوله تعالى: (و لو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض)، اى لكان هذا القرآن.

قولها: (علت علت)، اى جرت فى هذا الخروج، و عدلت عن الجواب، و العول: الميل و الجور، قال تعالى: (ذلك ادنى الا تعولوا)- و من الناس من يرويه (علت علت) بكسر العين، اى ذهبت فى البلاد و ابعدت السير، يقال: عال فلان فى ا
لبلاد، اى ذهب و ابعد، و منه قيل للذئب: عيال.

قولها: (عن الفرطه فى البلاد)، اى عن السفر و الشخوص، من الفرط و هو السبق و التقدم، و رجل فارط: اتى الماء، اى سابق.

قولها: (لايثاب بالنساء)، اى لايرد بهن ان مال الى استوائه، من قولك: ثاب فلان الى كذا، اى عاد اليه.

قولها: (و لايراب بهن ان صدع) اى لايسد بهن، و لايجمع، و الصدع: الشق، و يروى: (ان صدع) بفتح الصاد و الدال اجروه مجرى قولهم: جبرت العظم فجبر.

قولها: (حماديات النساء) يقال: حماداك ان تفعل كذا مثل (قصاراك ان تفعل كذا) اى جهدك و غايتك.

و غض الاطراف، جمعها، و خفر الاعراض، الخفر: الحياء، و الاعراض، جمع عرض و هو الجسد، يقال: فلان طيب العرض، اى طيب ريح البدن، و من رواه (الاعراض) بكسر الهمزه جعله مصدرا، من اعرض عن كذا.

قولها: (و قصر الوهازه)، قال ابن قتيبه: سالت عن هذا فقال لى من سالته: سالت عنه اعرابيا فصيحا فقال: الوهازه: الخطوه، يقال للرجل: انه لمتوهز و متوهر، اذا وطى ء وطئا ثقيلا.

قولها: (ناصه قلوصا)، اى رافعه لها فى السير، و النص: الرفع، و منه يقال: حديث منصوص، اى مرفوع، و القلوص من النوق: الشابه و هى بمنزله الفتاه من النساء.

و المنهل: الماء ترده الابل.

قولها: (
ان بعين الله مهواك)، اى ان الله يرى سيرك و حركتك، و الهوى: الانحدار فى السير من النجد الى الغور.

قولها: (و على رسوله تردين)، اى تقدمين فى القيامه.

قولها: (و قد وجهت سدافته)، السدافه: الحجاب و الستر، هى من اسدف الليل اذا ستر بظلمته، كانه ارخى ستورا من الظلام، و يروى بفتح السين، و كذلك القول فى سجافته، انه يروى بكسر السين و فتحها، و السدافه و السجافه بمعنى.

و وجهت، اى نظمتها بالخرز، و الوجيهه: خرزه معروفه، و عاده العرب ان تنظم على المحمل خرزات اذا كان للنساء.

قولها: (و تركت عهيداه)، لفظه مصغره ماخوذه من العهد، مشابهه لما سلف من قولها: (عقيراك) و (حماديات النساء).

قولها: (و وقاعه الستر) اى موقعه على الارض اذا ارسلته، و هى الموقعه ايضا، و موقعه الطائر.

قولها: (حتى تلقينه و انت على تلك)، اى على تلك الحال، فحذف.

قولها: (اطوع ما تكونين لله اذا لزمته)، اطوع: مبتدا، و اذا لزمته: خبر المبتدا، و الضمير فى لزمته راجع الى العهد و الامر الذى امرت به.

قولها: (لنهشت به نهش الرقشاء المطرقه)، اى لعضك و نهشك ما اذكره لك و اذكرك به كما تنهشك افعى رقشاء، و الرقش فى ظهرها، هو النقط، و الجراده ايضا رقشاء، قال النابغه: فبت كانى سا
ورتنى ضئيله من الرقش فى انيابها السم ناقع و الافعى يوصف بالاطراق، و كذلك الاسد و النمر و الرجل الشجاع، و كان معاويه يقول فى على (ع): الشجاع المطرق، و قال الشاعر و ذكر افعى: اصم اعمى ما يجيب الرقى من طول اطراق و اسبات قولها: (فئتان متناجزتان)، اى تسرع كل واحده منهما الى نفوس الاخرى، و من رواه (متناحرتان) اراد الحرب و طعن النحور بالاسنه، و رشقها بالسهام.

و فزعت الى فلان فى كذا، اى لذت به و التجات اليه.

و قولها: (ان اقعد ففى غير حرج) اى فى غير اثم، و قولها: (فان اخرج فالى ما لابد لى من الازدياد منه)، كلام من يعتقد الفضيله فى الخروج، او يعرف موقع الخطا و يصر عليه.

لما عزمت عائشه على الخروج الى البصره طلبوا لها بعيرا ايدا يحمل هودجها، فجاءهم يعلى بن اميه ببعيره المسمى عسكرا، و كان عظيم الخلق شديدا، فلما راته اعجبها، و انشا الجمال يحدثها بقوته و شدته، و يقول فى اثناء كلامه: (عسكر)، فلما سمعت هذه اللفظه، استرجعت، و قالت: ردوه لا حاجه لى فيه، و ذكرت حيث سئلت ان رسول الله (ص) ذكر لها هذا الاسم، و نهاها عن ركوبه، و امرت ان يطلب لها غيره فلم يوجد لها ما يشبهه، فغير لها بجلال غير جلاله، و قيل لها: قد اصبنا لك اعظ
م منه خلقا، و اشد قوه، و اتيت به فرضيت.

قال ابومخنف: و ارسلت الى حفصه تسالها الخروج و المسير معها، فبلغ ذلك عبدالله ابن عمر، فاتى اخته فعزم عليها، فاقامت و حطت الرحال بعد ما همت.

كتب الاشتر من المدينه الى عائشه و هى بمكه، اما بعد: فانك ظعينه رسول الله (ص)، و قد امرك ان تقرى فى بيتك، فان فعلت فهو خير لك، فان ابيت الا ان تاخذى منساتك، و تلقى جلبابك، و تبدى للناس شعيراتك، قاتلتك حتى اردك الى بيتك، و الموضع الذى يرضاه لك ربك.

فكتبت اليه فى الجواب: اما بعد، فانك اول العرب شب الفتنه، و دعا الى الفرقه و خالف الائمه، و سعى فى قتل الخليفه، و قد علمت انك لن تعجز الله حتى يصيبك منه بنقمه ينتصر بها منك للخليفه المظلوم، و قد جاءنى كتابك، و فهمت ما فيه، و سيكفينيك الله، و كل من اصبح مماثلا لك فى ضلالك و غيك، ان شاءالله.

و قال ابومخنف: لما انتهت عائشه فى مسيرها الى الحواب، و هو ماء لبنى عامر بن صعصعه، نبحتها الكلاب، حتى نفرت صعاب ابلها، فقال قائل من اصحابها: الا ترون، ما اكثر كلاب الحواب، و ما اشد نباحها! فامسكت زمام بعيرها، و قالت: و انها لكلاب الحواب! ردونى ردونى، فانى سمعت رسول الله (ص) يقول... و ذكرت الخبر، فقال لها قائ
ل: مهلا يرحمك الله! فقد جزنا ماء الحواب، فقالت: فهل من شاهد؟ فلفقوا لها خمسين اعرابيا، جعلوا لهم جعلا، فحلفوا لها: ان هذا ليس بماء الحواب، فسارت لوجهها.

لما انتهت عائشه و طلحه و الزبير الى حفر ابى موسى قريبا من البصره، ارسل عثمان بن حنيف- و هو يومئذ عامل على (ع) على البصره- الى القوم اباالاسود الدولى يعلم له علمهم، فجاء حتى دخل على عائشه، فسالها عن مسيرها، فقالت: اطلب بدم عثمان، قال: انه ليس بالبصره من قتله عثمان احد، قالت: صدقت، و لكنهم مع على بن ابى طالب بالمدينه، و جئت استنهض اهل البصره لقتاله.

انغضب لكم من سوط عثمان و لانغضب لعثمان من سيوفكم! فقال لها: ما انت من السوط و السيف! انما انت حبيس رسول الله (ص)، امرك ان تقرى فى بيتك، و تتلى كتاب ربك، و ليس على النساء قتال، و لا لهن الطلب بالدماء، و ان عليا لاولى بعثمان منك، و امس رحما، فانهما ابنا عبد مناف، فقالت: لست بمنصرفه حتى امضى لما قدمت له، افتظن يا اباالاسود ان احدا يقدم على قتالى! قال: اما و الله لتقاتلن قتالا اهونه الشديد.

ثم قام فاتى الزبير، فقال.

يا اباعبدالله، عهد الناس بك، و انت يوم بويع ابوبكر آخذ بقائم سيفك، تقول: لا احد اولى بهذا الامر من ابن ا
بى طالب، و اين هذا المقام من ذاك! فذكر له دم عثمان، قال: انت و صاحبك وليتماه فيما بلغنا! قال: فانطلق الى طلحه فاسمع ما يقول، فذهب الى طلحه، فوجده سادرا فى غيه، مصرا على الحرب و الفتنه، فرجع الى عثمان بن حنيف، فقال: انها الحرب، فتاهب لها! لما نزل على (ع) بالبصره، كتبت عائشه الى زيد بن صوحان العبدى: من عائشه بنت ابى بكر الصديق زوج النبى (ص) الى ابنها الخالص زيد بن صوحان، اما بعد فاقم فى بيتك، و خذل الناس عن على، و ليبلغنى عنك ما احب، فانك اوثق اهلى عندى، والسلام.

فكتب اليها: من زيد بن صوحان الى عائشه بنت ابى بكر، اما بعد فان الله امرك بامر، و امرنا بامر امرك ان تقرى فى بيتك، و امرنا ان نجاهد، و قد اتانى كتابك، فامرتنى ان اصنع خلاف ما امرنى الله، فاكون قد صنعت ما امرك الله به، و صنعت ما امرنى الله به، فامرك عندى غير مطاع، و كتابك غير مجاب، و السلام.

روى هذين الكتابين شيخنا ابوعثمان عمرو بن بحر، عن شيخنا ابى سعيد الحسن البصرى.

و ركبت عائشه يوم الحرب الجمل المسمى عسكرا فى هودج، قد البس الرفرف، ثم البس جلود النمر، ثم البس فوق ذلك دروع الحديد.

الشعبى، عن مسلم بن ابى بكره، عن ابيه ابى بكره، قال: لما قدم طلحه و الزبي
ر البصره، تقلدت سيفى، و انا اريد نصرهما، فدخلت على عائشه، و اذا هى تامر و تنهى، و اذا الامر امرها، فذكرت حديثا كنت سمعته عن رسول الله (ص): (لن يفلح قوم تدبر امرهم امراه)، فانصرفت و اعتزلتهم.

و قد روى هذا الخبر على صوره اخرى: (ان قوما يخرجون بعدى فى فئه، راسها امراه، لايفلحون ابدا).

كان الجمل لواء عسكر البصره لم يكن لواء غيره.

خطبت عائشه و الناس قد اخذوا مصافهم للحرب، فقالت: اما بعد فانا كنا نقمنا على عثمان ضرب السوط و امره الفتيان، و مرتع السحابه المحميه، الا و انكم استعتبتموه فاعتبكم، فلما مصتموه كما يماص الثوب الرحيض، عدوتم عليه، فارتكبتم منه دما حراما، و ايم الله ان كان لاحصنكم فرجا، و اتقاكم لله.

خطب على (ع) لما تواقف الجمعان، فقال: لاتقاتلوا القوم حتى يبدءوكم، فانكم بحمد الله على حجه، و كفكم عنهم حتى يبدءوكم حجه اخرى، و اذا قاتلتموهم فلا تجهزوا على جريح، و اذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبرا، و لاتكشفوا عوره، و لاتمثلوا بقتيل، و اذا وصلتم الى رحال القوم فلا تهتكوا سترا، و لاتدخلوا دارا، و لاتاخذوا من اموالهم شيئا، و لاتهيجوا امراه باذى، و ان شتمن اعراضكم و سببن امراءكم و صلحاءكم، فانهن ضعاف القوى، و الانفس و
العقول، لقد كنا نومر بالكف عنهن و انهن لمشركات، و ان كان الرجل ليتناول المراه بالهراوه و الجريده، فيعير بها و عقبه من بعده.

قتل بنو ضبه حول الجمل فلم يبق فيهم الا من لانفع عنده، و اخذت الازد بخطامه، فقالت عائشه: من انتم؟ قالوا: الازد، قالت: صبرا، فانما يصبر الاحرار، ما زلت ارى النصر مع بنى ضبه، فلما فقدتهم انكرته.

فحرضت الازد بذلك، فقاتلوا قتالا شديدا، و رمى الجمل بالنبل حتى صارت القبه عليه كهيئه القنفذ.

قال على (ع): لما فنى الناس على خطام الجمل، و قطعت الايدى، و سالت النفوس: ادعوا لى الاشتر و عمارا، فجاءا، فقال: اذهبا فاعقرا هذا الجمل، فان الحرب لايبوخ ضرامها مادام حيا، انهم قد اتخذوه قبله، فذهبا و معهما فتيان من مراد، يعرف احدهما بعمر بن عبدالله، فما زالا يضربان الناس حتى خلصا اليه، فضربه المرادى على عرقوبيه، فاقعى و له رغاء، ثم وقع لجنبه، و فر الناس من حوله، فنادى على (ع): اقطعوا انساع الهودج، ثم قال لمحمد بن ابى بكر: اكفنى اختك، فحملها محمد حتى انزلها دار عبدالله بن خلف الخزاعى.

بعث على عبدالله بن عباس الى عائشه يامرها بالرحيل الى المدينه، قال: فاتيتها، فدخلت عليها، فلم يوضع لى شى ء اجلس عليه، فتناولت وس
اده كانت فى رحلها، فقعدت عليها، فقالت: يا بن عباس، اخطات السنه، قعدت على وسادتنا فى بيتنا بغير اذننا فقلت: ليس هذا بيتك الذى امرك الله ان تقرى فيه، و لو كان بيتك ما قعدت على وسادتك الا باذنك، ثم قلت: ان اميرالمومنين ارسلنى اليك يامرك بالرحيل الى المدينه، فقالت: و اين اميرالمومنين! ذاك عمر، فقلت: عمر و على، قالت: ابيت! قلت: اما و الله ما كان ابوك الا قصير المده، عظيم المشقه، قليل المنفعه، ظاهر الشوم بين النكد، و ما عسى ان يكون ابوك! و الله ما كان امرك الا كحلب شاه حتى صرت لاتامرين و لاتنهين، و لاتاخذين و لاتعطين، و ما كنت الا كما قال اخو بنى اسد: ما زال اهداء الصغائر بيننا نث الحديث و كثره الالقاب حتى نزلت كان صوتك بينهم فى كل نائبه طنين ذباب قال: فبكت حتى سمع نحيبها من وراء الحجاب، ثم قالت: انى معجله الرحيل الى بلادى ان شاءالله تعالى، و الله ما من بلد ابغض الى من بلد انتم فيه، قلت: و لم ذاك! فو الله لقد جعلناك للمومنين اما، و جعلنا اباك صديقا، قالت: يا بن عباس، اتمن على برسول الله؟ قلت: ما لى لاامن عليك بمن لو كان منك لمننت به على! ثم اتيت عليا (ع) فاخبرته بقولها و قولى، فسر بذلك، و قال لى: (ذريه بعضه
ا من بعض و الله سميع عليم)، و فى روايه: انا كنت اعلم بك حيث بعثتك.

/ 614