خطبه 026-اعراب پيش از بعثت - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خطبه 026-اعراب پيش از بعثت

الشرح:

يجوز ان يعنى بقوله: (بين حجاره خشن و حيات صم) الحقيقه لا المجاز: و ذلك ان الباديه بالحجاز و نجد و تهامه و غيرها من ارض العرب ذات حيات و حجاره خشن، و قد يعنى بالحجاره الخشن الجبال ايضا او الاصنام، فيكون داخلا فى قسم الحقيقه اذا فرضناه مرادا، و يكون المعنى بذلك وصف ما كانوا عليه من البوس و شظف العيشه و سوء الاختيار فى العباده، فابدلهم الله تعالى بذلك الريف و لين المهاد و عباده من يستحق العباده.

و يجوز ان يعنى به المجاز، و هو الاحسن يقال للاعداء حيات.

و الحيه الصماء ادهى من التى ليست بصماء، لانها لاتنزجر بالصوت.

و يقال للعدو ايضا: انه لحجر خشن المس، اذا كان الد الخصام.

و الجشب من الطعام الغليظ الخشن.

و قال ابوالبخترى وهب بن وهب القاضى: كنت عند الرشيد يوما، و استدعى ماء مبردا بالثلج، فلم يوجد فى الخزانه ثلج فاعتذر اليه بذلك، و احضر اليه ماء غير مثلوج، فضرب وجه الغلام بالكوز، و استشاط غضبا فقلت له: اقول يا اميرالمومنين و انا آمن؟ فقال: قل، قلت: يا اميرالمومنين قد رايت ما كان من الغير بالامس- يعنى زوال دوله بنى اميه- و الدنيا غير دائمه و لاموثوق بها، و الحزم الا تعود نفسك الترفه و النعمه، بل
تاكل اللين و الجشب، و تلبس الناعم و الخشن، و تشرب الحار و القار: فنفحنى بيده و قال: لا و الله، لااذهب الى ما تذهب اليه، بل البس النعمه ما لبستنى، فاذا نابت نوبه الدهر عدت الى نصاب غير خوار.

و قوله (و الاثام بكم معصوبه)، استعاره، كانها مشدوده اليهم.

و عنى بقوله: (تسفكون دماءكم، و تقطعون ارحامكم) ما كانوا عليه فى الجاهليه من الغارات و الحروب.

الشرح:

الكظم، بفتح الظاء: مخرج النفس، و الجمع اكظام و ضننت، بالكسر بخلت.

و اغضيت على كذا: غضضت طرفى، و الشجى ما يعترض فى الحلق.

حديث السقيفه اختلفت الروايات فى قصه السقيفه، فالذى تقوله الشيعه- و قد قال قوم من المحدثين بعضه و رووا كثيرا منه- ان عليا (ع) امتنع من البيعه حتى اخرج كرها، و ان الزبير بن العوام امتنع من البيعه و قال: لا ابايع الا عليا (ع)، و كذلك ابوسفيان ابن حرب، و خالد بن سعيد بن العاص بن اميه بن عبدشمس، و العباس بن عبدالمطلب و بنوه، و ابوسفيان بن الحارث بن عبدالمطلب، و جميع بنى هاشم.

و قالوا: ان الزبير شهر سيفه، فلما جاء عمر و معه جماعه من الانصار و غيرهم قال فى جمله ما قال خذوا سيف هذا فاضربوا به الحجر.

و يقال: انه اخذ السيف من يد الزبير فضرب به حجرا فكسره، و ساقهم كلهم بين يديه الى ابى بكر، فحملهم على بيعته و لم يتخلف الا على (ع) وحده فانه اعتصم ببيت فاطمه (ع) فتحاموا اخراجه منه قسرا و قامت فاطمه (ع) الى باب البيت فاسمعت من جاء يطلبه فتفرقوا و علموا انه بمفرده لايضر شيئا فتركوه.

و قيل انهم اخرجوه فيمن اخرج و حمل الى ابى بكر فبايعه.

و قد روى ابوجعفر محمد بن جرير الطبرى كثيرا
من هذا.

فاما حديث التحريق و ما جرى مجراه من الامور الفظيعه، و قول من قال انهم اخذوا عليا (ع) يقاد بعمامته و الناس حوله: فامر بعيد و الشيعه تنفرد به، على ان جماعه من اهل الحديث قد رووا نحوه و سنذكر ذلك.

و قال ابوجعفر: ان الانصار لما فاتها ما طلبت من الخلافه، قالت- او قال بعضها: لانبايع الا عليا.

و ذكر نحو هذا على بن عبدالكريم المعروف بابن الاثير الموصلى فى تاريخه.

فاما قوله: (لم يكن لى معين الا اهل بيتى فضننت بهم عن الموت) فقول ما زال على (ع) يقوله، و لقد قاله عقيب وفاه رسول الله (ص)، قال: لو وجدت اربعين ذوى عزم! ذكر ذلك نصر بن مزاحم فى كتاب "صفين" و ذكره كثير من ارباب السيره.

و اما الذى يقوله جمهور المحدثين و اعيانهم، فانه (ع) امتنع من البيعه سته اشهر و لزم بيته فلم يبايع حتى ماتت فاطمه (ع) فلما ماتت بايع طوعا.

و فى صحيحى مسلم و البخارى: كانت وجوه الناس اليه و فاطمه باقيه بعد، فلما ماتت فاطمه (ع) انصرفت وجوه الناس عنه، و خرج من بيته فبايع ابابكر، و كانت مده بقائها بعد ابيها (ع) سته اشهر.

و روى ابوجعفر محمد بن جرير الطبرى فى التاريخ، عن ابن عباس رضى الله عنه قال قال: لى عبدالرحمن بن عوف، و قد حججنا مع عمر: شه
دت اليوم اميرالمومنين بمنى، و قال له رجل انى سمعت فلانا يقول لو قد مات عمر لبايعت فلانا فقال عمر: انى لقائم العشيه فى الناس احذرهم هولاء الرهط الذين يريدون ان يغتصبوا الناس امرهم.

قال عبدالرحمن فقلت: يا اميرالمومنين، ان الموسم يجمع رعاع الناس و غوغاءهم، و هم الذين يقربون من مجلسك و يغلبون عليه، و اخاف ان تقول مقاله لايعونها، و لايحفظونها فيطيروابها، و لكن امهل حتى تقدم المدينه و تخلص باصحاب رسول الله، فتقول (ما قلت متمكنا)، فيسمعوا مقالتك.

فقال: و الله لاقومن بها اول مقام اقومه بالمدينه.

قال ابن عباس: فلما قدمناها، هجرت يوم الجمعه لحديث عبدالرحمن، فلما جلس عمر على المنبر حمد الله و اثنى عليه ثم قال بعد ان ذكر الرجم و حد الزنا: انه بلغنى ان قائلا منكم يقول: لو مات اميرالمومنين بايعت فلانا، فلا يغرن امرا ان يقول: ان بيعه ابى بكر كانت فلته، فلقد كانت كذلك: و لكن الله وقى شرها، و ليس فيكم من تقطع اليه الاعناق كابى بكر، و انه كان من خبرنا حين توفى رسول الله (ص).

ان عليا و الزبير تخلفا عنا فى بيت فاطمه و من معهما، و تخلفت عنا الانصار، و اجتمع المهاجرون الى ابى بكر، فقلت له انطلق بنا الى اخواننا من الانصار.

فانطلقن
ا نحوهم فلقينا رجلان صالحان من الانصار قد شهدا بدرا: احدهما عويم بن ساعده، و الثانى معن بن عدى، فقالا لنا ارجعوا فاقضوا امركم بينكم: فاتينا الانصار، و هم مجتمعون فى سقيفه بنى ساعده، و بين اظهرهم رجل مزمل، فقلت: من هذا؟ قالوا سعد بن عباده وجع.

فقام رجل منهم فحمد الله و اثنى عليه، فقال: اما بعد، فنحن الانصار و كتيبه الاسلام و انتم يا معشر قريش رهط نبينا، قد دفت الينا دافه من قومكم فاذا انتم تريدون ان تغصبونا الامر.

فلما سكت، و كنت قد زورت فى نفسى مقاله اقولها بين يدى ابى بكر: فلما ذهبت اتكلم قال ابوبكر: على رسلك! فقام فحمد الله و اثنى عليه، فما ترك شيئا كنت زورت فى نفسى الا جاء به او باحسن منه، و قال يا معشر الانصار انكم لاتذكرون فضلا الا و انتم له اهل، و ان العرب لاتعرف هذا الامر الا لقريش، اوسط العرب دارا و نسبا، و قد رضيت لكم احد هذين الرجلين- و اخذ بيدى و يد ابى عبيده بن الجراح- و الله ما كرهت من كلامه غيرها: ان كنت لاقدم فتضرب عنقى فيما لايقربنى الى اثم: احب الى من ان اومر على قوم فيهم ابوبكر.

فلما قضى ابوبكر كلامه قام رجل من الانصار، فقال: انا جذيلها المحكك، و عذيقها المرجب، منا امير و منكم امير.

و ارتف
عت الاصوات و اللغط، فلما خفت الاختلاف، قلت لابى بكر: ابسط يدك ابايعك، فبسط يده فبايعته و بايعه الناس، ثم نزونا على سعد بن عباده، فقال قائلهم: قتلتم: سعدا فقلت اقتلوه قتله الله، و انا و الله ما وجدنا امرا هو اقوى من بيعه ابى بكر، خشيت ان فارقت القوم و لم تكن بيعه ان يحدثوا بعدنا بيعه فاما ان نبايعهم على ما لانرضى، او نخالفهم فيكون فساد.

هذا حديث متفق عليه من اهل السيره، و قد وردت الروايات فيه بزيادات، روى المدائنى قال: لما اخذ ابوبكر بيد عمر و ابى عبيده و قال للناس: قد رضيت لكم احد هذين الرجلين، قال ابوعبيده لعمر: امدد يدك نبايعك فقال عمر ما لك فى الاسلام فهه غيرها.

اتقول هذا و ابوبكر حاضر! ثم قال للناس: ايكم يطيب نفسا ان يتقدم قدمين قدمهما رسول الله (ص) للصلاه رضيك رسول الله (ص)؟ لديننا، افلا نرضاك لدنيانا! ثم مد يده الى ابى بكر فبايعه.

و هذه الروايه هى التى ذكرها قاضى القضاه رحمه الله تعالى فى كتاب "المغنى".

و قال الواقدى فى روايته فى حكايه كلام عمر: و الله لان اقدم فانحر كما ينحر البعير، احب الى من ان اتقدم على ابى بكر.

و قال شيخنا ابوالقاسم البلخى: قال شيخنا ابوعثمان الجاحظ: ان الرجل الذى قال: لو قد مات عم
ر لبايعت فلانا، عمار بن ياسر، قال: لو قد مات عمر لبايعت عليا (ع) فهذا القول هو الذى هاج عمر ان خطب بما خطب به.

و قال غيره من اهل الحديث: انما كان المعزوم على بيعته لو مات عمر، طلحه بن عبيدالله.

فاما حديث الفلته، فقد كان سبق من عمر ان قال: ان بيعه ابى بكر كانت فلته وقى الله شرها: فمن عاد الى مثلها فاقتلوه.

و هذا الخبر الذى ذكرناه عن ابن عباس و عبدالرحمن بن عوف فيه حديث الفلته: و لكنه منسوق على ما قاله اولا، الا تراه يقول فلا يغرن امرا ان يقول: ان بيعه ابى بكر كانت فلته، فلقد كانت كذلك، فهذا يشعر بانه قد كان قال من قبل: ان بيعه ابى بكر كانت فلته.

و قد اكثر الناس فى حديث الفلته: و ذكرها شيوخنا المتكلمون، فقال شيخنا ابوعلى رحمه الله تعالى: الفلته ليست الزله و الخطيئه، بل هى البغته، و ما وقع فجاه من غير رويه و لا مشاوره، و استشهد بقول الشاعر: من يامن الحدثان بعد صبيره القرشى ماتا سبقت منيته المشيب و كان ميتته افتلاتا يعنى بغته.

و قال شيخنا ابو على رحمه الله تعالى: ذكر الرياشى ان العرب تسمى آخر يوم من شوال فلته، من حيث ان كل من لم يدرك ثاره فيه فاته: لانهم كانوا اذا دخلوا فى الاشهر الحرم لايطلبون الثار: و ذوال
قعده من الاشهر الحرم، فسموا ذلك اليوم فلته، لانهم اذا ادركوا فيه ثارهم، فقد ادركوا ما كان يفوتهم فاراد عمر ان بيعه ابى بكر تداركها بعد ان كادت تفوت.

و قوله: (وقى الله شرها) دليل على تصويب البيعه، لان المراد بذلك ان الله تعالى دفع شر الاختلاف فيها.

فاما قوله: (فمن عاد الى مثلها فاقتلوه): فالمراد من عاد الى ان يبايع من غير مشاوره و لا عدد يثبت صحه البيعه به، و لا ضروره داعيه الى البيعه ثم بسط يده على المسلمين يدخلهم فى البيعه قهرا، فاقتلوه.

قال قاضى القضاه رحمه الله تعالكى: و هل يشك احد فى تعظيم عمر لابى بكر و طاعته اياه! و معلوم ضروره من حال عمر اعظامه له، و القول بامامته و الرضا بالبيعه و الثناء عليه، فكيف يجوز ان يترك ما يعلم ضروره لقول محتمل ذى وجوه و تاويلات! و كيف يجوز ان تحمل هذه اللفظه من عمر على الذم و التخطئه و سوء القول! و اعلم ان هذه اللفظه من عمر مناسبه للفظات كثيره كان يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطينه و جفاء الطبيعه، و لا حيله له فيها، لانه مجبول عليها لايستطيع تغييرها، و لاريب عندنا انه كان يتعاطى ان يتلطف، و ان يخرج الفاظه مخارج حسنه لطيفه فينزع به الطبع الجاسى و الغريزه الغل
يظه الى امثال هذه اللفظات و لايقصد بها سوءا و لايريد بها ذما و لا تخطئه كما قدمنا من قبل فى اللفظه التى قالها فى مرض رسول الله (ص)، و كاللفظات التى قالها عام الحديبيه و غير ذلك، و الله تعالى لايجازى المكلف الا بما نواه، و لقد كانت نيته من اطهر النيات و اخلصها لله سبحانه و للمسلمين.

و من انصف علم ان هذا الكلام حق، و انه يغنى عن تاويل شيخنا ابى على.

و نحن من بعد نذكر ما قاله المرتضى رحمه الله تعالى فى كتاب "الشافى" لما تكلم فى هذا الموضع، قال: اما ما ادعى من العلم الضرورى برضا عمر ببيعه ابى بكر و امامته، فالمعلوم ضروره بلا شبهه انه كان راضيا بامامته، و ليس كل من رضى شيئا كان متدينا به، معتقدا لصوابه: فان كثيرا من الناس يرضون باشياء من حيث كانت دافعه لما هو اضر منها: و ان كانوا لايرونها صوابا و لو ملكوا الاختيار لاختاروا غيرها، و قد علمنا ان معاويه كان راضيا ببيعه يزيد و ولايه العهد له من بعده، و لم يكن متدينا بذلك و معتقدا صحته، و انما رضى عمر ببيعه ابى بكر من حيث كانت حاجزه عن بيعه اميرالمومنين (ع)، و لو ملك الاختيار لكان مصير الامر اليه اسر فى نفسه و اقر لعينه.

و ان ادعى ان المعلوم ضروره تدين عمر بامامه ابى
بكر و انه اولى بالامامه منه فهذا مدفوع اشد دفع مع انه قد كان يبدر من عمر فى وقت بعد آخر ما يدل على ما اوردناه.

روى الهيثم بن عدى من عبدالله بن عياش الهمدانى عن سعيد بن جبير، قال: ذكر ابوبكر و عمر، عند عبدالله بن عمر، فقال رجل: كانا و الله شمسى هذه الامه و نوريها فقال ابن عمر و ما يدريك قال الرجل او ليس قد ائتلفا قال ابن عمر بل اختلفا لو كنتم تعلمون اشهد انى كنت عند ابى يوما و قد امرنى ان احبس الناس عنه فاستاذن عليه عبدالرحمن بن ابى بكر فقال: عمر دويبه سوء و لهو خير من ابيه فاوحشنى ذلك منه فقلت يا ابت عبدالرحمن خير من ابيه! فقال: و من ليس بخير من ابيه لا ام لك ائذن لعبدالرحمن، فدخل عليه فكلمه فى الحطيئه الشاعر ان يرضى عنه- و قد كان عمر حبسه فى شعر قاله- فقال عمر: ان فى الحطيئه اودا فدعنى اقومه بطول حبسه، فالح عليه عبدالرحمن و ابى عمر، فخرج عبدالرحمن، فاقبل على ابى و قال: افى غفله انت الى يومك هذا عما كان من تقدم احيمق بنى تيم على و ظلمه لى! فقلت: لا علم لى بما كان من ذلك، قال: يا بنى فما عسيت ان تعلم؟ فقلت: و الله لهو احب الى الناس من ضياء ابصارهم، قال ان ذلك لكذلك على رغم ابيك و سخطه قلت يا ابت افلا تجلى عن
فعله بموقف فى الناس تبين ذلك لهم قال و كيف لى بذلك مع ما ذكرت انه احب الى الناس من ضياء ابصارهم اذن يرضخ راس ابيك بالجندل.

قال ابن عمر: ثم تجاسروا لله فجسر فما دارت الجمعه حتى قام خطيبا فى الناس فقال ايها الناس ان بيعه ابى بكر كانت فلته وقى الله شرها، فمن دعاكم الى مثلها فاقتلوه.

و روى الهيثم بن عدى، عن مجالد بن سعيد، قال: غدوت يوما الى الشعبى و انا اريد ان اساله عن شى ء بلغنى عن ابن مسعود انه كان يقوله فاتيته و هو فى مسجد حيه و فى المسجد قوم ينتظرونه، فخرج فتعرفت اليه، و قلت: اصلحك الله! كان ابن مسعود يقول: ما كنت محدثا قوما حديثا لاتبلغه عقولهم الا كان لبعضهم فتنه، قال: نعم، كان ابن مسعود يقول ذلك، و كان ابن عباس يقوله ايضا- و كان عند ابن عباس دفائن علم يعطيها اهلها و يصرفها عن غيرهم- فبينا نحن كذلك اذ اقبل رجل من الازد فجلس الينا فاخذنا فى ذكر ابى بكر و عمر، فضحك الشعبى و قال: لقد كان فى صدر عمر ضب على ابى بكر، فقال الازدى: و الله ما راينا و لاسمعنا برجل قط كان اسلس قيادا لرجل، و لااقول فيه بالجميل من عمر فى ابى بكر، فاقبل على الشعبى و قال: هذا مما سالت عنه، ثم اقبل على الرجل و قال: يا اخا الازد، فكيف تصن
ع بالفلته التى وقى الله شرها! اترى عدوا يقول فى عدو يريد ان يهدم ما بنى لنفسه فى الناس اكثر من قول عمر فى ابى بكر! فقال الرجل: سبحان الله! انت تقول ذلك يا ابا عمرو! فقال الشعبى: انا اقوله، قاله عمر بن الخطاب على روس الاشهاد، فلمه او دع.

فنهض الرجل مغضبا و هو يهمهم فى الكلام بشى ء لم افهمه.

قال مجالد: فقلت للشعبى: ما احسب هذا الرجل الا سينقل عنك هذا الكلام الى الناس و يبثه فيهم! قال: اذن و الله لااحفل به و شى ء لم يحفل به عمر حين قام على روس الاشهاد من المهاجرين و الانصار احفل به انا اذيعوه انتم عنى ايضا ما بدا لكم.

و روى شريك بن عبدالله النخعى، عن محمد بن عمرو بن مره عن ابيه عن عبدالله بن سلمه عن ابى موسى الاشعرى، قال: حججت مع عمر، فلما نزلنا و عظم الناس خرجت من رحلى اريده، فلقينى المغيره بن شعبه، فرافقنى، ثم قال: اين تريد؟ فقلت: اميرالمومنين، فهل لك؟ قال: نعم، فانطلقنا نريد رحل عمر، فانا لفى طريقنا اذ ذكرنا تولى عمر و قيامه بما هو فيه، و حياطته على الاسلام، و نهوضه بما قبله من ذلك ثم خرجنا الى ذكر ابى بكر فقلت للمغيره: يا لك الخير! لقد كان ابوبكر، مسددا فى عمر، لكانه ينظر الى قيامه من بعده و جده و اجتهاده و
غنائه فى الاسلام فقال المغيره لقد كان ذلك، و ان كان قوم كرهوا ولايه عمر ليزووها عنه، و ما كان لهم فى ذلك من حظ، فقلت له: لا ابا لك! و من القوم الذين كرهوا ذلك لعمر؟ فقال المغيره: لله انت كانك لا تعرف هذا الحى من قريش و ما خصوا به من الحسد فو الله لو كان هذا الحسد يدرك بحساب لكان لقريش تسعه اعشاره و للناس كلهم عشر، فقلت: مه يا مغيره! فان قريشا بانت بفضلها على الناس.

فلم نزل فى مثل ذلك حتى انتهينا الى رحل عمر فلم نجده، فسالنا عنه فقيل قد خرج آنفا، فمضينا نقفو اثره حتى دخلنا المسجد، فاذا عمر يطوف بالبيت فطفنا معه فلما فرغ دخل بينى و بين المغيره فتوكا على المغيره و قال: من اين جئتما؟ فقلنا: خرجنا نريدك يا اميرالمومنين، فاتينا رحلك فقيل لنا: خرج الى المسجد فاتبعناك.

فقال: اتبعكما الخير، ثم نظر المغيره الى و تبسم فرمقه عمر، فقال: مم تبسمت ايها العبد! فقال: من حديث كنت انا و ابوموسى فيه آنفا فى طريقنا اليك، قال: و ما ذاك الحديث؟ فقصصنا عليه الخبر حتى بلغنا ذكر حسد قريش، و ذكر من اراد صرف ابى بكر عن استخلاف عمر، فتنفس الصعداء ثم قال ثكلتك امك يا مغيره و ما تسعه اعشار الحسد! بل و تسعه اعشار العشر، و فى الناس كلهم عشر

/ 614