خطبه 091-پس از كشته شدن عثمان - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الشرح:

التعداد: مصدر: و خير: خبر مبتدا محذوف، تقديره: فانت خير مامول.

و معنى قوله: (قد بسطت لى)، اى قد آتيتنى لسنا و فصاحه وسعه منطق، فلاامدح غيرك، و لااحمد سواك.

و يعنى بمعادن الخيبه: البشر، لان مادحهم و موملهم يخيب فى الاكثر، و جعلهم مواضع الريبه، لانهم لايوثق بهم فى حال: و معنى قوله (ع): (و قد رجوتك دليلا على ذخائر الرحمه و كنوز المغفره)، انه راج منه ان يدله على الاعمال التى ترضيه سبحانه، و يستوجب بها منه الرحمه و المغفره، و كانه جعل تلك الاعمال التى يرجو ان يدل عليها ذخائر للرحمه و كنوزا.

و الفاقه: الفقر، و كذلك المسكنه.

و ينعش، بالفتح: يرفع، و الماضى نعش، و منه النعش لارتفاعه.

و المن: العطاء و النعمه، و المنان، من اسماء الله سبحانه.

خطبه 091-پس از كشته شدن عثمان

الشرح:

فى اكثر النسخ: (لما اراده الناس على البيعه)، و وجدت فى بعضها: (اداره الناس على البيعه)، فمن روى الاول جعل (على) متعلقه بمحذوف، و تقديره (موافقا)، و من روى الثانى جعلها متعلقه بالفعل الظاهر نفسه، و هو (اداره)، تقول: ادرت فلانا على كذا، و داورت فلانا على كذا، اى عالجته.

و لاتقوم له القلوب، اى لاتصبر.

و اغامت الافاق: غطاها الغيم، اغامت و غامت، و اغيمت و تغيمت، كله بمعنى، و المحجه: الطريق.

و تنكرت: جهلت فلم تعرف.

و (وزيرا) و (اميرا): منصوبان على الحال.

و هذا الكلام يحمله اصحابنا على ظاهره، و يقولون: انه (ع) لم يكن منصوصا عليه بالامامه من جهه الرسول (ص)، و ان كان اولى الناس بها و احقهم بمنزلتها، لانه لو كان منصوصا عليه بالامامه من جهه الرسول عليه الصلاه و السلام لما جاز له ان يقول: (دعونى و التمسوا غيرى)، و لا ان يقول: (و لعلى اسمعكم و اطوعكم لمن وليتموه امركم)، و لا ان يقول: (و انا لكم وزيرا خير منى لكم اميرا) و تحمله الاماميه على وجه آخر فيقولون: ان الذين ارادوه على البيعه هم كانوا العاقدين بيعه الخلفاء من قبل، و قد كان عثمان منعهم او منع كثيرا منهم عن حقه من العطاء، لان بنى اميه استاصلوا
الاموال فى ايام عثمان، فلما قتل قالوا لعلى (ع): نبايعك على ان تسير فينا سيره ابى بكر و عمر، لانهما كانا لايستاثران بالمال لانفسهما و لا لاهلهما، فطلبوا من على (ع) البيعه، على ان يقسم عليهم بيوت الاموال قسمه ابى بكر و عمر، فاستعفاهم و سالهم ان يطلبوا غيره ممن يسير بسيرتهما، و قال لهم كلاما تحته رمز، و هو قوله: (انا مستقبلون امرا له وجوه و الوان، لاتقوم له القلوب، و لاتثبت عليه العقول، و ان الافاق قد اغامت، و المحجه قد تنكرت).

قالوا: و هذا كلام له باطن و غور عميق، معناه الاخبار عن غيب يعلمه هو و يجهلونه هم، و هو الانذار بحرب المسلمين بعضهم لبعض، و اختلاف الكلمه و ظهور الفتنه.

و معنى قوله: (له وجوه و الوان) انه موضع شبهه و تاويل، فمن قائل يقول: اصاب على، و من قائل يقول: اخطاء، و كذلك القول فى تصويب محاربيه من اهل الجمل و صفين و النهروان و تخطئتهم، فان المذاهب فيه و فيهم تشعبت و تفرقت جدا.

و معنى قوله: (الافاق قد اغامت، و المحجه قد تنكرت) ان الشبهه قد استولت على العقول و القلوب، و جهل اكثر الناس محجه الحق اين هى، فانا لكم وزيرا عن رسول الله (ص) افتى فيكم بشريعته و احكامه خير لكم منى اميرا محجورا عليه مدبرا بتدبي
ركم، فانى اعلم انه لاقدره لى ان اسير فيكم بسيره رسول الله (ص) فى اصحابه مستقلا بالتدبير، لفساد احوالكم، و تعذر صلاحكم.

و قد حمل بعضهم كلامه على محمل آخر، فقال: هذا كلام مستزيد شاك من اصحابه، يقول لهم: دعونى و التمسوا غيرى، على طريق الضجر منهم، و التبرم بهم و التسخط لافعالهم، لانهم كانوا عدلوا عنه من قبل، و اختاروا عليه، فلما طلبوه بعد اجابهم جواب المتسخط العاتب.

و حمل قوم منهم الكلام على وجه آخر، فقالوا: انه اخرجه مخرج التهكم و السخريه، اى انا لكم وزيرا خير منى لكم اميرا فيما تعتقدونه، كما قال سبحانه: (ذق انك انت العزيز الكريم) اى تزعم لنفسك ذلك و تعتقده.

و اعلم ان ما ذكروه ليس ببعيد ان يحمل الكلام عليه لو كان الدليل قد دل على ذلك، فاما اذا لم يدل عليه دليل، فلايجوز صرف اللفظ عن ظاهره، و نحن نتمسك بالظاهر الا ان تقوم دلاله على مذهبهم تصدنا عن حمل اللفظ عن ظاهره، و لو جاز ان تصرف الالفاظ عن ظواهرها لغير دليل قاهر يصدف و يصد عنها، لم يبق وثوق بكلام الله عز و جل و بكلام رسوله (ع)، و قد ذكرنا فيما تقدم كيفيه الحال التى كانت بعد قتل عثمان، و البيعه العلويه كيف وقعت.

(فصل فيما كان من امر طلحه و الزبير عند قسم الم
ال) و نحن نذكر هاهنا فى هذه القصه ما ذكره شيخنا ابوجعفر الاسكافى فى كتابه الذى نقض فيه "كتاب العثمانيه" لشيخنا ابى عثمان، فان الذى ذكره لم نورده نحن فيما تقدم.

قال ابوجعفر: لما اجتمعت الصحابه فى مسجد رسول الله (ص) بعد قتل عثمان للنظر فى امر الامامه، اشار ابوالهيثم بن التيهان و رفاعه بن رافع و مالك بن العجلان و ابوايوب الانصارى و عمار بن ياسر بعلى (ع)، و ذكروا فضله و سابقته و جهاده و قرابته، فاجابهم الناس اليه، فقام كل واحد منهم خطيبا يذكر فضل على (ع)، فمنهم من فضله على اهل عصره خاصه، و منهم من فضله على المسلمين كلهم كافه.

ثم بويع و صعد المنبر فى اليوم الثانى من يوم البيعه، و هو يوم السبت، لاحدى عشره ليله بقين من ذى الحجه، فحمد الله و اثنى عليه، و ذكر محمدا فصلى عليه، ثم ذكر نعمه الله على اهل الاسلام، ثم ذكر الدنيا، فزهدهم فيها، و ذكر الاخره فرغبهم اليها، ثم قال: اما بعد، فانه لما قبض رسول الله (ص) استخلف الناس ابابكر، ثم استخلف ابوبكر عمر، فعمل بطريقه، ثم جعلها شورى بين سته، فافضى الامر منهم الى عثمان، فعمل ما انكرتم و عرفتم، ثم حصر و قتل، ثم جئتمونى طائعين فطلبتم الى، و انما انا رجل منكم، لى مالكم، و على م
ا عليكم، و قد فتح الله الباب بينكم و بين اهل القبله، و اقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، و لايحمل هذا الامر الا اهل الصبر و البصر و العلم بمواقع الامر، و انى حاملكم على منهج نبيكم (ص)، و منفذ فيكم ما امرت به، ان استقمتم لى.

و بالله المستعان.

الا ان موضعى من رسول الله (ص) بعد وفاته كموضعى منه ايام حياته، فامضوا لما تومرون به، و قفوا عند ما تنهون عنه، و لاتعجلوا فى امر حتى نبينه لكم، فان لنا عن كل امر تنكرونه عذرا.

الا و ان الله عالم من فوق سمائه و عرشه انى كنت كارها للولايه على امه محمد، حتى اجتمع رايكم على ذلك، لانى سمعت رسول الله (ص) يقول: (ايما وال ولى الامر من بعدى، اقيم على حد الصراط، و نشرت الملائكه صحيفته، فان كان عادلا انجاه الله بعدله، و ان كان جائرا انتفض به الصراط حتى تتزايل مفاصله، ثم يهوى الى النار، فيكون اول ما يتقبها به انفه و حر وجهه)، و لكنى لما اجتمع رايكم لم يسعنى ترككم.

ثم التفت (ع) يمينا و شمالا، فقال: الا لايقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار، و فجروا الانهار، و ركبوا الخيول الفارهه، و اتخذوا الوصائف الروقه، فصار ذلك عليهم عارا و شنارا، اذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، و ا
صرتهم الى حقوقهم التى يعلمون، فينقمون ذلك، و يستنكرون و يقولون: حرمنا ابن ابى طالب حقوقنا! الا و ايما رجل من المهاجرين و الانصار من اصحاب رسول الله (ص) يرى ان الفضل له على من سواه لصحبته، فان الفضل النير غدا عند الله، و ثوابه و اجره على الله، و ايما رجل استجاب لله و للرسول، فصدق ملتنا، و دخل فى ديننا، و استقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق الاسلام و حدوده، فانتم عباد الله، و المال مال الله، يقسم بينكم بالسويه، لافضل فيه لاحد على احد، و للمتقين عند الله غدا احسن الجزاء، و افضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين اجرا و لا ثوابا، و ما عند الله خير للابرار.

و اذا كان غدا ان شاءالله فاغدوا علينا، فان عندنا مالا نقسمه فيكم.

و لايتخلفن احد منكم، عربى و لا عجمى، كان من اهل العطاء او لم يكن، الا حضر، اذا كان مسلما حرا.

اقول قولى هذا و استغفر الله لى و لكم.

ثم نزل.

قال شيخنا ابوجعفر: و كان هذا اول ما انكروه من كلامه (ع)، و اورثهم الضغن عليه، و كرهوا اعطاءه و قسمه بالسويه.

فلما كان من الغد، غدا و غدا الناس لقبض المال، فقال لعبيدالله بن ابى رافع كاتبه: ابدا بالمهاجرين فنادهم، و اعط كل رجل ممن حضر ثلاثه دنانير ثم ثن بالانصار
فافعل معهم مثل ذلك، و من يحضر من الناس كلهم، الاحمر و الاسود فاصنع به مثل ذلك.

فقال سهل بن حنيف: يا اميرالمومنين، هذا غلامى بالامس، و قد اعتقته اليوم، فقال: نعطيه كما نعطيك، فاعطى كل واحد منهما ثلاثه دنانير، و لم يفضل احدا على احد، و تخلف عن هذا القسم يومئذ طلحه و الزبير و عبدالله بن عمر و سعيد بن العاص و مروان بن الحكم، و رجال من قريش و غيرها.

قال: و سمع عبيدالله بن ابى رافع عبدالله بن الزبير يقول لابيه و طلحه و مروان و سعيد: ما خفى علينا امس من كلام على ما يريد، فقال سعيد بن العاص- و التفت الى زيد بن ثابت: اياك اعنى و اسمعى يا جاره، فقال عبيدالله بن ابى رافع لسعيد و عبدالله ابن الزبير: ان الله يقول فى كتابه: (و لكن اكثرهم للحق كارهون).

ثم ان عبيدالله بن ابى رافع اخبر عليا (ع) بذلك، فقال: و الله ان بقيت و سلمت لهم لاقيمنهم على المحجه البيضاء، و الطريق الواضح، قاتل الله ابن العاص! لقد عرف من كلامى و نظرى اليه امس انى اريده و اصحابه ممن هلك فيمن هلك.

قال: فبينا الناس فى المسجد بعد الصبح اذ طلع الزبير و طلحه، فجلسا ناحيه عن على (ع)، ثم طلع مروان و سعيد و عبدالله بن الزبير، فجلسوا اليهما، ثم جاء قوم من قريش فانض
موا اليهم، فتحدثوا نجيا ساعه، ثم قام الوليد بن عقبه بن ابى معيط، فجاء الى على (ع)، فقال: يا اباالحسن، انك قد وترتنا جميعا، اما انا فقتلت ابى يوم بدر صبرا، و خذلت اخى يوم الدار بالامس، و اما سعيد فقتلت اباه يوم بدر فى الحرب- و كان ثور قريش- و اما مروان فسخفت اباه عند عثمان اذ ضمه اليه، و نحن اخوتك و نظراءك من بنى عبد مناف، و نحن نبايعك اليوم على ان تضع عنا ما اصبناه من المال فى ايام عثمان، و ان تقتل قتلته، و انا ان خفناك تركناك، فالتحقنا بالشام.

فقال: اما ما ذكرتم من وترى اياكم فالحق وتركم، و اما وضعى عنكم ما اصبتم فليس لى ان اضع حق الله عنكم و لا عن غيركم، و اما قتلى قتله عثمان فلو لزمنى قتلهم اليوم لقتلتهم امس، و لكن لكم على ان خفتمونى ان او منكم و ان خفتكم ان اسيركم.

فقام الوليد الى اصحابه فحدثهم، و افترقوا على اظهار العداوه و اشاعه الخلاف، فلما ظهر ذلك من امرهم، قال عمار بن ياسر لاصحابه: قوموا بنا الى هولاء النفر من اخوانكم فانه قد بلغنا عنهم و راينا منهم ما نكره من الخلاف، و الطعن على امامهم، و قد دخل اهل الجفاء بينهم و بين الزبير و الاعسر العاق- يعنى طلحه.

فقال ابوالهيثم و عمار و ابوايوب و سهل بن حنيف و
جماعه معهم، فدخلوا على على (ع)، فقالوا: يا اميرالمومنين، انظر فى امرك، و عاتب قومك، هذا الحى من قريش فانهم قد نقضوا عهدك، و اخلفوا وعدك، و قد دعونا فى السر الى رفضك، هداك الله لرشدك! و ذاك لانهم كرهوا الاسوه، و فقدوا الاثره، و لما آسيت بينهم و بين الاعاجم انكروا و استشاروا عدوك و عظموه، و اظهروا الطلب بدم عثمان فرقه للجماعه، و تالفا لاهل الضلاله.

فرايك! فخرج على (ع)، فدخل المسجد، و صعد المنبر مرتديا بطاق، موتزرا ببرد قطرى، متقلدا سيفا، متوكئا على قوس، فقال: اما بعد، فانا نحمد الله ربنا و الهنا و ولينا، و ولى النعم علينا، الذى اصبحت نعمه علينا ظاهره و باطنه، امتنانا منه بغير حول منا و لاقوه، ليبلونا انشكر ام نكفر، فمن شكر زاده و من كفر عذبه، فافضل الناس عند الله منزله، و اقربهم من الله وسيله، اطوعهم لامره، و اعملهم بطاعته، و اتبعهم لسنه رسوله، و احياهم لكتابه، ليس لاحد عندنا فضل الا بطاعه الله و طاعه الرسول.

هذا كتاب الله بين اظهرنا، و عهد رسول الله و سيرته فينا، لايجهل ذلك الا جاهل عاند عن الحق منكر، قال الله تعالى: (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله
اتقاكم).

ثم صاح باعلى صوته: اطيعوا الله و اطيعوا الرسول، فان توليتم فان الله لايحب الكافرين.

ثم قال: يامعشر المهاجرين و الانصار: اتمنون على الله و رسوله باسلامكم، بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين.

ثم قال: انا ابوالحسن- و كان يقولها اذا غضب- ثم قال: الا ان هذه الدنيا التى اصبحتم تمنونها و ترغبون فيها، و اصبحت تغضبكم و ترضيكم، ليست بداركم و لا منزلكم الذى خلقتم له، فلاتغرنكم فقد حذرتكموها، و استتموا نعم الله عليكم بالصبر لانفسكم على طاعه الله، و الذل لحكمه جل ثناوه، فاما هذا الفى ء فليس لاحد على احد فيه اثره، و قد فرغ الله من قسمته، فهو مال الله، و انتم عباد الله المسلمون، و هذا كتاب الله به اقررنا و له اسلمنا، و عهد نبينا بين اظهرنا، فمن لم يرض به فليتول كيف شاء، فان العامل بطاعه الله و الحاكم بحكم الله لاوحشه عليه.

ثم نزل عن المنبر، فصلى ركعتين، ثم بعث بعمار بن ياسر، و عبدالرحمن بن حنبل القرشى الى طلحه و الزبير، و هما فى ناحيه المسجد، فاتياهما فدعوا هما، فقاما حتى جلسا اليه (ع)، فقال لهما: نشدتكما الله، هل جئتمانى طائعين للبيعه، و دعوتمانى اليها، و انا كاره لها! قالا: نعم، فقال: غير مجبرين و
لا مقسورين، فاسلمتما لى بيعتكما و اعطيتمانى عهدكما! قالا: نعم، قال: فما دعاكما بعد الى ما ارى؟ قالا: اعطيناك بيعتنا على الا تقضى الامور و لاتقطعها دوننا، و ان تستشيرنا فى كل امر و لاتستبد بذلك علينا، و لنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت، فانت تقسم القسم و تقطع الامر، و تمضى الحكم بغير مشاورتنا و لا علمنا.

فقال: لقد نقمتما يسيرا، و ارجاتما كثيرا، فاستغفرا الله يغفر لكما.

الا تخبراننى، ادفعتكما عن حق وجب لكما فظلمتكما اياه؟ قالا: معاذ الله! قال: فهل استاثرت من هذا المال لنفسى بشى ء؟ قالا: معاذ الله! قال: افوقع حكم او حق لاحد من المسلمين فجهلته او ضعفت عنه؟ قالا: معاذ الله! قال: فما الذى كرهتما من امرى حتى رايتما خلافى؟ قالا: خلافك عمر بن الخطاب فى القسم، انك جعلت حقنا فى القسم كحق غيرنا، و سويت بيننا و بين من لايماثلنا فيما افاء الله تعالى علينا باسيافنا و رماحنا، و اوجفنا عليه بخيلنا و رجلنا، و ظهرت عليه دعوتنا، و اخذناه قسرا قهرا، ممن لايرى الاسلام الا كرها.

فقال: فاما ما ذكرتماه من الاستشاره بكما فو الله ما كانت لى فى الولايه رغبه، و لكنكم دعوتمونى اليها، و جعلتمونى عليها، فخفت ان اردكم فتختلف الامه، فلما اف
ضت الى نظرت فى كتاب الله و سنه رسوله فامضيت ما دلانى عليه و اتبعته، و لم احتج الى آرائكما فيه، و لا راى غيركما، و لو وقع حكم ليس فى كتاب الله بيانه و لا فى السنه برهانه، و احتيج الى المشاوره فيه لشاورتكما فيه، و اما القسم و الاسوه، فان ذلك امر لم احكم فيه بادى ء بدء! قد وجدت انا و انتما رسول الله (ص) يحكم بذلك، و كتاب الله ناطق به، و هو الكتاب الذى لاياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

و اما قولكما: جعلت فيئنا و ما افاءته سيوفنا و رماحنا، سواء بيننا و بين غيرنا، فقديما سبق الى الاسلام قوم و نصروه بسيوفهم و رماحهم، فلم يفضلهم رسول الله (ص) فى القسم، و لا آثرهم بالسبق، و الله سبحانه موف السابق و المجاهد يوم القيامه اعمالهم، و ليس لكما و الله عندى و لا لغيركما الا هذا.

اخذ الله بقلوبنا و قلوبكم الى الحق، و الهمنا و اياكم الصبر.

ثم قال: رحم الله امرا راى حقا فاعان عليه، و راى جورا فرده، و كان عونا للحق على من خالفه.

قال شيخنا ابوجعفر: و قد روى انهما قالا له وقت البيعه نبايعك على انا شركاوك فى هذا الامر، فقال لهما: لا، و لكنكما شريكاى فى الفى ء، لا استاثر عليكما و لا على عبد حبشى مجدع بدرهم
فما دونه، لا انا و لا ولد اى هذان، فان ابيتما الا لفظ الشركه، فانما عونان لى عند العجز و الفاقه، لا عند القوه و الاستقامه.

قال ابوجعفر: فاشترطا ما لايجوز فى عقد الامانه، و شرط (ع) لهما ما يجب فى الدين و الشريعه.

قال رحمه الله تعالى: و قد روى ايضا ان الزبير قال فى ملا من الناس: هذا جزاونا من على! قمنا له فى امر عثمان حتى قتل، فلما بلغ بنا ما اراد جعل فوقنا من كنا فوقه.

و قال طلحه: ما اللوم الا علينا، كنا معه اهل الشورى ثلاثه، فكرهه احدنا- يعنى سعدا- و بايعناه، فاعطيناه ما فى ايدينا، و منعنا ما فى يده، فاصبحنا قد اخطانا اليوم ما رجوناه امس، و لانرجو غدا ما اخطانا اليوم.

فان قلت فان ابابكر قسم بالسواء، كما قسمه اميرالمومنين (ع)، و لم ينكروا ذلك، كما انكروه ايام اميرالمومنين (ع)، فما الفرق بين الحالتين؟ قلت: ان ابابكر قسم محتذيا لقسم رسول الله (ص)، فلما ولى عمر الخلافه، و فضل قوما على قوم الفوا ذلك، و نسوا تلك القسمه الاولى، و طالت ايام عمر، و اشربت قلوبهم حب المال، و كثره العطاء.

و اما الذين اهتضموا فقنعوا و مرنوا على القناعه، و لم يخطر لاحد من الفريقين له ان هذه الحال تنتقض او تتغير بوجه ما، فلما ولى عثمان اجر
ى الامر على ما كان عمر يجريه، فازداد وثوق القوم بذلك، و من الف امرا اشق عليه فراقه، و تغيير العاده فيه، فلما ولى اميرالمومنين (ع) اراد ان يرد الامر الى ما كان فى ايام رسول الله (ص) و ابى بكر، و قد نسى ذلك و رفض و تخلل بين الزمانين اثنتان و عشرون سنه، فشق ذلك عليهم، و انكروه و اكبروه، حتى حدث ما حدث من نقض البيعه، و مفارقه الطاعه، و لله امر هو بالغه!

/ 614