حکمت 036 - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

حکمت 036

الشرح:

اشتدوا بين يديه: اسرعوا شيئا، فنهاهم عن ذلك و قال: انكم تشقون به على انفسكم لما فيه من تعب الابدان.

و تشقون به فى آخرتكم: تخضعون للولاه، كما زعمتم انه خلق و عاده لكم، خضوعا تطلبون به الدنيا و المنافع العاجله فيها، و كل خضوع و تذلل لغير الله فهو معصيه.

ثم ذكر ان الخسران المبين مشقه عاجله يتبعها عقاب الاخره و الربح البين دعه عاجله يتبعها الامان من النار.

حکمت 037

الشرح:

هذا الفصل يتضمن ذكر العقل و الحمق، و العجب و حسن الخلق، و البخل و الفجور، و الكذب، و قد تقدم كلامنا فى هذه الخصال اجمع، و قد اخذت قوله (ع): (اياك و مصادقه الاحمق فانه يريد ان ينفعك فيضرك) فقلت فى ابيات لى: حياتك لاتصحبن الجهول فلا خير فى صحبه الاخرق يظن اخو الجهل ان الضلا ل عين الرشاد فلا يتقى و يكسب صاحبه حمقه فيسرق منه و لايسرق و اقسم ان العدو اللبي ب خير من المشفق الاحمق

حکمت 038

الشرح:

هذا الكلام يمكن ان يحمل على حقيقته، و يمكن ان يحمل على مجازه، فان حمل على حقيقته فقد ذهب الى هذا المذهب كثير من الفقهاء، و هو مذهب الاماميه، و هو انه لايصح التنفل ممن عليه قضاء فريضه فاتته لا فى الصلاه و لا فى غيرها، فاما الحج فمتفق عليه بين المسلمين انه لايصح الابتداء بنفله، و اذا نوى نيه النفل، و لم يكن قد حج حجه الاسلام وقع حجه فرضا، فاما نوافل الزكاه فما عرفت احدا قال: انه لايثاب المتصدق بها، و ان كان لم يود الزكاه الواجبه.

و اما اذا حمل على مجازه، فان معناه يجب الابتداء بالاهم و تقديمه على ما ليس باهم، فتدخل هذه الكلمه فى الاداب السلطانيه و الاخوانيه، نحو ان تقول لمن توصيه: لاتبدا بخدمه حاجب الملك قبل ان تبدا بخدمه ولد الملك، فانك انما تروم القربه للملك بالخدمه، و لا قربه اليه فى تاخير خدمه ولده و تقديم خدمه غلامه، و حمل الكلمه على حقيقتها اولى، لان اهتمام اميرالمومنين (ع) بالامور الدينيه و الشرعيه فى وصاياه و منثور كلامه اعظم.

حکمت 039

قال الرضى رحمه الله تعالى: و هذا من المعانى العجيبه الشريفه، و المراد به ان العاقل لايطلق لسانه الا بعد مشاوره الرويه، و موامره الفكره، و الاحمق تسبق حذفات لسانه، و فلتات كلامه، مراجعه فكره، و مماخضه رايه، فكان لسان العاقل تابع لقلبه، و كان قلب الاحمق تابع للسانه.

قال: و قد روى عنه (ع) هذا المعنى بلفظ آخر، و هو قوله: (قلب الاحمق فى فيه، و لسان العاقل فى قلبه) و معناهما واحد.

الشرح:

قد تقدم القول فى العقل و الحمق، و نذكر هاهنا زيادات اخرى.

(اقوال و حكايات حول الحمقى) قالوا كل شى ء يعز اذا قل، و العقل كلما كان اكثر كان اعز و اغلى.

و كان عبدالملك يقول: انا للعاقل المدبر ارجى منى للاحمق المقبل.

قيل لبعضهم: ما جماع العقل؟ فقال: ما رايته مجتمعا فى احد فاصفه، و ما لايوجد كاملا فلا حد له.

و قال الزهرى: اذا انكرت عقلك فاقدحه بعاقل.

و قيل: عظمت المئونه فى عاقل متجاهل، و جاهل متعاقل.

و قيل: الاحمق يتحفظ من كل شى ء الا من نفسه.

و قيل لبعضهم: العقل افضل ام الجد؟ فقال العقل من الجد.

و خطب رجلان الى ديماووس الحكيم ابنته، و كان احدهما فقيرا و الاخر غنيا، فزوجها من الفقير، فساله الاسكندر عن ذلك، فقال: لا
ن الغنى كان احمق، فكنت اخاف عليه الفقر، و الفقير كان عاقلا، فرجوت له الغنى.

و قال ارسطو: العاقل يوافق العاقل، و الاحمق لايوافق العاقل، و لااحمق كالعود المستقيم الذى ينطبق على المستقيم، فاما المعوج فانه لاينطبق على المعوج و لا على المستقيم.

و قال بعضهم: لان ازاول احمق احب الى من ان ازاول نصف احمق- اعنى الجاهل المتعاقل.

و اعلم ان اخبار الحمقى و نوادرهم كثيره، الا انا نذكر منها هاهنا ما يليق بكتابنا، فانه كتاب نزهناه عن الخلاعه و الفحش اجلالا لمنصب اميرالمومنين.

قال هشام بن عبدالملك يوما لاصحابه: ان حمق الرجل يعرف بخصال اربع: طول لحيته، و بشاعه كنيته، و نقش خاتمه، و افراط نهمته.

فدخل عليه شيخ طويل العثنون، فقال هشام: اما هذا فقد جاء بواحده، فانظروا اين هو من الباقى، قالوا له: ما كنيه الشيخ؟ قال: ابوالياقوت، فسالوه عن نقش خاتمه، فاذا هو: (و جائوا على قميصه بدم كذب) فقيل له: اى الطعام تشتهى؟ قال: الدباء بالزيت، فقال هشام: ان صاحبكم قد كمل.

و سمع عمر بن عبدالعزيز رجلا ينادى آخر: يا اباالعمرين، فقال: لو كان له عقل لكفاه احدهما.

و ارسل ابن لعجل بن لجيم فرسا له فى حلبه، فجاء سابقا، فقيل له: سمه باسم يعرف به، فقام ففق
ا عينه و قال: قد سميته الاعور، فقال شاعر يهجوه: رمتنى بنو عجل بداء ابيهم و اى عباد الله انوك من عجل! اليس ابوهم عار عين جواده فاضحت به الامثال تضرب بالجهل و قال ابوكعب القاص فى قصصه: ان النبى (ص) قال فى كبد حمزه ما علمتم، فادعوا الله ان يطعمنا من كبد حمزه!.

و قال مره فى قصصه: اسم الذئب الذى اكل يوسف كذا و كذا، فقيل له: ان يوسف لم ياكله الذئب؟ فقال: فهذا اسم الذئب الذى لم ياكل يوسف.

و دخل كعب البقر الهاشمى على محمد بن عبدالله بن طاهر يعزيه فى اخيه، فقال له: اعظم الله مصيبه الامير! فقال الامير: اما فيك فقد فعل، و الله لقد هممت ان احلق لحيتك، فقال: انما هى لحيه الله و لحيه الامير فليفعل ما احب.

و كان عامر بن كريز ابوعبدالله بن عامر، من حمقى قريش، نظر الى عبدالله و هو يخطب و الناس يستحسنون كلامه، فقال لانسان الى جانبه: انا اخرجته من هذا- و اشار الى متاعه.

و من حمقى قريش العاص بن هشام المخزومى، و كان ابولهب قامره فقمره ماله ثم داره، ثم قليله و كثيره و اهله و نفسه، فاتخذه عبدا، و اسلمه قينا، فلما كان يوم بدر بعث به بديلا عن نفسه، فقتل ببدر، قتله عمر بن الخطاب، و كان ابن عم امه.

و من الحمقى الاحوص بن جعفر ب
ن عمرو بن حريث، قال له يوما مجالسوه: ما بال وجهك اصفر! اتشتكى شيئا؟ فرجع الى اهله، و قال: يا بنى الخيبه، انا شاك و لاتعلموننى! اطرحوا على الثياب و ابعثوا الى الطبيب.

و من حمقى بنى عجل حسان بن الغضبان من اهل الكوفه، ورث نصف دار ابيه، فقال: اريد ان ابيع حصتى من الدار، و اشترى بالثمن النصف الباقى، فتصير الدار كلها لى.

و من حمقى قريش بكار بن عبدالملك بن مروان، و كان ابوه ينهاه ان يجالس خالد ابن يزيد بن معاويه لما يعرف من حمقه، فجلس يوما الى خالد، فقال خالد يعبث به: هذا و الله المردد فى بنى عبدمناف، فقال بكار: اجل، انا و الله كما قال الاول: مردد فى بنى اللخناء ترديدا.

و طار لبكار هذا بازى، فقال لصاحب الشرطه: اغلق ابواب دمشق لئلا يخرج البازى.

و من حمقى قريش معاويه بن مروان بن الحكم، بينا هو واقف بباب دمشق ينتظر اخاه عبدالملك على باب طحان و حمار الطحان، يدور بالرحا و فى عنقه جلجل، فقال للطحان: لم جعلت فى عنق هذا الحمار جلجلا؟ فقال: ربما ادركتنى نعسه او سامه، فاذا لم اسمع صوت الجلجل علمت انه قد نام، فصحت به، فقال: ارايته ان قام و حرك راسه، ما علمك به انه قائم؟ فقال: و من لحمارى بمثل عقل الامير!.

و قال معاويه لحميه و
قد دخل بابنته تلك الليله فافتضها: لقد ملاتنا ابنتك البارحه دما، فقال: انها من نسوه يخبان ذلك لازواجهن.

و من حمقى قريش سليمان بن يزيد بن عبدالملك، قال يوما: لعن الله الوليد اخى! فلقد كان فاجرا، ارادنى على الفاحشه، فقال له قائل من اهله، اسكت ويحك، فو الله ان كان هم لقد فعل!.

و خطب سعيد بن العاص عائشه ابنه عثمان، فقالت: هو احمق، لااتزوجه ابدا، له برذونان لونهما واحد عند الناس، و يحمل مونه اثنين.

و ممن كان يحمق من قريش عتبه بن ابى سفيان بن حرب و عبدالله بن معاويه بن ابى سفيان و عبدالله بن قيس بن مخرمه بن المطلب و سهل بن عمرو اخو سهيل بن عمرو بن العاص و كان عبدالملك بن مروان يقول: احمق بيت فى قريش آل قيس ابن مخرمه.

و من القبائل المشهوره بالحمق الازد، كتب مسلمه بن عبدالملك الى يزيد بن المهلب لما خرج عليهم: انك لست بصاحب هذا الامر، ان صاحبه مغمور موتور، و انت مشهور غير موتور.

فقام اليه رجل من الازد، فقال: قدم ابنك مخلدا حتى يقتل فتصير موتورا.

و قام رجل من الازد الى عبيدالله بن زياد فقال: اصلح الله الامير! ان امراتى هلكت، و قد اردت ان اتزوج امها، و هذا عريفى فاعنى فى الصداق، فقال: فى كم انت من العطائ؟ فقال فى سبعمائه
، فقال: حطوا من عطائه اربعمائه، يكفيك ثلاثمائه.

و مدح رجل منهم المهلب فقال: نعم امير الرفقه المهلب ابيض وضاح كتيس الحلب فقال المهلب: حسبك يرحمك الله!.

و كان عبدالملك بن هلال عنده زنبيل مملوء حصا للتسبيح، فكان يسبح بواحده واحده، فاذا مل طرح اثنتين اثنتين، ثم ثلاثا ثلاثا، فاذا ازداد ملاله قبض قبضه و قال: سبحان الله عددك! فاذا ضجر اخذ بعرا الزنبيل و قلبه، و قال: سبحان الله بعدد هذا.

و دخل قوم منزل الخريمى لبعض الامر، فجاء وقت صلاه الظهر، فسالوه عن القبله، فقال: انما تركتها منذ شهر.

و حكى بعضهم: قال: رايت اعرابيا يبكى، فسالته عن سبب بكائه، فقال: بلغنى ان جالوت قتل مظلوما.

وصف بعضهم احمق، فقال: يسمع غير ما يقال، و يحفظ غير ما يسمع، و يكتب غير ما يحفظ، و يحدث بغير ما يكتب.

قال المامون لثمامه: ما جهد البلاء يا ابامعن؟ قال: عالم يجرى عليه حكم جاهل.

قال: من اين قلت هذا؟ قال: حبسنى الرشيد عند مسرور الكبير، فضيق على انفاسى، فسمعته يوما يقرا: (ويل يومئذ للمكذبين) بفتح الذال، فقلت له: لاتقل ايها الامير هكذا، قل: (للمكذبين)، و كسرت له الذال، لان المكذبين هم الانبياء، فقال: قد كان يقال لى عنك: انك قدرى، فلا نجوت ان نجو
ت الليله منى! فعاينت منه تلك الليله الموت من شده ما عذبنى.

قال اعرابى لابنه: يا بنى كن سبعا خالصا، او ذئبا حائسا، او كلبا حارسا، و لاتكن احمق ناقصا.

و كان يقال: لولا ظلمه الخطا ما اشرق نور الصواب.

و قال ابوسعيد السيرافى: رايت متكلما ببغداد بلغ به نقصه فى العربيه انه قال فى مجلس مشهور: ان العبد (مضطر) بفتح الطاء، و الله (مضطر) بكسرها، و زعم ان من قال: (الله مضطر عبد الى كذا)، بالفتح كافر، فانظر اين بلغ به جهله، و الى اى رذيله اداه نقصه!.

وصف بعضهم انسانا احمق، فقال: و الله للحكمه ازل عن قلبه من المداد عن الاديم الدهين.

مر عمر بن الخطاب على رماه غرض، فسمع بعضهم يقول: اخطيت و اسبت، فقال له: مه، فان سوء اللحن شر من سوء الرمايه.

تضجر عمر بن عبدالعزيز من كلام رجل بين يديه، فقال له صاحب شرطته: قم فقد اوذيت اميرالمومنين! فقال عمر: و الله انك لاشد اذى لى بكلامك هذا منه.

و من حمقى العرب و جهلائهم كلاب بن صعصعه، خرج اخوته يشترون خيلا، فخرج معهم، فجاء بعجل يقوده، فقيل له: ما هذا؟ فقال: فرس اشتريته، قالوا: يا مائق، هذه بقره، اما ترى قرنيها! فرجع الى منزله فقطع قرنيها، ثم قادها، فقال لهم: قد اعدتها فرسا كما تريدون، فاولاد
ه يدعون بنى فارس البقره.

و كان شذره بن الزبرقان بن بدر من الحمقى، جاء يوم الجمعه الى المسجد الجامع فاخذ بعضادتى الباب، ثم رفع صوته: سلام عليكم، ايلج شذره؟ فقيل له: هذا يوم لايستاذن فيه، فقال: او يلج مثلى على قوم و لم يعرف له مكانه.

و استعمل معاويه عاملا من كلب، فخطب يوما، فذكر المجوس، فقال: لعنهم الله! ينكحون امهاتهم، و الله لو اعطيت عشره آلاف درهم ما نكحت امى، فبلغ ذلك معاويه، فقال: قبحه الله! اترونه لو زادوه فعل! و عزله.

و شرد بعير لهبنقه- و اسمه يزيد بن شروان- فجعل ينادى: لمن اتى به بعيران، فقيل له: كيف تبذل ويلك بعيرين فى بعير! فقال لحلاوه الوجدان.

و سرق من اعرابى حمار، فقيل له: اسرق حمارك؟ قال: نعم، و احمد الله، فقيل له: على ماذا تحمده؟ قال: كيف! لم اكن عليه.

و خطب وكيع بن ابى سود بخراسان، فقال: ان الله خلق السموات و الارض فى سته اشهر، فقيل له: انها سته ايام، فقال: و الله لقد قلتها و انا استقلها!.

و اجريت خيل فطلع فيها فرس سابق، فجعل رجل من النظاره يكبر و يثبت من الفرح، فقال له رجل الى جانبه: يا فتى، اهذا الفرس السابق لك؟ قال: لا و لكن اللجام لى.

و قيل لابى السفاح الاعرابى عند موته: اوص، فقال: انا الكرا
م يوم طخفه، قالوا: قل خيرا يا اباالسفاح، قال: ان احبت امراتى فاعطوها بعيرا، قالوا: قل خيرا، قال: اذا مات غلامى فهو حر.

و قيل لرجل عند موته: قل لا اله الا الله، فاعرض، فاعادوا عليه مرارا، فقال لهم: اخبرونى عن ابى طالب، قالها عند موته؟ قالوا: و ما انت و ابوطالب! فقال: ارغب بنفسى عن ذلك الشريف.

و قيل لاخر عند موته: الا توصى؟ فقال: انا مغفور لى، قالوا: قل: ان شاء الله، قال: قد شاء الله ذلك، قالوا: يا هذا لاتدع الوصيه، فقال: لابنى اخيه، يابنى حريث، ارفعا وسادى، و احتفظا بالحله الجياد، فانما حولكما الاعادى.

و قيل: لمعلم ابن معلم: ما لك احمق؟ فقال: لو لم اكن احمق، لكنت ولد زنا.

حکمت 040

قال الرضى رحمه الله تعالى: و اقول: صدق (ع)، ان المرض لااجر فيه، لانه من قبيل ما يستحق عليه العوض، لان العوض يستحق على ما كان فى مقابله فعل الله تعالى بالعبد من الالام و الامراض و ما يجرى مجرى ذلك، و الاجر و الثواب يستحقان على ما كان فى مقابل فعل العبد، فبينهما فرق قد بينه (ع) كما يقتضيه علمه الثاقب و رايه الصائب.

الشرح:

ينبغى ان يحمل كلام اميرالمومنين (ع) فى هذا الفصل على تاويل يطابق ما تدل عليه العقول و الا يحمل على ظاهره، و ذلك لان المرض اذا استحق عليه الانسان العوض لم يجز ان يقال: ان العوض يحط السيئات بنفسه، لا على قول اصحابنا، و لا على قول الاماميه، اما الاماميه فانهم مرجئه، لايذهبون الى التحابط، و اما اصحابنا فانهم لاتحابط عندهم الا فى الثواب و العقاب، فاما العقاب و العوض فلا تحابط بينهما، لان التحابط بين الثواب و العقاب، انما كان باعتبار التنافى بينهما من حيث كان احدهما يتضمن الاجلال و الاعظام، و الاخر يتضمن الاستخفاف و الاهانه، و محال ان يكون الانسان الواحد مهانا معظما فى حال واحده، و لما كان العوض لايتضمن اجلالا و اعظاما، و انما هو نفع خالص فقط، لم يكن منافيا للعقاب، و جاز ان يجتمع ل
لانسان الواحد فى الوقت الواحد كونه مستحقا للعقاب و العوض، اما بان يوفر العوض عليه فى دار الدنيا، و اما بان يوصل اليه فى الاخره قبل عقابه، ان لم يمنع الاجماع من ذلك فى حق الكافر، و اما ان يخفف عليه بعض عقابه، و يجعل ذلك بدلا من العوض الذى كان سبيله ان يوصل اليه، و اذا ثبت ذلك وجب ان يجعل كلام اميرالمومنين (ع) على تاويل صحيح، و هو الذى اراده (ع)، لانه كان اعرف الناس بهذه المعانى، و منه تعلم المتكلمون علم الكلام، و هو ان المرض و الالم يحط الله تعالى عن الانسان المبتلى به ما يستحقه من العقاب على معاصيه السالفه تفضلا منه سبحانه، فلما كان اسقاط العقاب متعقبا للمرض، و واقعا بعده بلا فصل، جاز ان يطلق اللفظ بان المرض يحط السيئات و يحتها حت الورق، كما جاز ان يطلق اللفظ بان الجماع يحبل المراه، و بان سقى البذر الماء ينبته، ان كان الولد و الزرع عند المتكلمين وقعا من الله تعالى على سبيل الاختيار، لا على الايجاب، و لكنه اجرى العاده، و ان يفعل ذلك عقيب الجماع و عقيب سقى البذر الماء.

فان قلت: ايجوز ان يقال: ان الله تعالى يمرض الانسان المستحق للعقاب، و يكون انما امرضه ليسقط عنه العقاب لا غير؟ قلت: لا، لانه قادر على ان يسقط عن
ه العقاب ابتداء، و لايجوز انزال الالم الا حيث لايمكن اقتناص العوض المجزى به اليه الا بطريق الالم، و الا كان فعل الالم عبثا، الا ترى انه لايجوز ان يستحق زيد على عمرو الف درهم فيضربه و يقول: انما اضربه لاجعل ما يناله من الم الضرب مسقطا لما استحقه من الدراهم عليه؟ و تذمه العقلاء و يسفهونه، و يقولون له فهلا وهبتها له، و اسقطتها عنه من غير حاجه الى ان تضربه و تولمه! و البحث المستقصى فى هذه المسائل مذكور فى كتبى الكلاميه، فليرجع اليها.

و ايضا فان الالام قد تنزل بالانبياء و ليسوا ذوى ذنوب و معاص ليقال: انها تحطها عنهم.

فاما قوله (ع): (و انما الاجر فى القول.

) الى آخر الفصل، فانه (ع) قسم اسباب الثواب اقساما، فقال: لما كان المرض لايقتضى الثواب لانه ليس فعل المكلف- و انما يستحق المكلف الثواب على ما كان من فعله- وجب ان يبين ما الذى يستحق به المكلف الثواب، و الذى يستحق المكلف به ذلك ان يفعل فعلا اما من افعال الجوارح، و اما من افعال القلوب، فافعال الجوارح اما قول باللسان او عمل ببعض الجوارح و عبر عن سائر الجوارح- عدا اللسان- بالايدى و الاقدام، لان اكثر ما يفعل بها، و ان كان قد يفعل بغيرها نحو مجامعه الرجل زوجته اذا قصد به
تحصينها و تحصينه عن الزنا، و نحو ان ينحى حجرا ثقيلا براسه عن صدر انسان قد يقتله، و غير ذلك، و اما افعال القلوب فهى العزوم و الارادات و النظر و العلوم و الظنون و الندم، فعبر (ع) عن جميع ذلك بقوله: (بصدق النيه و السريره الصالحه)، و اكتفى بذلك عن تعديد هذه الاجناس.

فان قلت: فان الانسان قد يستحق الثواب على الا يفعل القبيح، و هذا يخرم الحصر الذى حصره اميرالمومنين؟ قلت: يجوز ان يكون يذهب مذهب ابى على فى ان القادر بقدره لايخلو عن الاخذ و الترك.

حکمت 041

الشرح:

(خباب بن الارت) هو خباب بن الارت بن جندله بن سعد بن خزيمه بن كعب بن سعد بن زيد مناه ابن تميم، يكنى اباعبدالله- و قيل: ابامحمد و قيل: ابايحيى- اصابه سبى فبيع بمكه.

و كانت امه ختانه، و خباب من فقراء المسلمين و خيارهم، و كان به مرض، و كان فى الجاهليه قينا حدادا يعمل السيوف، و هو قديم الاسلام، قيل انه كان سادس سته، و شهد بدرا و ما بعدها من المشاهد، و هو معدود فى المعذبين فى الله، ساله عمر بن الخطاب ايام خلافته: ما لقيت من اهل مكه؟ فقال: انظر الى ظهرى، فنظر فقال: ما رايت كاليوم ظهر رجل! فقال خباب: اوقدوا لى نارا و سحبت عليها، فما اطفاها الا ودك ظهرى.

و جاء خباب الى عمر، فجعل يقول: ادنه، ادنه، ثم قال له: ما احد احق بهذا المجلس منك، الا ان يكون عمار بن ياسر.

نزل خباب الى الكوفه، و مات بها فى سنه سبع و ثلاثين، و قيل: سنه تسع و ثلاثين، بعد ان شهد مع اميرالمومنين على (ع) صفين و نهروان، و صلى عليه على (ع)، و كانت سنه يوم مات ثلاثا و سبعين سنه، و دفن بظهر الكوفه.

و هو اول من دفن بظهر الكوفه، و عبدالله بن خباب هو الذى قتلته الخوارج، فاحتج على (ع) به و طلبهم بدمه، و قد تقدم ذكر ذلك.

حکمت 042

الشرح:

جماتها بالفتح: جمع جمه، و هى المكان يجتمع فيه الماء و هذه استعاره، و الخيشوم: اقصى الانف.

و مراده (ع) من هذا الفصل اذكار الناس ما قاله فيه رسول الله (ص)، و هو: (لايبغضك مومن، و لايحبك منافق)، و هى كلمه حق، و ذلك لان الايمان و بغضه (ع) لايجتمعان، لان بغضه كبيره، و صاحب الكبيره عندنا لايسمى مومنا، و اما المنافق فهو الذى يظهر الاسلام و يبطن الكفر، و الكافر بعقيدته لايحب عليا (ع)، لان المراد من الخبر المحبه الدينيه، و من لايعتقد الاسلام لايحب احدا من اهل الاسلام، لاسلامه و جهاده فى الدين، فقد بان ان الكلمه حق، و هذا الخبر مروى فى الصحاح بغير هذا اللفظ: (لايحبك الا مومن، و لايبغضك الا منافق)، و قد فسرناه فيما سبق.

حکمت 043

الشرح:

هذا حق، لان الانسان اذا وقع منه القبيح ثم سائه ذلك و ندم عليه و تاب حقيقه التوبه كفرت توبته معصيته، فسقط ما كان يستحقه من العقاب، و حصل له ثواب التوبه، و اما من فعل واجبا و استحق به ثوابا ثم خامره الاعجاب بنفسه و الادلال على الله تعالى بعلمه، و التيه على الناس بعبادته و اجتهاده، فانه يكون قد احبط ثواب عبادته بما شفعها من القبيح الذى اتاه، و هو العجب و التيه و الادلال على الله تعالى، فيعود لامثابا و لامعاقبا، لانه يتكافا الاستحقاقان.

و لاريب ان من حصل له ثواب التوبه، و سقط عنه عقاب المعصيه، خير ممن خرج من الامرين كفافا لا عليه و لا له.

حکمت 044

الشرح:

قد تقدم الكلام فى كل هذه الشيم و الخصال، ثم نقول هاهنا: ان كبر الهمه خلق مختص بالانسان فقط، و اما سائر الحيوانات فليس يوجد فيها ذلك، و انما يتجرا كل نوع منها الفعل بقدر ما فى طبعه، و علو الهمه حال متوسطه محموده بين حالتين طرفى رذيلتين، و هما الندح، و تسميه الحكماء التفتح- و صغر الهمه- و تسميه الناس الدنائه، فالتفتح تاهل الانسان لما لايستحقه، و صغر الهمه تركه لما يستحقه لضعف فى نفسه، فهذان مذمومان، و العداله و هى الوسط بينهما محموده، و هى علو الهمه، و ينبغى ان يعلم ان المتفتح جاهل احمق، و صغير الهمه ليس بجاهل و لااحمق، و لكنه دنى ء ضعيف قاصر، و اذا اردت التحقيق، فالكبير الهمه من لايرضى بالهمم الحيوانيه، و لايقنع لنفسه ان يكون عند رعايه بطنه و فرجه، بل يجتهد فى معرفه صانع العالم و مصنوعاته، و فى اكتساب المكارم الشرعيه ليكون من خلفاء الله و اوليائه فى الدنيا، و مجاوريه فى الاخره.

و لذلك قيل: من عظمت همته لم يرض بقنيه مسترده، و حياه مستعاره، فان امكنك ان تقتنى قنيه موبده، و حياه مخلده، فافعل غير مكترث بقله من يصحبك و يعينك على ذلك فانه كما قيل: اذا عظم المطلوب قل المساعد.

و كما قيل: طرق ال
علاء قليله الايناس.

و اما الكلام فى الصدق و المروئه و الشجاعه و الانفه و العفه و الغيره، فقد تقدم كثير منه، و سياتى ما هو اكثر فيما بعد ان شاءالله تعالى.

حکمت 045

الشرح:

قد تقدم القول فى كتمان السر و اذاعته.

و قال الحكماء: السر ضربان: احدهما ما يلقى الى الانسان من حديث ليستكتم، و ذلك اما لفظا كقول القائل: اكتم ما اقوله لك، و اما حالا و هو ان يجهر بالقول حال انفراد صاحبه، او يخفض صوته حيث يخاطبه، او يخفيه عن مجالسيه، و لهذا قيل: اذا حدثك انسان و التفت اليه فهو امانه.

و الضرب الثانى نوعان: احدهما ان يكون حديثا فى نفسك تستقبح اشاعته، و الثانى ان يكون امرا تريد ان تفعله.

و الى الاول اشار النبى (ص) بقوله: (من اتى منكم شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله عز و جل)، و الى الثانى اشار من قال: (من الوهن و الضعف اعلان الامر قبل احكامه)، و كتمان الضرب الاول من الوفاء، و هو مخصوص بعوام الناس، و كتمان الضرب الثانى من المروئه و الحزم، و النوع الثانى من نوعيه اخص بالملوك و اصحاب السياسات.

قالوا: و اذاعه السر من قله الصبر، و ضيق الصدر، و يوصف به ضعفه الرجال و النساء و الصبيان.

و السبب فى انه يصعب كتمان السر ان للانسان قوتين: احداهما آخذه، و الاخرى معطيه، و كل واحده منهما تتشوق الى فعلها الخاص بها، و لولا ان الله تعالى وكل المعطيه باظهار ما عندها لما اتاك بالاخبار م
ن لم تزود، فعلى الانسان ان يمسك هذه القوه و لايطلقها الا حيث يجب اطلاقها، فانها ان لم تزم و تخطم، تقحمت بصاحبها فى كل مهلكه.

/ 614