لطفا منتظر باشید ...
خطبه 214-تلاوت يا ايها الانسان...
الشرح:
لقائل ان يقول: لو قال: (ما غرك بربك العزيز او المنتقم) او نحو ذلك، لكان اولى لان للانسان المعاتب ان يقول: غرنى كرمك الذى وصفت به نفسك! و جواب هذا ان يقال: ان مجموع الصفات صار كشى ء واحد، و هو الكريم الذى خلقك فسواك فعدلك، فى اى صوره ما شاء ركبك.و المعنى: ما غرك برب هذه صفته، و هذا شانه، و هو قادر على ان يجعلك فى اى صوره شاء! فما الذى يومنك من ان يمسخك فى صوره القرده و الخنازير و نحوها من الحيوانات العجم.و معنى الكريم هاهنا: الفياض على المواد بالصور، و من هذه صفته ينبغى ان يخاف منه تبديل الصوره.قال (ع): (ادحض مسئول حجه) المبتدا محذوف، و الحجه الداحضه: الباطله.و المعذره بكسر الذال: العذر.و يقال: لقد ابرح فلان جهاله، و ابرح لوما، و ابرح شجاعه، و اتى بالبرح من ذلك، اى بالشديد العظيم.و يقال: هذا الامر ابرح من هذا، اى اشد، و قتلوه ابرح قتل.و جهاله منصوب على التمييز.و قال القطب الراوندى: مفعول به، قال معناه: جلب جهاله الى نفسه، و ليس بصحيح، و ابرح لايتعدى هاهنا و انما يتعدى (ابرح) فى موضعين: احدهما ابرحه الامر، اى اعجبه، و الاخر ابرح زيد عمرا، اى اكرمه و عظمه.قوله: (ما جراك) بالهمزه،و فلان جرى ء القوم، اى مقدمهم.و ما انسك بالتشديد، و روى: (ما آنسك) بالمد، و كلاهما من اصل واحد، و تانست بفلان و استانست بمعنى، و فلان انيسى و موانسى، و قد انسنى كله بمعنى، اى كيف لم تستوحش من الامور التى تودى الى هلكه نفسك.و البلول: مصدر بل الرجل من مرضه، اذا برى ء، و يجوز (ابل)، قال الشاعر: اذا بل من داء به ظن انه نجا و به الداء الذى هو قاتله و الضاحى لحر الشمس: البارز.و هذا داء ممض، اى مولم، امضنى الجرح امضاضا، و يجوز (مضنى).و روى: و جلدك على مصائبك، بصيغه الجمع.و بيات نقمه بفتح الباء: طروقها ليلا، و هى من الفاظ القرآن العزيز.و تورط: وقع فى الورطه، بتسكين الراء، و هى الهلاك، و اصل الورطه ارض مطمئنه لا طريق فيها، و قد اورطه، و ورطه توريطا، اى اوقعه فيها.و المدارج: الطرق و المسالك، و يجوز انتصاب (مدارج) هاهنا، لانها مفعول به صريح، و يجوز ان ينتصب على تقدير حرف الخفض و حذفه، اى فى مدارج سطواته.قوله: و (تمثل) اى و تصور.و يتغمدك بفضله، اى يسترك بعفوه، و سمى العفو و الصفح فضلا، تسميه للنوع بالجنس.قوله: (مطرف عين) بفتح الراء، اى زمان طرف العين، و طرفها: اطباق احد جفنيها على الاخر، و انتصاب (مطرف) ه
اهنا على الظرفيه، كقولك: وردت مقدم الحاج، اى وقت قدومهم.قوله: (متوازيين فى القدره)، اى متساويين، و روى: (متوازنين) بالنون.و العظات: جمع عظه، و هو منصوب على نزع الخافض، اى كاشفتك بالعظات، و روى (العظات) بالرفع على انه فاعل.و روى: (كاشفتك الغطاء).و آذنتك، اى اعلمتك.و على سواء، اى على عدل و انصاف، و هذا من الالفاظ القرآنيه.و الراجفه: الصيحه الاولى، و حقت بجلائلها القيامه، اى بامورها العظام.و المنسك: الموضع الذى تذبح فيه النسائك، و هى ذبائح القربان و يجوز فتح السين، و قد قرى ء بهما فى قوله تعالى: (لكل امه جعلنا منسكا).فان قلت: اذا كان يلحق بكل معبود عبدته، فالنصارى اذن تلحق بعيسى، و الغلاه من المسلمين بعلى، و كذلك الملائكه، فما القول فى ذلك؟ قلت، لا ضرر فى التحاق هولاء بمعبوديهم، و معنى الالتحاق ان يومر الاتباع فى الموقف بالتحيز الى الجهه التى فيها الروساء، ثم يقال للروساء: اهولاء اتباعكم و عبدتكم؟ فحينئذ يتبرئون منهم، فينجو الروساء، و تهلك الاتباع، كما قال سبحانه: (اهولاء اياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن اكثرهم بهم مومنون)، اى انما كانوا يطيعون الشياطين المضله لهم،
فعبادتهم فى الحقيقه للشياطين لالنا، و انهم ما اطاعونا، و لو اطاعونا لكانوا مهتدين، و انما اطاعوا شياطينهم.و لا حاجه فى هذا الجواب الى ان يقال ما قيل فى قوله تعالى: (انكم و ما تعبدون من دون الله) من تخصيص العموم بالايه الاخرى، و هى قوله تعالى: (ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون).فان قلت: فما قولك فى اعتراض ابن الزبعرى على الايه، هل هو وارد؟ قلت: لا، لانه قال تعالى: (انكم و ما تعبدون) و (ما) لما لايعقل، فلا يرد عليه الاعتراض بالمسيح و الملائكه: و الذى قاله المفسرون من تخصيص العموم بالايه الثانيه تكلف غير محتاج اليه.فان قلت: فما الفائده فى ان قرن القوم باصنامهم فى النار؟ و اى معنى لذلك فى زياده التعذيب و السخط؟ قلت: لان النظر الى وجه العدو باب من ابواب العذاب، و انما اصاب هولاء ما اصابهم بسبب الاصنام التى ضلوا بها، فكلما راوها معهم زاد غمهم و حسرتهم.و ايضا فانهم قدروا ان يستشفعوا بها فى الاخره، فاذا صادفوا الامر على عكس ذلك لم يكن شى ء ابغض اليهم منها.قوله: (فلم يجر) قد اختلف الرواه فى هذه اللفظه، فرواها قوم (فلم يجر) و هو مضارع (جرى يجرى)، تقول: ما الذى جرى للقوم؟ فيقول من سالته: قدم الامير م
ن السفر، فيكون المعنى على هذا: فلم يكن و لم يتجدد فى ديوان حسابه ذلك اليوم صغير و لا حقير الا بالحق و الانصاف.و هذا مثل قوله تعالى: (لا ظلم اليوم ان الله سريع الحساب)، و رواها قوم (فلم يجز)، مضارع (جاز يجوز)، اى لم يسغ و لم يرخص ذلك اليوم لاحد من المكلفين فى حركه من الحركات المحقرات المستصغرات، الا اذا كانت قد فعلها بحق، و على هذا يجوز فعل مثلها.و رواها قوم: (فلم يجر) من (جار)، اى عدل عن الطريق، اى لم يذهب عنه سبحانه، و لم يضل و لم يشذ عن حسابه شى ء من امر محقرات الامور الا بحقه، اى الا ما لا فائده فى اثباته و المحاسبه عليه، نحو الحركات المباحه و العبثيه التى لاتدخل تحت التكليف.و قال الراوندى: (خرق بصر) مرفوع لانه اسم ما لم يسم فاعله، و لااعرف لهذا الكلام معنى.و الهمس: الصوت الخفى.قوله: (فتحر من امرك)، تحريت كذا، اى توخيته و قصدته و اعتمدته.قوله: (و تيسر لسفرك)، اى هيى ء اسباب السفر، و لاتترك لذاك عائقا.و الشيم: النظر الى البرق.و رحلت مطيتى، اذا شددت على ظهرها الرحل، قال الاعشى: رحلت سميه غدوه اجمالها غضبى عليك فما تقول بدالها و التشمير: الجد و الانكماش فى الامر.و معانى الفصل ظاهره، و الفاظه الف
صيحه تعطيها و تدل عليها بما لو اراد المفسر ان يعبر عنه بعباره غير عبارته (ع) لكان لفظه (ع) اولى ان يكون تفسيرا لكلام ذلك المفسر.
