خطبه 057-با خوارج - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خطبه 057-با خوارج

قال الرضى رحمه الله:قوله (ع):(و لابقى منكم آبر) يروى على ثلاثه اوجه:احدها ان يكون كما ذكرناه:(آبر) بالراء، من قولهم:رجل آبر، للذى يابر النخل، اى يصلحه.

و يروى (آثر) بالثاء، بثلاث نقط، يراد به الذى ياثر الحديث، اى يرويه و يحكيه، و هو اصح الوجوه عندى، كانه (ع) قال:لابقى منكم مخبر.

و يروى:(آبز) بالزاى المعجمه، و هو الواثب، و الهالك ايضا يقال له:آبز.

الشرح:

الحاصب:الريح الشديده التى تثير الحصباء، و هو صغار الحصى، و يقال لها ايضا حصبه، قال لبيد:جرت عليها اذ خوت من اهلها اذيالها كل عصوف حصبه فاما التفسيرات التى فسر بها الرضى رحمه الله تعالى قوله (ع):(آبر) فيمكن ان يزاد فيها، فيقال:يجوز ان يريد بقوله:(و لابقى منكم آبر) اى نمام يفسد ذات البين، و المئبره:النميمه، و ابر فلان، اى نم، و الابر ايضا:من يبغى القوم الغوائل خفيه، ماخوذ من ابرات الكلب اذا اطعمته الابره فى الخبز، و فى الحديث:(المومن كالكلب المابور)، و يجوز ان يكون اصله (هابر)، اى من يضرب بالسيف فيقطع، و ابدلت الهاء، همزه، كما قالوا فى:(آل) اهل، و ان صحت الروايه الاخرى (آثر) بالثاء بثلاث نقط، فيمكن ان يريد به ساجى باطن خف ال

بعير، و كانوا يسجون باطن الخف بحديده ليقتص اثره، رجل آثر و بعير ماثور.

و قوله (ع):(فاوبوا شر ماب)، اى ارجعوا شر مرجع.

و الاعقاب:جمع عقب بكسر القاف، و هو موخر القدم، و هذا كله دعاء عليهم، قال لهم اولا:اصابكم حاصب، و هذا من دعاء العرب، قال تميم بن ابى مقبل:فاذا خلت من اهلها و قطينها فاصابها الحصباء و السفان ثم قال لهم ثانيا:(لابقى منكم مخبر).

ثم قال لهم ثالثا:(ارجعوا شر مرجع) ثم قال لهم رابعا:(عودوا على اثر الاعقاب):و هو ماخوذ من قوله تعالى:(و نرد على اعقابنا بعد اذ هدانا الله) و المراد انعكاس حالهم، و عودهم من العز الى الذل، و من الهدايه الى الضلال.

و قوله (ع):(و اثره يتخذها الظالمون فيكم سنه) فالاثره هاهنا الاستبداد عليهم بالفى ء و الغنائم و اطراح جانبهم، و قال النبى (ص) للانصار:(ستلقون بعدى اثره فاصبروا حتى تلقونى).

(اخبار الخوارج و ذكر رجالهم و حروبهم) و اعلم ان الخوارج على اميرالمومنين (ع) كانوا اصحابه و انصاره فى الجمل و صفين قبل التحكيم، و هذه المخاطبه لهم، و هذا الدعاء عليهم، و هذا الاخبار عن مستقبل حالهم، و قد وقع ذلك، فان الله تعالى سلط على الخوارج بعده الذل الشامل، و السيف القاطع

، و الاثره من السلطان، و ما زالت حالهم تضمحل، حتى افناهم الله تعالى و افنى جمهورهم، و لقد كان لهم من سيف المهلب بن ابى صفره و بنيه الحتف القاضى، و الموت الزوام.

و نحن نذكر من اخبار الخوارج و حروبهم هاهنا طرفا.

(عروه بن حدير) فمنهم عروه بن حدير احد بنى ربيعه بن حنظله من بنى تميم، و يعرف بعروه بن اديه، و اديه جده له جاهليه، و كان له اصحاب و اتباع و شيعه، فقتله زياد فى خلافه معاويه صبرا.

(نجده بن عويمر الحنفى) و منهم نجده بن عويمر الحنفى، كان من روسائهم، و له مقاله مفرده من مقاله الخوارج و له اتباع و اصحاب، و اليهم اشار الصلتان العبدى بقوله:ارى امه شهرت سيفها و قد زيد فى سوطها الاصبحى بنجديه او حرريه و ازرق يدعو الى ازرقى فملتنا اننا مسلمون على دين صديقنا و النبى اشاب الصغير و افنى الكب ير مر الغداه و كر العشى اذا ليله اهرمت يومها انى بعد ذلك يوم فتى نروح و نغدو لحاجاتنا و حاجه من عاش لاتنقضى تموت مع المرء حاجاته و تبقى له حاجه ما بقى و كان نجده يصلى بمكه بحذاء عبدالله بن الزبير فى جمعه (فى كل جمعه)، و عبدالله يطلب الخلافه، فيمسكان عن القتال من اجل الحرم.

و قال الراعى يخاطب

عبدالملك:انى حلفت على يمين بره لااكذب اليوم الخليفه قيلا ما ان اتيت اباخبيب وافدا يوما اريد لبيعتى تبديلا و لما اتيت نجيده بن عويمر ابغى الهدى فيزيدنى تضليلا من نعمه الرحمن لا من حيلتى انى اعد له على فضولا! و استولى نجده على اليمامه، و عظم امره، حتى ملك اليمن و الطائف و عمان و البحرين و وادى تميم و عامر، ثم ان اصحابه نقموا عليه احكاما احدثها فى مذهبهم، منها قوله:ان المخطى ء بعد الاجتهاد معذور، و ان الدين امران:معرفه الله و معرفه رسوله، و ما سوى ذلك فالناس معذورون بجهله، الى ان تقوم عليهم الحجه، فمن استحل محرما من طريق الاجتهاد فهو معذور، حتى ان من تزوج اخته او امه مستحلا لذلك بجهاله فهو معذور و مومن، فخلعوه و جعلوا اختيار الامام اليه، فاختار لهم ابا فديك، احد بنى قيس بن ثعلبه، فجعله رئيسهم.

ثم ان ابا فديك انفذ الى نجده بعد من قتله، ثم تولاه بعد قتله طوائف من اصحابه بعد ان تفرقوا عليه، و قالوا:قتل مظلوما.

(المستورد بن سعد التميمى) و منهم المستورد بن سعد احد بنى تميم، كان ممن شهد يوم النخيله و نجا بنفسه فيمن نجا من سيف على (ع)، ثم خرج بعد ذلك بمده على المغيره بن شعبه، و هو والى الكوفه ل

معاويه بن ابى سفيان فى جماعه من الخوارج، فوجه المغيره اليه معقل بن قيس الرياحى، فلما تواقفا دعاه المستورد الى المبارزه، و قال له:علام تقتل الناس بينى و بينك؟ فقال معقل:النصف سالت، فاقسم عليه اصحابه، فقال:ما كنت لابى عليه، فخرج اليه فاختلفا ضربتين، خر كل واحد منهما من ضربه صاحبه قتيلا.

و كان المستورد ناسكا كثير الصلاه، و له آداب و حكم ماثاره.

(حوثره الاسدى) و منهم حوثره الاسدى، خرج على معاويه فى عام الجماعه فى عصابه من الخوارج، فبعث اليه معاويه جيشا من اهل الكوفه، فلما نظر حوثره اليهم، قال لهم:يا اعداء الله انتم بالامس تقاتلون معاويه لتهدوا سلطانه، و انتم اليوم تقاتلون معه لتشدوا سلطانه فلما التحمت الحرب قتل حوثره، قتله رجل من طيى ء، و فضت جموعه.

(قريب بن مره و زحاف الطائى) و منهم قريب بن مره الازدى، و زحاف الطائى، كانا عابدين مجتهدين من اهل البصره، فخرجا فى ايام معاويه فى اماره زياد، و اختلف الناس:ايهما كان الرئيس؟ فاعترضا الناس، فلقيا شيخا ناسكا من بنى ضبيعه من ربيعه بن نزار فقتلاه- و كان يقال له روبه الضبعى- و تنادى الناس، فخرج رجل من بنى قطيعه، من الازد، و فى يده السيف، فناداه الناس من ظهور ا

لبيوت الحروريه:انج بنفسك، فنادوه:لسنا حروريه، نحن الشرط (فوقف) فقتلوه، فبلغ ابابلال مرداس بن اديه خبرهما، فقال:قريب، لا قربه الله! و زحاف لاعفا الله عنه! ركباها عشواء مظلمه- يريد اعتراضهما الناس- ثم جعلا لايمران بقبيله الا قتلا من وجدا، حتى مرا على بنى على بن سود، من الازد، و كانوا رماه، كان فيهم مائه يجيدون الرمى، فرموهم رميا شديدا فصاحوا:يا بنى على، البقيا، لا رماء بيننا.

فقال رجل من بنى على بن سود:لا شى ء للقوم سوى السهام مشحوذه فى غلس الظلام فعرد عنهم الخوارج، و خافوا الطلب، و اشتقوا مقبره بنى يشكر حتى نفذوا الى مزينه ينتظرون من يلحق بهم من مضر و غيرها، فجاءهم ثمانون، و خرجت اليهم بنو طاحيه، من بنى سود، و قبائل من مزينه و غيرها، فاستقتلت الخوارج، و حاربت حتى قتلت عن آخرها، و قتل قريب و زحاف.

و منهم ابوبلال مرداس بن اديه، و هو اخو عروه بن حدير الذى ذكرناه اولا خرج فى ايام عبيدالله بن زياد، و انفذ اليه ابن زياد عباس بن اخضر المازنى، فقتله و قتل اصحابه، و حمل راسه الى ابن زياد، و كان ابوبلال عابدا ناسكا شاعرا، و من قدماء اصحابنا من يدعيه، لما كان يذهب اليه من العدل و انكار المنكر، و من قدماء الشيعه

من يدعيه ايضا.

(نافع بن الازرق الحنفى) و منهم نافع بن الازرق الحنفى، و كان شجاعا مقدما فى فقه الخوارج، و اليه تنسب الازارقه، و كان يفتى بان الدار دار كفر، و انهم جميعا فى النار، و كل من فيها كافر، الا من اظهر ايمانه، و لايحل للمومنين ان يجيبوا داعيا منهم الى الصلاه، و لا ان ياكلوا من ذبائحهم، و لا ان يناكحوهم، و لايتوارث الخارجى و غيره، و هم مثل كفار العرب و عبده الاوثان، لايقبل منهم الا الاسلام او السيف و القعد بمنزلتهم، و التقيه لاتحل، لان الله تعالى يقول:(اذا فريق منهم يخشون الناس كخشيه الله او اشد خشيه)، و قال فيمن كان على خلافهم:(يجاهدون فى سبيل الله و لايخافون لومه لائم)، فتفرق عنه جماعه من الخوارج، منهم نجده بن عامر، و احتج نجده بقول الله تعالى:(و قال رجل مومن من آل فرعون يكتم ايمانه)، فسار نجده و اصحابه الى اليمامه، و اضاف نافع الى مقالته التى قدمناها، استحلاله الغدر بامانته لمن خالفه، فكتب نجده اليه:اما بعد، فان عهدى بك و انت لليتيم كالاب الرحيم، و للضعيف كالاخ البر، تعاضد قوى المسلمين، و تصنع للاخرق منهم، لاتاخذك فى الله لومه لائم، و لاترى معونه ظالم، كذلك كنت انت و اصحابك، او لاتتذكر قولك:لولا انى اعلم ان للامام العادل مثل اجر رعيته ما توليت امر رجلين من المسلمين! فلما شريت نفسك فى طاعه ربك ابتغاء مرضاته، و اصبت من الحق فصه، و صبرت على مره، تجرد لك الشيطان، و لم يكن احد اثقل عليه وطاه منك و من اصحابك، فاستمالك و استهواك، و اغواك فغويت، و اكفرت الذين عذرهم الله تعالى فى كتابه، من قعده المسلمين و ضعفتهم، قال الله عز و جل، و قوله الحق، و وعده الصدق:(ليس على الضعفاء و لا على المرضى و لا على الذين لايجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله و رسوله):ثم سماهم تعالى احسن الاسماء فقال:(ما على المحسنين من سبيل) ثم استحللت قتل الاطفال، و قد نهى رسول الله- (ص) عن قتلهم- و قال الله جل ثناوه:(و لاتزر وازره وزر اخرى)، و قال سبحانه فى القعده خيرا، فقال:(و فضل الله المجاهدين على القاعدين اجرا عظيما) فتفضيله المجاهدين على القاعدين لايدفع منزله من هو دون المجاهدين، او ما سمعت قوله تعالى:(لايستوى القاعدون من المومنين غير اولى الضرر) فجعلهم من المومنين.

(و فضل عليهم المجاهدين باعمالهم) ثم انك لاتودى امانه الى من خالفك، و الله تعالى قد امر ان تودى الامانات الى اهلها.

فاتق الله فى نفسك، و اتق يوما لايجزى فيه والد عن

ولده، و لا مولود هو جاز عن والده شيئا، فان الله بالمرصاد:و حكمه العدل، و قوله الفصل.

والسلام.

فكتب اليه نافع:اما بعد، اتانى كتابك تعظنى فيه، و تذكرنى و تنصح لى و تزجرنى، و تصف ما كنت عليه من الحق، و ما كنت اوثره من الصواب، و انا اسال الله ان يجعلنى من القوم الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه.

و عبت على ما دنت به، من اكفار القعده و قتل الاطفال، و استحلال الامانه من المخالفين، و سافسر لك ان شاءالله... اما هولاء القعده، فليسوا كمن ذكرت ممن كان على عهد رسول الله (ص)، لانهم كانو بمكه مقهورين محصورين لايجدون الى الهرب سبيلا، و لا الى الاتصال بالمسلمين طريقا، و هولاء قد تفقهوا فى الدين، و قرءوا القرآن، و الطريق لهم نهج واضح.

و قد عرفت ما قال الله تعالى فيمن كان مثلهم، اذ قالوا:(كنا مستضعفين فى الارض) فقال:(الم تكن ارض الله واسعه فتهاجروا فيها)، و قال سبحانه:(فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله و كرهوا ان يجاهدوا باموالهم و انفسهم فى سبيل الله)، و قال:(و جاء المعذرون من الاعراب ليوذن لهم) فخبر بتعذيرهم، و انهم كذبوا الله و رسوله، ثم قال:(سيصيب الذين كفروا منهم عذاب اليم) فانظر الى اسمائهم و سماتهم.

و اما الاطف

ال، فان نوحا نبى الله كان اعلم بالله منى و منك، و قد قال:(رب لاتذر على الارض من الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك و لايلدوا الا فاجرا كفارا)، فسماهم بالكفر و هم اطفال، و قبل ان يولدوا، فكيف كان ذلك فى قوم نوح، و لاتقوله فى قومنا، و الله تعالى يقول:(اكفاركم خير من اولئكم ام لكم براءه فى الزبر)، و هولاء كمشركى العرب، لايقبل منهم جزيه، و ليس بيننا و بينهم الا السيف او الاسلام.

و اما استحلال امانات من خالفنا فان الله تعالى احل لنا اموالهم، كما احل دماءهم لنا، فدماوهم حلال طلق، و اموالهم فى ء للمسلمين، فاتق الله و راجع نفسك، فانه لا عذر لك الا بالتوبه، و لن يسعك خذلاننا و القعود عنا و ترك ما نهجناه لك من مقالتنا، والسلام على من اقر بالحق و عمل به.

و كتب الى من بالبصره من المحكمه:اما بعد فان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا و انتم مسلمون.

انكم لتعلمون ان الشريعه واحده، و الدين واحد ففيم المقام بين اظهر الكفار ترون الظلم ليلا و نهارا، و قد ندبكم الله عز و جل الى الجهاد، فقال:(و قاتلوا المشركين كافه)، و لم يجعل لكم فى التخلف عذرا فى حال من الاحوال، فقال:(انفروا خفافا و ثقالا) و انما عذر الضعفاء و المرضى

، و الذين لايجدون ما ينفقون، و من كانت اقامته لعله، ثم فضل عليهم مع ذلك المجاهدين فقال:(لايستوى القاعدون من المومنين غير اولى الضرر و المجاهدون فى سبيل الله)، فلا تغتروا و تطمئنوا الى الدنيا، فانها غراره مكاره، لذتها نافده و نعيمها بائد، حفت بالشهوات اغترارا، و اظهرت حبره و اضمرت عبره، فليس آكل منها اكله تسره، و لاشارب منها شربه تونقه الا و دنا بها درجه الى اجله، و تباعد بها مسافه من امله، و انما جعلها الله دار المتزود منها، الى النعيم المقيم، و العيش السليم، فليس يرضى بها حازم دارا و لا حكيم قرارا، فاتقوا الله و تزودوا فان خير الزاد التقوى، والسلام على من اتبع الهدى.

فلما اظهر نافع مقالته هذه، و انفرد عن الخوارج بها، اقام فى اصحابه بالاهواز يستعرض الناس، و يقتل الاطفال، و ياخذ الاموال، و يجبى الخراج، و فشا عماله بالسواد، فارتاع لذلك اهل البصره، و اجتمع منهم عشره آلاف الى الاحنف، و سالوه ان يومر عليهم اميرا يحميهم من الخوارج، و يجاهد بهم، فاتى عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب و هو المسمى ببه، فساله ان يومر عليهم- و ببه يومئذ امير البصره من قبل ابن الزبير- فامر عليهم مسلم بن عبيس بن كريز، و ك

ان دينا شجاعا، فلما خرج بهم من جسر البصره، اقبل عليهم، و قال:ايها الناس، انى ما خرجت لامتيار ذهب و لا فضه، و انى لاحارب قوما ان ظفرت بهم فما وراءهم الا السيوف و الرماح، فمن كان شانه الجهاد، فلينهض، و من احب الحياه فليرجع.

فرجع نفر يسير، و مضى الباقون معه، فلما صاروا بدولاب خرج اليهم نافع و اصحابه، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى تكسرت الرماح:و عقرت الخيل و كثر الجراح و القتل، و تضاربوا بالسيوف و العمد، فقتل ابن عبيس امير اهل البصره، و قتل نافع بن الازرق امير الخوارج:و ادعى قتله سلامه الباهلى، و كان نافع قد استخلف عبيدالله بن بشير بن الماحوز السليطى اليربوعى، و استخلف ابن عبيس الربيع بن عمرو الاجذم الغدانى اليربوعى، فكان الرئيسان من بنى يربوع، فاقتتلوا بعد قتل ابن عبيس و نافع قتالا شديدا نيفا و عشرين يوما، حتى قال الربيع لاصحابه:انى رايت البارحه كان يدى التى اصيبت بكابل انحطت من السماء، فاستشلتنى، فلما كان الغد قاتلهم الى الليل.

ثم عاودهم القتال، فقتل فتدافع اهل البصره الرايه، حتى خافوا العطب، اذ لم يكن لهم رئيس.

ثم اجمعوا على الحجاج بن رباب الحميرى، فاباها، فقيل له:الا ترى روساء العرب قد اختاروك من بينهم! فقال

:انها مشئومه، لاياخذها احد الا قتل، ثم اخذها فلم يزل يقاتل القوم بدولاب حتى التقى بعمران بن الحارث الراسبى، و ذلك بعد ان اقتتلوا زهاء شهر، فاختلفا ضربتين، فخرا ميتين.

و قام حارثه بن بدر الغدانى بامر اهل البصره بعده، و ثبت بازاء الخوارج يناوشهم القتال مناوشه خفيفه، و يزجى الاوقات انتظارا لقدوم امير من قبل ببه يلى حرب الخوارج:و هذه الحرب تسمى حرب دولاب:و هى من حروب الخوارج المشهوره، انتصف فيها الخوارج من المسلمين، و انتصف المسلمون منهم، فلم يكن فيها غالب و لا مغلوب.

(عبيدالله بن بشير بن الماحوز اليربوعى) و منهم عبيدالله بن بشير بن الماحوز اليربوعى، قام بامر الخوارج يوم دولاب بعد قتل نافع بن الازرق:و قام بامر اهل البصره عمر بن عبيدالله بن معمر التيمى:ولاه عبدالله بن الزبير ذلك، و لقيه كتابه بالاماره و هو يريد الحج، و قد صار الى بعض الطريق، فرجع فاقام بالبصره، و ولى اخاه عثمان بن عبيدالله بن معمر محاربه الازارقه، فخرج اليهم فى اثنى عشر الفا، فلقيه اهل البصره الذين كانوا فى وجه الازارقه، و معهم حارثه بن بدر الغدانى، يقوم بامرهم عن غير ولايه، و كان ابن الماحوز حينئذ فى سوق الاهواز، فلما عبر عثمان اليهم دج

يلا، نهضت اليه الخوارج، فقال عثمان لحارثه:ما الخوارج الا ما ارى، فقال حارثه:حسبك بهولاء! قال:لا جرم! لااتغدى حتى اناجزهم، فقال حارثه:ان هولاء القوم لايقاتلون بالتعسف، فابق على نفسك و جندك، فقال:ابيتم يا اهل العراق الا جبنا! و انت يا حارثه ما علمك بالحرب! انت و الله بغير هذا اعلم- يعرض له بالشراب، و كان حارثه بن بدر صاحب شراب- فغضب حارثه، فاعتزل، و حاربهم عثمان يومه الى ان غربت الشمس، فاجلت الحرب عنه قتيلا، و انهزم الناس، و اخذ حارثه بن بدر الرايه، و صاح بالناس:انا حارثه بن بدر! فثاب اليه قوم فعبر بهم دجيلا و بلغ قتل عثمان البصره، فقال شاعر من بنى تميم:مضى ابن عبيس صابرا غير عاجز و اعقبنا هذا الحجازى عثمان فارعد من قبل اللقاء ابن معمر و ابرق، و البرق اليمانى خوان فضحت قريشا غثها و سمينها و قيل بنو تيم بن مره عزلان فلولا ابن بدر للعراقين لم يقم بما قام فيه للعراقين انسان اذا قيل من حامى الحقيقه؟ اومات اليه معد بالاكف و قحطان و وصل الخبر الى عبدالله بن الزبير بمكه، فكتب الى عمر بن عبيدالله بن معمر بعزله، و ولى الحارث بن عبدالله بن ابى ربيعه المخزومى المعروف بالقباع البصره، فقدمها، فكتب

اليه حارثه بن بدر يساله الولايه و المدد، فاراد توليته، فقال له رجل من بكر بن وائل:ان حارثه ليس بذلك، انما هو صاحب شراب، و كان حارثه مستهترا بالشراب، معاقرا للخمر، و فيه يقول رجل من قومه:الم تر ان حارثه بن بدر يصلى و هو اكفر من حمار الم تر ان للفتيان حظا و حظك فى البغايا و العقار فكتب اليه القباع:تكفى حربهم ان شاءالله.

فاقام حارثه يدافعهم حتى تفرق اصحابه عنه و بقى فى خف منهم، فاقام بنهر تيرى، فعبرت اليه الخوارج، فهرب من تخلف معه من اصحابه، و خرج يركض حتى اتى دجيلا، فجلس فى سفينه، و اتبعه جماعه من اصحابه، فكانوا معه فيها، و وافاه رجل من بنى تميم، عليه سلاحه و الخوارج وراءه، و قد توسط حارثه دجيلا، فصاح به:يا حارثه، ليس مثلى يضيع! فقال للملاح:قرب، فقرب الى جرف، و لا فرضه هناك، فطفر بسلاحه فى السفينه، فساخت بالقوم جميعا، و هلك حارثه.

و روى ابوالفرج الاصفهانى فى كتاب "الاغانى الكبير" ان حارثه لما عقدوا له الرئاسه، و سلموا اليه الرايه، امرهم بالثبات، و قال لهم:اذا فتح الله عليكم فللعرب زياده فريضتين، و للموالى زياده فريضه، و ندب الناس، فالتقوا و ليس باحد منهم طرق قد فشت فيهم الجراحات، و ما تطا الخيل ا

لا على القتلى، فبيناهم كذلك، اذ اقبل جمع من الشراه من جهه اليمامه،- يقول المكثر:انهم مائتان، و المقلل:انهم اربعون- فاجتمعوا و هم مريحون مع اصحابهم، فصاروا كوكبه واحده، فلما رآهم حارثه بن بدر ركض برايته منهزما، و قال لاصحابه:كرنبوا و دولبوا او حيث شئتم فاذهبوا و قال:اير الحمار فريضه لعبيدكم و الخصيتان فريضه الاعراب قال:كرنبوا، اى اطلبوا كرنبى، و هى قريه قريبه من الاهواز، و دولبوا:اطلبوا دولاب، و هى ضيعه بينها و بين الاهواز اربعه فراسخ.

قال:فتتابع الناس على اثره منهزمين، و تبعتهم الخوارج، فالقى الناس انفسهم فى الماء، فغرق منهم بدجيل الاهواز خلق كثير.

(الزبير بن على السليطى و ظهور امر المهلب) و منهم الزبير بن على السليطى التميمى، كان على مقدمه ابن الماحوز، و كان ابن الماحوز يخاطب بالخلافه، و يخاطب الزبير بالاماره.

و وصل الزبير بعد هلاك حارثه ابن بدر، و هرب اصحابه الى البصره، فخافه الناس خوفا شديدا، و ضج اهل البصره الى الاحنف، فاتى القباع، فقال:اصلح الله الامير! ان هذا العدو قد غلبنا على سوادنا و فيئنا، فلم يبق الا ان يحصرنا فى بلدنا حتى نموت هزالا.

قال:فسموا الى رجلا يلى الحرب، فقال الاحنف:لاارى لها رجلا الا المهلب بن ابى صفره، فقال:او هذا راى جميع اهل البصره؟ اجتمعوا الى فى غد لانظر.

و جاء الزبير حتى نزل على البصره، و عقد الجسر ليعبر اليها، فخرج اكثر اهل البصره اليه، و انضم الى الزبير جميع كور الاهواز و اهلها رغبه و رهبه، فوافاه البصريون فى السفن و على الدواب، فاسودت بهم الارض، فقال الزبير لما رآهم:ابى قومنا الا كفرا، و قطع الجسر، و اقام الخوارج بازائهم، و اجتمع الناس عند القباع، و خافوا الخوارج خوفا شديدا، و كانوا ثلاث فرق:سمى قوم المهلب، و سمى قوم مالك بن مسمع، و سمى قوم زياد بن عمرو بن اشرف العتكى، فاختبر القباع ما عند مالك و زياد، فوجدهما متثاقلين عن الحرب، و عاد اليه من اشار بهما، و قالوا:قد رجعنا عن راينا، ما نرى لها الا المهلب، فوجه اليه القباع فاتاه، فقال له:يا اباسعيد، قد ترى ما قد رهقنا من هذا العدو، و قد اجمع اهل مصرك عليك، و قال له الاحنف:يا اباسعيد، انا و الله ما آثرناك، و لكنا لم نر من يقوم مقامك.

ثم قال القباع- و اوما الى الاحنف-:ان هذا الشيخ لم يسمك الا ايثارا للدين و البقيا و كل من فى مصرك ماد عينه اليك، راج ان يكشف الله عنه هذه الغمه بك، فقال المهلب:لا حول و لا قوه ا

لا بالله، انى عند نفسى لدون ما وصفتم، و لست آبى ما دعوتم اليه، لكن لى شروطا اشترطها، قالوا:قل، قال:على ان انتخب من احببت! قال الاحنف:ذاك لك، قال:و لى امره كل بلد اغلب عليه! قالوا:لك ذلك، قال:و لى فى ء كل بلد اظفر به! قال الاحنف:ليس ذاك لك و لا لنا، انما هو فى ء للمسلمين، فان سلبتهم اياه كنت عليهم كعدوهم، و لكن لك ان تعطى اصحابك من فى ء كل بلد تغلب عليه ما احببت، و تنفق منه على محاربه عدوك، فما فضل عنكم كان للمسلمين، فقال المهلب:

/ 614