الشرح:
الاضحيه: مايذبح يوم النحر، و مايجرى مجراه ايام التشريق من النعم.و استشراف اذبها: انتصابها و ارتفاعها، اذن شرفاء اى منتصبه.و العضباء: المكسوره القرن.و التى تجر رجلها الى المنسك، كنايه عن العرجاء، و يجوز المنسك، بفتح السين و كسرها.(اختلاف الفقهاء فى حكم الاضحيه) و اختلف الفقهاء فى وجوب الاضحيه، فقال ابوحنيفه: هى واجبه على المقيمين من اهل الامصار، و يعتبر فى وجوبها النصاب، و به قال مالك و الثورى، الا ان مالكا لم يعتبر الاقامه.و قال الشافعى: الاضحيه سنه موكده، و به قال ابويوسف و محمد و احمد.و اختلفوا فى العمياء، هل تجزى ء ام لا؟ فاكثر الفقهاء على انها لاتجزى ء، و كلام اميرالمومنين (ع) فى هذا الفصل يقتضى ذلك، لانه قال: اذا سلمت العين سلمت الاضحيه، فيقتضى انه اذا لم تسلم العين لم تسلم الاضحيه.و معنى انتفاء سلامه الاضحيه انتفاء اجزائها.و حكى عن بعض اهل الظاهر انه قال: تجزى ء العمياء.و قال محمد بن النعمان المعروف بالمفيد رضى الله تعالى عنه، احد فقهاء الشيعه فى كتابه "المعروف بالمقنعه": ان الصادق (ع) سئل عن الرجل يهدى الهدى او الاضحيه و هى سمينه، فيصيبها مرض، او تفقا عينها او تنكسر، فتبلغ يوم النحر و هى حيه، اتجزى ء عنه؟ فقال: نعم.فاما الاذن، فقال احمد: لايجوز التضحيه بمقطوعه الاذن، و كلام اميرالمومنين (ع) يقتضى ذلك.و قال سائر الفقهاء: تجزى ء الا انه مكروه.و اما العضباء، فاكثر الفقهاء على انها تجزى ء، الا انه مكروه، و كلام اميرالمومنين (ع) يقتضى ذلك، و كذلك الحكم فى الجلحاء، و هى التى لم يخلق لها قرن، و القصماء: و هى التى انكسر غلاف قرنها، و الشرفاء: و هى التى انثقبت اذنها من الكى، و الخرقاء: و هى التى شقت اذنها طولا.و قال مالك: ان كانت العضباء يخرج من قرنها دم لم تجزى ء.و قال احمد و النخعى: لاتجوز التضحيه بالعضباء.فاما العرجاء التى كنى عنها بقوله: (تجر رجلها الى المنسك)، فاكثر الفقهاء على انها لاتجزى ء، و كلام اميرالمومنين (ع) يقتضى انها تجزى ء.و قد نقل اصحاب الشافعى عنه فى احد قوليه ان الاضحيه اذا كانت مريضه مرضا يسيرا اجزات.و قال الماوردى من الشافعيه فى كتابه المعروف ب(الحاوى): ان عجزت عن ان تجر رجلها خلقه اجزات، و ان كان ذلك عن مرض لم تجزى ء.
خطبه 053-در مساله بيعت
الشرح:
تداكوا ازدحموا.و اليهم: العطاش.و يوم وردها: يوم شربها الماء.والمثانى: الحبال، جمع مثناه و مثناه بالفتح و الكسر، و هو الحبل.و جهاد البغاه واجب على الامام، اذا وجد انصارا، فاذا اخل بذلك اخل بواجب، و استحق العقاب.فان قيل: انه (ع) قال: (لم يسعنى الا قتالهم او الجحود بما جاء به محمد (ص))، فكيف يكون تارك الواجب جاحدا لما جاء به النبى (ص)! قيل: انه فى حكم الجاحد، لانه مخالف و عاص، لاسيما على مذهبنا فى ان تارك الواجب يخلد فى النار و ان لم يجحد النبوه.(بيعه على و امر المتخلفين عنها) اختلف الناس فى بيعه اميرالمومنين (ع)، فالذى عليه اكثر الناس و جمهور ارباب السير ان طلحه و الزبير بايعاه طائعين غير مكرهين، ثم تغيرت عزائمهما، و فسدت نياتهما، و غدرا به.و قال الزبيريون، منهم عبدالله بن مصعب، و الزبير بن بكار و شيعتهم و من وافق قولهم من بنى تيم بن مره، ارباب العصبيه لطلحه: انهما بايعا مكرهين، و ان الزبير كان يقول: بايعت و اللج على قفى، و اللج سيف الاشتر، و قفى لغه هذليه، اذا اضافوا المقصور الى انفسهم قلبوا الالف ياء، و ادغموا احدى الياءين فى الاخرى، فيقولون: قد وافق ذلك هوى، اى هواى، و هذه عصى،اى عصاى.و ذكر صاحب كتاب "الاوائل" ان الاشتر جاء الى على (ع) حين قتل عثمان، فقال: قم فبايع الناس، فقد اجتمعوا لك، و رغبوا فيك، و الله لئن نكلت عنها لتعصرن عليها عينيك مره رابعه، فجاء حتى دخل بئرسكن، و اجتمع الناس، و حضر طلحه و الزبير، لايشكان ان الامر شورى، فقال الاشتر: اتنتظرون احدا! قم يا طلحه فبايع، فتقاعس، فقال: قم يابن الصعبه- و سل سيفه- فقام طلحه يجر رجله، حتى بايع، فقال قائل: اول من بايعه اشل! لايتم امره، ثم لايتم، قال: قم يا زبير، و الله لاينازع احد الا و ضربت قرطه بهذا السيف، فقام الزبير فبايع، ثم انثال الناس عليه فبايعوا.و قيل: اول من بايعه الاشتر، القى خميصه كانت عليه، و اخترط سيفه، و جذب يد على (ع) فبايعه و قال للزبير و طلحه: قوما فبايعا، و الا كنتما الليله عند عثمان، فقاما يعثران فى ثيابهما لايرجوان نجاه، حتى صفقا بايديهما على يده، ثم قام بعدهما البصريون، و اولهم عبدالرحمن بن عديس البلوى، فبايعوا.و قال له عبدالرحمن: خذها اليك و اعلمن اباحسن انا نمر الامر امرار الرسن و قد ذكرنا نحن فى شرح الفصل الذى فيه ان الزبير اقر بالبيعه، و ادعى الوليجه ان بيعه اميرالمومنين لم تقع الا عن رضا جميع اهل ال
مدينه، اولهم طلحه و الزبير، و ذكرنا فى ذلك ما يبطل روايه الزبير.و ذكر ابومخنف فى كتاب "الجمل" ان الانصار و المهاجرين اجتمعوا فى مسجد رسول الله (ص)، لينظروا من يولونه امرهم، حتى غص المسجد باهله، فاتفق راى عمار و ابى الهيثم بن التيهان و رفاعه بن رافع و مالك بن عجلان و ابى ايوب خالد بن يزيد على اقعاد اميرالمومنين (ع) فى الخلافه، و كان اشدهم تهالكا عليه عمار، فقال لهم: ايها الانصار، قد سار فيكم عثمان بالامس بما رايتموه، و انتم على شرف من الوقوع فى مثله ان لم تنظروا لانفسكم، و ان عليا اولى الناس بهذا الامر، لفضله و سابقته، فقالوا: رضينا به حينئذ، و قالوا باجمعهم لبقيه الناس من الانصار و المهاجرين: ايها الناس، انا لن نالوكم خيرا و انفسنا ان شاءالله، و ان عليا من قد علمتم، و ما نعرف مكان احد احمل لهذا الامر منه، و لا اولى به.فقال الناس باجمعهم: قد رضينا، و هو عندنا ما ذكرتم و افضل.و قاموا كلهم، فاتوا عليا (ع)، فاستخرجوه من داره، و سالوه بسط يده، فقبضها فتداكوا عليه تداك الابل الهيم على وردها، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا، فلما راى، منهم ما راى سالهم ان تكون بيعته فى المسجد ظاهره للناس.و قال: ان كرهنى رجل واحد من النا
س لم ادخل فى هذا الامر.فنهض الناس معه حتى دخل المسجد، فكان اول من بايعه طلحه.فقال قبيصه بن ذويب الاسدى: تخوفت الا يتم له امره، لان اول يد بايعته شلاء، ثم بايعه الزبير، و بايعه المسلمون بالمدينه الا محمد بن مسلمه، و عبدالله بن عمر، و اسامه بن زيد، و سعد ابن ابى وقاص، و كعب بن مالك و حسان بن ثابت، و عبدالله بن سلام.فامر باحضار عبدالله بن عمر، فقال له: بايع، قال: لاابايع حتى يبايع جميع الناس، فقال له (ع): فاعطنى حميلا الا تبرح، قال: و لااعطيك حميلا، فقال الاشتر: يا اميرالمومنين؟ ان هذا قد امن سوطك و سيفك، فدعنى اضرب عنقه، فقال: لست اريد ذلك منه على كره، خلوا سبيله، فلما انصرف قال اميرالمومنين: لقد كان صغيرا و هو سيى ء الخلق، و هو فى كبره اسوا خلقا.ثم اتى بسعد بن ابى وقاص، فقال له بايع، فقال: يا اباالحسن خلنى، فاذا لم يبق غيرى بايعتك، فو الله لاياتيك من قبلى امر تكرهه ابدا، فقال: صدق خلوا سبيله.ثم بعث الى محمد بن مسلمه، فلما اتاه قال له: بايع، قال: ان رسول الله (ص) امرنى اذا اختلف الناس و صاروا هكذا- و شبك بين اصابعه- ان اخرج بسيفى فاضرب به عرض احد فاذا تقطع اتيت منزلى، فكنت فيه لا ابرحه حتى تاتينى يد خاطيه
، او منيه قاضيه.فقال له (ع): فانطلق اذا، فكن كما امرت به.ثم بعث الى اسامه بن زيد، فلما جاء قال له: بايع، فقال: انى مولاك و لا خلاف منى عليك، و ستاتيك بيعتى اذا سكن الناس.فامره بالانصراف، و لم يبعث الى احد غيره.و قيل له: الا تبعث الى حسان بن ثابت، و كعب بن مالك، و عبدالله بن سلام! فقال: لا حاجه لنا فيمن لا حاجه له فينا.فاما اصحابنا فانهم يذكرون فى كتبهم ان هولاء الرهط انما اعتذروا بما اعتذروا به.لما ندبهم الى الشخوص معه لحرب اصحاب الجمل، و انهم لم يتخلفوا عن البيعه، و انما تخلفوا عن الحرب.و روى شيخنا ابوالحسين رحمه الله تعالى فى كتاب "الغرر" انهم لما اعتذروا اليه بهذه الاعذار، قال لهم: ما كل مفتون يعاتب، اعندكم شك فى بيعتى؟ قالوا: لا، قال: فاذا بايعتم فقد قاتلتم.و اعفاهم من حضور الحرب.فان قيل: رويتم انه قال: ان كرهنى رجل واحد من الناس لم ادخل فى هذا الامر، ثم رويتم ان جماعه من اعيان المسلمين كرهوا و لم يقف مع كراهتهم.قيل: انما مراده (ع) انه متى وقع الاختلاف قبل البيعه نفضت يدى عن الامر و لم ادخل فيه، فاما اذا بويع ثم خالف ناس بعد البيعه، فلا يجوز له ان يرجع عن الامر و يتركه، لان الامامه تثبت بالبيعه
، و اذا ثبتت لم يجز له تركها.و روى ابومخنف عن ابن عباس، قال: لما دخل على (ع) المسجد، و جاء الناس ليبايعوه خفت ان يتكلم بعض اهل الشنان لعلى (ع) ممن قتل اباه او اخاه، او ذا قرابته فى حياه رسول الله (ص)، فيزهد على فى الامر و يتركه، فكنت ارصد ذلك و اتخوفه، فلم يتكلم احد حتى بايعه الناس كلهم راضين مسلمين غير مكرهين.لما بايع الناس عليا (ع)، و تخلف عبدالله بن عمر، و كلمه على (ع) فى البيعه فامتنع عليه، اتاه فى اليوم الثانى، فقال: انى لك ناصح، ان بيعتك لم يرض بها كلهم، فلو نظرت لدينك و رددت الامر شورى بين المسلمين! فقال على (ع): ويحك! و هل ما كان عن طلب منى له! الم يبلغك صنيعهم؟ قم عنى يا احمق، ما انت و هذا الكلام! فلما خرج اتى عليا فى اليوم الثالث آت، فقال: ان ابن عمر قد خرج الى مكه يفسد الناس عليك، فامر بالبعث فى اثره، فجاءت ام كلثوم ابنته، فسالته و ضرعت اليه فيه، و قالت: يا اميرالمومنين، انما خرج الى مكه ليقيم بها، و انه ليس بصاحب سلطان و لا هو من رجال هذا الشان، و طلبت اليه ان يقبل شفاعتها فى امره، لانه ابن بعلها.فاجابها و كف عن البعثه اليه، و قال: دعوه و ما اراده.