خطبه 177-در صفات خداوند
الشرح:
لايشغله امر، لان الحى الذى تشغله الاشياء هو الحى العالم بالبعض دون البعض، و القادر على البعض دون البعض، فاما من لايغيب عنه شى ء اصلا، و لايعجز عن شى ء اصلا، و لايمنعه من ايجاد مقدوره- اذا اراد- مانع اصلا، فكيف يشغله شان! و كذلك لايغيره زمان، لانه واجب الوجود، و لايحويه مكان، لانه ليس بجسم، و لا يصفه لسان، لان كنه ذاته غير معلوم، و انما المعلوم منه اضافات او سلوب.و لايعزب عنه امر من الامور، اى لايفوته علم شى ء اصلا.و السوافى: التى تسفى التراب، اى تذروه.و الصفا، مقصور: الصخر الاملس، و لا وقف عليها هاهنا، لان المقصور لايكون فى مقابله الممدود، و انما الفقره المقابله للهواء هى (الظلماء)، و يكون (الصفا) فى ادراج الكلام اسوه بكلمه من الكلمات.و الذر: صغارالنمل.و يعلم مساقط الاوراق، من قوله تعالى: (و ما تسقط من ورقه الا يعلمها).و طرف الاحداق: مصدر طرف البصر يطرف طرفا، اذا انطبق احد الجفنين على الاخر، و لكونه مصدرا وقع على الجماعه كما وقع على الواحد، فقال: (ع) (طرف الاحداق)، كما قال سبحانه: (لايرتد اليهم طرفهم).و غير معدول به: غير مسوى بينه و بين احد.و الدخله، بكسر الدال: باطن الامر، و يجوز الدخله بالضم.و المعتام: المختار.و العيمه بالكسر: خيار المال، اعتام الرجل، اذا اخذ العيمه.فان قلت: لفظه (معتام) و (مختار) تصلح للفاعل و المفعول، فما ذا يفصل بينهما؟ قلت: بما يقترن باللفظ من الكلام قبله و بعده.فان قلت: فهل يختلفان فى التقدير فى صناعه النحو، و ان اتفقا فى اللفظ؟ قلت: نعم، فان عين الكلمه ياء مفتوح ما قبلها، فان اردت الفاعل فهى مكسوره و تقديره (مختير) مثل (مخترع)، و ان كان مفعولا فهى مفتوحه، و تقديره(مختير) مثل (مخترع) و على كلا التقديرين لابد من انقلاب الياء الفا، و اللفظ، واحد و لكن يقدر على الالف كسره للفاعل و فتحه للمفعول، و كذلك القول فى (المعتام) و (مضطر) و نحوهما.و حكى ان بعض المتكلمين من المجبره، قال: اسمى العبد مضطرا الى الفعل اذا فعله، و لااسمى الله تعالى مضطرا اليه.قيل: فكيف تقول؟ قال: (مضطر) بكسر الطاء، فضحك اهل المجلس منه.و العقائل: جمع عقيله، و هى كريمه كل شى ء من الناس و الابل و غير ذلك، و يقال للذره عقيله البحر.و اشراط الهدى: علاماته، و منه اشراط الساعه قال تعالى: (فقد جاء اشراطها).و الغربيب: الاسود.الشديد السود.و يجلى به غربيب العمى: تكشف به الضلال: و تستنير بهدايته
.و قوله تعالى: (و غرابيب سود)، ليس على ان الصفه قد تقدمت على الموصوف، بل يجعل السود بدلا من الغرابيب.فان قلت: الهاء فى (حقائقه) الى ما ذا ترجع؟ قلت: الى البارى ء سبحانه، و حقائقه حقائق توحيده و عدله، فالمضاف محذوف، و معنى حقائق توحيده الامور المحققه اليقينيه التى ل تعتريها الشكوك، و لاتتخالجها الشبه، و هى ادله اصحابنا المعتزله التى استنبطوها بعقولهم بعد ان دلهم اليها.و نبههم على طرق استنباطها رسول الله (ص) بواسطه اميرالمومنين (ع)، لانه امام المتكلمين الذى لم يعرف علم الكلام من احد قبله.