شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 302
نمايش فراداده

خطبه 112-در نكوهش دنيا

الشرح:

قوله (ع): (فانها منزل قلعه) بضم القاف و سكون اللام، اى ليست بمستوطنه.

و يقال: هذا مجلس قلعه، اذا كان صاحبه يحتاج الى ان يقوم مره بعد مره.

و يقال: هم على قلعه، اى على رحله، و من هذا الباب.

قولهم: فلان قلعه، اذا كان ينقلع عن سرجه، و لا يثبت فى البطش و الصراع، و القلعه ايضا: المال العاريه، و فى الحديث: (بئس المال القلعه).

و النجعه: طلب الكلا فى موضعه، و فلان ينتجع الكلا، و منه انتجعت فلانا، اذا اتيته تطلب معروفه.

ثم وصف هوان الدنيا على الله تعالى، فقال: (من هوانها انه خلط حلالها بحرامها...) الكلام، مراده تفضيل الدار الاتيه على هذه الحاضره، فان تلك صفو كلها و خير كلها، و هذه مشوبه، و الكدر و الشر فيها اغلب من الصفو و الخير.

و من كلام بعض الصالحين: من هوان الدنيا على الله انه لايعصى الا فيها، و لاينال ما عنده الا بتركها.

و يروى: (و لم يضن بها على اعدائه)، و الروايه المشهوره (عن اعدائه)، و كلاهما مستعمل.

و الزهيد: القليل، و العتيد: الحاضر.

و السير: سير المسافر.

ثم امرهم بان يجعلوا الفرائض الواجبه عليهم من جمله مطلوباتهم، و ان يسالوا الله من الاعانه و التوفيق على القيام بحقوقه الواجبه كما سال هم، اى كما الزمهم و افترض عليهم، فسمى ذلك سوالا لاجل المقابله بين اللفظين، كما قال سبحانه: (و جزاء سيئه سيئه مثلها)، و كما قال النبى (ص): (فان الله لايمل حتى تملوا) و كما قال الشاعر: الا لايجلهن احد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا ثم امرهم ان يسمعوا انفسهم دعوه الموت قبل ان يحضر الموت، فيحل بهم.

و مثل قوله: (تبكى قلوبهم و ان ضحكوا) قول الشاعر، و ان لم يكن هذا المقصد بعينه قصد: كم فاقه مستوره بمروءه و ضروره قد غطيت بتجمل و من ابتسام تحته قلب شج قد خامرته لوعه ما تنجلى و المقت: البغض: و اغتبطوا: فرحوا.

و قوله: (املك بكم) مثل (اولى بكم).

و قوله: (و العاجله اذهب بكم من الاجله) اى ذهبت العاجله بكم و استولت عليكم.

اكثر مما ذهبت بكم الاخره، و استولت عليكم.

ثم ذكر ان الناس كلهم مخلوقون على فطره واحده، و هى دين الله و توحيده، و انما اختلفوا و تفرقوا باعتبار امر خارجى عن ذلك، و هو خبث سرائرهم و سوء ضمائرهم، فصاروا الى حال لايتوازرون، اى لايتعاونون، و الاصل الهمز، آزرته، ثم تقلب الهمزه واوا، و اصل قوله: (فلاتوازرون) (فلاتتوازرون) فحذفت احدى التاءين، كقوله تعالى: (ما لكم لاتناصرون)، اى لاتتناصرون، و التبادل: ان يجود بعضهم على بعض بماله و يبذله له.

و مثل قوله (ع) (ما بالكم تفرحون بكذا، و لاتحزنون لكذا، و يقلقكم اليسير من الدنيا يفوتكم) من هذا قول الرضى رحمه الله: نقص الجديدين من عمرى يزيد على ما ينقصان على الايام من مالى دهر توثر فى جسمى نوائبه فما اهتمامى ان اودى بسربالى و الضمير فى (يخاف) راجع الى الاخ لا الى المستقبل له، اى ما يخافه الاخ من مواجهته بعينه.

قوله: (و صار دين احدكم لعقه على لسانه) اخذه الفرزدق، فقال للحسين بن على (ع)، و قد لقيه قادما الى العراق، و ساله عن الناس: (اما قلوبهم فمعك، و اما سيوفهم فعليك، و الدين لعقه على السنتهم، فاذا امتحصوا قل الديانون)، و اللفظه مجاز، و اصل اللعقه شى ء قليل يوخذ بالملعقه من الاناء، يصف دينهم بالنزاره و القله كتلك اللعقه، و لم يقنع بان جعله لعقه حتى جعله على السنتهم فقط، اى ليس فى قلوبهم.