شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 304
نمايش فراداده

خطبه 114-در طلب باران

قال الشريف الرضى رحمه الله تعالى: قوله (ع): (انصاحت جبالنا)، اى تشققت من المحول، يقال: انصاح الثوب، اذا انشق.

و يقال ايضا: انصاح النبت، و صاح و صوح، اذا جف و يبس، كله بمعنى.

و قوله: (و هامت دوابنا) اى عطشت، و الهيام: العطش.

و قوله: (حدابير السنين)، جمع حدبار، و هى الناقه التى انضاها السير، فشبه بها السنه التى فشا فيها الجدب، قال ذو الرمه: حدابير ما تنفك الا مناخه على الخسف او نرمى بها بلدا قفرا و قوله: (و لاقزع ربابها)، القزع: القطع الصغار المتفرقه من السحاب.

و قوله: (و لا شفان ذهابها) فان تقديره: (و لا ذات شفان ذهابها)، و الشفان الريح البارده، و الذهاب: الامطار اللينه، فحذف (ذات) لعلم السامع به.

الشرح:

يجوز ان يريد بقوله: (و هامت دوابنا) معنى غير ما فسره الشريف الرضى رحمه الله به، و هو ندودها و ذهابها على وجوهها لشده المحل، يقول: هام على وجهه، يهيم هيما و هيمانا.

و المرابض: مبارك الغنم، و هى لها كالمواطن للابل، واحدها مربض، بكسر الباء مثل مجلس.

و عجت: صرخت.

و يحتمل الضمير فى (اولادها) ان يرجع الى الثكالى، اى كعجيج الثكالى على اولادهن، و يحتمل ان يرجع الى الدواب، اى و عجت على اولادها كعجي ج الثكالى، و انما وصفها بالتحير فى مرابضها، لانها لشده المحل تتحير فى مباركها، و لاتدرى ما ذا تصنع، ان نهضت لترعى لم تجد رعيا، و ان اقامت كانت الى انقطاع الماده اقرب! قوله: (و ملت التردد فى مراتعها، و الحنين الى مواردها)، و ذلك لانها اكثرت من التردد فى الاماكن التى كانت تعهد مراتعها فيها فلم تجد مرتعا، فملت الترداد اليها، و كذلك ملت الحنين الى الغدران و الموارد التى كانت تعتادها للشرب، فانها حنت اليها لما فقدتها، حتى ضجرت و يئست فملت مما لا فائده لها فيه.

و الانه و الحانه: الشاه و الناقه، و يقال: ماله حانه و لا آنه.

و اصل الانين صوت المريض و شكواه من الوصب، يقال: ان يئن انينا و انانا و تانانا.

و الموالج: المداخل، و انما ابتدا (ع) بذكر الانعام و ما اصابها من الجدب اقتفاء بسنه رسول الله (ص)، و لعاده العرب، اما سنه رسول الله (ص) فانه قال: (لو لا البهائم الرتع، و الصبيان الرضع، و الشيوخ الركع، لصب عليكم العذاب صبا)، و قد ذهب كثير من الفقهاء الى استحباب اخراج البهائم فى صلاه الاستسقاء.

و تقدير دعائه (ع): اللهم ان كنت حرمتنا الغيث لسوء اعمالنا، فارحم هذه الحيوانات التى لاذنب لها، و لاتواخذها بذنوبنا.

و اما عاده ال عرب فانهم كانوا اذا اصابهم المحل استسقوا بالبهائم، و دعوا الله بها و استرحموه لها، و منهم من كان يجعل فى اذناب البقر السلع و العشر، و يصعد بها فى الجبال و التلاع العاليه، و كانوا يسقون بذلك، و قال الشاعر: اجاعل انت بيقورا مسلعه ذريعه لك بين الله و المطر فاعتكرت: ردف بعضها بعضا، و اصل عكر عطف.

و العكره.

الكره، و فى الحديث: قال له قوم: يا رسول الله، نحن الفرارون.

فقال: (بل انتم العكارون ان شاءالله).

و البيت الذى ذكره الرضى رحمه الله لذى الرمه، لااعرفه الا (حراجيج)، و هكذا رايته بخط ابن الخشاب رحمه الله، و الحرجوج: الناقه الضامره فى طول.

و فيه مساله نحويه، و هى انه كيف نقض النفى من (ما تنفك) و هو غير جائز، كما لايجوز مازال زيد الا قائما؟ و جوابها ان تنفك هاهنا تامه، اى ما تنفصل، و مناخه منصوب على الحال.

قوله: (و اخلفتنا مخايل الجود) اى كلما شمنا برقا، و اختلنا سحابا، اخلفنا و لم يمطر.

و الجود: المطر الغزير.

و يروى: (مخايل الجود) بالضم.

و المبتئس: ذو البوس.

و البلاغ للملتمس، اى الكفايه للطالب.

و تقول: قنط فلان، بالفتح، يقنط و يقنط، بالسكر و الضم، فهو قانط.

و فيه لغه اخرى قنط بالكسر، يقنط قنطا، مثل تعب يتعب ت عبا، و قناطه ايضا، فهو قنط.

و قرى ء: (و لاتكن من القنطين).

و انما قال: (و منع الغمام)، فبنى الفعل للمفعول به، لانه كره ان يضيف المنع الى الله تعالى، و هو منبع النعم، فاقتضى حسن الادب انه لم يسم الفاعل.

و روى (منع الغمام)، اى و منع الغمام القطر، فحذف المفعول.

و السوام: المال الراعى.

فان قلت: ما الفرق بين (تواخذنا) و بين (تاخذنا) ؟ قلت: المواخذه دون الاخذ، لان الاخذ الاستئصال، و المواخذه عقوبه و ان قلت.

و السحاب المنبعق: المتبعج بالمطر، و مثله المتبعق، و مثله البعاق.

و الربيع المغدق: الكثير.

و النبات المونق: المعجب.

و انتصب (سحا) على المصدر.

و الوابل: المطر الشديد.

ثم قال: (تحيى به ما قد مات)، اى يكاد يتلف بها من الزرع و ترد به ما قد فات، اى يستدرك به الناس ما فاتهم من الزرع و الحرث.

و السقيا مونثه، و هى الاسم من سقى، و المريعه: الخصيبه.

و (ثامرا فرعها): ذو ثمر، كما قالوا: لابن و تامر، ذو لبن و تمر.

و تنعش: ترفع.

و النجاد: جمع نجد، و هو ما ارتفع من الارض.

و الوهاد: جمع وهد، و هو المطمئن منها، و روى: (نجادنا) بالنصب على انه مفعول.

قوله: (و تندى بها اقاصينا)، اى الاباعد منا.

و يندى بها: ينتفع، نديت بكذا، اى انتف عت.

و الضواحى: النواحى القريبه من المدينه العظمى.

و المرمله: الفقيره، ارمل افتقر و نفد زاده.

و وحشك المهمله: التى لاراعى لها و لاصاحب و لامشفق.

و سماء مخضله: تخضل النبت اى تبله، و روى: (مخضله) اى ذات نبات و زروع مخضله، يقال: اخضل النبت اخضلالا، اى ابتل، و انما انث السماء و هو المطر و هو مذكر، لانه اراد الامطار.

و الودق: المطر.

و يحفز: يدفع بشده، و اذا دفع القطر القطر، كان اعظم و اغزر له.

و برق خلب: لا مطر معه، و سحاب جهام: لا ماء فيه.

و المجدبون: اهل الجدب و المسنتون الذين اصابتهم السنه و هى المحل و القحط الشديد.

(صلاه الاستسقاء و آدابها) و اعلم ان صلاه الاستسقاء عند اكثر الفقهاء سنه.

و قال ابوحنيفه: لا صلاه للاستسقاء.

قال اصحابه: يعنى ليست سنه فى جماعه، و انما يجوز ان يصلى الناس وحدانا، قالوا: و انما الاستسقاء هو الدعاء و الاستغفار.

و قال باقى الفقهاء كالشافعى و ابى يوسف و محمد و غيرهم بخلاف ذلك.

قالوا: و قد روى ان رسول الله (ص) صلى بالناس جماعه فى الاستسقاء، فصلى ركعتين، جهر بالقراءه فيهما و حول رداءه و رفع يديه و استسقى.

قالوا: و السنه ان يكون فى المصلى، و اذا اراد الامام الخروج لذلك وعظ الناس، و امرهم بالخروج من المظالم و التوبه من المعاصى، لان ذلك يمنع القطر.

قالوا: و قد روى عن عبدالله بن مسعود انه قال: اذا بخس المكيال حبس القطر.

و قال مجاهد فى قوله تعالى: (و يلعنهم اللاعنون)، قال: دواب الارض تلعنهم، يقولون: منعنا القطر بخطاياهم.

قالوا: و يامر الامام الناس بصوم ثلاثه ايام قبل الخروج، ثم يخرج فى اليوم الرابع و هم صيام و يامرهم بالصدقه، و يستسقى بالصالحين من اهل بيت رسول الله (ص) كما فعل عمر، و يحضر معه اهل الصلاح و الخير، و يستسقى بالشيوخ و الصبيان.

و اختلفوا فى اخراج البهائم، فمنهم من استحب ذلك، و منهم من كرهه.

و يكره اخراج اهل الذمه، فان حضروا من عند انفسهم لم يمنعوا.

و الغسل و السواك فى صلاه الاستسقاء عندهم مسنونان، و لايستحب فيهما التطيب، لان الحال لايقتضيه.

و ينبغى ان يكون الخروج بتواضع و خشوع و اخبات، كما خرج رسول الله (ص) للاستسقاء.

قالوا: و لايوذن لهذه الصلاه و لايقام، و انما ينادى لها: الصلاه جامعه! و هى ركعتان كصلاه العيد، يكبر فى الاولى سبع تكبيرات، و فى الثانيه خمس تكبيرات.

قالوا: و يخطب بعد الصلاه خطبتين، و يكون دعاء الاستسقاء فى الخطبه الاولى.

قالوا: فيقول: اللهم اسقنا غيثا مغيثا، هنيئا مريئ ا مريعا، غدقا مجللا طبقا، سحا دائما.

اللهم اسقنا الغيث، و لاتجعلنا من القانطين.

اللهم ان بالعباد و البلاد من اللاواء و الضنك و الجهد مالا نشكوه الا اليك.

اللهم انبت لنا الزرع، و ادر لنا الضرع، و اسقنا من بركات السماء.

اللهم اكشف عنا الجهد و الجوع و العرى، و اكشف عنا مالا يكشفه غيرك.

اللهم انا نستغفرك، انك كنت غفارا، فارسل السماء علينا مدرارا.

قالوا: و يستحب ان يستقبل القبله فى اثناء الخطبه الثانيه، و يحول رداءه فيجعل ما على الايمن على الايسر، و ما على الايسر على الايمن تفاولا بتحول الحال.

و كذا روى ان رسول الله (ص) فعل، و يستحب للناس ان يحولوا ارديتهم مثله، و يتركوها كما هى، و لايعيدوها الى حالها الاولى الا اذا رجعوا الى منازلهم.

و يستحب ان يدعو فى الخطبه الثانيه سرا فيجمع بين الجهر و السر، كما قال سبحانه و تعالى: (انى اعلنت لهم و اسررت لهم اسرارا)، و كقوله تعالى: (و اذكر ربك فى نفسك تضرعا و خيفه و دون الجهر من القول).

قالوا: و يستحب رفع اليد فى هذا الدعاء، و ان يكثروا من الاستغفار لقوله تعالى: (استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا)، فان صلوا و استسقوا فلم يسقوا عادوا من الغد، و صلوا و استسقو ا، و ان سقوا قبل الصلاه صلوا شكرا و طلبا للزياده.

قالوا: و يستحب ان يقفوا تحت المطر حتى يصيبهم، و ان يحسروا له عن رءوسهم، و قد روى ان رسول الله (ص) حسر عن راسه حتى اصابه مطر الاستسقاء.

و يستحب اذا سال الوادى ان يغتسلوا فيه، و يتوضئوا منه.

و قد استحب قوم من الفقهاء ان يخرج الناس للاستسقاء حفاه حاسرين، و الاكثرون على خلاف ذلك.

فاما مذهب الشيعه فى هذه المساله فان يستقبل الامام القبله بعد صلاه الركعتين، فيكبر الله مائه تكبيره، و يرفع بها صوته و يكبر من حضر معه، ثم يلتفت عن يمينه فيسبح الله مائه تسبيحه، يرفع بها صوته، و يسبح مع من حضر ثم يلتفت عن يساره فيهلل الله مائه مره يرفع بها صوته، و يقول من حضر مثل ذلك، ثم يستقبل الناس بوجهه، فيحمد الله مائه مره، يرفع بها صوته و يقول معه من حضر مثل ذلك، ثم يخطب بهذه الخطبه المرويه عن اميرالمومنين (ع) فى الاستسقاء، فان لم يتمكن منها اقتصر على الدعاء.

(اخبار و احاديث فى الاستسقاء) و جاء فى الاخبار الصحيحه رويا رقيقه فى الجاهليه، و هى رقيقه بنت ابى صيفى بن هاشم بن عبد مناف، قالت رقيقه: تتابعت على قريش سنو اقحلت الضرع و ارقت العظم، فبينا انا راقده- اللهم- او مهومه (و معى صن وى) اذا انا بهاتف صيت يصرخ بصوت صحل: يا معشر قريش، ان هذا النبى المبعوث فيكم قد اظلتكم ايامه، و هذا ابان نجومه، فحيهلا بالخصب والحيا.

الا فانظروا رجلا منكم عظاما جساما، ابيض بضا اوطف الاهداب سهل الخدين، اشم العرنين، له سنه تهدى اليه.

الا فليخلص هو و ولده، و ليدلف اليه من كل بطن رجل.

الا فليشنوا عليهم من الماء، و ليمسوا من الطيب، و ليطوفوا بالبيت سبعا، و ليكن فيهم الطيب الطاهر (لداته).

فليستق الرجل، و ليومن القوم.

الا فغثتم اذا ما شئتم.

قالت: فاصبحت- علم الله- مذعوره قد قف جلدى، و وله عقلى، فاقتصصت روياى على الناس، فذهبت فى شعاب مكه، فو الحرمه و الحرم، ان بقى ابطحى الا و قال: هذا شيبه الحمد.

فتتامت رجال قريش، و انقض اليه من كل بطن رجل، فشنوا عليهم ماء، و مسوا طيبا، و استلموا و اطوفوا، ثم ارتقوا اباقبيس، و طفق القوم يدفون حول عبدالمطلب، ما ان يدرك سعيهم مهله، حتى استقروا بذروه الجبل، و استكفوا جانبيه.

فقام فاعتضد ابن ابنه محمدا (ص)، فرفعه على عاتقه، و هو يومئذ غلام قد ايقع او كرب، ثم قال: اللهم ساد الخله، و كاشف الكربه، انت عالم غير معلم، و مسئول غير مبخل، و هذه عبداوك و اماوك بعذارات حرمك، يشكون اليك سنتهم ا لتى اذهبت الخف و الظلف، فاسمعن اللهم، و امطرن علينا غيثا مغدقا مريعا سحا طبقا دراكا.

قالت: فو رب الكعبه ما راموا حتى انفجرت السماء بمائها و اكتظ الوادى بثجيجه و انصرف الناس يقولون لعبدالمطلب: هنيئا لك سيد البطحاء! و فى روايه ابى عبيده معمر بن المثنى قال: فسمعنا شيخان قريش و جلتها: عبدالله بن جدعان و حرب بن اميه و هشام بن المغيره، يقولون لعبد المطلب: هنيئا لك، اباالبطحاء! و فى ذلك قال شاعر من قريش و قد روى هذا الشعر لرقيقه: بشيبه الحمد اسقى الله بلدتنا و قد فقدنا الحيا و اجلوذ المطر فجاد بالماء و سمى له سبل سحا، فعاشت به الانعام و الشجر و فى الحديث من روايه انس بن مالك: اصاب اهل المدينه قحط على عهد رسول الله (ص)، فقام اليه رجل و هو يخطب يوم جمعه، فقال: يا رسول الله، هلك الشاء، هلك الزرع، ادع الله لنا ان يسقينا، فمد (ع) يده، و دعا و استسقى، و ان السماء كمثل الزجاجه، فهاجت ريح ثم انشات سحابا، ثم اجتمع، ثم ارسلت عزاليها، فخرجنا نخوض الماء حتى اتينا منازلنا، و دام القطر، فقام اليه الرجل فى اليوم الثالث.

فقال: يا رسول الله، تهدمت البيوت، ادع الله ان يحبسه عنا.

فتبسم رسول الله (ص)، ثم رفع يده: و قال: (اللهم حوالينا و لا علينا).

قال انس: فو الذى بعث محمدا بالحق، لقد نظرت الى السحاب، و انه لقد انجاب حول المدينه كالاكليل.

و فى حديث عائشه انه (ع) استسقى حين بدا قرن الشمس، فقعد على المنبر، و حمد الله و كبره، ثم قال: انكم شكوتم جدب دياركم، و قد امركم الله ان تدعوه، و وعدكم ان يستجيب لكم فادعوه.

ثم رفع صوته فقال: (اللهم انك انت الغنى، و نحن الفقراء، فانزل علينا الغيث، و لاتجعلنا من القانطين.

اللهم اجعل ما تنزله علينا قوه لنا، و بلاغا الى حين، برحمتك يا ارحم الراحمين).

فانشاالله سحابا، فرعدت و برقت، ثم امطرت، فلم يات (ع) منزله، حتى سالت السيول، فلما راى سرعتهم الى الكن ضحك حتى بدت نواجذه، و قال: اشهد انى عبدالله و رسوله، و ان الله على كل شى ء قدير.

و من دعائه (ع) فى الاستسقاء و قد رواه الفقهاء و غيرهم: (اللهم اسقنا و اغثنا، اللهم اسقنا غيثا مغيثا، وحيا ربيعا، (وجدا) طبقا، غدقا مغدقا، مونقا عاما، هنيئا مريئا، مريعا مربعا، مرتعا، وابلا سابلا مسيلا، مجللا، درا، نافعا غير ضار، عاجلا غير رائث.

غيثا- اللهم- تحيى به العباد، و تغيث به البلاد، و تجعله بلاغا للحاضر منا و الباد، اللهم انزل علينا فى ارضنا زينتها، و انزل علينا فى ا رضنا سكنها.

اللهم انزل علينا ماء طهورا، فاحى به بلده ميتا، و اسقه مما خلقت لنا انعاما و اناسى كثيرا).

و روى عبدالله بن مسعود ان عمر بن الخطاب خرج يستسقى بالعباس، فقال: اللهم انا نتقرب اليك بعم نبيك و قفيه آبائه و كبر رجاله، فانك قلت، و قولك الحق: (و اما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينه) الايه فحفظتهما لصلاح ابيهما، فاحفظ اللهم نبيك فى عمه فقد دلونا به اليك مستشفعين و مستغفرين.

ثم اقبل على الناس، فقال: استغفروا ربكم انه كان غفارا.

قال ابن مسعود: رايت العباس يومئذ و قد طال عمر، و عيناه تنضحان، و سبائبه تجول على صدره، و هو يقول: اللهم انت الراعى فلاتهمل الضاله، و لاتدع الكسير بدار مضيعه، فقد ضرع الصغير، و رق الكبير، و ارتفعت الشكوى، و انت تعلم السر و اخفى.

اللهم اغثهم بغياثك من قبل ان يقنطوا فيهلكوا، انه لايياس من رحمه الله الا القوم الكافرون.

قال: فنشات طريره من سحاب، و قال الناس: ترون ترون! ثم تلاءمت و استتمت و مشت فيها ريح، ثم هدت و درت، فو الله ما برحوا حتى اعتلقوا الاحذيه، و قلصوا المازر، و طفق الناس يلوذون بالعباس، يمسحون اركانه و يقولون: هنيئا لك ساقى الحرمين.