الكشيش: الصوت يشوبه خور، مثل الخشخشه، و كشيش الافعى: صوتها من جلدها لا من فمها، و قد كشت تكش، قال الراجز: كشيش افعى اجمعت لعض و هى تحك بعضها ببعض يقرع (ع) اصحابه بالجبن و الفشل، و يقول لهم: لكانى انظر اليكم و اصواتكم غمغمه بينكم من الهلع الذى قد اعتراكم، فهى اشبه شى ء باصوات الضباب المجتمعه.
ثم اكد وصف جبنهم حقا و خوفهم، فقال: لاتاخذون حقا، و لاتمنعون ضيما، و هذه غايه ما يكون من الذل.
ثم ترك هذا الكلام و ابتدا فقال: قد خليتم و طريق النجاه عند الحرب، و دللتم عليها، و هى ان تقتحموا و تلحجوا، و لاتهنوا، فانكم متى فعلتم ذلك نجوتم، و متى تلومتم و تثبطتم و احجمتم هلكتم، و من هذا المعنى قول الشاعر: تاخرت استبقى الحياه فلم اجد لنفسى حياه مثل ان اتقدما و قال قطرى بن الفجاءه: لايركنن احد الى الاحجام يوم الوغى متخوفا لحمام فلقد ارانى للرماح دريئه من عن يمينى تاره و امامى حتى خضبت بما تحدر من دمى اكناف سرجى او عنان لجامى ثم انصرفت و قد اصبت و لم اصب جذع البصيره قارح الاقدام و كتب ابوبكر الى خالد بن الوليد: و اعلم ان عليك عيونا من الله ترعاك و تراك، فاذا لقيت العدو، فاحرص عل ى الموت توهب لك الحياه، و لاتغسل الشهداء من دمائهم، فان دم الشهيد نور له يوم القيامه.
و قال ابوالطيب: يقتل العاجز الجبان و قد يعج ز عن قطع بخنق المولود و يوقى الفتى المخش و قد خوض فى ماء لبه الصنديد و لهذا المعنى الذى اشار اليه (ع) سبب معقول، و هو ان المقدم على خصمه يرتاع له خصمه، و تنخذل عنه نفسه، فتكون النجاه و الظفر للمقدم، و اما المتلوم عن خصمه، المحجم المتهيب له، فان نفس خصمه تقوى عليه، و يزداد طمعه فيه، فيكون الظفر له، و يكون العطب و الهلاك للمتلوم الهائب.
الدارع: لابس الدرع، و الحاسر: الذى لادرع عليه و لا مغفر، امرهم (ع) بتقديم المستلئم على غير المستلئم، لان سوره الحرب و شدتها تلقى و تصادف الاول فالاول، فواجب ان يكون اول القوم مستلئما.
و ان يعضوا على الاضراس، و قد تقدم شرح هذا، و قلنا: انه يجوز ان يبدئوهم بالحنق و الجد، و يجوز ان يريد ان العض على الاضراس يشد شوون الدماغ و رباطاته، فلايبلغ السيف منه مبلغه لو صادفه رخوا.
و امرهم بان يلتووا اذا طعنوا، لانهم اذا فعلوا ذلك فبالحرى ان يمور السنان، اى يتحرك عن موضع الطعنه، فيخرج زالفا، و اذا لم يلتووا لم يمر السنان، و لم يتحرك عن موضعه فيخرق و ينفذ فيقتل.
و امرهم بغض الابصار فى الحرب، فانه اربط للجاش، اى اثبت للقلب، لان الغاض بصره فى الحرب احرى الا يدهش و لايرتاع لهول ما ينظر.
و امرهم باماته الاصوات و اخفائها، فانه اطرد للفشل، و هو الجبن و الخوف، و ذلك لان الجبان يرعد و يبرق، و الشجاع صامت.
و امرهم بحفظ رايتهم الا يميلوها، فانها اذا مالت انكسر العسكر، لانهم انما ينظرون اليها و الا يخلوها من محام عنها، و الا يجعلوها بايدى الجبناء و ذوى الهلع منهم كى لايخيموا و يجبنوا عن امساكها.
و الذمار: ما وراء الرجل مما يحق عليه ان يحميه، و سمى ذمارا، لانه يجب على اهله التذمر له، اى الغضب.
و الحقائق: جمع حاقه، و هى الامر الصعب الشديد، و منه قول الله تعالى: (الحاقه ما الحاقه)، يعنى الساعه.
و يكتنفونها: يحيطون بها.
و حفافاها: جانباها، و منه قول طرفه: كان جناحى مضرحى تكنفا حفافيه شكا فى العسيب بمسرد