شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 356
نمايش فراداده

و قال مره اخرى: و لئن كنا من بقايا ثمود، لما نجا مع صالح الا خيارهم.

و قال الحجاج يوما لابى العسوس الطائى: اى اقدم، انزول ثقيف الطائف، ام نزول طيى ء الجبلين؟ فقال له ابوالعسوس: ان كانت ثقيف من بكر بن هوازن فنزول طيى ء الجبلين قبلها، و ان كانت من بقايا ثمود، فهى اقدم، فقال الحجاج: اتقنى فانى سريع الخطفه للاحمق المتهور، فقال- ابوالعسوس، قال ابوالعباس، و كان اعرابيا قحا الا انه لطيف الطبع، و كان الحجاج يمازحه: يودبنى الحجاج تاديب اهله فلو كنت من اولاد يوسف ما عدا و انى لاخشى ضربه ثق فيه يقد بها ممن عصاه المقلدا على اننى مما احاذر آمن اذا قيل يوما قد عصى المرء و اعتدى و قتل المغيره بن الاخنس مع عثمان يوم الدار، و قد ذكرنا مقتله فيما تقدم.

(مجلد 9 صفحه 3( (ذكر اطراف مما شجر بين على و عثمان فى اثناء خلافته) و اعلم ان هذا الكتاب يستدعى منا ان نذكر اطرافا مما شجر بين اميرالمومنين (ع) و عثمان ايام خلافته، اذ كان هذا الكلام الذى شرحناه من ذلك النمط، و الشى ء يذكر بنظيره، و عادتنا فى هذا الشرح ان نذكر الشى ء مع ما يناسبه و يقتضى ذكره.

قال احمد بن عبدالعزيز الجوهرى فى كتاب "اخبار السقيفه": حدثنى محمد بن منصور الرمادى، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن زياد بن جبل، عن ابى كعب الحارثى- و هو ذو الادواه، قال ابوبكر احمد بن عبدالعزيز: و انما سمى ذا الادواه لانه قال: انى خرجت فى طلب ابل ضوال، فتزودت لبنا فى اداوه، ثم قلت فى نفسى: ما انصفت ربى! فاين الوضوء؟ فارقت اللبن و ملاتها ماء، فقلت: هذا وضوء و شراب، و طفقت ابغى ابلى، فلما اردت الوضوء اصطببت من الادواه ماء فتوضات، ثم اردت الشرب، فلما اصطببتها، اذا لبن فشربت، فمكثت بذلك ثلاثا: فقالت (مجلد 9 صفحه 4( له اسماء النحرانيه: يا اباكعب، احقينا كان ام حليبا: قال انك لبطاله! كان يعصم من الجوع و يروى من الظما، اما انى حدثت بهذا نفرا من قومى، منهم على بن الحارث سيد بنى قنان، فلم يصدقنى، و قال: ما اظن الذى تقول كما قلت! فقلت: الله اعلم بذلك.

و رجعت الى منزلى، فبت ليلتى تلك، فاذا به صلاه الصبح على بابى، فخرجت اليه، فقلت: رحمك الله! لم تعنيت؟ الا ارسلت الى فاتيك، فانى لاحق بذلك منك قال: ما نمت الليله الا اتانى آت فقال: انت الذى تكذب من يحدث بما انعم الله عليه! قال ابوكعب: ثم خرجت حتى اتيت المدينه، فاتيت عثمان بن عفان و هو الخليفه يومئذ فسالته عن شى ء من امر دينى، و قلت: يا اميرالمومنين، انى رجل من اهل اليمن من بنى الحارث بن كعب، و انى اريد ان اسالك فامر حاجبك الا يحجبنى، فقال: يا وثاب، اذا جاءك هذا الحارثى فاذن له.

قال: فكنت اذا جئت، فقرعت الباب، قال: من ذا؟ فقلت: الحارثى.

فيقول: ادخل، فدخلت يوما فاذا عثمان جالس، و حوله نفر سكوت لايتكلمون، كان على رووسهم الطير، فسلمت ثم جلست، فلم اساله عن شى ء لما رايت من حالهم و حاله، فبينا انا كذلك اذ جاء نفر، فقالوا: انه ابى ان يجى ء.

قال: فغضب و قال: ابى ان يجى ء! اذهبوا فجيئوا به، فان ابى فجروه جرا.

قال: فمكثت قليلا، فجا ءوا و معهم رجل آدم طوال اصلع، فى مقدم راسه شعرات، و فى قفاه شعرات، فقلت: من هذا؟ قالوا: عمار بن ياسر، فقال له عثمان: انت الذى تاتيك رسلنا فتابى ان تجى ء! قال: فكلمه بشى ء لم ادر ما هو، ثم خرج.

فما زالوا (مجلد 9 صفحه 5( ينفضون من عنده حتى ما بقى غيرى فقام، فقلت: و الله لااسال عن هذا الامر احدا اقول حدثنى فلان حتى ادرى ما يصنع.

فتبعته حتى دخل المسجد، فاذا عمار جالس الى ساريه، و حوله نفر من اصحاب رسول الله (ص) يبكون، فقال عثمان: يا وثاب على بالشرط، فجاءوا، فقال: فرقوا بين هولاء، ففرقوا بينهم.

ثم اقيمت الصلاه، فتقدم عثمان فصلى بهم، فلما كبر قالت امراه من حجرتها: يا ايها الناس.

ثم تكلمت، و ذكرت رسول الله (ص)، و ما بعثه الله به، ثم قالت: تركتم امر الله، و خالفتهم عهده... و نحو هذا، ثم صمتت و تكلمت امراه اخرى بمثل ذلك، فاذا هما عائشه و حفصه.

قال: فسلم عثمان، ثم اقبل على الناس، و قال: ان هاتين لفتانتان، يحل لى سبهما، و انا باصلهما عالم.

فقال له سعد بن ابى وقاص: اتقول هذا لحبائب رسول الله (ص)! فقال: و فيم انت! و ما هاهنا، ثم اقبل نحو سعد عامدا ليضربه، فانسل سعد.

فخرج من المسجد، فاتبعه عثمان، فلقى عليا (ع) بباب المس جد، فقال له (ع): اين تريد؟ قال: اريد هذا الذى كذا و كذا- يعنى سعدا يشتمه- فقال له على (ع): ايها الرجل، دع عنك هذا.

قال: فلم يزل بينهما كلام، حتى غضبا، فقال عثمان: الست الذى خلفك رسول الله (ص) له يوم تبوك! فقال على: الست الفار عن رسول الله (ص) يوم احد! قال: ثم حجز الناس بينهما.

قال ثم خرجت من المدينه حتى انتهيت الى الكوفه، فوجدت اهلها ايضا وقع بينهم شر، و نشبوا فى الفتنه، و ردوا سعيد بن العاص فلم يدعوه يدخل اليهم فلما رايت ذلك رجعت حتى اتيت بلاد قومى.

(مجلد 9 صفحه 6( و روى الزبير بن بكار فى كتاب "الموفقيات" عن عمه، عن عيسى بن داود، عن رجاله، قال: قال ابن عباس رحمه الله: لما بنى عثمان داره بالمدينه، اكثر الناس عليه فى ذلك فبلغه، فخطبنا فى يوم جمعه، ثم صلى بنا، ثم عاد الى المنبر، فحمد الله و اثنى عليه، و صلى على رسوله، ثم قال: اما بعد، فان النعمه اذا حدثت حدث لها حساد حسبها، و اعداء قدرها، و ان الله لم يحدث لنا نعما ليحدث لها حساد عليها، و منافسون فيها، و لكنه قد كان من بناء منزلنا هذا ما كان اراده جمع المال فيه، و ضم القاصيه اليه، فاتانا عن اناس منكم انهم يقولون: اخذ فيئنا، و انفق شيئنا، و استاثر باموالنا، ي مشون خمرا، و ينطقون سرا، كانا غيب عنهم، و كانهم يهابون مواجهتنا، معرفه منهم بدحوض حجتهم، فاذ غابوا عنا يروح بعضهم الى بعض يذكرنا.

و قد وجدوا على ذلك اعوانا من نظرائهم، و موازرين من شبابهم، فبعدا بعدا! و رغما رغما.

ثم انشد بيتين كانه يومى ء فيهما الى على (ع): توقد بنار اينما كنت و اشتعل فلست ترى مما تعالج شافيا تشط فيقضى الامر دونك اهله دونك اهله وشيكا و لاتدعى اذا كنت نائيا ما لى و لفيئكم و اخذ مالكم.