ارعد الرجل و ابرق، اذا اوعد و تهدد، و كان الاصمى ينكره، و يزعم انه لايقال الا رعد و برق، و لما احتج عليه ببيت الكميت: ارعد و ابرق يا يزيد فما وعيدك لى بضائر قال: الكميت قروى لايحتج بقوله و كلام اميرالمومنين (ع) حجه داله على بطلان قول الاصمى.
و الفشل الجبن و الخور.
و قوله: (و لانسيل حتى نمطر)، كلمه فصيحه، يقول: ان اصحاب الجمل فى وعيدهم و اجلابهم بمنزله من يدعى انه يحدث السيل قبل احداث المطر، و هذا محال، لان السيل انما يكون من المطر، فكيف يسبق المطر! و اما نحن فانا لا ندعى ذلك، و انما نجرى الامور على حقائقها، فان كان منا مطر كان منا سيل، و اذا اوقعنا بخصمنا اوعدنا حينئذ بالايقاع به غيره من خصومنا.
و قوله (ع): (و مع هذين الامرين الفشل) معنى حسن، لان الغالب من الجبناء كثره الضوضاء و الجلبه يوم الحرب، كما ان الغالب من الشجعان الصمت و السكون.
و سمع ابوطاهر الجنابى ضوضاء عسكر المقتدر بالله و دبادبهم و بوقاتهم، و هو فى الف و خمسمائه، و عسكر المقتدر فى عشرين الفا، مقدمهم يوسف بن ابى الساج، فقال لبعض اصحابه: ما هذا الزجل؟ قال: فشل، قال: اجل.
و يقال: انه ما رئى جيش كجيش ابى طاهر، ما كان يسمع لهم صوت، حتى ان الخيل لم تكن لها حمحمه، فرشق عسكر ابن ابى الساج القرامطه بالسهام المسمومه، فجرح منهم اكثر من خمسمائه انسان.
و كان ابوطاهر فى عماريه له، فنزل و ركب فرسا، و حمل بنفسه و معه اصحابه حمله على عسكر ابن ابى الساج، فكسروه و فلوه و خلصوا الى يوسف فاسروه، و تقطع عسكره بعد ان اتى بالقتل على كثير منهم، و كان ذلك فى سنه خمس عشره و ثلثمائه.
و من امثالهم: الصدق ينبى ء عنك لا الوعيد.
يمكن ان يعنى بالشيطان الشيطان الحقيقى، و يمكن ان يعنى به معاويه، فان عنى معاويه، فقوله: (قد جمع حزبه، و استجلب خيله و رجله) كلام جار على حقائقه، و ان عنى به الشيطان، كان ذلك من باب الاستعاره، و ماخوذا من قوله تعالى: (و استفزز من استطعت منهم بصوتك و اجلب عليهم بخيلك و رجلك)، و الرجل: جمع راجل، كالشرب، جمع شارب، و الركب: جمع راكب.
قوله: (و ان معى لبصيرتى)، يريد ان البصيره التى كانت معى فى زمن رسول الله (ص) لم تتغير.
و قوله: (ما لبست) تقسيم جيد، لان كل ضال عن الهدايه، فاما ان يضل من تلقاء نفسه، او باضلال غيره له.
و قوله: (لافرطن) من رواها بفتح الهمزه، فاصله (فرط) ثلاثى، يقال: فرط زيد القوم اى سبقهم، و رجل فرط: يسبق القوم الى البئر، فيهيى ء لهم الارشيه و الدلاء، و منه قوله (ع): (انا فرطكم على الحوض)، و يكون تقدير الكلام: و ايم الله لافرطن لهم الى حوض، فلما حذف الجار عدى الفعل بنفسه، فنصب، كقوله تعالى: (و اختار موسى قومه)، و تكون اللام فى (لهم) اما لام التعديه، كقوله: (و يومن للمومنين) اى و يومن المومنين، او تكون لام التعليل، اى لاجلهم.
و من رواها (لافرطن) بضم الهمزه، فهو من افرط المزاده، اى ملاها.
و الماتح: المستقى، متح يمتح، بالفتح، و المايح، بالياء: الذى ينزل الى البئر فيملا الدلو.
و قيل لابى على رحمه الله: ما الفرق بين الماتح و المايح؟ فقال: هما كاعجامهما، يعنى ان التاء بنقطتين من فوق، و كذلك الماتح لانه المستقى، فهو فوق البئر، و الياء بنقطتين من تحت، و كذلك المايح لانه تحت فى الماء الذى فى البئر يملاء الدلاء.
و معنى قوله: (انا ماتحه)، انا خبير به، كما يقل من يدعى معرفه الدار: انا بانى هذه الدار، و الكلام استعاره، يقول: لاملان لهم حياض الحرب التى هى دربتى و عادتى، او لاسبقنهم الى حياض حرب انا متدرب بها، مجرب لها، اذا وردوها لايصدرون عنها.
يعنى قتلهم و ازهاق انفسهم، و من فر منهم لا يعود اليها.
و من هذا اللفظ قول الشاعر: مخضت بدلوه حتى تحسى ذنوب الشر ملاى او قرابا