شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 441
نمايش فراداده

خطبه 175-پند گرفتن از سخن خدا

الشرح:

اعذراليكم: اوضح عذره فى عقابكم اذا خالفتم اوامره.

و الجليله: اليقين، و انما اعذر اليهم بذلك، لانه مكنهم من العلم اليقينى بتوحيده و عدله، و اوجب عليهم ذلك فى عقولهم، فاذا تركوه ساغ فى الحكمه تعذيبهم و عقوبتهم، فكانه قد ابان لهم عذره ان لو قالوا: لم تعاقبنا؟ و محابه من الاعمال هى الطاعات التى يحبها.

و حبه لها اراده وقوعها من المكلفين.

و مكارهه من الاعمال: القبائح التى يكرهها منهم، و هذا الكلام حجه لاصحابنا على المجبره.

و الخبر الذى رواه (ع) مروى فى كتب المحدثين، و هو قول رسول الله (ص): (حجبت الجنه بالمكاره و حفت النار بالشهوات)، و من المحدثين من يرويه: (حفت) فيهما، و ليس منهم من يرويه: (حجبت) فى النار، و ذلك لان لفظ (الحجاب) انما يستعمل فيما يرام دخوله و ولوجه لمكان النفع فيه، و يقال: حجب زيد مادبه الامير، و لايقال: حجب زيد عن الحبس.

ثم ذكر (ع) انه لا طاعه الا فى امر تكرهه النفس، و لامعصيه الا بمواقعه امر تحبه النفس، و هذا حق، لان الانسان ما لم يكن متردد الدواعى لايصح التكليف، و انما تتردد الدواعى اذا امر بما فيه مشقه، او نهى عما فيه لذه و منفعه.

فان قلت: اليس قد امر الانسان بالنكاح و هو لذه؟ قلت: ما فيه من ضرر الانفاق و معالجه اخلاق النساء يربى على اللذه الحاصله فيه مرارا.

ثم قال (ع): (رحم الله امرا نزع عن شهوته)، اى اقلع.

و قمع هوى نفسه، اى قهره.

ثم قال: فان هذه النفس ابعد شى ء منزعا، اى مذهبا، قال ابوذويب: و النفس راغبه اذا رغبتها و اذا ترد الى قليل تقنع.

و من الكلام المروى عنه (ع)- و يروى ايضا عن غيره: (ايها الناس، ان هذه النفوس طلعه فالا تقدعوها تنزع بكم الى شر غايه).

و قال الشاعر: و ما النفس الا حيث يجعلها الفتى فان اطمعت تاقت و الا تسلت ثم قال (ع): (نفس المومن ظنون عنده)، الظنون: البئر التى لايدرى افيها ماء ام لا، فالمومن لايصبح و لايمسى الا و هو على حذر من نفسه، معتقدا فيها التقصير و التضجيع فى الطاعه، غير قاطع على صلاحها و سلامه عاقبتها.

و زاريا علهيا: عائبا، زريت عليه: عبت.

ثم امرهم بالتاسى بمن كان قبلهم، و هم الذين قوضوا من الدنيا خيامهم، اى نقضوها، و طووا ايام العمر كما يطوى المسافر منازل طريقه.