و كله الى نفسه: تركه و نفسه، و كلته و كلا و وكولا.
و الجائر: الضال العادل عن الطريق.
و قمش جهلا: جمعه.
و موضع: مسرع، اوضع البعير: اسرع، و اوضعه راكبه، فهو موضع به، اى اسرع به.
و اغباش الفتنه: ظلمها، الواحده غبش، و اغباش الليل: بقايا ظلمته، و منه الحديث فى صلاه الصبح: (و النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغبش) و الماء الاجن: الفاسد.
و اكثر، كقولك: (استكثر)، و يروى: (اكتنز)، اى اتخذ العلم كنزا.
و التخليص: التبيين، و هو و التلخيص متقاربان، و لعلهما شى ء واحد من المقلوب.
و المبهمات: المشكلات، و انما قيل لها مبهمه، لانها ابهمت عن البيان، كانها اصمتت فلم يجعل عليها دليل و لا اليها سبيل، او جعل عليها دليل و اليها سبيل، الا انه متعسر مستصعب، و لهذا قيل لما لاينطق من الحيوان، بهيمه، و قيل للمصمت اللون الذى لا شيه فيه: بهيم.
و قوله: (حشوا رثا) كلام مخرجه الذم، و الرث: الخلق، ضد الجديد.
و قوله: (حشوا)، يعنى كثيرا لا فائده فيه.
و عاش: خابط فى ظلام و قوله: (لم يعض) يريد انه لم يتقن و لم يحكم الامور، فيكون بمنزله من يعض بالناجذ، و هو آخر الاضراس و انما يطلع اذا استحكمت شبيبه الانسان و اشتدت مرته، و لذلك يدعوه العوام ضرس الحلم، كان الحلم ياتى مع طلوعه، و يذهب نزق الصبا، و يقولون: رجل منجذ، اى مجرب محكم، كانه قد عض على ناجذه و كمل عقله.
و قوله: (يذرى الروايات) هكذا اكثر النسخ، و اكثر الروايات (يذرى) من (اذرى) رباعيا، و قد اوضحه قوله: (اذراء الريح) يقال: طعنه فاذراه، اى القاه، و اذريت الحب للزرع، اى القيته، فكانه يقول: يلقى الروايات كما يلقى الانسان الشى ء على الارض، و الاجود الاصح الروايه الاخرى: (يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم)، و هكذا ذكر ابن قتيبه فى "غريب الحديث" لما ذكر هذه الخطبه عن اميرالمومنين (ع)، قال تعالى: (فاصبح هشيما تذروه الرياح)، و الهشيم: ما يبس من النبت و تفتت.
قوله: (لا ملى ء)، اى لا قيم به، و فلان غنى ملى ء، اى ثقه بين الملاء و الملاء بالمد.
و فى كتاب ابن قتيبه تتمه هذا الكلام: (و لا اهل لما قرظ به)، قال: اى ليس بمستحق للمدح الذى مدح به.
و الذى رواه ابن قتيبه من تمام كلام اميرالمومنين (ع) هو الصحيح الجيد، لانه يستقبح فى العربيه ان تقول: لا زيد قائم،حتى تقول: و لا عمرو، او تقول: و لا قاعد، فقوله (ع): (لا ملى ء) اى لا هو ملى ء، و هذا يستدعى (لا) ثانيه، و لايحسن الاقتصار على الاولى.
و قو له (ع): (اكتتم به) اى كتمه و ستره.
و قوله: (تصرخ منه و تعج).
العج: رفع الصوت، و هذا من باب الاستعاره.
و فى كثير من النسخ: (الى الله اشكو)، فمن روى ذلك وقف على (المواريث)، و من روى الروايه الاولى وقف على قوله: (الى الله) و يكون قوله: (من معشر) من تمام صفات ذلك الحاكم، اى هو من معشر صفتهم كذا.
و ابور (افعل) من البور: الفاسد، بار الشى ء، اى فسد، و بارت السلعه، اى كسدت و لم تنفق، و هو المراد هاهنا، و اصله الفساد ايضا.
ان قيل: بينوا الفرق بين الرجلين اللذين احدهما و كله الله الى نفسه، و الاخر رجل قمش جهلا، فانهما فى الظاهر واحد.
قيل: اما الرجل الاول، فهو الضال فى اصول العقائد، كالمشبه و المجبر و نحوهما، الا تراه كيف قال: (مشغوف بكلام بدعه، و دعاء ضلاله)، و هذا يشعر بما قلناه، من ان مراده به المتكلم فى اصول الدين، و هو ضال عن الحق، و لهذا قال: انه فتنه لمن افتتن به ضال عن هدى من قبله، مضل لمن يجى ء بعده.
و اما الرجل الثانى فهو المتفقه فى فروع الشرعيات، و ليس باهل لذلك، كفقهاء السوء، الا تراه كيف يقول: جلس بين الناس قاضيا.
و قال ايضا: (تصرخ من جور قضائه الدماء، و تعج منه المواريث).
فان قيل: ما معنى قوله فى الرجل ال اول: (رهن بخطيئته)؟ قيل: لانه ان كان ضالا فى دعوته مضلا لمن اتبعه، فقد حمل خطاياه و خطايا غيره، فهو رهن بالخطيئتين معا، و هذا مثل قوله تعالى: (و ليحملن اثقالهم و اثقالا مع اثقالهم).
ان قيل: ما معنى قوله (عم بما فى عقد الهدنه)؟ قيل: الهدنه اصلها فى اللغه السكون، يقال: هدن اذا سكن، و معنى الكلام انه لايعرف ما فى الفتنه من الشر، و لا ما فى السكون و المصالحه من الخير.
و يروى: (بما فى غيب الهدنه)، اى فى طيها و فى ضمنها.
و يروى: (غار فى اغباش الفتنه)، اى غافل ذو غره.
و روى: (من جمع) بالتنوين فتكون (ما) على هذا اسما موصولا، و هى و صلتها فى موضع جر لانها صفه (جمع)، و من لم يرو التنوين فى (جمع) حذف الموصوف، تقديره: من جمع شى ء ما قل منه خير مما كثر، فتكون (ما) مصدريه، و تقدير الكلام: قلته خير من كثرته، و يكون موضع ذلك جرا ايضا بالصفه.