شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 608
نمايش فراداده

حکمت 414

الشرح:

القليل من الخير خير من عدم الخير اصلا.

قال (ع): لايقولن احدكم ان فلانا اولى بفعل الخير منى، فيكون و الله كذلك، مثاله قوم موسرون فى محله واحده، قصد واحدا منهم سائل فرده، و قال له: اذهب الى فلان، فهو اولى بان يتصدق عليك منى، فان هذه الكلمه تقال دائما، نهى (ع) عن قولها و قال: (فيكون و الله كذلك)، اى ان الله تعالى يوفق ذلك الشخص الذى احيل ذلك السائل عليه و ييسر الصدقه عليه، و يقوى دواعيه اليها، فيفعلها فتكون كلمه ذلك الانسان الاول قد صادفت قدرا و قضاء، و وقع الامر بموجبها.

الشرح:

يقول (ع): ان عن لك باب من ابواب الخير و تركته، فسوف يكفيكه بعض الناس ممن جعله الله تعالى اهلا للخير و اسداء المعروف الى الناس، و ان عن لك باب من ابواب الشر فتركته، فسوف يكفيكه بعض الناس ممن جعلتهم انفسهم و سوء اختيارهم اهلا للشر و اذى الناس، فاختر لنفسك ايما احب اليك، ان تحظى بالمحمده و الثواب، و تفعل ما ان تركته فعله غيرك و حظى بحمده و ثوابه، او ان تتركه و ايما احب اليك: ان تشقى بالذم عاجلا، و العقاب آجلا، و تفعل ما ان تركته كفاكه غيرك، و بلغت غرضك منه على يد غيرك، او ان تفعله؟ و لاريب ان العاقل يختار فعل الخير و ترك الشر اذا افكر حق الفكر فيما قد اوضحناه.

حکمت 415

الشرح:

لاريب ان الاعمال الظاهره تبع للاعمال الباطنه، فمن صلح باطنه صلح ظاهره و بالعكس، و ذلك لان القلب امير مسلط على الجوارح، و الرعيه تتبع اميرها و لاريب ان من عمل لدينه كفاه الله امر دنياه، و قد شهد بذلك الكتاب العزيز فى قوله سبحانه: (و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لايحتسب).

و لهذا ايضا عله ظاهره، و ذاك ان من عمل لله سبحانه و للدين فانه لايخفى حاله فى اكثر الامر عن الناس، و لا شبهه ان الناس اذا حسنت عقيدتهم فى انسان و علموا متانه دينه بوبوا له الى الدنيا ابوابا لا يحتاج ان يتكلفها، و لايتعب فيها، فياتيه رزقه من غير كلفه و لا كد، و لاريب ان من احسن فيما بينه و بين الله احسن الله ما بينه و بين الناس، و ذلك لان القلوب بالضروره تميل اليه و تحبه، و ذلك لانه اذا كان محسنا بينه و بين الناس عف عن اموال الناس و دمائهم و اعراضهم، و ترك الدخول فيما لا يعنيه، و لا شبهه ان من كان بهذه الصفه فانه يحسن ما بينه و بين الناس.

حکمت 416

الشرح:

لما جعل الله الحلم غطاء، و العقل حساما، امره ان يستر خلل خلقه بذلك الغطاء و ان يقاتل هواه بذلك الحسام، و قد سبق القول فى الحلم و العقل.

حکمت 417

الشرح:

قد ذكرنا هذا المعنى فيما تقدم، و قد قالت الشعراء فيه فاكثروا، و قريب من ذلك قول الشاعر: و بالناس عاش الناس قدما و لم يزل من الناس مرغوب اليه و راغب و اشد تصريحا بالمعنى قول الشاعر: لم يعطك الله ما اعطاك من نعم الا لتوسع من يرجوك احسانا فان منعت فاخلق ان تصادفها تطير عنك زرافات و وحدانا

حکمت 418

الشرح:

قد تقدم القول فى هذا المعنى.

و قال الشاعر: و بينما المرء فى الاحياء مغتبط اذ صار فى اللحد تسفيه الاعاصير و قال آخر: لايغرنك عشاء ساكن قد يوافى بالمنيات السحر و قال عبيدالله بن طاهر: و اذا ما اعارك الدهر شيئا فهو لا بد آخذ ما اعارا آخر: يغر الفتى مر الليالى سليمه و هن به عما قليل عواثر و قال آخر: و رب غنى عظيم الثراء امسى مقلا عديما فقيرا و كم بات من مترف فى القصور فعوض فى الصبح عنها القبورا

حکمت 419

الشرح:

قد تقدم القول فى شكوى الحال و كراهيتها، و كلام اميرالمومنين (ع) يدل على انه لا يكره شكوى الحال الى المومن، و يكرهها الى غير المومن، و هذا مذهب دينى غير المذهب العرفى.

و اكثر مذاهبه و مقاصده (ع) فى كلامه ينحو فيها نحو الدين و الورع و الاسلام، و كانه يجعل الشكوى الى المومن كالشكوى الى الخالق سبحانه، لانه لا يشكو الى المومن الا و قد خلت شكواه من التسخط و التافف، و لا يشكو الى الكافر الا و قد شاب شكواه بالاستزاده و التضجر، فافترقت الحال فى الموضعين.

فاما المذهب المشهور فى العرف و العاده فاستهجان الشكوى على الاطلاق لانها دليل على ضعف النفس و خذلانها، و قله الصبر على حوادث الدهر، و ذلك عندهم غير محمود.

حکمت 420

الشرح:

المعنى ظاهر، و قد نقله بعض المحدثين الى الغزل فقال: قالوا اتى العيد قلت اهلا ان جاء بالوصل فهو عيد من ظفرت بالمنى يداه فكل ايامه سعود و رايت بعض الصوفيه و قد سمع هذين البيتين من مغن حاذق، فطرب و صفق و اخذهما لمعنى عنده.

و قد قال بعض المحدثين فى هذا المعنى ايضا: قالوا اتى العيد و الايام مشرقه و انت تبكى و كل الناس مسرور فقلت ان واصل الاحباب كان لنا عيدا و الا فهذا اليوم عاشور

حکمت 421

الشرح:

كان يقال لعمر بن عبدالعزيز بن مروان: السعيد ابن الشقى، و ذلك ان عبدالعزيز ابن مروان ملك ضياعا كثيره بمصر و الشام و العراق و المدينه من غير طاعه الله، بل بسلطان اخيه عبدالملك، و بولايه عبدالعزيز نفسه مصر و غيرها، ثم تركها لابنه عمر، فكان ينفقها فى طاعه الله سبحانه و فى وجوه البر و القربات، الى ان افضت الخلافه اليه، فلما افضت اليه اخرج سجلات عبدالملك بها لعبدالعزيز فمزقها بمحضر من الناس، و قال: هذه كتبت من غير اصل شرعى، و قد اعدتها الى بيت المال.

حکمت 422

الشرح:

هذه صوره اكثر الناس، و ذلك لان اكثرهم يكد بدنه و نفسه فى بلوغ الامال الدنيويه، و القليل منهم من تساعد المقادير على ارادته، و ان ساعدته على شى ء منها بقى فى نفسه ما لا يبلغه، كما قيل: نروح و نغدو لحاجاتنا و حاجه من عاش لا تنقضى تموت مع المرء حاجاته و تبقى له حاجه ما بقى فاكثرهم اذن يخرج من الدنيا بحسرته، و يقدم على الاخره بتبعته، لان تلك الامال التى كانت الحركه و السعى فيها ليست متعلقه بامور الدين و الاخره، لا جرم انها تبعات و عقوبات، و نسال الله عفوه.

حکمت 423

الشرح:

هذا تحريض على طلب الاخره، و وعد لمن طلبها بانه سيكفى طلب الدنيا، و ان الدنيا ستطلبه حتى يستوفى رزقه منها.

و قد قيل: مثل الدنيا مثل ظلك، كلما طلبته بعد عنك، فان ادبرت عنه تبعك.