شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 87
نمايش فراداده

خطبه 036-در بيم دادن نهروانيان

الشرح:

الاهضام: جمع هضم، و هو المطمئن من الوادى.

و الغائط ما سفل من الارض.

و احتبلكم المقدار: اوقعكم فى الحباله.

و البجر: الداهيه و الامر العظيم و يروى: (هجرا) و هو المستقبح من القول.

و يروى (عرا) و العر: قروح فى مشافر الابل و يستعار للداهيه.

اخبار الخوارج قد تظافرت الاخبار حتى بلغت حد التواتر بما وعد الله تعالى قاتلى الخوارج من الثواب على لسان رسوله (ص).

و فى الصحاح المتفق عليها ان رسول الله (ص) بينا هو يقسم قسما جاء رجل من بنى تميم، يدعى ذا الخويصره فقال: اعدل يا محمد فقال (ع): (قد عدلت)، فقال له ثانيه: اعدل يا محمد فانك لم تعدل فقال (ص).

(ويلك! و من يعدل اذا لم اعدل!)، فقام عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله، ائذن لى اضرب عنقه، فقال: (دعه، فسيخرج من ضئضى ء هذا قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميه، ينظر احدكم الى نصله فلا يجد شيئا، فينظر الى نضيه فلا يجد شيئا، ثم ينظر الى القذذ فكذلك، سبق الفرث و الدم، يخرجون على حين فرقه من الناس، تحتقر صلاتكم فى جنب صلاتهم، و صومكم عند صومهم، يقرءون القرآن لايجاوز تراقيهم.

آيتهم رجل اسود- او قال: ادعج- مخدج اليد، احدى يديه كانها ثدى امراه، او ب ضعه تدردر.

و فى بعض الصحاح ان رسول الله (ص) قال لابى بكر، و قد غاب الرجل عن عينه: قم الى هذا فاقتله، فقام ثم عاد و قال: وجدته يصلى فقال لعمر مثل ذلك، فعاد و قال: وجدته يصلى فقال لعلى (ع) مثل ذلك، فعاد فقال: لم اجده، فقال رسول الله (ص): (لو قتل هذا لكان اول فتنه و آخرها، اما انه سيخرج من ضيئضى ء هذا قوم...) الحديث.

و فى بعض الصحاح: (يقتلهم اولى الفريقين بالحق).

و فى مسند احمد بن حنبل، عن مسروق، قال: قالت لى عائشه: انك من ولدى و من احبهم الى، فهل عندك علم من المخدج؟ فقلت: نعم، قتله على بن ابى طالب على نهر يقال لاعلاه تامرا و لاسفله النهروان، بين لخاقيق و طرفاء، قالت: ابغنى على ذلك بينه فاقمت رجالا شهدوا عندها بذلك، قال: فقلت لها: سالتك بصاحب القبر ما الذى سمعت من رسول الله (ص) فيهم؟ فقالت: نعم سمعته، يقول: (انهم شر الخلق و الخليقه، يقتلهم خير الخلق و الخليقه، و اقربهم عند الله وسيله).

و فى "كتاب صفين" للواقدى عن على (ع): لولا ان تبطروا فتدعوا العمل، لحدثتكم بما سبق على لسان رسول الله (ص) لمن قتل هولاء.

و فيه: قال على (ع): اذا حدثتكم عن رسول الله (ص) فلان اخر من السماء احب الى من ان اكذب على رسول الله (ص) و اذا حدثتكم فيما بيننا عن نفسى، فان الحرب خدعه، و انما انا رجل محارب سمعت رسول الله (ص) يقول: (يخرج فى آخر الزمان قوم احداث الاسنان، سفهاء الاحلام قولهم من خير اقوال اهل البريه، صلاتهم اكثر من صلاتكم، و قراءتهم اكثر من قراءتكم، لايجاوز ايمانهم تراقيهم- او قال: حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميه، فاقتلوهم، فان قتلهم اجر لمن قتلهم يوم القيامه).

و فى "كتاب صفين" ايضا للمدائنى عن مسروق، ان عائشه قالت له لما عرفت ان عليا (ع) قتل ذا الثديه: لعن الله عمرو بن العاص! فانه كتب الى يخبرنى انه قتله بالاسكندريه، الا انه ليس يمنعنى ما فى نفسى ان اقول ما سمعته من رسول الله (ص) يقول: (يقتله خير امتى من بعدى).

و ذكر ابوجعفر محمد بن جرير الطبرى فى "التاريخ" ان عليا (ع) لما دخل الكوفه دخلها معه كثير من الخوارج، و تخلف منهم بالنخيله و غيرها خلق كثير لم يدخلوها، فدخل حرقوص بن زهير السعدى، و زرعه بن البرج الطائى- و هما من رءوس الخوارج- على على (ع) فقال له حرقوص: تب من خطيئتك و اخرج بنا الى معاويه نجاهده، فقال له على (ع): انى كنت نهيتكم عن الحكومه فابيتم، ثم الان تجعلونها ذنبا! اما انها ليست بمعصيه، و لكنها عجز من الراى و ضعف فى التدبير، و قد نهيتكم عنه، فقال زرعه: اما و الله لئن لم تتب من تحكيمك الرجال لاقتلنك اطلب بذلك وجه الله و رضوانه، فقال على (ع): بوسا لك ما اشقاك! كانى بك قتيلا تسفى عليك الرياح! قال زرعه: وددت انه كان ذلك.

قال: و خرج على (ع) يخطب الناس فصاحوا به من جوانب المسجد: لا حكم الا لله، و صاح به رجل (منهم واضع اصبعه فى اذنيه فقال): "و لقد اوحى اليك و الى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين"، فقال له على (ع): "فاصبر ان وعد الله حق و لايستخفنك الذين لايوقنون".

و روى ابن ديزيل فى كتاب "صفين" قال: كانت الخوارج فى اول ما انصرفت عن رايات على (ع) تهدد الناس قتلا، قال: فاتت طائفه منهم على النهر الى جانب قريه، فخرج منها رجل مذعورا آخذا بثيابه، فادركوه فقالوا له: رعبناك؟ قال: اجل فقالوا له: قد عرفناك، انت عبدالله بن خباب صاحب رسول الله (ص) قال: نعم قالوا: فما سمعت من ابيك يحدث عن رسول الله (ص)؟ قال ابن ديزيل: فحدثهم ان رسول الله (ص) قال: (ان فتنه جائيه القاعد فيها خير من القائم.

) الحديث.

و قال غيره: بل حدثهم: (ان طائفه تمرق من الدين كما يمرق السهم من الرميه، يقرءون القرآن، صلاتهم اكثر من صلاتكم...) الحديث فضربوا راسه، فسال دمه فى النهر، ما امذقر، (اى ما اختلط بالماء)، كانه شراك، ثم دعوا بجاريه له حبلى فبقروا عما فى بطنها.

و روى ابن ديزيل قال: عزم على (ع) على الخروج من الكوفه الى الحروريه، و كان فى اصحابه منجم فقال له: يا اميرالمومنين، لا تسر فى هذه الساعه، و سر على ثلاث ساعات مضين من النهار.

فانك ان سرت فى هذه الساعه اصابك و اصحابك اذى و ضر شديد، و ان سرت فى الساعه التى امرتك بها ظفرت و ظهرت، و اصبت ما طلبت.

فقال له على (ع): اتدرى ما فى بطن فرسى هذه، ا ذكر هو ام انثى؟ قال: ان حسبت علمت، فقال على (ع): من صدقك بهذا فقد كذب بالقرآن قال الله تعالى: "ان الله عنده علم الساعه و ينزل الغيث و يعلم ما فى الارحام..." الايه، ثم قال (ع): ان محمدا (ص) ما كان يدعى علم ما ادعيت علمه، اتزعم انك تهدى الى الساعه التى يصيب النفع من سار فيها، و تصرف عن الساعه التى يحيق السوء بمن سار فيها! فمن صدقك بهذا فقد استغنى عن الاستعانه بالله جل ذكره فى صرف المكروه عنه.

و ينبغى للموقن بامرك ان يوليك الحمد دون الله جل جلاله، لانك بزعمك هديته الى الساعه التى يصيب النفع من سار فيها، و صرفته عن الساعه التى يحيق السوء بمن سار فيها، فمن آم