شرح نهج البلاغه نسخه متنی

ن بك فى هذا لم آمن عليه ان يكون كمن اتخذ من دون الله ضدا و ندا.

اللهم لا طير الا طيرك و لا ضر الا ضرك، و لا اله غيرك ثم قال: نخالف و نسير فى الساعه التى نهيتنا عنها ثم اقبل على الناس، فقال: ايها الناس اياكم و التعلم للنجوم الا ما يهتدى به فى ظلمات البر و البحر، انما المنجم كالكاهن و الكاهن كالكافر و الكافر، فى النار.

اما و الله لئن بلغنى انك تعمل بالنجوم لاخلدنك السجن ابدا ما بقيت، و لاحرمنك العطاء ما كان لى من سلطان.

ثم سار فى الساعه التى نهاه عنها المنجم، فظفر باهل النهر و ظهر عليهم، ثم قال: لو سرنا فى الساعه التى امرنا بها المنجم لقال الناس: سار فى الساعه التى امر بها المنجم فظفر و ظهر اما انه ما كان لمحمد (ص) منجم و لا لنا من بعده حتى فتح الله علينا بلاد كسرى و قيصر.

ايها الناس، توكلوا على الله و ثقوا به، فانه يكفى ممن سواه.

قال: فروى مسلم الضبى عن حبه العرنى، قال: لما انتهينا اليهم رمونا فقلنا لعلى (ع): يا اميرالمومنين قد رمونا، فقال لنا: كفوا، ثم رمونا، فقال لنا (ع): كفوا ثم الثالثه فقال: الان طاب القتال احملوا عليهم.

و روى ايضا عن قيس بن سعد بن عباده ان عليا (ع) لما انتهى اليهم، قال لهم: اقيدونا بدم ع
بدالله بن خباب، فقالوا: كلنا قتله، فقال: احملوا عليهم.

و ذكر ابوهلال العسكرى فى كتاب "الاوائل" ان اول من قال: (لا حكم الا لله) عروه بن حدير، قالها بصفين، و قيل: زيد بن عاصم المحاربى.

قال: و كان اميرهم اول ما اعتزلوا ابن الكواء، ثم بايعوا لعبدالله بن وهب الراسبى- و كان احد الخطباء فقال لهم عند بيعتهم اياه: اياكم و الراى الفطير و الكلام الفضيب، دعوا لراى يغب، فان غبوبه يكشف للمرء عن قضته، و ازدحام الجواب مضله للصواب، و ليس الراى بالارتجال، و لاالحزم بالاقتضاب، فلا تدعونكم السلامه من خطا موبق، و غنيمه نلتموها من غير صواب الى معاودته و التماس الربح من جهته.

ان الراى ليس بنهنهى، و لا هو ما اعطتك البديهه و ان خمير الراى خير من فطيره، و رب شى ء غابه خير من طريئه، و تاخيره خير من تقديمه.

و ذكر المدائنى فى كتاب "الخوارج" قال: لما خرج على (ع) الى اهل النهر اقبل رجل من اصحابه ممن كان على مقدمته يركض، حتى انتهى الى على (ع) فقال: البشرى يا اميرالمومنين! قال: ما بشراك؟ قال: ان القوم عبروا النهر لما بلغهم وصولك، فابشر، فقد منحك الله اكتافهم فقال له: آلله انت رايتهم قد عبروا! قال: نعم، فاحلفه ثلاث مرات فى كلها يقول: نعم، فق
ال على (ع): و الله ما عبروه و لن يعبروه، و ان مصارعهم لدون النطفه و الذى فلق الحبه، و برا النسمه، لن يبلغوا الاثلاث و لا قصر بوازن، حتى يقتلهم الله، و قد خاب من افترى.

قال: ثم اقبل فارس آخر يركض فقال كقول الاول فلم يكترث على (ع) بقوله، و جاءت الفرسان تركض كلها تقول مثل ذلك فقام على (ع) فجال فى متن فرسه.

قال: فيقول شاب من الناس: و الله لاكونن قريبا منه فان كانوا عبروا النهر لاجعلن سنان هذا الرمح فى عينه، ايدعى علم الغيب، فلما انتهى (ع) الى النهر وجد القوم قد كسروا جفون سيوفهم، و عرقبوا خيلهم، و جثوا على ركبهم، و حكموا تحكيمه واحده بصوت عظيم له زجل فنزل ذلك الشاب، فقال: يا اميرالمومنين انى كنت شككتك فيك آنفا، و انى تائب الى الله و اليك فاغفر لى، فقال على (ع): ان الله هو الذى يغفر الذنوب، فاستغفره.

و ذكر ابوالعباس محمد بن يزيد المبرد فى "الكامل" قال: لما واقفهم على (ع) بالنهروان، قال: لاتبدءوهم بقتال حتى يبدءوكم، فحمل منهم رجل على صف على (ع)، فقتل منهم ثلاثه، ثم قال: اقتلهم و لا ارى عليا و لو بدا اوجرته الخطيا فخرج اليه على (ع) فضربه، فقتله، فلما خالطه سيفه قال: يا حبذا الروحه الى الجنه! فقال عبدالله بن وهب: و الله ما ادرى الى الجنه ام الى النار! فقال رجل منهم من بنى سعد: انما حضرت اغترارا بهذا الرجل- يعنى عبدالله و اراه قد شك و اعتزل عن الحرب بجماعه من الناس، و مال الف منهم الى جهه ابى ايوب الانصارى، و كان على ميمنه على (ع) فقال على (ع) لاصحابه: احملوا عليهم فو الله لايقتل منكم عشره، و لايسلم منهم عشره.

فحمل عليهم فطحنهم طحنا، قتل من اصحابه (ع) تسعه و افلت من الخوارج ثمانيه.

و ذكر ابوالعباس- و ذكر غيره ايضا- ان اميرالمومنين (ع) لما وجه اليهم عبدالله بن عباس ليناظرهم قال لهم: ما الذى نقمتم على اميرالمومنين؟ قالوا له: قد كان للمومنين اميرا، فلما حكم فى دين الله خرج من الايمان، فليتب بعد اقراره بالكفر، نعد اليه، قال ابن عباس: ما ينبغى لمومن لم يشب ايمانه بشك ان يقر على نفسه بالكفر، قالوا: انه حكم، قال: ان الله امر بالتحكيم فى قتل صيد، فقال: "يحكم به ذوا عدل منكم"، فكيف فى امامه قد اشكلت على المسلمين! فقالوا: انه حكم عليه فلم يرض، فقال: ان الحكومه كالامامه، و متى فسق الامام وجبت معصيته، و كذلك الحكمان لما خالفا نبذت اقاويلهما، فقال بعضهم لبعض: اجعلوا احتجاج قريش حجه عليهم فان هذا من الذين قال الله فيهم: "بل هم قوم
خصمون" و قال جل ثناوه: "و تنذر به قوما لدا".

قال ابوالعباس و يقال: ان اول من حكم عروه بن اديه- و اديه جده له جاهليه- و هو عروه بن حدير، احد بنى ربيعه بن حنظله.

و قال قوم: اول من حكم رجل من بنى محارب بن خصفه بن قيس بن عيلان، يقال له سعيد.

و لم يختلفوا فى اجتماعهم على عبدالله بن وهب الراسبى، و انه امتنع عليهم، و او ما الى غيره فلم يقنعوا الا به، فكان امام القوم، و كان يوصف براى.

فاما اول سيف سل من سيوف الخوارج فسيف عروه بن ادبه و ذاك انه اقبل على الاشعث فقال له: ما هذه الدنيه يا اشعث؟ و ما هذا التحكيم؟ اشرط اوثق من شرط الله عز و جل! ثم شهر عليه السيف، و الاشعث مول، فضرب به عجز بغلته.

قال ابوالعباس: و عروه بن حدير هذا من النفر الذين نجوا من حرب النهروان فلم يزل باقيا مده من ايام معاويه، ثم اتى به زياد و معه مولى له فساله عن ابى بكر و عمر فقال: خيرا فقال له: فما تقول فى اميرالمومنين عثمان و فى ابى تراب؟ فتولى عثمان ست سنين من خلافته ثم شهد عليه بالكفر، و فعل فى امر على (ع) مثل ذلك الى ان حكم ثم شهد عليه بالكفر، ثم ساله عن معاويه فسبه سبا قبيحا ثم ساله عن نفسه فقال له: اولك لزنيه و آخرك لدعوه و انت بعد عاص لربك.

فامر به فضربت عنقه ثم دعا مولاه فقال له: صف لى اموره قال: ااطنب ام اختصر؟ قال بل اختصر قال: ما اتيته بطعام بنهار قط، و لافرشت له فراشا بليل قط.

قال ابوالعباس: و سبب تسميتهم الحروريه ان عليا (ع) لما ناظرهم بعد مناظره ابن عباس اياهم، كان فيما قال لهم: الا تعلمون ان هولاء القوم لما رفعوا المصاحف قلت لكم: ان هذه مكيده و وهن، و انهم لو قصدوا الى حكم المصاحف لاتونى، و سالونى التحكيم، افتعلمون ان احدا كان اكره للتحكيم منى؟ قالوا: صدقت قال فهل تعلمون انكم استكرهتمونى على ذلك حتى اجبتكم اليه، فاشترطت ان حكمهما نافذ ما حكما بحكم الله، فمتى خالفاه فانا و انتم من ذلك برآء، و انتم تعلمون ان حكم الله لايعدونى؟ قالوا: اللهم نعم قال: و كان معهم فى ذلك الوقت ابن الكواء، قال: و هذا من قبل ان يذبحوا عبدالله بن خباب، و انما ذبحوه فى الفرقه الثانيه بكسكر فقالوا له: حكمت فى دين الله براينا و نحن مقرون بانا كنا كفرنا و لكنا الان تائبون فاقر بمثل ما اقررنا به، و تب ننهض معك الى الشام، فقال: اما تعلمون ان الله تعالى قد امر بالتحكيم فى شقاق بين الرجل و امراته، فقال سبحانه: "فابعثوا حكما من اهله و حكما من اهلها" و فى صيد اصيب كارنب يس