تعال معي لنأخذ الدروس والمواقف من السلف الصالح الّذين أحبّوا
أهل البيت عليهم السلام حبّاً خالصاً من كلّ دغش ، وليس فيه أيّة شائبة ومصلحة كي يباع بالصفر والبيض أو بشيء آخر ، وإليك هذا الموقف الذي وقفه أبوالأسود الدؤلي مع معاوية حيث روي أن معاوية أرسل إليه هدية منها حلواء ، يريد بذلك استمالته وصرفه عن حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فدخلت ابنة صغيرة له ـ خماسي أو سداسي ـ عليه ، فأخذت لقمة من تلك الحلواء وجعلتها في فمها ، فقال لها أبو الأسود: يا بنتي! ألقيه فإنّه سمّ ، هذه حلواء أرسلها إلينا معاوية ليخدعنا عن أمير المؤمنين عليه السلام ، ويردّنا عن محبّة أهل البيت ، فقالت الصبية: قبّحه الله !! يخدعنا عن السـيّد المطهّر بالشـهد المزعفر ، تبّاً لمرسله وآكله ، فعالجت نفسها حتّى قاءت ما أكلته ، ثمّ قالت:
وقال العلاّمة المجلسي رحمه الله : رأيت في بعض مؤلّفات أصحابنا: روي أنّه دخل أبو أُمامة الباهلي على معاوية ، فقرّبه وأدناه ثمّ دعا بالطعام ، فجعل يطعم أبا أُمامة بيده ، ثمّ أوسع رأسه ولحيته طيباً بيده ، وأمر له ببدرة من دنانير فدفعها إليه ، ثمّ قال: يا أبا أُمامة! بالله أنا خير أم عليّ بن أبي طالب؟ فقال أبو أُمامة: نعم ولا كذب ، ولو بغير الله سألتني لصدقت ، عليّ والله خير منك ، وأكرم وأقدم إسلاماً ، وأقرب إلى رسول الله قرابة ، وأشـدّ في المشركين نكاية ، وأعظم عند الأُمّة غناءً ، أتدري من عليّ يا معاوية؟!
ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وزوج ابنته سـيّدة نساء العالمين ، وأبو الحسن والحسـين سـيّدي شباب أهل الجنّـة ، وابن أخي حمزة سـيّد الشهداء ، وأخو جعفر ذي الجناحين ، فأين تقع أنت من هذا يا معاوية؟!
ظننت أنّي سأُخيّرك على عليّ بألطافك وطعامك وعطائك ، فأدخل إليك مؤمناً وأخرج منك كافراً؟! بئس ما سوّلت لك نفسك يا معاوية ، ثمّ نهض وخرج من عنده ، فأتبعه بالمال فقال: لا والله ، لا أقبل منك ديناراً واحداً .
إنّ لمحبّتـهم عليهم السلام فوائد جمّة ، منها في دار الدنيا ، ومنها في دار القرار؛ فإليك بعض ما روي في ذلك:
ذكـر الديلمـي في أعلام الديـن رواية عن رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قـال لأميـر المؤمنين عليه السلام : بشّـر شـيعتك ومحبيّك بخصال عشـر ، أوّلها: طيب مولدهم ، وثانيها: حُسـن إيمانهم ، وثالثها: حبّ الله لهم ، والرابعة: الفسـحة في قبورهم ، والخامسة: نورهم يسعى بين أيديهم ، والسادسة: نزع الفقر من بين أعينهم وغنى قلوبهم ، والسابعة: المقت من الله لأعدائهم ، والثامنة: الأمن من البرص والجذام ، والتاسعة: انحطاط الذنوب والسيئات عنهم ، والعاشرة: هم معي في الجنّة وأنا معهم ، فطوبى لهم وحسن مآب .
وروي عن جابر ، عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قال: من أحبّ الأئمّة من أهل بيتي ، فقد أصاب خير الدنيا والآخرة ، فلا يشكّنّ أحد أنّه في الجنّة ، فإنّ في حبّ أهل بيتي عشرين خصلة: عشر في الدنيا ، وعشر في الآخرة . .
أمّا في الدنيا: فالزهد ، والحرص على العمل ، والورع في الدين ، والرغبة في العبادة ، والتوبة قبل الموت ، والنشاط في قيام الليل ، واليأس ممّا في أيدي الناس ، والحفظ لأمر الله عزّ وجلّ ونهيه ، والتاسعة: بغض الدنيا ، والعاشرة: السخاء .
وأمّا في الآخرة: فلا يُنشر له ديوان ، ولا ينصب له ميزان ، ويعطى كتابه بيمينه ، وتكتب له براءة من النار ، ويبيّض وجهه ، ويُكسى من حُلل الجنّة ، ويشفّع في مائة من أهل بيته ، وينظر الله إليه بالرحمة ، ويتوّج من تيجان الجنّة ، والعاشرة: دخول الجنّة بغير حساب ، فطوبى لمحبّ أهل بيتي ، .
وذكـر الحافظ رجـب البرسـي في مشارق أنوار اليقين رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قال: إنّ حبّ أهل بيتي ينفع من أحبّهم في سبعة مواطن مهولة: عند الموت وفي القبر ، وعند القيام من الأجداث ، وعند تطاير الصحف ، وعند الحساب ، وعند الميزان ، وعند الصراط ، فمن أحبّ أن يكون آمناً في هذه المواطن فليوال عليّاً بعدي ، وليتمسّك بالحبل المتين ، وهـو علي بن أبـي طالب وعترته من بعده ، فإنّهم خلفائي وأوليائي ، علمهم علمي وحلمهم حلمي ، وأدبهم أدبي ، وحسبهم حسبي ، سادة الأولياء ، وقادة الأتقياء ، وبقيّة الأنبياء ، حربهم حربي ، وعدوّهم عدوّي .