ومن مقتضيات المفهوم المهدوي عند أئمة أهل البيت(عليهم السلام) الاعتقاد بالإمامة المبكرة للإمام المهدي (عليه السلام)، وهذه الخصوصية تارة ننظر إليها من الزواية الإسلامية بقصد البرهنة والإثبات ودفع ما يمكن أن يرد عليها من اشكال ديني، واُخرى من زاوية الواقع لبيان أن هذه الإمامة ;
إمامة واقعية تحمل المؤهلات الكافية، وليست إمامة مفترضة أو مدّعاة.
وإذا نظرنا إليها من الزاوية الإسلامية وجدنا ضرورة تمييز مسألة الإمامة أوّلاً، هل هي مسألة عقائدية؟ أم أنها مسألة تشريعية؟ فإن كانت مسألة عقائدية كما هو معتقد الشيعة فإننا نجد القرآن يصرّح بثبوت النبوّة وهي مسألة عقائدية للصبي قال تعالى: يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً ،(1) وإن كانت مسألة تشريعية، فإن من واضحات الشريعة الاسلامية ثبوت الحجر على الصغير، ومن كان محجوراً عليه، فاقداً للولاية على نفسه كيف تتاح له الولاية على غيره؟ فلا تكون إمامة الصبي مشروعة حينئذ.
وقد اختلف المسلمون في هذه المسألة، فمدرسة المذاهب الأربعة جعلت الخلافة والإمامة والولاية من شؤون الشريعة، وأعمال المكلفين، بينما آمنت مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) بأنها مسألة عقائدية ومن جملة اُصول الدين التي هي من شؤون رب العالمين، وليست من خصائص المكلّفين وأعمال العباد. وحينئذ فمدرسة أهل البيت(عليهم السلام) حينما تعتقد بالإمامة المبكرة لعدد من الأئمة(عليهم السلام) ومن جملتهم الإمام المهدي (عليه السلام) منسجمة مع نفسها في هذا المضمار لا يرد عليها اشكال من جهة عقائدية مادام القرآن يصرّح بالنبوة المبكرة ليحيى(عليه السلام)، ولا من جهة تشريعية مادامت المسألة
1- مريم: 19 / 12.