حتى يكون للوعد الالهي قيمة عظمى، بالإستناد إلى حقيقة و أهمية هذا الوعد، فلا بد حينها أن يتفوق هذا الأسناد على كل ما هو معروف من صيغ و أشكال و معادلات بشرية، و بالشكل الذي يضفي على هذه التجربة الموعودة كل صفات الكمال و النجاح لذا فإن إستعراضنا لملامح هذه الدولة العظمية سيتركز على العناوين الرئيسية لها لتحقيق حالة فهم عصري، و استيعاب واقعي لهذه الملاح .
فمن المؤكد أن الخير الوفير سيعم الأرض و أن الأرض (تظهر خيراتها) كما ورد في الحديث الشريف، و ستزداد غلة الدونم الواحد من الأرض أضعافاً مضاعفة و تنتشر زراعة أصناف نباتية متنوعة. و كذا من الجوانب الأخرى حين يخرج الله على يديه ما تبقي من فروع العلم الأخرى حيث ورد (إن العلم سبع و عشرون باباً لم يفتح الله منها إلا بابان) فلنا أن نتخيل الكم الهائل من المعرفة و الإختراعات و التقنية التي ستحكم العالم بعد أن ينشرها الإمام المهدي و بالمقابل لنا تخيل حجم الرفاهية التي سيعيشها الناس في أمن و طيب و دعة و هدوء و عدل يستمد أسسه من الحكم بالقرآن الذي سيكون بلاشك دستور الدولة المهدية.
كما ستتعمق الصلة بالعوالم الأخرى و يزداد علم الإنسان بالفضاء مع نشر كنوز المعرفة القرآنية و فتح طلاسمها المغلقة إلا على أولياء الله الصالحين، و هذا ما سيجعل الإنسانية تدخل مرحلة أخرى من مراحل الإتصال و التعايش مع الفضاء أو مع كائنات أخرى لم يستطع العقل البشري الإحاطة بها علماً .
و هنا لابد من الاشارة الى أن الايمان الذي سيعمر قلوب الناس سيكون مدعاة لهم لأن يتعاملوا بالحسنى، فتنتهي الجرائم و تتحقق حالة الاكتفاء الذاتي من الماديات التي تغلق أبواب المنازعات الفردية و الجماعية ... انها صورة لدولة فاضلة تقوم على العدل الإلهي و تقوم بوعد الهي كدليل من الله تعالى على انه لم يترك الإنسانية دون صحبة حاضر غائب ننتفع به غائباً انتفاعنا بنور الشمس التي حجبتها الغيوم و حاضراً (ان شاء الله تعالى) نوراً يضىء لنا المدلهم من دروب الحياة.