أبعاد الحج فی فکر الإمام الخمینی (قدس سره)

ماجدة المؤمن

نسخه متنی -صفحه : 12/ 5
نمايش فراداده

البعد الفقهي

البعد الفقهي عند الامام الخميني ـ قدّس سرّه الشريف ـ أحد الأبعاد الكثيرة للحج التي تحدث عنها الامام في مؤلفاته ، وهو لا شك بُعد أساسي ومحوري قامت الأبعاد الأخرى لدعمه وتركيزه ، وقد أعطاه المعنى الحقيقي ، فكان الحج الذي تحدث عنه الامام هو الحج الحقيقي المتكامل المعنى والأبعاد .

وحيث إنّ البعد الفقهي محور وأساس لكلّ الأبعاد الأخرى ، وجدنا من المناسب الحديث عنه ـ مختصراً ـ كما ورد في كتبه الفقهية . . .

فقد جاء عنه: أن الحج ركن من أركان الدين وتركه من الكبائر ، وأنه واجب على من استجمع الشرائط كالبلوغ والعقل والمال والصحة وغيرها ، وتجب في أصل الشرع مرة واحدة في العمر ، ووجوبه فوري مع تحقق الشرائط ، بمعنى وجوب المبادرة اليه في العام الأول من الاستطاعة ولا يجوز تأخيره1 .

ولو توقف إدراكه على مقدمات بعد حصول الاستطاعة في السفر وتهيئة أسبابه ، وجب تحصيلها على وجه يدركه في ذلك العام2 .

ويجب الحج بالنذر والعهد واليمين ، ويشترط في انعقادها: البلوغ والعقل والقصد والاختيار3 .

ويحج عن الميت إذا أوصى بالحج أُخرج من الأصل لو كان واجباً ، إلاّ أن يصرح بخروجه من الثلث فأخرج منه ، فإن لم يفِ أخرج الزائد من الأصل ، ولا فرق في الخروج من الأصل بين حجة الاسلام والحج النذري والافسادي ، وأُخرج من الثلث لو كان ندبياً ، ولو لم يعلم كونه واجباً أو مندوباً فمع قيام قرينة أو تحقق انصراف فهو ، وإلاّ فيخرج من الثلث إلاّ أن يعلم وجوبه عليه سابقاً وشك في أدائه فمن الأصل4 .

ويستحب لفاقد الشرائط من البلوغ والاستطاعة وغيرهما أن يحج مهما أمكن ، وكذا من أتى بحجه الواجب ، ويستحب تكراره بل في كلّ سنة بل يكره تركه خمس سنين متوالية ، ويستحب نية العود اليه عند الخروج من مكه ، ويكره نية عدمه .

ويستحب التبرع بالحج عن الأقارب وغيرهم أحياءً وأمواتاً ، وكذا عن المعصومين(عليهم السلام) أحياءً وأمواتاً ، والطواف عنهم(عليهم السلام) وعن غيرهم أمواتاً وأحياءً مع عدم حضورهم في مكة أو كونهم معذورين ، ويستحب احجاج الغير استطاع أم لا ، ويجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها .

ويستحب لمن ليس له زاد وراحلة أن يستقرض ويحج إذا كان واثقاً بالوفاء ، ويستحب كثرة الانفاق في الحج ، والحج أفضل من الصدقة بنفقته .

لا يجوز الحج بالمال الحرام ، ويجوز بالمشتبه كجوائز الظلمة مع عدم العلم بحرمتها ، ويجوز إهداء ثواب الحج الى الغير بعد الفراغ عنه ، كما يجوز أن يكون ذلك من نيته قبل الشروع فيه ، ويستحب لمن لا مال له يحج به أن يأتي بالحج ولو باجارة نفسه عن غيره5 .

اما محرمات الحج ومكروهاته فقد ذكر الامام(رضي الله عنه) أن المحرمات هي:

الأول: صيد البر اصطياداً وأكلا ـ ولو صاده محل ـ وإشارة ودلالة واغلاقاً وذبحاً وفرخاً وبيضه ، فلو ذبحه كان ميتة على المشهور وهو أحوط ، والطيور حتى الجراد بحكم الصيد البري ، والأحوط ترك قتل الزنبور والنحل إن لم يقصد إيذاءه .

الثاني: النساء وطأً وتقبيلا ولمساً ونظراً بشهوة ، بل كل لذة وتمتع منها .

الثالث: إيقاع العقد لنفسه أو لغيره ولو كان محلا ، وشهادة العقد وإقامتها عليه على الأحوط ولو تحملها محلا وإن لا يبعد جوازها ، ولو عقد لنفسه في حال الاحرام حرمت عليه دائماً مع علمه بالحكم ، ولو جهله فالعقد باطل لكن لا تحرم عليه دائماً . والأحوط ذلك سيما مع المقاربة .

الرابع: الاستمناء بيده أو غيرها بأية وسيلة ، فإن أمنى فعليه بدنة والأحوط بطلان ما يوجب الجماع بطلانه . .

الخامس: الطيب بأنواعه حتى الكافور صبغاً وإطلاءً وبخوراً على بدنه أو لباسه ، ولا يجوز لبس ما فيه رائحته ، ولا أكل ما فيه الطيب كالزعفران ، والأقوى عدم حرمة الزنجبيل والدارصيني . .

السادس: حرمة لبس المخيط للرجال كالقميص والسراويل والقباء وأشباهها .

السابع: لا يجوز الاكتحال بالسواد إن كان فيه الزينة وإن لم يقصدها .

الثامن: النظر في المرآة من غير فرق بين الرجل والمرأة .

التاسع: لبس ما يستر جميع ظهر القدم كالخف والجورب وغيرهما ، ويختص ذلك بالرجال ولا يحرم على النساء .

العاشر: الفسوق ، ولا يختص بالكذب ، بل يشمل السباب والمفاخرة أيضاً وليس في الفسوق كفارة ، بل يجب التوبة عنه ، ويستحب الكفارة بشيء ، والاحسن الذبح .

الحادي عشر: الجدال وهوقول «لا والله» و«بلى والله» وكلّ ما هو مرادف لذلك في أي لغة كان إذا كان في مقام إثبات أمر أو نفيه .

الثاني عشر: قتل هوام الجسد من القملة والبرغوث ونحوهما ، وكذا هوام جسد سائر الحيوانات . . .

الثالث عشر: لبس الخاتم للزينة واستعمال الحناء للزينة . . .

الرابع عشر: لبس المرأة الحلي للزينة ، ولا بأس بما كانت معتادة به قبل الاحرام .

الخامس عشر: التدهين وإن لم يكن فيه طيب .

السادس عشر: إزالة الشعر كثيره وقليله حتى شعرة واحدة عن الرأس واللحية .

السابع عشر: تغطية الرجل رأسه بكلّ ما يغطيه حتى الحشيش والحناء والطين .

الثامن عشر: تغطية المرأة وجهها بنقاب وبرقع ونحوهما .

التاسع عشر: التظليل فوق الرأس للرجال دون النساء . . .

العشرون: إخراج الدم من بدنه ولو بنحو الخدش أو المسواك . .

الحادي والعشرون: قلم الأظفار وقصّها كلا أو بعضاً من اليد أو الرجل .

الثاني والعشرون: قلع الضرس ولو لم يدم على الأحوط ، وفيه شاة على الأحوط .

الثالث والعشرون: قلع الشجر والحشيش النابتين في الحرم وقطعهما .

الرابع والعشرون: لبس السلاح على الأحوط كالسيف والخنجر والطبنجة ونحوها مما هو آلات الحرب إلاّ لضرورة ، ويكره حمل السلاح إذا لم يلبسه إن كان ظاهراً ، والأحوط الترك6 .

هذا وقد تناول الامام ـ قدّس سرّه الشريف ـ كلّ ما يتعلق بالحج من الناحية الفقهية ، لكننا نكتف بهذا المقدار ولغرض منهجي .

والجدير بالذكر أنّ الامام ركز على أهم مقومات الحج ، كما ركّز العلماء الآخرون عليه ، لكنه تميز أن فرّع من تلك المقومات الشرعية أبعاداً أبعدَ مدًى من المادة الفقهية والشرعية ، فأقام أسساً جديدة جمع من خلال المادة الفقهية بالحياة العملية للانسان ، فأخرج بذلك الحج من الفكرة النظرية المجردة الى واقع عملي يعيشه الانسان بكلّ جوارحه ، وذلك هو ما مارسهُ الأئمة من أهل البيت(عليهم السلام)عندما كانوا يعتبرون الحج قاعدة حوار فكري وساحة تربوية ومدرسة علم ومعرفة لكل أبعاد الحياة وساحة صراع مع شياطين الانس والجن ، بل كانوا(عليهم السلام)يعتبرون الحج الساحة التي يريدون للأمة المسلمة أن تسير في خطّها الاسلامي المستقيم ، في خطة توجيهية عملية شاملة .