ثم ذكر قوله عليه السلام للرجلين ( لاحق فيها لغنى و لا لقوى مكتسب ) - قلت - مثل هذا ليس بغنى فيكون فقيرا فيحل له الصدقة عملا بالظواهر كقوله تعالى ( انما الصدقات للفقراء ) - و أحاديث رد الصدقة في الفقراء و معنى لا يحل له الصدقة اى طلبها و ان كان يحل له الاخذ و حملناه على ذلك جمعا بين الادلة و ذكر أبو داود حديث الرجلين و فيه فرآنا جلدين فقال ان شئتما أعطيتكما - و لفظ الطحاوي جلدين قويين فقوله ان شئتما أعطيتكما دليل على جواز الدفع و لو لا ذلك لما دفع إليهما ما لا يجوز دفعه و قال الطحاوي امر عليه السلام زياد بن الحارث الصدائى على قومه و محال ان يؤمره و به زبانة ( 1 )
ثم قد سأله من صدقة قومه و هي زكاتهم فأعطاه منها و لم يمنعه لصحة بدنه - 1 - كذا - و لعله زمانة -
قال ( باب من يعطى من المؤلفة قلوبهم من سهم الصدقات ) ذكر فيه عن الشافعي ( قال للمؤلفة قلوبهم في قسم الصدقات سهم ) و الذى احفظ فيه ان عدى بن حاتم جاء إلى أبى بكر
أحسبه قال بثلاثمائة من صدقات قومه فأعطاه منها ثلاثين بعيرا إلى آخره و ليس في الخبر من اين اعطاه إياها ان الذي يكاد ان يعرف القلب بالاستدلال بالاخبار انه اعطاه إياه من سهم المؤلفة قلوبهم ) - قلت - ان كان عدى عند البيهقي و امامه من المؤلفة قلوبهم فذلك في غاية البعد فقد ذكر البيهقي فيما مضى في باب نقل الصدقة و عزاه إلى مسلم ( ان عديا قال لعمر رضى الله عنهما أ تعرفني يا أمير المؤمنين فقال نعم و الله انى لا عرفك آمنت اذ كفروا و أقبلت اذ أدبروا و وفيت اذ غدروا ) و في الاكتفاء لا بن سالم زيادة على هذا انه قال و الله نعرفك من السماء و لما عزمت طيئ على حبس الصدقة في أول خلافة أبى بكر رضى الله عنه رد عليهم عدى بكلام كثير ذكره ابن إسحاق و من جملته ان للشيطان قادة عند موت كل نبى يستخف لها أهل الجهل بجهلهم على قلائص الفتنة و انما هى عجاجة لاثبات لها و لاثبات فيها ان لرسول الله صلى الله عليه و سلم خليفة من بعده يلى هذا الامر و ان لدين الله أقواما يستنهضون به و يقومون به بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم كما قاموا بعهده و ان لم يكن عدى من المؤلفة قلوبهم فيبعد ايضا ان يعطيه أبو بكر من سهمهم و أيضا فان سهمهم سقط في زمن أبى بكر كما ذكره البيهقي في الباب الذي بعد هذا و قد ذكر القدوري في التجريد ان ابا بكر اعطاه من سهم العاملين و يدل على ذلك ما حكاه البيهقي في باب نقل الصدقة ( عن ابن إسحاق انه عليه السلام بعث عديا على صدقات طيئ ) و ذكر ابن سالم في الاكتفاء وجها آخر في إعطاء أبى بكر له تلك الابل فقال و أعطى أبو بكر عديا ثلاثين من ابل الصدقة و ذلك ان عديا لما قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم نصرانيا فأرسل و أراد الرجوع إلى بلاده أرسل اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم يعتذر من الزاد و يقول و الله ما اصبح عند آل محمد شفه من الطعام و لكن ترجع و يكون خير فلذلك اعطاه أبو بكر تلك الفرائض -