روضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة

زین الدین بن علی العاملی الشهیر بالشهید الثانی

جلد 10 -صفحه : 368/ 332
نمايش فراداده

عرضها السّماوات والاَرض ؟! قال : نعم ، قال : بخ بخ ! لا والله يا رسول الله، لا بدَّ أن أكون من أهلها ، قال : فإنّك من أهلها » ، فأخرج تميرات من قرنه فجعل يأكل منهنَّ ، ثم قال : لئن حييت حتّى آكل تمراتي هذه إنّها حياة طويلة ، فرمى بما كان معه من التمر ، ثمّ قاتل حتى قتل (1) .

فالبيئة التي يتواجد فيها هذا المجاهد كانت خطرة ، فهو يعيش أجواء حرب بدر ، ولكن بيئته النفسية كانت سعيدة ، حيثُ يأمل العيش في جنّة عرضها السماوات والاَرض فالمسلم بفضل عقيدة الاِيمان بالله تعالى يشعر بالرضا والاطمئنان بما يقع في محيطه من أحداث ، ويوطّن نفسه على قضاء الله وقدره ، فالمصيبة التي تصيبه في حاضره ، قد تتحول إلى بَرَكة ، والقرآن الكريم يُنمّي هذا الاحساس في نفس المؤمن قال تعالى : (.. وعَسى أن تكرهُوا شيئاً وهو خيرٌ لكُم وعسى أن تُحبُّوا شيئاً وهو شرٌّ لكُم واللهُ يعلمُ وأنتم لا تعلمونَ ) (2) .

وأحاديث أهل البيت عليهم السلام تعمّق هذا الشعور في نفوس المسلمين ، فقد بعث أمير المؤمنين عليه السلام كتاباً إلى ابن عباس ، وكان ابن عباس يقول : ماانتفعت بكلام بعد كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانتفاعي بهذا الكلام : « أمّا بعد ، فإنّ المرء قد يسرّه درك ما لم يكن ليفوته ، ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه ، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك ، وليكن أسفك على ما فاتك منها»(3) .

(1)السيرة النبوية ، لابي الفداء 2 : 420 ـ دار الرائد العربي ط3 .

(2) البقرة 2 : 216 .

(3) نهج البلاغة ، صبحي الصالح : 378 ـ كتاب 22 .