روضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة

زین الدین بن علی العاملی الشهیر بالشهید الثانی

جلد 10 -صفحه : 368/ 337
نمايش فراداده

لما اشتد عليه جزعك ، فمصابك بتركك الاستعداد له ، أعظم من مصابك بولدك»(1) .

وكان أبو عبدالله عليه السلام يقول عند المصيبة : « الحمدُ لله الذي لم يجعل مصيبتي في ديني ، والحمدُ لله الذي لو شاء أن يجعل مصيبتي أعظم ممّا كانت ، والحمدُ لله على الاَمر الذي شاء أن يكون فكان » (2) .

من جميع ما تقدم ، نخلص إلى أنّ العقيدة تصوغ نفوساً قوية مطمئنة ، تواجه عواصف الاَحداث بقلب صامد ومطمئن إلى قضاء الله وقدره ، وترسم العقيدة للاِنسان خطّ سيره التكاملي ، وعليه فالاِنسان بلا عقيدة كالسفينة بلا بوصلة ، سرعان ما تصطدم بصخور الشاطىء فتتحطم .

ثانياً : تحرير النفس من المخاوف :

مما لا شكَّ فيه ، أنّ الخوف يبدد نشاط الفرد ، ويُشل طاقته الفكرية والجسمية ، وكان الاِنسانُ الجاهلي في خوف دائم من أخيه الاِنسان ودسائسه ، ومن الطبيعة المحيطة به وكوارثها ، ومن الموت الذي لا سبيل له إلى دفعه ، ومن الفقر والجدب ، ومن المرض وما يرافقه من آلام ، وتخفف العقيدة من وطأة الاحساس بتلك المخاوف التي تشلُّ طاقة الاِنسان عن الحركة والانتاج ، وتجعله غرضاً للهموم والهواجس .

الموت تحفة !

ينبّه القرآن الكريم إلى حقيقة أزلية ، على الاِنسان أن يوطّن نفسه

(1) روضة الواعظين ، للفتال النيسابوري : 489 ـ منشورات الرضي ـ قم .

(2) الكافي ، للكليني 3 : 262 | 42 باب النوادر .