عليها، وهي : ( كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموتِ ) (1) . وعليه فلا بدَّ مما ليس منه بد ، والموت لا بدَّ أن يدرك الحي يوماً ما ، كما أدرك مَنْ قبله ، وهو شيء لا عاصم منه.. قال تعالى : ( أينما تكُونوا يُدرككُم الموتُ ولو كُنتُم في بُروجٍ مشيَّدة.. ) (2) . وقال : ( قُلْ لَّن ينفعكُم الفرارُ إن فررتُم من الموتِ.. ) (3) . فالقرآن ـ إذن ـ يؤكد أنّ الموت لا بدَّ منه ، ثم أنّه أمرٌ منوط بإذن الله تعالى وليس بيد غيره ، وهذه حقيقة لها انعكاسات إيحائية على نفس الاِنسان ، بأنَّ أي قوة أرضية أو سماوية لا تستطيع ـ مهما أُوتيت من قوة ـ أن تسلب الحياة عن الاِنسان قال تعالى : ( ما كان لنفسٍ أن تموتَ إلاَّ بإذن اللهِ كتاباً مُؤجَّلاً..) (4) . ولقد بيّن القرآن الكريم زيفَ مزاعم اليهود الذين كانوا مع حرصهم الشديد على الحياة يتصورون أنهم أولياء الله دون غيرهم ، فكشف عن زيف مزاعمهم بهذا التحدّي الذي يخاطب دفائن النفوس ، ذلك أنَّ المؤمن بالله حقاً لا يخشى الموت إذا حلَّ بساحته ، فالموت هو انتقال من دار فانية إلى دار باقية ، واليهود بما يمتازون به من نزعة مادية طاغية ، يخشون الموت ويتشبثون بالحياة ، ومن هنا واجههم القرآن الكريم بهذا التحدي البليغ قال تعالى : ( قُل يأيُّها الَّذين هادُوَا إن زعمتم أنّكُم أولياءُ للهِ (1) آل عمران 3 : 185 . (2) النساء 4 : 78 . (3) الاَحزاب 33 : 16 . (4) آل عمران 3 : 145 .