و أما إذا توطن في مكة و صار من أهلها ، فلم يحدد ذلك بشيء من السنة أو الاشهر ، فيجري عليه حكم أهل مكة ، لاطلاق ما دل على أنه لا متعة لاهل مكة و لا مخصص له .
و أما الصحيحان الدالان على الانقلاب بالاقامة مقدار سنتين إنما هما ، في المجاور و المقيم بالعرض و أما المتوطن فغير مشمول لهما ، فلو أقام شهرا واحدا أو أقل و صدق عليه انه من أهل مكة فعليه حكمهم و لا موجب للتخصيص بالسنة أو السنتين .
فمن الغريب ما عن بعضهم من اختصاص الحكم و التحديد بإلسنتين بما إذا كانت الاقامة بقصد التوطن ، و أما المجاور فعليه المتعة .
ثم الظاهر ان في صورة المجاروة و الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى الاستطاعة ، فيكفي في وجوب الحج عليه الاستطاعة من مكة إلى عرفات ثم إلى مكة .
و ذكر صاحب الجواهر ( 1 ) انه يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده ، لان الانقلاب إنما يوجب تغيير نوع الحج و أما الاشتراط بالاستطاعة فيبقى بحاله بالاضافة إلى النائي .
أقول : يقع الكلام في الاستطاعة تارة : من حيث المبدء و اخرى : من حيث المنتهى .
أما من حيث المبدء فلا تعتبر الاستطاعة من بلد خاص بل المعتبر حصولها من أي بلد كان ، فلو سافر العراقي إلى المدينة و استطاع فيها وجب عليه الحج و ان لم يكن مستطيعا في بلده إذ لم يدل اي دليل على اعتبار الاستطاعة من بلد خاص
1 - الجواهر : ج 18 ص 91 .