الشارع المقدس في الموضوع ، و حدده بحدود ، لاحظا فيه حال النوع الغالب ، و إلحاقا للشواذ و النوادر بالعدم .
فلو رأت المرأة قبل سن البلوغ ما تراه البالغات منظمة مرتبة في كل شهر ثلاثة أو خمسة مثلا بحيث علم أنه الدم المعهود الذي تقذفه الرحم بحسب العادة ، أو رأت بعد الخمسين في عادتها كما رأت قبل الخمسين بحيث علم أنه هو الدم المعهود الذي كانت تقذفه رحمها قبل زمان يأسها لم يحكم بالحيضية ، لا لاجل أنه ليس بحيض - أي الدم الذي تقذفه الرحم في حال استقامتها و اعتدالها - بل لاسقاط الشارع شواذ الطبيعة ونوادرها عن الحكم الذي لغالب النسوة و نوعهن .
و كذا الحال في ما إذا رأت يومين أو أكثر من عشرة أيام مع فرض كون الرحم في حال السلامة ، و الدم المقذوف هو الدم المعهود الذي تقذفه الارحام .
و ما ذكرنا هو الاقرب لفتاوى الاصحاب - رحمهم الله - و الاخبار الكثيرة في الباب ، مع عدم مخالفته للوجدان و الضرورة ، فإن الالتزام بأن الدم إلى الدقيقة الاخيرة من اليوم العاشر يكون حيضا و يكون مجراه مجرى خاصا ثم ينسد دفعة ذلك المجرى و ينفتح عرق آخر هو عرق العاذل و يخرج منه دم الاستحاضة كأنه مخالف للضرورة ، و كذا حال الدم إلى الدقيقة الاخيرة من عادتها لمن استمر بها الدم ، و كذا الاشباه و النظائر .
و بعض الروايات التي يتراءى منها أن مجراهما مختلفان كرواية معاوية بن عمار ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : " إن دم الاستحاضة و الحيض ليس يخرجان من مكان واحد ، إن دم الاستحاضة بارد و إن دم الحيض حار " ( 1 ) لابد من توجيهها بوجه لا يخالف الوجدان و الضرورة ، فكيف يمكن الالتزام بأن من استمر بها الدم و تكون ذات عادة يكون مجرى دمها إلى آن ما قبل العادة و آن ما بعدها مجراه في زمان العادة ؟ ! و قد حكي عن العلامة أنه لو قيل بأن الدم بعد الخمسين من المرأة في زمن عادتها على ما كانت تراه قبل ذلك ليس بحيض كان تحكما لا يقبل .
و لعل مراده أن
1 - الوسائل : كتاب الطهارة ، أبواب الحيض ، ب 3 ، ح 1 . ( )