الدم الكذائي و لو كان حيضا و لا افتراق بينه و بين الدم قبل الخمسين لكن الشارع مع ذلك أسقط حكمه ، و هو يوافق ما ذكرناه نتيجة تأمل .
فتحصل مما ذكرنا أن الشرع حدد الدم في موارد ، فما كان خارجا عن الحدود التي جعلت للحيض و لو كان في الواقع حيضا لا يكون محكوما بحكمه .
فما أفاده المحقق الخراساني من تقريب خلاف ذلك و حمل أخبار الحدود على مورد الاشتباه ، لبعد عدم ترتب أحكام الحيض شرعا على ما علم أنه حيض واقعا ، مؤيدا ببعض الروايات كموثقة سماعة و رواية إسحاق بن عمار ، و منكرا للاجماع استنادا إلى المحكي من المنتهى كما تقدم ذكره ، لا يمكن مساعدته ، وليت شعري أي بعد في الالتزام بجعل الشارع قسما خاصا من الدم موضوعا لحكمه على ما قربنا وجهه ؟ ! و هل هذا إلا مثل تحديد السفر بثمانية فراسخ و غير ذلك من التحديدات الواقعة في الشرع ؟ و هل يمكن مع هذا الاستبعاد رفع اليد عن الاجماع و الاخبار بل ضرورة الفقة ؟ و أما ما استند إليه من عبارة العلامة فغير واضح ، فلعله ليس بصدد بيان كون دم الحيض بعد الخمسين أيضا موضوعا لحكمه بل مراده أنه مع كونه حيضا لا يترتب عليه حكمه .
و لو كان مراده ذلك فلعله مبني على أن حد اليأس زائد من الخمسين بل إلى الستين ، و أما بعد اليأس - و هو الستون على جميع الاقوال - فلا يلتزم أحد ببقاء حكم الحيض و لو كان الدم مثل ما رأت قبلها ، كما أنه قبل البلوغ لم يذهب أحد منا إلى ترتب أحكام الحيض عليه ، و كذا في الدم المرئي أقل من ثلاثة أو أكثر من عشرة مما نقل الاجماع عليهما كثير من الفقهاء .
و عن الامالي في الحدين أنهما من دين الامامية الذي يجب الاقرار به .
و أما الروايات التي استند إليها فلا بد من توجيهها كما لعله يأتي من ذي قبل ، أورد علمها إلى أهلها بعد مخالفتها للنصوص الكثيرة و الاجماع بل ضرورة القفه ، فالأَخذ بالحدود الشرعية الواردة في الروايات لا محيص عنه ، فتدبر .