و كذلك هو جائز لكم عند أحد من المسلمين لانه إذا لم يجز من يخالف بعض الاثر فيحسن الاحتجاج و القياس كان أن يكون لكم إذا كنتم لا تحسنون عند الناس حجة و لا قياسا أبعد قلتم إن زكاة الفطر و صدقة الطعام و جميع الكفارات بمد النبي صلى الله عليه و سلم إلا كفارة الظهار فإنها بمد هشام
( قال الشافعي ) و ما علمته قال هذا القول قبلكم أحد من الناس و ما أدري إلى أي شيء ذهبتم إلى عظم ذنب المتظاهر فالقاتل أعظم من المتظاهر ذنبا فكيف رأيتم أن كفارة القاتل بمد النبي صلى الله عليه و سلم و كفارة المتظاهر بمد هشام و من شرع لكم مد هشام و قد أنزل الله الكفارات على رسوله قبل أن يولد أبو هشام فكيف ترى المسلمين كفروا في زمان النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يكون مد هشام فإن زعمت أنهم كفروا بمد رسول الله صلى الله عليه و سلم و أخذوا به الصدقات و أخرجوا به الزكاة لان الله عز و جل أنزل الكفارات فقد أبان رسول الله صلى الله عليه و سلم كم قدر كيلها كما ابان ذلك في زكاة الفطر و في الصدقات فكيف أخذتم مد هشام و هو ما أبان رسول الله صلى الله عليه و سلم للناس و كفر به السلف إلى أن كان لهشام مد و إن زعمت أن ذلك معروف فمن عرفهم أن الكفارة بمد هشام و من زعم أن الكفارات مختلفة أ رأيت لو قال قائل كل كفارة بمد هشام إلا كفارة الظهار فإنما بمد النبي صلى الله عليه و سلم هل الحجة عليه إلا أن نقول لا يفرق بينهما إلا كتاب أو سنة أو إجماع أو خبر لازم .
فقال للشافعي فهل خالفك في أن الكفارات بمد النبي صلى الله عليه و سلم أحد ؟ فقال معاذ الله أن يكون زعمنا أن مسلما قط غيركم قال إن شيئا من الكفارات بمد النبي صلى الله عليه و سلم قال فما شيء يقوله بعض المشرقيين ؟ قلت قول متوجه و إن خالفناه قال و ما هو ؟ قلت قالوا الكفارات بمد النبي صلى الله عليه و سلم يطعم المسكين مدين مدين قياسا على أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر كعب بن عجرة أن يطعم في فدية الاذى كل مسكين مدين مدين و لم تبلغ جهالتهم و لا جهالة أحد أن يقول إن كفارة بغير مد النبي صلى الله عليه و سلم .
فقلت للشافعي فلعل مد هشام مدان بمد النبي صلى الله عليه و سلم فقال الشافعي لا هو مد و ثلث أو مد و نصف ، فقلت للشافعي أ فتعرف لقولنا وجها ؟ فقال : لا وجه لكم يعذر أحد من العالمين بأن يقول مثله و لا يفرق مسلم غيركم بين مكيلة الكفارات إلا أنا نقول هي مد مد بمد النبي صلى الله عليه و سلم لكل مسكين و قال بعض المشرقيين مدان مدان فأما أن يفرق أحد بين مكيلة شيء من الكفارات فلا .
باب زكاة الفطر
( قال الشافعي ) رحمه الله أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يبعث عنت الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة
( قال الشافعي ) هذا حسن و أستحسنه لمن فعله و الحجة بأن النبي صلى الله عليه و سلم تسلف صدقة العباس قبل أن تحل و يقول ابن عمر و غيره ، فقلت للشافعي فإنا نكره لاحد أن يؤدي زكاة الفطر إلا مع الغدو يوم الفطر و ذلك حين يحل بعد الفجر
( قال الشافعي ) قد خالفتم ابن عمر في روايتكم و ما روى غيركم عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه تسلف صدقة عباس بن عبد المطلب قبل محلها لغير قول واحد علمتكم رويتموه عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و لا التابعين فلست أدري لاي معنى تحملون ما حملتم من الحديث إن كنتم حملتموه لتعلموا الناس أنكم قد عرفتموه فخالفتموه بعد المعرفة فقد وقعتم بالذي أردتم و أظهرتم للناس خلاف السلف و إن كنتم حملتموه