مع نحو قوله : " ما على المحسنين من سبيل " ( 1 ) فان ما ذكر إحسان على صاحبه ، فمع عدم رضاه أو منعه يمكن ان يقال بسقوطهما بالتعارض و الرجوع إلى اصالة الحل .
بل يمكن ان يقال بحكومتها عليها ( نعم ) لو كان المنع لغرض عقلائي ، فالظاهر عدم جوازه لعدم صدق الاحسان و نحوه ، أو مع صدقه يكون مشوبا بالاسائة فيقدم جانب الحرمة .
( و فيه ) مضافا إلى ان سنخ تلك الروايات الواردة في المستحبات لا إطلاق لها حتى يزاحم المحرمات : ان التصرف في مال الغير بلا اذنه أو مع منعه ظلم عليه لا اعانة و إحسان ، و منكر لا معروف ، فيكون خارجا عن مفادها موضوعا ، و لو سلم فلا شبهة في انصرافها عن مثل المورد ، فلا وجه للتعارض بينها و بين ما تقدم .
بل لقائل ان يقول : ان تنزيل العون و المعروف منزلة الصدقة يستشعر منه عدم جواز التصرف بغير اذن صاحبه ، كما ان الصدقة لا تصح و لا تجوز بجهة محرمة فكما لا تجوز الصدقة بمال الغير أو بماله إذا تعلق به حق الغير كذلك لا يجوز العون و الاحسان مع كون مورده التصرف في مال الغير بلا اذنه أو مع منعه .
نعم قد عرفت جواز الاخذ لمجرد الايصال إلى صاحبه في مورد خلو ذهنه عن الرضا و الكراهة و لو ارتكازا ، و ان لا يجوز ساير التصرفات لتعليقها على طيب نفسه الظاهر في الفعلية ، و كذا يجوز في مورد الشك في طيب نفسه لكونه من الشبهة المصداقية للادلة ، و لانصراف دليل جعل الاحتياط في مورد الشك عنه على فرض وجود دليل لفظى كما اشرنا اليه ، و لو كان الحكم إجماعيا يكون المتيقن منه المورد .
هذا إذا لم يلحق مورد الشك في عدم الرضا بالعلم به بالاصل فلا بد من بيان حال الاستصحاب و مورد جريانه و لا جريانه .
فنقول مقدمة ان المحتمل في قوله : " لا يحل مال إمرء مسلم الا بطيبة نفس منه " ان يكون بصدد بيان حكم المستثنى اى الحلية مع الطيب ، فيكون المراد من قوله لا يحل ماله الا بالطيب : انه لا يتحقق الحل الا بالطيب الذي سببه ،
1 - سورة البقرة - الاية 92 .