نتایج الافکار فی نجاسة الکفار

محمدرضا موسوی گلپایگانی؛ مقرر: علی کریمی جهرمی

نسخه متنی -صفحه : 37/ 31
نمايش فراداده
(203)

و كذلك القول بعصمة شخص أو أشخاص مثل النبي و الائمة فانها امر خارج عن طاقة الانسان في الجملة لان الناس مختلفون في الاجتناب عن المعاصي ففرقة منهم يعصون الله كثيرا و من كان كذلك فهو فاسق متهتك و فرقة لا يعصون الله الا شاذا نادرا و أحيانا ، و من كان كذلك فهو العادل و ثلة من الناس لا يعصون الله تعالى ابدا و لا يخرجون عن زى العبودية و منهاج الطاعة حتى و لو في آن من الآنات و حين من الاحيان و من كان كذلك فهو المعصوم و هذا المقام مقام العصمة و هي لطف خفى من الالطاف الالهية العظيمة فاعتقادها في حق احد لا يكون ضائرا أصلا .

وصفوة الكلام انه بعد الاقرار بالتوحيد و شئونه فإثبات صفة مختصة بالله تعالى لاحد من الناس سواء ا كان واجدا لها كاثبات العصمة ، أو العلم بخفايا الامور ، أو المعجزة ، أو الشفاعة ، أو كونه مستجاب الدعوة للائمة عليهم السلام أو فاقدا لها و غير أهل لها كاثبات تلك المزايا لغير الانبياء و الائمة ، و الاعتقاد في احد بأزيد مما هو عليه و حقيق به ، حتى مثل الاعتقاد بكون فرعون مستجاب الدعوة لا يوجب الكفر من هذه الجهة فان القائل بهذه الامور المثبت لها للانبياء و الائمة فلا يقتضى قوله بها خللا في التوحيد حيث انه يقول انها ثابتة لهم باذن الله و مشيته بعد إمكان تحققها لغير الله تعالى .

و اما من أثبتها لغيرهم عليهم السلام فهو مجرد غلط صدر منه حيث انه نسب أمورا - يمكن وقوعها من البشر و تحققها له - إلى من لم تكن له أهلية ذلك و من هو فاقد لها .

(204)

(205)

البحث حول المجسمة

البحث حول المجسمة من جملة الفرق التي حكموا بكفرها المجسمة اى القائل بتجسمه تعالى بعد الاعتراف بالمفهوم من لفظ الجلالة ، و لا يخفى ان المجسمة على قسمين : أحدهما : القائلون بالتجسم بالحقيقة و هو القول بان الله تعالى جسم حقيقة كسائر الاجسام فكما ان الانسان جسم و له ابعاد ثلاثة فكذلك الله تعالى لفظا بلفظ 1 و هذا القول مستلزم لحدوثه تعالى و تركيبه و تحيزه و تحديده و حاجته و لا محالة يحكم على المعتقد به بالكفر و النجاسة .

لا يقال يمكن ان يقول مع ذلك بانه تعالى قديم فالقول بالتجسم مستلزم للكفر .

1 .

أقول : قال ابن ابى الحديد في شرح نهج البلاغة ج 1 ص 119 : و كان في العرب مشبهه و مجسمة منهم أمية بن ابى الصلت و هو القائل : من فوق عرش جالس قد حط رجليه إلى كرسيه المنصوب .

(206)

لا نا نقول : إذا قال بالتجسم و القدم فلا بد من ان يكون اجزاء هذا الجسم ايضا قديما و يلزم من ذلك تعدد القدماء و هو ايضا كفر بالله العظيم .

ثانيهما : القول بالتجسم بالتسمية و هو القول بان الله جسم لا كالاجسام فهو في الحقيقة مجرد اسم و هذا نظير إطلاق الشيء على الله الذي رخص في الروايات الشريفة و قد ورد في بعض الاخبار انه تعالى شيء لا كالاشياء 1 و على اى حال فالمعتقد بهذه العقيدة يقول ان الله جسم و لكنه ليس كسائر الاجسام بلا توجه إلى حقيقة الجسم و لوازمه من الحدوث و الافتقار و التركيب ، أو جاحدا و نافيا لها عن الله تعالى مع الالتفات إليها بان الله ليس حادثا و لا مركبا و لا متحيزا و لا مفتقرا و انما هو جسم ، و كأنه يتناقض في اقواله .

و يشكل إطلاق المجسمة و صدقها عليه و شمول الاجماع و الضرورة القائمين على كفر المجسمة له .

و يؤيد ذلك انه قل في سواد الناس و عامتهم من كان ملتفتا إلى ان قوله بتجسمه تعالى مستلزم لحدوثه و تحيزه و غير ذلك من الآثار و التوالى الفاسدة فان افهامهم بسيطة و عقولهم محدودة ، بل قد يتفق انه يشكل على العامة و ذوى الافهام القاصرة تصور عدم المكان لله تعالى في حاضر الاسلام و ماضيه حتى في صدر الاسلام و عصر النبي الاعظم صلى الله عليه و آله الذهبي .

و كان شيخنا الاستاذ الحائرى قدس سره الشريف 2 ينقل انه لما نزل قوله

1 .

سئل أبو جعفر عليه السلام أ يجوز ان يقال : ان الله عز و جل شيء ؟ فقال نعم يخرجه عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه .

و عن هشام بن الحكم عن ابى عبد الله انه قال للزنديق حين سأله ما هو ؟ قال : هو شيء بخلاف الاشياء . توحيد الصدوق الطبع الحديث ص 104 باب انه تبارك و تعالى شيء ح 1 و 2 . 2 .

شيخ مشايخنا العظام و آية الله الملك العلام ، مشيد أركان الحوزة العلمية ، صاحب النفس الطاهرة القدسية ، المتصف بمكارم الاخلاق و محاسن الصفات ، و الحائز أعالي مراتب العلم و الكمال ، حضرة الشيخ عبد الكريم اليزدي الحائرى اعلى الله في الخلد مقامه و رفع الله في روض

(207)

تعالى : " و اذ اسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به و اظهره الله عليه

القدس اعلامه .

اصله من مهرجرد ، قرية من قرى يزد و قد ولد بها في سنة 1276 .

ه والده محمد جعفر المهر جردى و هو و ان لم يكن من العلماء لكنه كان من الصلحاء الاتقياء ، بل و ممن يعد مثلا لاهل التقوي .

و قد شرع في تحصيل العلوم الدينية المتداولة في قريته ثم في يزد ، إلى ان هاجر إلى كربلاء ، و على رأس حوزته المحقق النحرير الصمد انى ، الفاضل الاردكانى رضوان الله عليه ، و قد أرشده و شوقه في المهاجرة إلى سامراء التي كانت آنذاك مركز الثقافة الاسلامية و الحوزة العلمية العظيمة و مجمع رجالات العلم و الفقاهة و كانت تشد إليها الرحال و تأوى إليها النزال ، كل كذلك في ظلال الزعيم العالمي الذي طار صيته السامية في إرجاء العالم الاسلامي آية الله العظمى المجدد السيد ميرزا محمد حسن الشيرازي قدس الله نفسه الطاهرة ، و كتب الفاضل الاردكانى إلى السيد المجدد كتابا عرف فيه الشيخ عبد الكريم و اطراه فيه بالثناء الجميل و المدح البالغ و اوصاه به ، و كانه كان قد قرء في صفحة جبينه المضي خطوط الرشد و الجلالة و رآى منه انه ينبثق استعداداته المكنونة قواه المكمونة و انه تنمو مواهبه في جو حار علمي مثل حوزة سامراء السامية و تحت اشراف السيد المجدد ، و على الجملة فهاجر إليها و أخذه المجدد الشيرازي تحت ظلال أنعامه و إحسانه و تتلمذ هناك على فحول العلماء و أساطين الدين و أكابر الاساتذة من الفقهاء و الاصوليين ، كالشيخ فضل الله النوري الشهيد قدس سره ، و الميرزا إبراهيم المحلاتي الشيرازي ، و الميرزا محمد تقى الشيرازي ، و السيد محمد الفشاركي ، بل و حضر برهة من الزمان في مجلس درس المجدد الشيرازي - على ما حكاه لي نجله المرتضى قدس سره الشريف ، و لكن كان عمدة استفادته من محضر السيد الفشاركي فقد تعلق به كثيرا و اتصل به شديدا و حكى من شدة تعلقه و كمال اتصاله به ما يبهر لديه العقول و لم يقرع الاسماع من احد كان كذلك بالنسبة إلى أستاذه فكان يؤثره على نفسه و جعل نفسه منه موضع الخادم من مخدومه ، و قد نقلنا نبذا من القضايا العجيبة المنقولة عنه في هذا الموضوع ، في كتاب الفناه في ترجمته و شرح أحواله ، و حق القول أيها القاري الكريم انه من أعجب الاعاجيب .

ثم انه كان مصرا على التحصيل و التحقيق و مجدا في الاخذ و الاستفادة منه و الاستضائة من أنواره و عاكفا على بابه إلى ان نعى الاسلام بوفاة السيد المجدد سنة 1312 ه و نعق غراب البين فتفرق الاعلام و الاساطين ، و الاساتذة و الفطاحل فبعض قد بقى في سامرا و بعض - و هو أكثرهم ) قد راح إلى نجف أو غيره من البلدان و منهم السيد الفشاركي فقد خرج إلى نجف و صحبه تلميذه اليزدي الحائرى و لا يزال كان يستضئ من نور علمه إلى ان وافي السيد الاجل في سنة 1316 و بعد ذلك فقد اتصل الحائرى قدس سره بالمحقق الفريد الآخوند الخراساني ) صاحب الكفاية - قدس سره .

ترى انه يعبر في الدرر عن السيد الفشاركي بسيدنا الاستاد طاب ثراه .

و عن الخراساني بشيخنا الاستاد دام بقاه .

و عن المجدد بسيد مشيخنا الميرزا الشيرازي .

ثم لما جرى بعض الجريانات

(208)

عرف بعضه و أعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال : نبأنى

السياسية و كان لا يحب ان يكون فيها بل كان يرجح ان لا يكون في نجف كى يكون بمعزل عنها ، فلذا خرج إلى كربلاء ، و اشتغل هناك بالتدريس و التحقيق إلى ان هاجر من كربلاء إلى اراك - من بلاد ايران - بدعوة بعض الاثرياء من رجال العلم و استقر هناك و شرع في التدريس و تربية الطلاب و اجتمع حوله رواد العلم و عشاق الفضيلة و الكمال من كل صقع و ناحية ، و ممن كان في طليعتهم تلميذه الجليل القدر سيدنا الاستاذ الاكبر آية الله العظمى السيد الكلبايكانى مد ظله العالي فقد خرج في اوان شبابه من مولده متوجها إلى اراك و لسان حاله : انى ذاهب إلى ربي سيهدين ، و لما نزل اراك و التقى بالشيخ عبد الكريم الحائرى وجد ما كان يطلبه و عكف عليه إلى نهاية مدة اقامة أستاذه في اراك .

ثم انه قدس الله نفسه هاجر سنة 1340 إلى قم و أحيي في هذه البلدة الطيبة ما درس من آثار السابقين ، و اقام الحوزة العلمية هذه الحوزة العظيمة القيمة ، و كان على ما ينقل من حاله مشوقا لاهل الفضل خصوصا بالنسبة إلى من كان يحس منه نبوغا و يحدس فيه شأنا رفيعا .

و بعد ان هبط مدينة قم و عزم على الاقامة فيها أرسل كتابا إلى تلميذه المحبوب لديه السيد الكلبايكانى دام ظله العالي و كان هو بعد في اراك و دعاه إلى ان يهاجر من اراك إلى قم و يلحق به و يكون في صحبته فهاجر مد ظله على اثر ذلك إلى قم و لحق به .

و لا يزال مؤسس هذه الحوزة السامية آية العظمى الحائرى قدس سره يجد بتمام سعيه في تحكيم أساس الدين و حفظ حوزة المسلمين .

و مما اتحف الله سبحانه و تعالى هذا الرجل العظيم به ان وفق لتربية عدة يسيرة من العلماء الاعلام و الفقهاء الكرام ، و قد قيض الله تعالى له ان صار جمع من تلامذته من مراجع الامة الاسلامية ، منهم حسنة الدهر و سيد فقهاء العصر ، المرجع الا على آية الله العظمى الكلبايكانى دام ظله العالي .

و على الاجمال فقد خص الله تعالى آية الله المؤسس الحائرى هذا الرجل المخلص و العبد الصالح بمواهب عظيمة و اختاره لتلك المواقف الكريمة من أهمها تأسيس الحوزة العلمية بقم ، و منها حدة نظره و بصيرته النافذه و خطه السياسي العريق و هو اغفال العدو السفاك عن قدرته و نفوذه البالغ في اعماق نفوس الامة الاسلامية ، و حفظ كيان المسلمين و دفع ما كان يهدد أساس الدين من حملات الحكومة الاجنبية و عميلها الطاغوت الخائن ( البهلوى ) الفاجر ، خذله الله و اخزاه .

و منها تلك الاخلاق الفاضلة و الشيم الطاهرة ، و وصوله إلى مقام كريم لم ير للدنيا و ما فيها ثمنا ، إلى ذلك مما خصه الله تعالى به و اختاره الله له ، و حقيق ان يقال فيه : هنيئا لا رباب النعيم نعيمهم .

و قد افل هذا النجم اللامع عن سماء الفقاهة و التقوى في 17 ذي القعدة سنة 1355 في قم و ارتحل عن دار الغرور إلى مستقر رحمة الله الواسعة في دار السرور ملبيا دعوة ربه الكريم و خسر

(209)

العليم الخبير " 1 قالت فلانة لزميلتها : ان الله سمع من فوق العرش . فكانت تتصور ان الله تعالى جالس على العرش ، و لم تشعر انه تعالى منزه عن المكان و غيره من لوازم الجسم .

و يؤيد ذلك ايضا انه لا يزال المسلمون يلتزمون برفع أيديهم و نصب وجوههم إلى السماء عند ادعيتهم و ابتهالاتهم مع ان نسبة الجهات اليه تعالى متساوية ، و يمكن توجيه الايدى إلى الارض مثلا بدلا عن السماء ، قال الله تعالى : " أينما تولوا فثم وجه الله " 2 و تفهيم كثير من العوام تلك الامور و ان التوجه إلى القبلة أوالى السماء انما هو للامر بذلك و لان الرحمة تنزل من السماء مثلا و غير ذلك من الجهات و الاسرار صعب جدا ، و ليس كل احد يفهم هذه المطالب و يدركها حتى يحصل له - بمجرد الاقرار بالشهادتين - الاعتقاد بكل الخصوصيات بلا اى نقصان فهذا هو شأن الاوحدى و الخواص كأمام العارفين أمير المؤمنين على عليه السلام حيث يقول : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا 3 و الحاصل : انه لما لم يكن تلك المطالب ضرورية يعلمها كل احد بل يعجز عن دركها عقول كثير من الناس ، و يقصر افهامهم ، فلذا لو كان قد اشتبه

هنالك المسلمون و افتقدوا مرجعا دينيا عظيما و الحوزة العلمية ابا شريفا و والدا بارا كريما و قائدا روحيا و زعيما كبيرا ، و ذلك بعد ان تجرع من حكومة عصره الملعونة غصصا عظيمة و ثلم في الاسلام بموته ثلمة لا يسدها شيء ، فرحمة الله و رضوانه على روحه الطاهرة و افكاره العالية و أنزله الله تعالى اعلى درجات القدس و ارفع غرف الفردوس مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا .

و هو و ان مات على ما هو السنة الجارية الحاكمة على كل الموجودات و لكن ما ماتت معالمه السنية ، فكل سطر من حياته الطيبة درس عميق للباقين .

و السلام .

1 .

سورة التحريم الآية 3 . 2 .

سورة البقرة الآية 115 .

3 .

شرح مأة كلمة ، لا بن ميثم ص 52 ، إرشاد القلوب للديلمي الباب 37 ، أنوار الولاية ص 406 .