الساعة لانه حينئذ تعذر تصحيحه بطريق الاخبار لانعدام المخبر به فيكون كذبا فيصحح بطريق الانشاء ثم تعذر تصحيحه انشاء الاضافة لان اسناد الطلاق الموجود للحال إلى الزمان الماضي محال فبطلت الاضافة و اقتصر الانشاء على الحال فيقع الطلاق للحال و لو قال لاجنبية أنت طالق إذا تزوجتك قبل ان أتزوجك ثم تزوجها وقع الطلاق لانه أوقع الطلاق بعد التزوج ثم أضاف الواقع إلى ما قبل الزوج فوقع الطلاق و لغت الاضافة و كذلك إذا قال أنت طالق قبل ان أتزوجك إذا تزوجتك فتزوجها يقع الطلاق و يلغو قوله قبل ان أتزوجك و لو قدم ذكر التزويج فقال إذا تزوجتك فأنت طالق قبل ان أتزوجك أو قبل ذلك ثم تزوجها يقع الطلاق عند أبي يوسف و عند محمد لا يقع وجه قول محمد ان المعلق بالشرط يصير كالمنجز عند وجود الشرط فيصير قائلا عند التزويج أنت طالق قبل ان أتزوجك و لو نص على ذلك لا يقع كذا هذا وجه قول أبي يوسف انه أوقع الطلاق بعد التزوج ثم أضاف الواقع إلى زمان ما قبل التزوج فتلغو الاضافة و يبقى الواقع على حاله و الله عز و جل أعلم و لو أضاف الزوج الطلاق إلى ما يستقبل من الزمان فان أضافه إلى زمان لا ملك له في ذلك الزمان قطعا لم يصح كما لو قال لها أنت طالق بعد موتي و كذا إذا قال لها أنت طالق مع موتي أو مع موتك لان معناه بعد موتي أو بعد موتك لان الطلاق معلق بوجود الموت فصار الموت شرطا اذ الجزاء يعقب الشرط فكان هذا إيقاع الطلاق بعد الموت و لا ملك بعد الموت فبطل و لو قال لامرأته و هي أمة أنت طالق اثنتين مع عتق مولاك فاعتقها مولاها فان زوجها يملك الرجعة لانه تعلق طلاقها بعتق مولاها فصار عتق مولاها شرطا لوقوع الطلاق فيقع بعد تمام الشرط و هي حرة في ذلك الوقت و لو قال لها إذا جاء غد فانت حرة فجاء غد طلقت اثنتين و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره في قول أبي حنيفة و أبي يوسف و قال محمد هذا و الاول سواء يملك الرجعة و لا خلاف في ان عدتها ثلاث حيض وجه قول محمد انه علق الطلاق و العتاق بمجئ الغد فكان حال وقوع الطلاق و العتاق واحدا و هو حال مجئ الغد فيقعان معا و العتق حال وقوعه يكون واقعا لان الشيء حال وجوده يكون موجودا و الشئ في حال قيامه يكون قائما و في حال سواده يكون اسود فالطلقتان يصاد فانها و هي حرة فلا تثبت الحرمة الغليظة و لهذا كانت عدتها ثلاث حيض و لهذا لم تثبت الحرمة الغليظة في المسألة الاولى كذا هذا وجه قولهما ان الطلاق و العتاق لما علقا بمجئ الغد وقعا معا ثم العتق يصادفها و هي أمة و كذا الطلاق فيثبت الحرمة الغليظة بثنتين بخلاف المسألة الاولى لان ثمة تعلق الطلاق بالعتق فيقع بعد ثبوت العتق ضرورة على ما بينا بخلاف العدة فان وجوب العدة يتعقب الطلاق لان الطلاق يصادفها و هي منكوحة و لا عدة على المنكوحة فلا يكون وجوبها مقارنا لوقوع الطلاق فكان عقيب الطلاق ضرورة و هي حرة في تلك الحالة فكانت عدتها عدة الحرائر و الله عز و جل أعلم فان قال لامرأته أنت طالق غدا أو رأس شهر كذا أو في غد صح لوجود الملك وقت الاضافة و الظاهر بقاؤه إلى الوقت المضاف اليه فصحت الاضافة ثم إذا جاء غد أو رأس الشهر فان كانت المرأة في ملكه أو في العدة أو في أول جزء من الغد و الشهر يقع الطلاق و الا فلا كما في التعليق و على هذا يخرج ما إذا قال لامرأته أنت طالق متى لم أطلقك و سكت انها طلقت لان متى للوقت فقد أضاف الطلاق إلى وقت لا يطلقها فيه فكما فرغ من هذه الالفاظ و سكت وجد هذا الوقت فيقع الطلاق و كذا إذا قال لها أنت طالق ما لم أطلقك لان معنى قوله ما لم أطلقك أي في الوقت الذي لا أطلقك يقال في العرف ما دمت تفعل كذا أفعل كذا أي في الوقت الذي تفعل و قال الله تعالى خبرا عن عيسى عليه الصلاة و السلام و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا أي وقت حياتي فيصير كانه قال أنت طالق في الوقت الذي لا أطلقك فكما فرغ و سكت تحقق ذلك الوقت فيقع الطلاق و لو قال ذلك يطلقها موصولا بان قال لها أنت طالق ما لم أطلقك أنت طالق و ذكر العبارتين الاخرتين فهي طالق هذه التطليقة دون التطليقة المضافة إلى زمان لا يطلقها فيه عند أصحابنا الثلاثة و كذا لو قال لها أنت طالق ثلاثا ما لم أطلقك أنت طالق تقع هذه الطلقة لا عندنا و عند زفر يقع ثلاث تطليقات وجه قوله انه أضاف الطلاق إلى وقت لا طلاق فيه و كما فرغ من
قوله ما لم أطلقك قبل قوله طالق وجد ذلك الوقت فيقع المضاف و لنا ان المضاف اليه وقت خال عن الطلاق و لما قال أنت طالق موصولا بالكلام الاول فلم يوجد وقت خال عن الطلاق لان قوله أنت طالق بجملته طلاق لانه كلام واحد لكونه مبتدأ و خبرا فلم يوجد بين الكلامين وقت لا طلاق فيه فلا يقع الطلاق المضاف لانعدام المضاف اليه و الله عز و جل أعلم و لو قال أنت طالق غدا و قال عنيت آخر النهار لم يصدق في القضاء بالاجماع و يصدق فيما بينه و بين الله تعالى و لو قال أنت طالق في غد و قال عنيت في آخر النهار يصدق في القضاء في قول أبي حنيفة و قال أبو يوسف و محمد لا يصدق في القضاء و انما يصدق فيما بينه و بين الله تعالى لا و ان لم يكن له نية يقع في أول جزء من الغد بلا خلاف وجه قولهما ان الغد اسم زمان و الزمان إذا قرن بالفعل يصير ظرفا له سواء قرن به حرف الظرف و هو حرف في أو لم يقرن به فان قول القائل كتبت في يوم الجمعة و يوم الجمعة سواء فكان ذكر حرف الظرف و السكوت عنه بمنزلة واحدة و لو لم يذكر و لو قال أنت طالق غدا و قال عنيت آخر النهار لم يصدق في القضاء و لهذا لو لم يكن له نية يقع في أول جزء من الغد و لابي حنيفة ان ما كان من الزمان ظرفا فاللفعل حقيقة و هو ان يكون كله ظرفا له يذكر بدون حرف الظرف و ما كان منه ظرفا له مجازا و هو ان يكون بعضه ظرفا له و الآخر ظرف ظرفه يذكر مع حروف الظرف فلما قال أنت طالق غدا بدون حرف الظرف فقد جعل الغد كله ظرفا للطلاق حقيقة و انما يكون كله ظرفا للطلاق حقيقة إذا وقع الطلاق في أول جزء منه فإذا وقع في أول جزء منه يبقى حكما و تقديرا فيكون جميع الغد ظرفا له بعضه حقيقة و بعضه تقديرا اما إذا وقع الطلاق في آخر النهار لا يكون كل الغد ظرفا له بل يكون ظرف الظرف فإذا قال عنيت آخر النهار فقد أراد العدل من الظاهر فيما يتهم فيه بالكذب فلا يصدق في القضاء و يصدق فيما بينه و بين الله تعالى لانه نوى ما يحتمله كلامه و لما قال أنت طالق في غد فلم يجعل الغد كلمة ظرف للطلاق حقيقة بل جعله ظرف الظرف و بين ان الظرف الحقيقي للطلاق هو جزء من الغد و ذلك معين فكان التعيين اليه فإذا قال عنيت آخر النهار فقد عين فيصدق في التعيين لانه نوى حقيقة كلامه و نظيره ما إذا قال ان صمت في الدهر فعبدي حر فصام ساعة يحنث و لو قال ان صمت الدهر لا يحنث الا بصوم الابد بالاجماع لما قلنا كذا هذا الا انه إذا لم ينو شيئا يقع الطلاق في أول جزء من الغد لان الاجزاء قد تعارضت فترجح الاول منها احتياطا لثبوت الاستحقاق له من وجه الاحتمال انه ذكر حرف الظرف لتأكيد ظرفية الغد لا لبيان انه ظرف الظرف فترجح الجزء الاول على سائر الاجزاء عند استواء الكل في الجواز بثبوت الاستحقاق من وجه فيقع في الجزء الاول و قد خرج الجواب عن قولهما ان دخول حرف الظرف في الغد و عدم الدخول سواء لانا قد بينا انهما يستويان و الله عز و جل أعلم و لو قال لامرأته أنت طالق اليوم و غدا يقع الطلاق في اليوم لانه جعل الوقتين جميعا ظرفا لكونها طالقا و لن يكون الوقتان جميعا ظرفا الا عند الوقوع في أولهما لانه لو تأخر الوقوع إلى الغد لكان الظرف أحدهما و لو قال أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم يؤخذ بأول الوقتين الذي تفوه به لانه في الاول أوقع الطلاق في اليوم و وصف اليوم بانه غد و هو محال فلغا قوله غدا و بقى قوله اليوم فيقع الطلاق في اليوم و في الثاني أضاف الطلاق إلى الغد و وصف الغد بانه اليوم و هو محال فلغا قوله اليوم و بقى قوله غدا فيقع الطلاق في غد و لو قال لها أنت طالق متى شئت أو متى ما شئت أو إذا شئت أو إذا ما شئت أو كلما شئت لا يقع الطلاق ما لم تشأ فإذا شاءت وقع لانه أضاف الطلاق إلى وقت مشيئتها و وقت مشيئتها هو الزمان الذي توجد فيه مشيئتها فإذا شاءت فقد وجد ذلك الزمان فيقع و لا يقتصر هذا على المجلس بخلاف قوله ان شئت و ما يجري مجراه لان هذا الضافة و ذا تمليك لما نبين في موضعه و على هذا الاصل يخرج الطلاق في العدة و جملة الكلام فيه ان المرأة لا تخلوا ما ان كانت معتدة من طلاق رجعي أو بائن أو خلع فان كانت معتدة من طلاق رجعي يقع الطلاق عليها سواء كان صريحا أو كناية لقيام الملك من كل وجه لان الطلاق الرجعي لا يزيل الملك و لهذا يصح ظهاره و إيلاؤه و يثبت اللعان بينهما و هذه الاحكام لا تصح الا في الملك و ان كانت معتدة من طلاق بائن أو خلع و هي
المبانة أو المختلعة فيلحقها صريح الطلاق عند أصحابنا و قال الشافعي لا يلحقها وجه قوله ان الطلاق تصرف في الملك بالازالة و الملك قد زال بالخلع و الابانة و ازالة الزائل محال و لهذا لم يصح الخلع و الابانة و لنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال المختلعة يلحقها صريح الطلاق ما دامت في العدة و هذا نص في الباب و لانها بالخلع و الابانة لم تخرج من ان تكون محلا للطلاق لان حكم الطلاق ان كان ما ينبئ عنه اللفظ لغة و هو الانطلاق و التخلي و زوال القيد فهي محل لذلك لانها مقيدة في حال العدة لانها ممنوعة عن الخروج و البروز و التزوج بزوج آخر و القيد هو المنع و ان كان ما لا ينبئ عنه اللفظ لغة و هو زوال حل المحلية شرعا فحل المحلية قائم لانه لا يزول الا بالطلقات الثلاث و لم توجد فكانت المبانة و المختلعة محلين للطلاق و به تبين ان قوله الطلاق تصرف في الملك بالازالة سديد لان زوال الملك لا ينبئ عنه اللفظ لغة و لا يدل عليه شرعا ألا ترى ان الطلاق الرجعي واقع و لا يزول الملك بالاجماع و لو راجعها لا ينعدم الطلاق بل يبقى أثره في حق زوال المحلية و ان انعدم أثره في حق زوال الملك بخلاف الابانة لانها ازالة الملك و الملك دليل و أما الكناية فهل يلحقها ينظر ان كانت رجعية و هي ألفاظ و هي قوله اعتدى و استبرئ رحمك و أنت واحدة يلحقها في ظاهر الرواية و روى عن أبي يوسف انه لا يلحقها حتى لو قال لها اعتدى لا يلحقا شيء وجه هذه الرواية ان هذه كناية و الكناية لا تعمل الا في حال قيام الملك كسائر الكنايات وجه ظاهر الرواية ان الواقع بهذا النوع من الكناية رجعي فكان في معنى الصريح فيلحق الخلع و الابانة في العدة كالصريح و ان كانت بائنة كقوله أنت بائن و نحوه و نوى الطلاق لا يلحقها بلا خلاف لان الابانة قطع الوصلة و الوصلة منقطعة فلا يتصور قطعها ثانيا بخلاف الطلاق لانه ازالة القيد و ازالة حل المحلية و كل ذلك قائم و لانه يمكن تصحيح هذا الكلام بطريق الاخبار لان المخبر به على ما أخبره و لا يمكن تصحيحه بطريق الانشاء لان ابانة المبان محال فيصحح بطريق الاخبار لانه يكون كذبا فيصحح بطريق الانشاء و لان الابانة تحريم شرعا و هي محرمة و تحريم المحرم محال و سواء نجز الابانة في حال قيام العدة أو علقها بشرط بان قال لها في العدة ان دخلت هذه الدار فأنت بائن و نوى الطلاق حتى لو دخلت الدار و هي في العدة لا يقع الطلاق لان الابانة قطع الوصلة فلا ينعقد الا في حال قيام الوصلة و هو الملك و لم يوجد فلا ينعقد و لو قال لامرأته ان دخلت الدار فأنت بائن أو حرم و نحو ذلك ثم أبانها أو خالعها ثم دخلت الدار و هي في العدة وقعت عليها تطليقة بالشرط في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر لا يقع و يبطل التعليق وجه قوله ان التعليق بالشرط يصير تنجيزا عند الشرط تقديرا و لو نجز الابانة عند الشرط لا يقع شيء لعدم الملك ( و لنا )
ان التعليق وقع صحيح لقيام الملك عند وجوده من كل وجه فانعقد موجبا للبينونة و زوال الملك عند وجود الشرط من كل وجه الا ان الابانة الطارئة أوجبت زوال الملك من وجه للحال و بقى من وجه حال قيام العدة لقيام بعض آثار الملك فخرج التعليق من ان يكون سببا لزوال الملك عند الشرط من كل وجه لزوال الملك من وجه للحال بالتنجيز فبقى سببا لزوال الملك من وجه و فيه تصحيح التصرفين في حق الحكم بقدر الامكان فكان أولى من تصحيح أحدهما و إبطال الآخر بخلاف تنجيز الابانة على المعتدة المبانة و تعليقها انهما لا يصحان لان ثمة الملك وقت التنجيز و التعليق قائم من وجه دون وجه فقيامه من وجه لقيام العدة يوجب الصحة و زواله من وجه يمنع الصحة و ما لم تعرف صحته إذا وقع الشك في صحته لا يصح بالشك بخلاف التعليق في مسألتنا لانه وقع صحيحا بيقين لقيام الملك من كل وجه فتنجيز الابانة المعترضة يقع الشك في بطلانه فلا يبطل مع الشك فهو الفرق بين الفصلين و الله عز و جل أعلم و لو آلى منها لم يصح إيلاؤه في حكم البر لان الايلاء في حق أحد الحكمين و هو البر تعليق الابانة شرعا و شرط البر و هو عدم القربان في المدة و قيام الملك شرط صحة الابانة تنجيزا كان أو تعليقا كما في التعليق الحقيقي على ما مر لان الطلاق في الايلاء انما يقع عند مضى المدة من قربانها و يصير فيه ظالما يمنع حقها في الوطء في المدة و لا حق للمبانة و المختلعة في الوطء فلا يصح الايلاء في حق الطلاق و لو آلى من زوجته ثم أبانها و نوى الطلاق أو خلعها قبل مضي أربعة أشهر ثم مضت أربعة أشهر قبل أن يقربها و هي في العدة وقع الطلاق
عندنا خلافا لزفر بناء على ان الابانة الناجزة يلحقها الابانة بتعليق سابق عندنا خلافا له و لا يصح ظهاره من المبانة و المختلعة لان الظهار تحريم و المحرمة قد تثبت بالابانة و الخلع السابق و تحريم المحرم ممتنع و لو علق الظهار بشرط في الملك بان قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت على كظهر أمي ثم أبانها فدخلت الدار و هي في العدة لا يصير مظاهرا منها بالاجماع و هذا حجة زفر و وجه الفرق لنا بين الظهار و بين الكناية البائنة من وجهين أحدهما ما ذكرنا ان الظهار يوجب حرمة مؤقتة بالكفارة و قد تثبت الحرمة بالابانة من كل وجه فلا يحتمل التحريم بالظهار بخلاف الكناية المنجزة لانها توجب زوال الملك من وجه دون وجه قبل انقضاء العدة فلا يمنع ثبوت حكم التعليق و الثاني ان الظهار يوجب حرمة ترتفع بالكفارة و الابانة توجب حرمة لا ترتفع الا بنكاح جديد فكانت الحرمة الثابتة بالابانة أقوى الحرمتين و الثابتة بالظهار أضعفهما فلا تظهر بمقابلة الاقوى بخلاف تنجيز الكناية و تعليقها فان كل واحد منهما في إيجاب البينونة و زوال الملك على السوآء فيعمل بهما بالقدر الممكن و فيما قلنا عمل بهما جميعا على ما بينا و لو خيرها في العدة لا يصح بان قال لها اختاري فاختارت نفسها في العدة حتى لا يقع شيء بالاجماع لان التنجيز تمليك و التمليك بلا ملك لا يتصور و لو قال لامرأته إذا جاء غد فاختاري ثم أبانها فاختارت نفسها في العدة لا يقع شيء بالاجماع و هذا أيضا حجة زفر و الفرق لنا بين التنجيز و بين تعليق الكناية الثابتة بشرط انه لما قال لها إذا جاء غد فاختاري فقد ملكها الطلاق غدا و لما أبانها فقد أزال الملك للحال من وجه و بقى من وجه على ما بينا و الملك من وجه لا يكفي للتمليك و يكفي للازالة كما في الاستيلاد و التدبر المطلق حتى لا يجوز بيع أم الولد و المدبر المطلق و يجوز اعتاقهما كذا هذا و لان التنجيز يعتبر فيه جانب الاختيار لا جانب التنجيز و التعليق يعتبر فيه جانب اليمين لا جانب الشرط بدليل انه لو شهد شاهدان بالتنجيز و شاهدان بالاختيار ثم رجع الشهود فالضمان على شاهدي الاختيار لا على شاهدي التنجيز و بمثله لو شهد شاهدان باليمين و شاهدان بالدخول ثم رجعوا ضمن شهود اليمين لا شهود الدخول و إذا كان المعتبر في التنجيز هو اختيار المرأة لا تخيير الزوج يعتبر قيام الملك وقت اختيارها و هي مبانة وقت اختيارها فلم يقع شيء و لما كان المعتبر في التعليق هو اليمين لا الشرط يعتبر قيام الملك وقت اليمين لا وقت الشرط و لو قذفها بالزنا لا يلاعن لان اللعان لم يشرع الا بين الزوجين قال الله سبحانه و تعالى و الذين يرمون أزواحهم و الزوجية قد انقطعت بالابانة و الخلع و كل فرقة توجب حرمه مؤبدة كحرمة المصاهرة و الرضاع فان الطلاق لا يلحقها و ان كانت في العدة لان تحريم المحرم لا يتصور و لان الثابت بالطلاق حرمة مؤقتة و الثابت بالرضاع و المصاهرة حرمة مؤبدة و الحرمة المؤبدة أقوى الحرمتين فلا يظهر الا ضعف في مقابلة الاقوى و كذلك لو اشترى إمرأته بعد ما دخل بها لا يلحقها الطلاق لانها ليست بمعتدة ألا ترى أنه يحل له وطؤها و لا يحل وطء المعتدة بحال و كذا لو قال لمنكوحته و هي أمة الغير أنت طالق للسنة ثم اشتراها و جاء وقت السنة لا يقع شيء لما ذكرنا انها ليست بمعتدة و الطلاق المعلق بشرط أو المضاف إلى وقت لا يقع في ملك النكاح و العدة و لو قال العبد لامرأته و هي حرة أنت طالق للسنة ثم أبانها ثم جاء وقت السنة يقع عليها الطلاق لانها معتدة منه و كذلك إذا قال الرجل لامرأته و هي أمة الغير أنت طالق للسنة ثم اشتراها فاعتقها ثم جاء وقت السنة وقع عليها الطلاق لانها معتدة منه لظهور حكم العدة بعد الاعتاق و إذا ارتد الرجل و لحق بدار الحرب فطلق المرأة لم يقع على المرأة طلاقه و ان كانت في العدة لان العصمة قد انقطعت بينهما بلحاقه بدار الحرب فلا يقع عليها طلاقه كما لا يقع على المرأة طلاقه بعد انقضاء العدة فان عاد إلى دار الاسلام و هي في العدة وقع طلاقه عليها لان المانع من الطلاق اختلاف الدارين و قد زال فان ارتدت المرأة و لحقت بدار الحرب فطلق المرأة لم يقع طلاق الزوج عليها لان العصمة قد انقطعت بلحاقها في بدار الحرب فصارت كالمنقضية العدة فان عادت قبل الحيض لم يقع طلاق الزوج عليها في قول أبي حنيفة و قال أبو يوسف يقع طلاقه عليها ( وجه )
قول أبي يوسف ان العدة باقية حقيقية الا أنه لم يظهر حكمها للحال لمانع و هو اللحاق لاختلاف الدارين فان عادت إلى دار الاسلام فقد زال المانع فظهر حكم
العدة كما في جانب الرجل و لابي حنيفة ان المرتدة بلحاقها بدار الحرب صارت كالحربية الاصلية ألا ترى أنها تسترق كالحربية فبطلت العدة في حقها أصلا فلا تعود بعودها إلى دار الاسلام بخلاف المرتدة و على هذا الاصل يخرج عدد الطلاق قبل الدخول انه ان أوقع مجتمعا يقع الكل و ان أوقع متفرقا لا يقع الا الاول لان الايقاع إذا كان مجتمعا فقد صادفت الكل محله و هو الملك فيقع الكل و إذا كان متفرقا فقد بانت بالاول و الثاني و الثالث صادفها و لا ملك و لا عدة فلا يقع و بيان هذا الاصل في مسائل إذا قال لامرأته قبل الدخول بها أنت طالق ثلاثا أو قال أنت طالق ثنتين وقع ذلك عند عامة العلماء و قال الحسن البصري لا يقع الا واحدة و يلغو قوله ثلاثا أو ثنتين ( وجه )
قوله ان قوله أنت طالق كلام تام لكونه مبتدأ و خبرا و قد سبق العدد في الذكر فيسبق في الوقوع فبين بقوله أنت طالق و العدد يصادفها بعد حصول البينونة فيلغو كما إذا قال أنت طالق و طالق ( و لنا )
انه أوقع الثلاث جملة واحدة فيقع جملة واحدة و دلالة الوصف من وجهين أحدهما أن العدد هو الواقع و هو الثلاث و قد أوقع الثلاث مجتمعا و الثاني ان الكلام انما يتم بآخره لان المتكلم بما يعلق كلامه بشرط أو بصفة إلى وقت أو يلحق به الاستثناء لحاجته إلى ذلك فيقف أول الكلام على آخره و إذا وقف عليه صار الكل جملة واحدة فيقع الكل جملة واحدة و لا يتقدم البعض على البعض و لهذا لو قال لها أنت طالق واحدة فماتت بعد قوله طالق قبل قوله واحدة لم يقع شيء لان الواقع هو العدد و ذلك وجد بعد الموت و كذا لو قال لها أنت طالق ثلاثا ان شاء الله فماتت بعد قوله ثلاثا قبل قوله ان شاء الله لا يقع شيء لانه توقف أول الكلام على وجود آخره المغير له فلم يتعلق بأوله حكم فلا يقع به شيء في حال الحياة و لا يقع بعد الموت لعدم التطليق عند وجود الاستثناء و عدم المحل أيضا و كذلك إذا ذكر بعده ما هو صفة له وقع بتلك الصفة كما إذا قال أنت طالق بائن أو حرام لان الصفة مع الموصوف كلام واحد فلا يفصل البعض عن البعض في الوقوع و فائدة هذا لا تظهر في التنجيز لان الطلاق قبل الدخول لا يقع الا بائنا سواء وصفه بالبينونة أم لم يصفه و انما تظهر في التعليق بان يقول لها أنت طالق بائن ان دخلت الدار انه لا يتنجز بل يتعلق بالدخول لان قوله بائن بين الايقاع و الشرط لا يقع فاصلا بينهما لما ذكرنا أن الصفة مع الموصوف كلام واحد فلا يكون حائلا بين الايقاع و الشرط فلا يمنع التعليق بالشرط و لو قال لها أنت طالق واحدة مع واحدة أو معها واحدة يقع ثنتان لان كلمة مع للمقارنة فقد أوقع الطلاقين معا فيقعان معا كما لو كانت مدخولا بها و كذا لو قال أنت طالق واحدة قبلها واحدة أو واحدة بعد واحدة لان هذا إيقاع طلقة واحدة للحال و اضافة طلقة أخرى إلى الزمان الماضي فيقع في الحال واحدة و لم تصح اضافة الاخرى إلى الماضي لما فيه من الاستحالة فيقع في الحال و لو قال أنت طالق واحدة قبلها واحدة أو واحدة بعدها واحدة يقع واحدة لانه أوقع تطليقة واحدة و أعقبها بتطليقة أخرى فوقعت الاولى و لغت الثانية لعدم الملك و العدة و لو كرر لفظ الطلاق فالأَمر لا يخلو اما ان كرر بدون حرف العطف و اما ان يكون بحرف العطف و كل ذلك لا يخلو اما ان نجز أو علق فان كرر بغير حرف العطف و نجز بان قال أنت طالق أنت طالق أنت طالق أو قال أنت طالق طالق طالق يقع الاولى و يلغو الثانية و الثالثة لانه أوقع متفرقا أما في قوله أنت طالق أنت طالق أنت طالق فلان كل واحد من هذه الالفاظ الثلاثة كلام تام لانه مبتدأ و خبر و كل واحد منهما وجد متفرقا فكان كل واحد منهما إيقاعا متفرقا فيقتضى الوقوع متفرقا فتحصل البينونة بالاولى و الثاني و الثالث يصادفها و لا ملك و لا عدة فيلغوا و كذلك إذا قال أنت طالق طالق طالق لان الثاني و الثالث خبر لا مبتدأ له فيعاد المبتدأ كانه قال أنت طالق أنت طالق و ان علق بشرط فان قدم الشرط بأن قال ان دخلت الدار فأنت طالق طالق طالق فالأَولى يتعلق بالشرط لوجود التعليق الصحيح و هو ذكر شرط و جزاء في الملك و الثاني ينزل في الحال لان قوله أنت طالق إيقاع تام و قوله و طالق معناه أنت طالق و انه إيقاع تام لانه مبتدأ و خبر و قد صادف محله و هو المنكوحة فيقع و يلغو الثالث لوقوع البينونة بالايقاع و لو تزوجها و دخلت الدار ينزل المعلق لان اليمين باقية لانها لا تبطل بالابانة فوجد الشرط و هي في ملكه فينزل الجزاء و لو دخلت الدار بعد البينونة قبل التزوج تنحل اليمين و لا
يقع الطلاق و ان كانت مدخولا بها فالأَول يتعلق بالشرط لما ذكرنا و الثاني و الثالث ينزلان للحال لان كل واحد منهما إيقاع صحيح لمصادفته محله و ان أخر الشرط بأن قال أنت طالق أنت طالق أنت طالق ان دخلت الدار أو قال أنت طالق طالق طالق ان دخلت الدار فالأَول ينزل في الحال لانه إيقاع تام صادف محله و يلغو الثاني و الثالث بحصول البينونة بالاولى فلم يصح التعليق لعدم الملك و ان كانت مدخولا بها يقع الاول و الثاني للحال و يتعلق الثالث بالشرط لان الاول و الثاني كل واحد منهما إيقاع تام لكونه مبتدأ و خبرا و قد صادف محله فوقع للحال و الثالث علقه بالشرط فتعلق به لحصول التعليق حال قيام العدة فصادف التعليق محله فصح بخلاف الفصل الاول و ان كرر بحرف العطف فان نجز الطلاق بان قال أنت طالق ثم طالق ثم طالق أو قال أنت طالق فطالق فطالق لا يقع الا الاول بلا خلاف لانه أوقع الثلاث متفرقا لوجود حروف موضوعة للتفرق لان ثم للترتيب مع التراخى و الفاء للترتيب مع التعقيب و وقوع الطلقة الاولى يمنع من ترتيب الثانية و الثالثة عليها و كذلك إذا قال أنت طالق و طالق و طالق عند عامة العلماء و قال مالك يقع الثلاث ( وجه )
قوله ان الواو للجمع و الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع فكان هذا إيقاع الثلاث جملة واحدة كأنه قال أنت طالق ثلاثا ( و لنا )
ان الواو للجمع المطلق و الجمع المطلق في الوجود لا يتصور بل يكون وجوده على أحد الوضعين عينا اما القرآن و اما الترتيب فان كان الوقوع بصفة الترتيب لا يقع الا الاول و ان كان بصفة القرآن يقع الثاني و الثالث فيقع الشك في وقوع الثاني و الثالث فلا يقع بالشك و ان علق بشرط فاما ان قدم الشرط على الجزاء و اما ان أخره عنه فان قدمه بأن قال ان دخلت الدار فأنت طالق و طالق طالق تعلق الكل بالشرط بالاجماع حتى لا يقع شيء قبل الدخول الدار فإذا دخلت الدار قبل الدخول بها لا يقع الا واحدة في قول أبى حنيفة و ان دخلت الدار قبل الدخول بها فيقع الثلاث بالاجماع لكن عند أبى حنيفة على التعاقب و عندهما يقع على الجمع و على هذا الخلاف إذا قال لاجنبية ان تزوجتك فأنت طالق و طالق و طالق فتزوجها لا يقع الا واحدة عنده و عندهما يقع الثلاث و لو قال ان تزوجتك فأنت طالق و أنت على كظهر أمى فتزوجها طلقت و لم يصر مظاهرا منها عنده خلافا لهما و لو قدم الظهار على الطلاق بان قال ان تزوجتك فأنت على كظهر أمى و أنت طالق يقع الطلاق و الظهار جميعا بالاجماع ( وجه )
قولها انه أوقع الثلاث جملة واحدة فيقع جملة واحدة كما إذا قال ان دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا و دلالة الوصف انه جمع التطليقات الثلاث بحرف الجمع و هو الواو و الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع لغة و شرعا أما اللغة فان قول القائل جاءني زيد و زيد و زيد و قوله جاءني الزيدون سواء و أما الشرع فان من قال لفلان على ألف درهم و لفلان كان الالف بينهما كما لو قال لهذين الرجلين على ألف درهم و كذا الفضولي إذا زوج رجل إمرأة و فضولى آخر زوج أخت تلك المرأة من ذلك الرجل فبلغه النكاحان فقال أجزت نكاح هذه و هذه بطل النكاحان جميعا كما لو قال أجزت نكاحهما فثبت ان الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع و لو جمع بلفظ الجمع بان قال ان دخلت هذه الدار فأنت طالق ثلاثا لوقع الثلاث سواء دخلتها قبل الدخول بها أو بعد الدخول كذا هذا و لا يلزم التنجيز فانه لو ذكر لفظ الجمع قبل الدخول بها بان قال أنت طالق ثلاثا يقع الثلاث و لو ذكر بحرف الجمع لا يقع الا واحدة بان قال لها أنت طالق و طالق و طالق لان العطف و الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع إذا صح العطف و الجمع في التنجيز لم يصح لانه لما قال لها أنت طالق فقد بانت بواحدة لعدم العدة فامتنع وقوع الثاني و الثالث لانعدام محل الطلاق بخلاف التعليق بالشرط لان التعليق بالشرط قد صح و صح التكلم بالثاني و الثالث لان ملكه قائم بعد التعليق فصح التكلم به و إذا صح التكلم بحرف الجمع صار التكلم به كالتكلم بلفظ الجمع و لهذا وقع الثلاث إذا أخر الشرط كذا هذا و لابي حنيفة ان قوله ان دخلت الدار فانت طالق و طالق و طالق إيقاع الثلاث متفرقا في زمان ما بعد الشرط فيقتضى الوقوع متفرقا كما إذا قال لامرأته قبل الدخول بها أنت طالق واحدة بعدها أخرى و لا شك ان الايقاع ان كان متفرقا يكون الوقوع متفرقا لان الوقوع على حسب الايقاع لانه حكمه و الحكم يثبت
على وفق العلة و الدليل عليه انه أوقع الثلاث في زمان ما بعد الشرط لان الايقاع هو كلامه السابق اذ لا كلام منه سواه و كلامه متفرق فان قوله طالق كلام تام مبتدأ و خبر و قوله و طالق معطوف على الاول تابعا فيكون خبر الاول خبرا له كانه قال أنت طالق و أنت طالق و أنت طالق و هذه كلمات متفرقة فيكون الاول متفرقا ضرورة فيقتضى الوقوع متفرقا و هو ان يقع الاول ثم الثاني ثم الثالث فان لم تكن المرأة مدخولا بها فدخول الاول يمنع وقوع الثاني و الثالث عقيبه لانعدام الملك و العدة و لهذا لم يقع في التنجيز الا واحدة لكون الايقاع متفرقا الا ان هناك أوقع متفرقا في الحال في زمان بعد الشرط و لا يلزم ما إذا قال لها ان دخلت هذه الدار فانت طالق ثلاثا فدخلتها انه يقع الثلاث لانه هناك ما أوقع الثلاث متفرقا بل أوقعها جملة واحدة لان قوله أنت طالق ثلاثا موضوع العدد معلوم لغة ألا ترى ان في التنجيز كذلك فكذا في التعليق و لا يلزم ما إذا أخر الشرط لانهم وضعوا هذا الكلام عند تأخير الشرط ذكر الايقاع الثلاث جملة و ان كان متفرقا من حيث الصورة لضرورة دعتهم إلى ذلك و هو ضرورة تدارك الغلط لان الطلاق و العتاق مما يجرى على اللسان غلطا من قصد فوضعوا الشرط و الاستثناء في الكلام لتدارك الغلط حتى إذا لم يكن ذلك عن قصدا لحق الرجل به الاستثناء فيقول ان شاء الله تعالى أو يقول ان دخلت الدار فصار هذا الكلام عند تأخير الشرط لايقاع الثلاث جملة وضعا و ان كان من حيث الصورة متفرقا لحاجتهم إلى تدارك الغلط و هم أهل اللسان فلهم ولاية الوضع و الحاجة إلى تدارك الغلط عند تأخير الشرط لا عند تقديمه فيجب العمل بحقيقة الوضع الآخر عند التقديم و لا يلزم ما إذا قال لامرأته ان دخلت هذه الدار فانت طالق ثم قال في اليوم الثاني ان دخلت هذه الدار فأنت طالق ثم قال في اليوم الثالث ان دخلت هذه الدار فأنت طالق ثم دخلت الدار انه يقع الثلاث و ان كان الايقاع متفرقا لان هناك ما أوقع الثلاث متفرقا في زمان ما بعد الشرط لان ذلك الكلام ثلاثة ايمان كل واحدة منها جعلت علما على الانطلاق في زمان واحد بعد الشرط فكان زمان ما بعد الشرط و هو دخول الدار وقت الحنث في و الايمان كلها فيقع جملة ضرورة حتى لو قال لها ان دخلت هذه الدار فانت طالق ثم قال في اليوم الثاني ان دخلت هذه الدار الاخرى فانت طالق ثم قال في اليوم الثالث ان دخلت هذه الدار فانت طالق لا يقع بكل دخلة الا طلاق واحد لان الموجود ثلاثة ايمان لكل واحد شرط على حدة بخلاف مسئلتنا فان الموجود يمين واحدة و لها شرط واحد و قد جعل الحالف جزاء هذه اليمين ايقاعات متفرقة في زمان ما بعد الشرط فلا بد من تفرق الايقاعات في زمان ما بعد الشرط فيقع كل جزاء في زمان كما في قوله ان دخلت هذه الدار فانت طالق واحدة بعدها أخرى بخلاف ما إذا قال ان دخلت الدار فانت طالق و نصف لان هناك ما أوقع متفرقا بل مجتمعا لان قوله طالق و نصف اسم واحد بمسمى واحد و ان كان النصف معطوفا على الواحد كقولنا أحد و عشرون و نحو ذلك فكان ذلك تطليقتين على الجمع و لهذا كان في التخيير كذلك فكذلك في التعليق و بخلاف قوله ان دخلت الدار فانت طالق واحدة لا بل ثنتين لان ذلك إيقاع الثلاث علة في زمان ما بعد الشرط لانه أوقع الواحدة ثم تدارك الغلط بإقامة الثنتين مقام الواحدة و الرجوع عن الاول و الرجوع لم يصح لان تعليق الطلاق لا يحتمل الرجوع عنه و صح إيقاع التطليقتين فكان إيقاع الثلاث بعد الشرط في زمان واحد كانه قال ان دخلت الدار فانت طالق ثلاثا و ههنا بخلافه و أما قوله انه جمع بين الايقاعات بحرف الجمع و هو الواو فالجواب عنه من وجهين أحدهما ان الواو للجمع المطلق من التعرض لصفة القرآن و الترتيب و الجمع المطلق في الوجود لا يتصور لانه لا يوجد الا مقيدا بأحد الوصفين فبعد ذلك حمله على القرآن يكون عدولا عن حقيقة الكلمة و جعلها مجازا عن كملة مع و نحن نحمله على الترتيب و نجعله مجازا عن كلمة ثم فوقع التعارض فسقط الاحتجاج بحرف الواو مع ما ان الترجيح معنا من وجهين أحدهما ان الحمل على الترتيب موافق لوجود الايقاع متفرقا حقيقة لا موجب حرف الواو و الحمل على القرآن يحالف الحقيقة فكان الحمل على الترتيب أولى و الثاني ان الحمل على الترتيب يمنع من وقوع الثاني و الثالث