الاستذلال في الاستمتاع و الاستخدام لا في نفس الملك ألا ترى ان أمة النصراني إذا أسلمت فكاتبها المولى لا تجبر على البيع و قد خرج الجواب عن الكتابة و انما ضمنت بالقتل لان ضمان القتل ضمان الدم و النفس و انها متقومة من هذه الجهة و ما ذكر محمد في الاملاء عن أبى حنيفة فذلك ضمان القتل لانه إذا لم يحفظها حتى هلكت بسبب حادث فقد تسبب لقتلها و تجوز كتابتها كما يجوز إعتاقها لما فيه من تعجيل العتق إليها و لا تشكل الكتابة على أصل أبى حنيفة انها معاوضة ورق أم الولد لا قيمة له فلا يجوز ان يستحق المولى عليه عوضا لان صحة المعاوضة لا تقف على كون المعوض ما لا أصلا فضلا عن كونه متقوما كما في النكاح و الخلع فان مات المولى قبل ان تؤدى بدل الكتابة عتقت و لا شيء عليها أما العتق فلانها كانت أم ولد و قد مات مولاها و أما العتق بغير شيء فلان الكتابة قد بطلت لان الحرية توجهت إليها من وجهين الاستيلاد و الكتابة فإذا ثبت العتق بأحدهما بطل حكم الآخر و كذا يجوز إعتاقها على مال و بيعها نفسها حتى إذا قبلت عتقت و المال دين عليها لان الاعتاق على مال من باب تعجيل الحرية و أما الذي يتعلق بما بعد موت المولى فمنها عتقها لان عتقها كان معلقا شرعا بموت المولى لما روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أيما رجل ولدت أمته منه فهي معتقة عن دبر منه و قد روينا عن ابن عباس رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال حين ولدت أم إبراهيم أعتقها ولدها و معلوم انه لا يثبت حقيقة العتق في حال الحياة فلو لم يثبت بعد الموت لتعطل الحديث و لان سبب ثبوت العتق قد وجد و هو ثبوت نسب الولد و لم يعلم في حال الحياة فلو لم يعلم بعد الموت لبطل السبب و يستوى فيه الموت الحقيقي و الحكمي بالردة و اللحوق بدار الحرب لما ذكرنا في كتاب التدبير و كذا الحربي و المستأمن إذا اشترى جارية في دار الاسلام و استولدها ثم يرجع إلى دار الحرب فاشترى الحربي عتقت الجارية لما ذكرنا في المدبر و كذا يعتق ولدها الذي ليس من مولاها إذا سرت أمية الولد إليها على ما بينا لان الولد يتبع الام في الرق و الحرية و منها انها تعتق من جميع المال و لا تسعى للوارث و لا للغريم بخلاف المدبرة لما روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال أم الولد لا تباع و لا توهب و هي حرة من جميع المال و هذا نص و روينا عن سعيد بن المسيب انه قال أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بعتق أمهات الاولاد من الثلث لا يبعن في دين و لا يجعلن في الثلث و فى بعض الروايات و لا يجعلن في الثلث و لا يستسعين في دين و فى بعضها أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بعتق أمهات الاولاد من الثلث و لا يبعن في دين و لان سبب ثبوت حرية أم الولد هو ثبوت نسب الولد و النسب لا تجامعها السعاية كذا حرية الاستيلاد و منها ان ولاءها للمولى لان الاعتاق منه لما بينا ( فصل )
و أما بيان ما يظهر به الاستيلاد فظهوره بإقرار المولى ثم ان أقر به في حال الصحة ان هذه لجارية قد ولدت منه فقد صارت أم ولده سواء كان معها ولد أو لم يكن لان الاقرار في حال الصحة لا تهمة فيه فيصح سواء كان معها ولد و لم يكن و لهذا لو أعتقها في الصحة يعبر من جميع المال و ان كان الاقرار به في مرض موته فان كان معها ولد صارت أم ولده أيضا و تعتق من جميع المال إذا مات المولى لان كون الولد معها دليل الاستيلاد فكان الظاهر شاهدا له فيصح إقراره و لان التسبب من الحوائج الاصلية و تصرف المريض في مرض الموت فيما يحتاج اليه حاجة أصلية نافذ كشراء الطعام و الكسوة و نحو ذلك و ان لم يكن معها ولد عتقت من الثلث لانه متهم في إقراره في حق سائر الورثة و لم يوجد ما ينفى التهمة و هو الولد و كذا إذا لم يكن معها ولد لا تحتاج إلى التسبب فيصير قوله هذه أم ولدى كقوله هذه حرة بعد موتى فتعتق بعد موته من الثلث ( كتاب المكاتب )
الكلام في هذا الكتاب يقع في مواضع في بيان جواز المكاتبة و فى بيان ركن المكاتبة و فى بيان شرائط
الركن و فى بيان ما يملكه المكاتب من التصرفات و ما لا يملكه و فى بيان ما يملكه المولى من التصرف في المكاتب و ما لا يملكه و فى بيان صفة المكاتبة و فى بيان حكم المكاتبة و فى بيان ما تنفسخ به المكاتبة اما الاول فالقياس أن لا تجوز المكاتبة لما فيها من إيجاب الدين للمولى على عبده و ليس يجب للمولى على عبده دين و فى الاستحسان جائز بالكتاب و السنة و إجماع الامة أما الكتاب فقوله عز و جل فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا و أدنى درجات الامر الندب فكانت الكتابة مندوبا إليها فضلا عن الجواز و قوله عز و جل ان علمتم فيهم خيرا أى رغبة في اقامة الفرائض و قيل وفاء لامانة الكتابة و قيل حرفة و روى هذا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال في قوله عز و جل خيرا أى حرفة و لا ترسلوهم كلابا على الناس و أما السنة فما روى محمد بن الحسن باسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال أيما عبد كوتب على مائة أوقية فأداها كلها الا عشر أواق فهو رقيق و قال صلى الله عليه و سلم المكاتب عبد ما بقي عليه درهم و روى أن عائشة رضى الله عنها كاتبت بريرة بحضرة النبي صلى الله عليه و سلم و لم ينكر عليها و عليه إجماع الامة و به تبين ان قول داود بن على الاصفهانى ان الكتابة واجبة قول مخالف للاجماع و ان تعلقه بظاهر الامر لا يصح لان الامة من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا يتركون مماليكهم بعد موتهم ميراثا لورثتهم من نكير فعلم ان ليس المراد من هذا الامر الوجوب و أما الجواب عن وجه القياس ان المولى لا يجب له على عبده دين فهذا على الاطلاق ممنوع و انما نسلم ذلك في العبد القن لا في المكاتب و المستسعى لان كسب القن ملك للمولى و كسب المكاتب و المستسعى ملكهما لا حق للمولى فيه فكان المولى كالأَجنبي عن كسب المكاتب فأمكن إيجاب الدين للمولى عليه ( فصل )
و أما ركن المكاتبة فهو الايجاب من المولى و القبول من المكاتب أما الايجاب فهو اللفظ الدال على المكاتبة نحو قول المولى لعبده كاتبتك على كذا سواء ذكر فيه حرف التعليق بأن يقول على أنك ان أديت إلى فأنت حر أو لم يذكر عندنا و عند الشافعي و لا يتحقق الركن بدون حرف التعليق و هو أن يقول كاتبتك على كذا على أنك ان أديت إلى فأنت حر بناء على أن معنى المعاوضة أصل في الكتابة و معنى التعليق فيها ثابت عندنا و العتق عنده الاداء يثبت من حيث المعاوضة و لا من حيث التعليق بالشرط و عنده معنى التعليق فيها أصل أيضا و العتق ثبت من حيث التعليق فلا بد من حرف التعليق و ما قلناه أولى بدليل انه لو أبرأه عن بدل الكتابة يعتق و لو كان ثبوت العتق فيها من طريق التعليق بالشرط لما عتق لعدم الشرط و هو الاداء و كذا لو قال لعبده أنت حر على ألف تؤديها إلى نجوما في كل شهر كذا فقبل أو قال إذا أديت لي ألف درهم كل شهر منها كذا فأنت حر فقبل أو قال جعلت عليك ألف درهم تؤديها إلى نجوما كل نجم كذا فإذا أديت فأنت حر و ان عجزت فأنت رقيق و قبل و نحو ذلك من الالفاظ لان العبرة في العقود إلى المعاني لا للالفاظ و أما القبول فهو أن يقول العبد قبلت أو رضيت و ما أشبه ذلك فإذا وجد الايجاب و القبول فقد تم الركن ثم الحاجة إلى الركن فيمن يثبت حكم العقد فيه مقصودا لا تبعا كالولد المولود في الكتابة و الولد المشترى و الوالدين على ما نذكر لان الاتباع كما لا يفرد بالشروط لا يفرد بالاركان لما فيه من قلب الحقيقة و هو جعل التبع متبوعا و هذا لا يجوز ( فصل )
و أما شرائط الركن فأنواع بعضها يرجع إلى المولى و بعضها يرجع إلى المكاتب و بعضها يرجع إلى بدل الكتابة و بعضها يرجع إلى نفس الركن ثم بعضها شرط الانعقاد و بعضها شرط النفاذ و بعضها شرط الصحة أما الذي يرجع إلى المولى فمنها العقل و انه شرط الانعقاد فلا تنعقد المكاتبة من الصبي الذي لا يعقل و المجنون و منها البلوغ و هي شرط النفاذ حتى لا تنفذ الكتابة من الصبي العاقل و ان كان حرا أو مأذونا في التجارة من قبل المولى أو الوصي لان المكاتبة ليست بتجارة اذ التجارة مبادلة المال بالمال و المكاتبة ليست كذلك و ليست من توابع التجارة و لا من ضروراتها و لهذا لا يملكها العبد المأذون الشريك شركة العنان لما قلنا و له أن يكاتب عبده باذن أبيه أو وصيه
لان الاب و الوصي يملكان العقد بأنفسهما فيملكان الاذن به للصبي إذا كان عاقلا و منها الملك و الولاية و هذا شرط نفاذ لان المكاتبة فيها معنى المعاوضة و التعليق و كل واحد منهما عند الانفراد لا يصح بدون الملك و الولاية فكذا عند الاجتماع فلا تنفذ المكاتبة من الفضولي لانعدام الملك و الولاية و تنفذ من الوكيل لانه نائب الموكل فكان تصرفه تصرف الموكل و كذا من الاب و الوصي استحسانا و القياس أن لا تنفذ وجه القياس ان المكاتبة تصرف يفضى إلى العتق و هما لا يملكان الاعتاق لا بغير بدل و لا ببدل كالاعتاق على مال و بيع نفس العبد منه وجه الاستحسان ان المكاتبة من باب اكتساب المال و لهما ولاية اكتساب المال كالبيع و الاجارة بخلاف الاعتاق على مال و بيع نفس العبد منه لان ذلك ليس من باب الاكتساب بل هو من باب الاعتاق لان العبد يعتق بنفس القبول فيبقى المال دينا في ذمة المفلس فان أقر الاب أو الوصي بقبض بدل الكتابة فان كانت الكتابة معروفة ظاهرة بمحضر الشهود يصدق و يعتق المكاتب لانه أمين في قبض الكتابة فكان مصدقا كالوكيل بالبيع إذا باع ثم أقر بقبض الثمن و ان لم تكن معروفة لم يجز إقراره و لا يعتق العبد لان الكتابة إذا لم تكن ظاهرة كان ذلك منه اقرار بالعتق و إقرار الاب أو الوصي بعتق عبد اليتيم لا يجوز و إذا كانت الكتابة ظاهرة كان ذلك منه اقرارا باستيفاء الدين فيصح إقراره و لو كاتب الاب أو الوصي ثم أدرك الصبي فلم يرض بالكتابة فالمكاتبة ماضية الا أنه ليس للوصي و لا للاب أن يقبض بدل الكتابة لانه انما كان يملك القبض بولايته لا بمباشرة العقد لان حقوق العقد في المكاتبة يرجع إلى من عقد له لا إلى العاقد و قد زالت ولايته بالبلوغ بخلاف الوصي إذا باع شيئا ثم أدرك اليتيم ان له أن يقبض لان حقوق البيع و كل عقد هو مبادلة المال بالمال يرجع إلى العاقد هذا إذا كانت الورثة صغارا فان كانوا كبارا لا يجوز للوصي أن يكاتب و لا للاب لزوال ولايتهما بالبلوغ سواء كانوا حضورا أو غيابا لان الموجب لزوال الولاية لا يختلف و هذا بخلاف البيع لان الوارث الكبير إذا كان غائبا ان للاب و الوصي أن يبيع المنقول لان بيع المنقول من باب الحفظ لان حفظ ثمنه أيسر من حفظ عينه و لهما ولاية الحفظ و ليس في الكتابة حفظ فلا يملكانها و ان كانت الورثة صغارا و كبارا ذكر في الاصل أنه لا يجوز ثم اختلف في هذا الاطلاق قال بعضهم معناه انه لا يجوز في نصيب الكبار و أما في نصيب الصغار فجائز و قال بعضهم معناه انه لا يجوز في نصيب الكبار و الصغار جميعا لانه إذا لم يجز في نصيب الكبار لم يكن في جوازه في نصيب الصغار فائدة لان لهم أن يفسخوا العقد و صار كعبد بين اثنين انه يمنع أحدهما عن كتابة نصيبه الا برضا شريكه لانه لو فعل بغير اذن شريكه كان لشريكه أن يفسخ فلم يكن فيه فائدة كذا هذا و لو كان على الميت دين فكاتب الوصي عبده من تركته لم يجز كذا ذكر في الاصل و لم يفصل بين ما إذا كان الدين محيطا بالتركة و بين ما إذا لم يكن محيطا بها منهم من أجرى المذكور في الاصل على إطلاقه و قال لا تجوز مكاتبته سواء كان الدين محيطا بالتركة أو لم يكن أما إذا كان محيطا بالتركة فلان حق الغرماء يكون متعلقا بها و المكاتبة تتضمن إبطال حقهم لانها لو صحت لصارت حقوقهم منجمة مؤجلة و حقوقهم معجلة فلا يملك تأجيلها بالكتابة و ان كان محيط بالتركة فكذلك لان ذلك القدر من الدين يتعلق بالتركة مطلقا و تبطل الكتابة لان ذلك القدر من الدين يتأجل تسليمه فيتضرر به الغريم الا أن يختار استيفاءه من غيرها فيجوز لان عدم الجواز لحق الغريم فإذا استوفى من محل آخر فقد زال حقه فزال المانع بين الجواز و ذكر القدوري ان المسألة محمولة على ما إذا كان للميت العبد أو القدر الذي يقضى به الدين فاما إذا لم يكن الدين محيطا بالتركة يجوز له ذلك لانه إذا كان هناك مال آخر يقضى به الدين فحق الغرماء لا يتعلق بعين العبد لان التعليق بحاجتهم إلى استيفاء دينهم و انه يحصل بدونه و لانه لو تعلق قليل الدين بجملة التركة لادى إلى الحرج لان التركة قلما تخلو عن قليل الدين و لا يجوز لاحد الوصيين أن يكاتب بغير اذن صاحبه في قول أبى حنيفة و محمد و يجوز في قول أبى يوسف وأصل المسألة انه هل لاحد الوصيين أن يتصرف في مال اليتيم بغير اذن صاحبه فهو على الخلاف الذي ذكرنا و هي من مسائل كتاب الوصايا و لوصى الوصي أن يكاتب
لانه قائم مقام الوصي و سواء كان المملوك محجورا أو مأذونا بالتجارة و عليه دين أو لا دين عليه لان الدين لا يوجب زوال الملك عنه فتنفذ المكاتبة الا أنه إذا كان عليه دين محيط أو محيط فللغرماء أن يردوا المكاتبة لان لهم حق الاستيفاء من رقبته و هو بالمكاتبة أراد إبطال حقهم فكان لهم أن ينقضوا كما لو باعه و عليه دين محيط أو محيط ان البيع ينفذ لكن للغرماء أن ينقضوا الا إذا كان قضى المولى دينهم من مال آخر قبل أن ينقضوا فليس لهم أن ينقضوا و مضت المكاتبة لانها وقعت جائزة لوقوعها في الملك الا أنه كان للغرماء النقض لقيام حقهم فإذا قضى دينهم فقد زال حقهم فبقيت جائزة و لا يرجع المولى بما قضى من الدين على المكاتب لانه بقضاء الدين أصلح مكاتبته فكان عاملا لنفسه و كذا لو أبى المولى أن يؤدى الدين و أداه الغلام عاجلا مضت المكاتبة لما قلنا و لا يرجع العبد على المولى بما أدى لما قلنا فان كان المولى أخذ البدل ثم علم الغرماء بذلك فلهم أن يأخذوا من المولى ما أخذ من بدل الكتابة لانه كسب العبد المديون و أنه يؤخذ من المولى و العتق واقع اما من طريق المعارضة لسلامة العوض للمولى و اما من طريق التعليق بالشرط لوجود الشرط و هو أداء بدل الكتابة و العتق بعد وقوعه لا يحتمل النقض فان بقي من دينهم شيء كان لهم أن يضمنوا المولى قيمته لانه أبطل حقهم في قدر قيمة العبد حيث منعهم عن بيعه بوقوع العتق و لهم أن يبيعوا العبد ببقية دينهم لان الدين كان ثابتا في ذمته متعلقا برقبته و قد بطلت الرقبة بالحرية فبقيت الذمة فكان لهم أن يبيعوه و لا يرجع المولى على العبد بما اخذ منه من بدل الكتابة لان المولى حين كاتبه كانت رقبته مشغولة بالدين فكانت مكاتبته إياه مع علمه ان الغرماء أحق منه بكسبه دلالة الرضا بما أخذ منه و لو كان العبد مرهونا أو مؤاجرا فكاتبه وقفت المكاتبة على اجازة المرتهن و المستأجر فان أجازا جاز و ان فسخا هل تنفسخ بفسخهما فهو على ما نذكر في البيوع و الاجارات ان شاء الله تعالى و سواء كان المملوك قنا أو غيره حتى لو كانت مدبرة أو أم ولد جازت المكاتبة لقيام الملك اذ التدبير و الاستيلاد لا يزيلان الملك و هما من باب استعجال الحرية فان أديا و عتقا فقد مضى الامر و ان مات المولى قبل الاداء عتقا لانهما يعتقان بموت السيد هذا إذا كانا يخرجان من الثلث فان كانا لا يخرجان من الثلث فأم الولد تعتق من اعتبار الثلث و لا تسعى و أما المدبر فله الخيار في قول أبى حنيفة ان شاء سعى في جميع الكتابة و ان شاء سعى في ثلثي القيمة إذا كان لا مال له غيره فان اختار الكتابة سعى على النجوم و ان اختار السعاية في ثلثي قيمته يسعى حالا و عند أبى يوسف و محمد لا خيار له لكن عند أبى يوسف يسعى في الاقل من جميع الكتابة و من ثلثي القيمة و عند محمد يسعى في الاقل من ثلثي الكتابة و من ثلثي القيمة و قد ذكرنا المسألة في كتاب الاستيلاد و منها الرضا و هو من شرائط الصحة فلا تصح المكاتبة مع الاكراه و الهزل و الخطأ لانها من التصرفات التي تحتمل الفسخ فيفسدها الكرة و الهزل و الخطأ كالبيع و نحوه و أما حرية المكاتب فليست من شرائط جواز المكاتبة فتصح مكاتبة المكاتب لما نذكر ان شاء الله تعالى و كذا اسلامه فتجوز مكاتبة الذمي عبده الكافر لقوله صلى الله عليه و سلم فإذا قبلوا عقد الذمة فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين و عليهم ما على المسلمين و للمسلمين أن يكاتبوا عبيدهم فكذا لاهل الذمة و لان المكاتبة مشتملة على معنى المعاوضة و التعليق و كل واحد منهما يملكه الذمي حالة الانفراد و كذا عند الاجتماع و الذمى إذا ابتاع عبدا مسلما فكاتبه فهو جائز و هذا فرع أصلنا في شراء الكافر العبد المسلم انه جائز الا أنه يجبر على بيعه صيانة له عن الاستدلال باستخدام الكافر إياه و الصيانة تحصل بالكتابة لزوال ولاية الاستخدام بزوال يده عنه بالمكاتبة و أما مكاتبة المرتد فموقوفة في قول ابى حنيفة فان قتل أو مات على الردة أو لحق بدار الحرب بطلت و ان أسلم نفذت و عندهما هى نافذة و هي من مسائل السير و الله عز و جل الموفق ( فصل )
و أما الذي يرجع إلى المكاتبة فأنواع أيضا منها أن لا يكون فيه خطرا لعدم وقت المكاتبة و هو شرط الانعقاد حتى لو كاتب ما في بطن جاريته لم ينعقد لنهي النبي صلى الله عليه و سلم عن بيع فيه غرر و المكاتبة فيها معنى البيع و منها أن يكون عاقلا و هو من شرائط الا نفاد حتى لو كاتب عبدا له مجنونا أو صغيرا لا يعقل لا تنعقد مكاتبته
لان القبول أحد شطري الركن و أهلية القبول لا تثبت بدون العقل لان ما هو المقصود من هذا العقد و هو الكسب لا يحصل منه فان كاتبه فادى البدل عنه رجل فقبله المولى لا يعتق لان العتق لا ينعقد بدون القبول و لم يوجد فكان أداء الاجنبي أداء من عقد فلا يعتق و له أن يسترد ما أدى لانه أداه بدلا عن العتق و لم يسلم العتق و لو قبل عنه الرجل الكتابة و رضى المولى لم يجز أيضا لان الرجل قبل الكتابة من غيره من رضاه و لا يجوز قبول الكتابة عن غيره بغير رضاه و هل يتوقف على اجازة العبد بعد البلوغ ذكر القدوري أنه لا يتوقف و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه يتوقف و الصحيح ما ذكره القدوري لان تصرف الفضولي انما يتوقف على الاجازة إذا كان له مجيز وقت التصرف و ههنا لا مجيز له وقت وجوده اذ الصغير ليس من أهل الاجازة فلا يتوقف بخلاف ما إذا كان العبد كبيرا غائبا فجاء رجل و قبل الكتابة عنه و رضى المولى ان الكتابة تتوقف على اجازة العبد لانه من أهل الاجازة وقت قبول الفضولي عنه فكان له مجيزا وقت التصرف فتوقف فلو أدى القابل عن الصغير إلى المولى ذكر في الاصل أنه يعتق استحسانا و جعله بمنزلة قوله إذا أديت إلى كذا فعبدي حر و قال و هذا و الكبير سواء القياس أن لا يعتق لان المكاتبة على الصغير لم تنعقد لانه ليس من أهل القبول فيبقى الاداء بغير مكاتبة فلا يعتق وجه الاستحسان ان المكاتبة فيها معنى المعاوضة و معنى التعليق و المولى ان كان لا يملك إلزام العبد العوض يملك تعليق عتقه بالشرط فيصح من هذا الوجه و يتعلق العتق بوجود الشرط و كذا إذا كان العبد كبيرا غائبا فقبل الكتابة عنه فضولي و أداها إلى المولى يعتق استحسانا و ليس للقابل استرداد المؤدى و القياس أن لا يعتق و له أن يسترد لما قلنا هذا إذا أدى الكل فان أدى البعض فله ان يسترد قياسا و استحسانا لانه انما أدى ليسلم العتق و العتق لا يسلم بأداء بعض بدل الكتابة فكان له أن يسترد الا إذا بلغ العبد فأجاز قبل أن يسترد القابل فليس له ان يسترد بعد ذلك لان بالاجازة استند جواب العقد إلى وقت وجوده و الاداء حصل عن عقد جائز فلا يكون له الاسترداد فلو ان العبد عجز عن أداء الباقى ورد في الرق فليس له أن يسترد أيضا و ان رد العبد في الرق لان المكاتبة لا تنفسخ بالرد في الرق بل تنتهى في المستقبل فكان حكم العقد قائما في القدر المؤدى فلا يكون له الاسترداد بخلاف باب البيع بأن من باع شيأ ثم تبرع إنسان بأداء الثمن ثم فسخ البيع بالرد العيب أو بوجه من الوجوه ان للمتبرع ان يسترد ما دفع لان الرفع كان بحكم العقد و قد انفسخ ذلك العقد و كذلك لو تبرع رجل بأداء المهر عن الزوج ثم ورد الطلاق قبل الدخول انه يسترد منها النصف لان الطلاق قبل الدخول فسخ من وجه و لو كانت الفرق من قبلها قبل الدخول بها فله أن يسترد منها كل المهر و لا يكون المهر للزوج بل يكون للمتبرع لانفساخ النكاح هذا كله إذا أدى القابل فلو امتنع القابل عن الاداء لا يطالب بالاداء الا إذا ضمن فحينئذ يؤخذ به بحكم الضمان فاما بلوغه فليس بشرط حتى لو كابته و هو يعقل البيع و الشراء جازت المكاتبة و يكون كالكبير في جميع أحكامه عندنا خلافا للشافعي لان المكاتبة اذن في التجارة و اذن الصبي العاقل بالتجارة صحيح عندنا خلافا له و هي من مسائل المأذون ( فصل )
و أما الذي يرجع إلى بدل الكتابة فمنها أن يكون ما لا و هو شرط الانعقاد فلا تنعقد المكاتبة على الميتة و الدم لانهما ليسا بمال في حق أحد لا في حق المسلم و لا في حق الذمي ألا ترى ان المشترى بهما لا يملك و ان قبض و لا تنعقد عليهما الا مكاتبة حتى لا يعتق و ان أدى لان التصرف الباطل لا حكم له فكان ملحقا بالعدم الا إذا كان قال على أنك ان أديت إلى فأنت حر فادى فانه يعتق بالشرط و إذا أعتق بالشرط لا يرجع المولى عليه بقيمته لان هذا ليس بمكاتبة انما هو إعتاق معلق بالشرط بمنزلة قوله ان دخلت الدار فأنت حر و منها أن يكون متقوما و انه من شرائط الصحة فلا تصح مكاتبة المسلم عبده المسلم أو الذمي على الخمر أو الخنزير و لا مكاتبة الذمي عبده المسلم على الخمر و الخنزير لان الخمر و ان كان ما لا في حق المسلمين فهي متقومة في حقهم فانعقدت المكاتبة على الفساد فان أدى يعتق و عليه قيمة نفسه لان هذا حكم المكاتبة الفاسدة على ما نذكر في بيان حكم المكاتبة أما الذمي فتجوز مكاتبته عبده الكافر على
خمر أو خنزير لان ذلك مال متقوم عندهم كالخل و الشاة عندنا فان كاتب ذمى عبد ا له كافرا على خمر فأسلم أحدهما فالمكاتبة ماضية و على العبد قيمة الخمر لان المكاتبة وقعت صحيحة لكون الخمر ما لا متقوما في حقهم الا أنه إذا أسلم أحد هما فقد تعذر التسليم أو التسلم لان المسلم منهى عن ذلك فتجب قيمتها و لا ينفسخ العقد بخلاف ما إذا اشترى الذمي من ذمى شيئا بخمر ثم أسلم أحدهما قبل قبض الثمن الخمر ان البيع يبطل و ههنا لا تبطل المكاتبة لان عقد المكاتبة مبناه على المساهلة و المسامحة نظرا للعبيد لا لهم إلى شرف الحرية فلا ينفسخ بتعذر تسليم المسمى أو تسلمه بل يصار إلى بدله فاما البيع فعقد مماكسه و مضايقة لا تجري فيه من السهولة ما يجرى في المكاتبة فينفسخ عند تعذر تسليم عين المسمى و يرتفع و إذا ارتفع لا يتصور تسليم القيمة مع ارتفاع سبب الوجوب و منها ان يكون معلوم النوع و القدر سواء كان معلوم الصفة أو لا و هو من شرائط الانعقاد فان كان مجهول القدر أو مجهول النوع لم ينعقد و ان كان معلوم النوع و القدر مجهول الصفة جازت المكاتبة و الاصل ان الجهالة متى فحشت منعت جواز المكاتبة و الا فلا و جهالة النوع و القدر جهالة فاحشة و جهالة الصفة فاحشة فانه روى عن عمر رضى الله عنه انه أجاز المكاتبة على الوصفاء بمحضر من الصحابة رضى الله عنهم فيكون إجماعا على الجواز و الاجماع على الجواز إجماع على سقوط اعتبار هذا النوع من الجهالة في باب الكتابة و بيان هذا الاصل في مسائل إذا كاتب عبده على ثوب أو دابة أو حيوان أو دار لم تنعقد حتى لا يعتق و ان أدى لان الثوب و الدار و الحيوان مجهول النوع لاختلاف أنواع كل جنس و أشخاصه اختلافا متفاحشا و كذا الدور تجري مجرى الاجناس المختلفة لتفاحش التفاوت بين دار و دار في الهيئة و التقطيع و فى القيمة باختلاف المواضع من البلد ان و المحال و السكك و لهذا منعت هذه الجهالة صحة التسمية و الاعتاق على مال و النكاح و الخلع و الصلح عن دم العمد فصارت هذه الاشياء لكثرة التفاوت في أنواعها و أشخاصها بمنزلة الاجناس المختلفة فيصير كأنه كاتبه على ثوب أو دابة أو حيوان أو دار فأدى طعاما و لو كان كذلك لا يعتق و ان أدى أعلى الثياب و الدواب و الدور بخلاف ما إذا كاتبه على قيمة فادى القيمة انه يعتق لان التفاوت بين القيمتين لا يلحقها بجنسين فكانت جهالة القيمة مفسدة للعقد لا مبطلة له و ان كاتبه على ثوب هروى أو عبد أو جارية أو فرس جازت المكاتبة لان الجهالة ههنا جهالة الوصف انه جيد أو ردئ أو وسط و انها لا تمنع صحة التسمية كما في النكاح و الخلع و الاصل ان الحيوان يثبت دينا في الذمة في مبادلة المال بغير المال كما في النكاح و نحوه فتصح التسمية و يقع على الوسط كما في باب الزكاة والدية و النكاح و كذا لو كاتبه على وصيف يجوز و يقع على الوسط و لو جاء العبد بقيمة الوسط في هذه المواضع يجبر المولى على القبول كما في النكاح و الخلع و نحوهم و لو كاتبه على لؤلؤة أو ياقوتة لم ينعقد لان الجهالة متفاحشة و لو كاتبه على كر حنطة أو ما أشبه ذلك من المكيل و الموزون و لم يصف يجوز و عليه الوسط من جنسه لانه ثبت دينا في الذمة في مبادلة المال بالمال إذا كان موصوفا و يثبت في مبادلة ما ليس بمال بمال و ان لم يكن موصوفا كالنكاح و الخلع و الصلح عن دم العمد و الاعتاق على مال و المكاتبة معاوضة ما ليس بمال بمال في جانب المولى فتجوز المكاتبة عليه و يجب الوسط و لو كاتبه على حكمه أو على حكم نفسه لم تنعقد لان الجهالة ههنا أفحش من جهالة النوع و القدر لان البدل هناك مسمى و لا تسمية للبدل ههنا رأسا فكانت الجهالة أكثر و إلى هذا أشار في الاصل فقال أ رأيت لو حكم المولى عليه بملء الارض ذهبا كان يلزمه أو حكم العبد على نفسه بفلس هل كان يعتق فلم ينعقد العقد أصلا فلا يعتق بالحكم و ان كاتب على ألف درهم إلى العطاء أو إلى الدياس أو إلى الحصاد أو نحو ذلك مما يعرف من الاجل جاز استحسانا و القياس ان لا يجوز لان الاجل مجهول و جهالة الاجل تبطل البيع فتبطل المكاتبة وجه الاستحسان ان الجهالة تدخل في صلب العقد لانها لا ترجع إلى البدل و انما دخلت في أمر زائد ثم هى متفاحشة فلا توجب فساد المكاتبة و كجهالة الوصف بخلاف البيع إلى هذه الاوقات انه يفسد لان الجهالة لا توجب فساد العقد لذلتها بل لافضائها إلى المنازعة عل ما تجري في هذا القدر في المكاتبة لان مبناها على المسامحة
بخلاف البيع فان مبناه على المماكسة فيفضى إلى المنازعة و لهذا جازت الكفالة إلى هذه الاوقات و لم يجز تأجيل الثمن إليها في البيع بخلاف المكاتبة إلى مجئ المطر و هبوب الريح لانه ليس لذلك وقت معلوم ففحشت الجهالة فان كاتبه إلى العطاء فاخذ العطاء فان الاجل يحل في مثل الوقت الذي كان يخرج فيه العطاء لان المراد به العرف و العادة وقت العطاء لا عين العطاء و كذا في الحصاد و الدياس و لو كاتبه على قيمته فالمكاتبة فاسدة لان القيمة تختلف بتقويم المقومين فكان البدل مجهول القدر و انه مجهول جهالة فاحشة و لهذا منعت صحة التسمية في باب النكاح حتى عدل إلى مهر المثل فتمنع صحة المكاتبة بل أولى لان النكاح يجوز بدون تسمية البدل و لا جواز للمكاتبة من تسمية البدل فلما لم تصح تسمية القيمة هناك فلان لا تصح ههنا أولى و لان جهالة القيمة موجب للعقد الفاسد فكان ذكرها نصا على الفساد بخلاف ما إذا كاتبه على عبد لان جهالة العبد جهالة الوصف أى جيد أو ردئ أو وسط فعند الاطلاق يقع على الوسط و الوسط معلوم عندهم ألا ترى ان أبا حنيفة جعل قيمة الوسط أربعين دينار فاما المكاتبة على القيمة فليست بمكاتبة على بدل معلوم عند الناس عند إطلاق الاسم فصار كما لو كاتبه على ألف أو على ألفين انه إذا أدى القيمة عتق لان العقد الفاسد له حكم في الجملة عندنا كالبيع الفاسد إذا اتصل به القبص و النكاح الفاسد إذا اتصل به الدخول حتى يثبت الملك في البيع و تجب العدة و العقر و يثبت النسب في النكاح و كذا المكاتبة الفاسدة و لو قال كاتبتك على دراهم فالمكاتبة باطلة و لو أدى ثلاثة دراهم لا يعتق لان البدل مجهول جهالة متفاحشة و ليس للدراهم وسط معلوم حتى يقع عليه الاسم بخلاف ما إذا قال أعتقتك على دراهم فقبل العبد عتق و تلزمه قيمة نفسه لان العتق هناك وقع بالقبول و الجهالة متفاحشة فلزمه قيمة نفسه و لو كاتبه على أن يخدمه شهرا فهو جائز استحسانا و القياس ان لا يجوز وجه القياس ان الخدمة مجهولة لانها مختلفة و لا يدرى في أى شيء يستخدمه و انه يستخدمه في الحضر أو في السفر و جهالة البدل تمنع صحة الكتابة وجه الاستحسان ان الخدمة المطلقة تنصرف إلى الخدمة المعهودة فتصير معلومة بالعادة و بحال المولى انه في أى شيء يستخدمه و بحال العبد انه لاي شيء يصلح فصار كما لو عينها نصا و لهذا جازت الاجارة على هذا الوجه فالمكاتبة أولى لانها أقبل للجهالة من الاجارة و لو كاتبه على ان يخدم رجلا شهرا فهو جائز في القياس كذا ذكره في الاصل و لم يرد به قياس الاصل لان ذلك يقتضى ان لا يجوز لما ذكرنا و انما أراد به القياس على الاستحسان الذي ذكرنا و يجوز القياس على موضع الاستحسان إذا كان الحكم في الاستحسان معقول المعنى كقياس الجماع ناسيا على قياس الاكل و الشرب ناسيا و لان المنافع أموال في العقود و انها تصير معلومة بذكر المدة فلا فرق بين ان يستأجر رجلا ليخدمه أو ليخدم غيره و كذلك لو كاتبه على ان يحفر بئرا قد سمى له طولها و عمقها و مكانها أو على ان يبنى له دارا و أراه أجرها و جصها و ما يبنى بها لانه كاتبه على بدل معلوم ألا ترى ان الاجارة عليه جائزة فالكتابة أولى و لو كاتبه على أن يخدمه و لم يذكر الوقت فالكتابة فاسدة لان البدل مجهول و منها ان لا يكون البدل ملك المولى و هو شرط الانعقاد حتى لو كاتبه على عين من أعيان مال المولى لم يجز لانه يكون مكاتبة بغير بدل في الحقيقة فلا يجوز كما إذا باع داره من إنسان بعبد هو لصاحب الدار انه لا يجوز البيع لانه يكون بيعا بغير ثمن في الحقيقة كذا هذا و كذا لو كاتبه على ما في يد العبد من الكسب وقت المكاتبة لان ذلك مال المولى فيكون مكاتبة على مال المولى فلم يجز و أما كون البدل دينا فهل هو شرط جواز الكتابة بان كاتبه على شيء بعينه من عبد أو ثوب أو دار أو ذلك مما يتعين بالتعيين و هو ليس من أعيان مال المولى و لا كسب العبد و لكنه ملك أجنبي و هو معين مشار اليه ذكر في كتاب المكاتب إذا كاتب عبده عل عبد بعينه لرجل لم يجز و لم يذكر الخلاف و ذكر في كتاب الشرب إذا كاتبه على أرض لرجل جاز و لم يذكر الخلاف و ذكر ابن سماعة الخلاف فقال لا يجوز عند أبى حنيفة و يجوز عند أبى يوسف و عند محمد ان أجاز صاحبه جاز و الا لم يجز و إطلاق رواية كتاب المكاتب يقتضى ان لا يجوز أجاز أو لم يجز و إطلاق رواية كتاب الشرب يقتضى الجواز أجاز أو لم يجز و لانه لما جاز عند عدم الاجازة فعند الاجازة أولى و يجوز أن يكون قول محمد