العلوق و العتق وقع في الحال فصارت الدعوة أسبق من الاعتاق فكانت أولى و ان ادعياه جميعا فهو ابنهما و الجارية أم ولد لهما تخدم لهذا يوما و لذا ك يوما و لا يضمن واحد منهما من قيمة الام لصاحبه شيأ و يضمن كل واحد منهما نصف العقر فيكون قصاصا أما ثبوت النسب منهما فمذهبنا و عند الشافعي يثبت من أحدهما و يتعين بقول القافة هى من مسائل كتاب الدعوي و أما صيرورة نصيب كل واحد منهما من الجارية أم ولد فلثبوت نسب ولدها منه فصار كأنه انفرد بالدعوة و انما لا يضمن أحدهما للآخر شيأ من قيمة الام لان نصيب كل واحد منهما لم ينتقل إلى شريكه و انما ضمن كل واحد منهما لصاحبه نصف العقر لوجود سبب وجوب الضمان و هو الاقرار بالوطء في ملك الغير فيصير أحدهما قصاصا للآخر لعدم الفائدة في الاستيفاء و كذلك لو كانت الجارية بين ثلاثة أو أربعة أو خمسة فادعوه جميعا معا يثبت نسبه منهم و تصير الجارية أم ولد لهم في قول أبى حنيفة و عند أبى يوسف لا يثبت النسب من أكثر من اثنين و عند محمد من أكثر من ثلاثة و نذكر الحجج في كتاب الدعوي ان شاء الله تعالى و ان كانت الانصباء مختلفة بأن كان لاحدهم السدس و الآخر الربع و الآخر الثلث و لآخر ما بقي يثبت نسبه منهم و يصير نصيب كل كل واحد منهم من الجارية أم ولد له لا يتعدى إلى نصيب صاحبه حتى تكون الخدمة و الكسب و الغلة بينهم على قدر أنصبائهم لان كل واحد منهم ثبت الاستيلاد منه في نصيبه فلا يجوز أن يثبت فيه استيلاد غيره و لو كانت الامة بين الاب و الا بن فجاءت بولد فادعياه جميعا معا أو كانت بين حر و عبد فادعياه أو بين حر و مكاتب أو بين مكاتب و عبد أو بين مسلم و ذمي أو بين كتابي و مجوسى أو بين عبد مسلم أو مكاتب مسلم و بين حر كافر أو بين ذمى و مرتد فحكمه يذكر في كتاب الدعوي هذا إذا كان العلوق في ملك المدعيين فان لم يكن بان اشترياها و هي حامل فجاءت بولد فادعاه أحدهما أو كلاهما فهو من مسائل الدعوي نذكره هناك ان شاء الله تعالى و كذا إذا ولدت الجارية المشتركة بين اثنين ولدين فادعى كل واحد منهم ولدا ولدتهما في بطن أو بطنين والدعوتان خرجتا معا أو على التعاقب و كذا إذا ولدت جارية لانسان ثلاثة أولاد فادعى أحدهم و هم ولدوا في بطن واحد أو في بطون مختلفة و ادعى المولى أحدهم بعينه أو بغير عينه فحكم هذه الجملة في كتاب الدعوي و كذا دعوة الاب نسب ولد جارية ابنه مع فروعها ودعوة اللقيظ مع فصولها تذكر ثمة ان شاء الله تعالى أمة بين رجلين أقر أحدهما انها أم ولد لصاحبه و أنكر ذلك صاحبه قال أبو حنيفة يبطل حق الشاهد في رقبتها موسرا كان المشهود عليه أو معسرا و تخدم المشهود عليه يوما و يرفع عنها يوما فان مات الشهود عليه سعت لورثته و كانت في حال السعاية كالمكاتبة فان أدت عتقت و كان نصف ولائها للمشهود عليه و النصف لبيت المال و هو قول أبى يوسف الآخر و قال محمد يسعى الساعة في نصف قيمتها للمشهود عليه فإذا أدت فهي حرة لا سبيل لاحد عليها وجه قوله ان المقر قد أفسد على شريكه ملكه بإقراره لانه لما لم يصدقه الشريك انقلب إقراره على نفسه فمن اشترى عبدا ثم أقر ان البائع كان قد أعتقه و أنكر البائع انه ينقلب إقراره عليه و يجعل معتقا كذا ههنا و إذا انقلب إقراره على نفسه صار مقرا بالاستيلاد في نصبيه و متى ثبت في نصيبه ثبت في نصيب صاحبه لانه لم يتجزأ فقد أفسد نصيب صاحبه لكن لا سبيل إلى تضمينه لان شريكه قد كذبه في إقراره فكان لشريكه السعاية كما لو أعتق المقر نصيبه هو معسر و إذا سمعت في نصيبه و عتق نصيبه يعتق الكل لعدم تجزي العتق عنده و لهما ان المقر بهذا الاقرار يدعى الضمان على بالمنكر بسبب تملك الجارية لان الاستيلاد لا يتجزأ فيما يحتمل النقل و الملك و يجب الضمان فيه على الشريك في حالة اليسار و الاعسار و دعوى الضمان توجب براءة الامة عن السعاية فبطل حقه في رقبتها و بقى حق المنكر في نصيبه كما كان و لان المقر لا يخلو اما ان كان صادقا في الاقرار و اما ان كان فيه كاذبا فان كان صادقا كانت الجارية كلها أم ولد لصاحبه فيسلم له كمال الاستخدام و ان كان كاذبا كانت الجارية بينهما على ما كان قبل الاقرار فنصف الخدمة ثابتة للمنكر بيقين و اعتبار هذا المعنى يوجب ان لا سعاية عليها أيضا فاما المقر فقد أسقط حق نفسه عن الخدمة لزعمه ان كل الخدمة لشريكه الا ان شريكه لما رد عليه بطلت خدمة اليوم و بيع
(127)
هذه الجارية متعذر لان الشاهد أقر أنها أم ولد و حين ما أقر كان له ملك فيما في الظاهر فينفذ إقراره في حقه و إذا مات المشهود عليه فانها تسعى في نصف قيمتها لورثته لان في زعم الشاهد انها عتقت بموت صاحبه لزعمه انها أم ولد صاحبه و الامة المشتركة بين اثنين إذا أقر أحدهما على شريكه بالعتق كان له عليها السعاية و ان كذبه صاحبه في الاقرار كذلك ههنا و نصف الولاء للمشهود عليه لانها عتقت على ملكه و وقف النصف الآخر لان المقر أقر انه للمشهود عليه و المشهود عليه رد عليه إقراره فلا يعرف لهذا النصف مستحق معلوم فيكون لبيت المال فان جاءت بولد فقال أحدهما هو ابن الشريك و أنكر الشريك فالجواب في الام كذلك و أما الولد فيعتق و يسعى في نصف قيمته للمشهود عليه لان الشريك المقر أقر بحرية الولد من جهة شريكه واحد الشيركين إذا شهد على الا آخر بالعتق و أنكر الا آخر يسعى العبد للمشهود عليه و فى مسئلتنا لا يسعى للشاهد لانه أقر انه حر الاصل و انه لا سعاية عليه و نظير هذه المسألة ما روى بشر عن أبى يوسف في جارية بين شريكين ادعى أحدهما ان شريكه دبرها و أنكر الشريك فان أبا حنيفة قال الشاهد بالخيار ان شاء دبر فخدمته يوما و الا آخر يوما و ان شاء أمسك و لم يدبر فخدمته يوما و الآخر يوما و ان شاء استسعاها في نصف فيمتها فسعت له يوما و خدمت الا آخر يوما فإذا ادت فعتقت سعت للاآخر و كان قول أبى يوسف في ذلك انها كام الولد ثم رجع و قال توقف كما قال أبو حنيفة الا في تبعيض التدبير و قال محمد تسعى الساعة وجه قول محمد على نحو ما ذكرنا في الاستيلاد و هو ان الشريك لما لم يصدقه في إقراره انقلب عليه إقراره و ثبت التدبير في نصيبه و انه يتعدى إلى نصيب المنكر لعدم تجزي التدبير عنده فقد أفسد نصيب المنكر و تعذر إيجاب الضمان عليه للمنكر لتكذيبه إياه فتسعى الجارية له كما لو أنشأ التدبير في نصيبه و من أصل أبى حنيفة ان التدبير يتجزأ فلا يصير نصيبه بإقراره بالتدبير على صاحبه مدبرا كما لو دبر أحد الشريكين نصيبه انه يبقى نصيب الآخر على حاله و له التدبير و الاستسعاء و الترك على حاله الا ان ههنا لو اختار السعاية فانما يستسعاها يوما و يتركها يوما لانه يملك جميع منافعها فلا يملك ان يستسعى الا على مقدار حقه فإذا أدت عتق نصيبه و يسعى للمنكر في نصيبه لانه فسد نصيبه و تعذر تضمين المقر فكان له ان يستسعى و أبو يوسف وافق أبا حنيفة الا انه يقول ان التدبير يتجزأ فهو بدعوى التدبير على شريكه يدعى الضمان عليه موسرا كان أو معسرا فكان مبرئا للامة عن السعاية فلم يبق له حق الاستسعاء و لا حق الاستخدام فيوقف نصيبه و الله عز و جل أعلم و روى ابن سماعة عن أبى يوسف انه إذا شهد كل واحد منهما بالتدبير على صاحبه أو شهد كل واحد منهما على صاحبه بالاستيلاد فلا سبيل لواحد منهما على صاحبه و لا على الامة موسرين كانا أو معسرين لان كل واحد منهما يدعى حق الحرية من جهته و الابراء للامة من السعاية و يدعى الضمان على شريكه و هذا قول أبى حنيفة و أبى يوسف فأما محمد فوافق أبا حنيفة في هذا الفصل لان كل واحد من الشريكين ههنا أبرأ الامة من السعاية و ادعى الضمان على شريكه و روى المعلى عن أبى يوسف في عبد بين شريكين قال أحدهما للاخر هذا ابنى و ابنك أو ابنك و ابنى فقال الآخر صدقت فهو ابن المقر خاصة دون المصدق و كذلك قال محمد في الزيادات في صبي لا يعقل في يد رجلين قال أحدهما للآخر هو ابنى و ابنك و صدقه صاحبه و انما كان كذلك لانه لما قال هو ابنى فكما قال ذلك ثبت نسبه منه لوجود الاقرار منه بالنسب في ملكه فلا يحتمل الثبوت من غيره بعد ذلك قال محمد لو قال هذا ابنك و سكت فلم يصدقه صاحبه حتى قال هو ابنى معك فهو موقوف فان قال صاحبه هو ابنى دونك فهو كما قال لانه أقر له بالنسب ابتداء و سكت فقد استقر إقراره و وقف على التصديق فقوله بعد ذلك هو ابنى يتضمن إبطال الاقرار فلا يسمع فإذا وجد التصديق من المقر له ثبت النسب منه قال فان قال المقر له ليس بابنى و لكنه ابنك أو قال ليس بابنى و لا ابنك أو قال ليس بابنى و سكت فليس بإبن لواحد منهما في قياس قول أبى حنيفة و قال محمد ان صدقه فهو ابن المقر له و ان كذبه فهو ابن المقر فهذا فرع اختلافهم فيمن أقر بعبد انه ابن فلان و كذبه المقر له و ادعاه المولى انه لم تصح دعوته في قول أبى حنيفة و فى قولهما تصح وجه قولهما انه لما كذبه المقر له فقد بطل إقراره كما في الاقرار بالمال
(128)
و إذا بطل إقراره التحق بالعدم فجاز ان يدعيه لنفسه و لابي حنيفة انه لما أقر بالنسب لغيره فقد زعم انه ثابت النسب منه فتكذيبه ينفى ثبوت النسب منه في حقه لا في حق الشريك بل بقي ثابت النسب منه في حقه فإذا ادعى ولدا هو ثابت النسب من الغير في حقه فلا تسمع دعواه و لو قال هو ابنى و ابنك فهو من الثاني لانه لما قال هو ابنى فقد صدقه فقد ثبت نسبه منه فإقراره بعد ذلك بقوله و ابنك لم يصح قال محمد فان كان هذا الغلام يعقل فالمرجع إلى تصديقه لانه إذا كان عاقلا كان في يد نفسه فلا تقبل دعوى النسب عليه من تصديقه قال و ان كان الولد من أمة ولدته في ملكهما فالجواب كالأَول في النسب ان على قول أبى حنيفة لا يثبت من المقر بعد اعترافه لشريكه و على قولهم يثبت قال و الامة أم ولد لمن ثبت النسب منه لان الاستيلاد يتبع النسب و من هذا النوع ما إذا اشترى رجلان جارية فجاءت بولد في ملكهما لستة أشهر فصاعدا و ادعى أحدهما ان الولد ابنه و ادعى الاخر ان الجارية بنته و خرجت الدعوتان معا فالدعوة دعوة من يدعى الولد ودعوة مدعى الام باطلة لان مدعى الولد دعوته دعوة الاستيلاد و الاستيلاد يستند إلى وقت العلوق و مدعى الام دعوة تحرير و التحرير يثبت في الحال و لا يستند فكانت دعوة مدعى الولد سابقة فثبت نسب الولد منه و يصير نصيبه من الجارية أم ولد له و ينتقل نصيب شريكه منها اليه فكان دعوى الشريك دعوى فيما لا يملك فلا يسمع و هل يضمن مدعى الولد بنصف قيمة الام و نصف عقرها قال محمد يضمن و ذكر في الجامع الكبير ان هذا قياس قول أبى حنيفة و هي رواية بشر بن الوليد عن أبى يوسف و روى ابن سماعة عن أبى يوسف انه لا شيء على مدعى الولد من قيمة الام و لا من العقر و لا شيء له أيضا على مدعى الام فان أكذب مدعى الام نفسه فله نصف قيمة الام و نصف عقرها على مدعى الولد ذكر الكرخي ان هذا القول أقيس و وجهه ان مدعى الام اقر انها حرة الاصل فكان منكرا ضمان القيمة فلا يثبت له حق التضمين فان رجع عن دعواه و أكذب نفسه ثبت له حق الضمان الذي اعترف به له شريكه وجه قول أبى حنيفة و محمد واحدى الروايتين عن أبى يوسف انه لما ثبت نسب الولد من المدعى فقد صار نصيبه من الجارية أم ولد فكذا نصيب شريكه لعدم تجزي الجارية في حق الاستيلاد فيما يحتمل النقل فصار متلفا نصيب شريكه عليه و لا يجوز تملك مال الغير الا بعوض فيضمن لشريكه نصف قيمة الام و يضمن له نصف عقر الجارية أيضا لان الوطء لاقاها و نصفها مملوك للشريك فما صادف ملك غيره يجب به العقر و أما قوله ان مدعى الام أقر أنها حرة الاصل فالجواب من وجهين أحدهما انه لما قضى بكونها أم ولد للمدعى فقد صار مكذبا شرعا فبطل كما لو ادعى المشترى انه اشترى الدار بألف و ادعى البائع البيع بألفين و أقام البائع البينة و قضى القاضي بألفين على المدعى عليه ان الشفيع يأخذها بالالفين من المشترى و ان سبق من المشترى الاقرار بالشراء بألف لما انه كذبه شرعا كذا هذا و الثاني ان إقراره بحريتها وجد بعد ما حكم بزوالها عن ملكه لانها جعلت زائلة عنه من وقت العلوق فلم يصلح إقراره فلم يصر إقراره إبراء إياه عن الضمان كما في مسألة الشفيع و من مسائل دعوى الولد إذا كاتب الرجل أمته فجاءت بولد ليس له نسب معروف فادعاه المولى ثبت نسبه منه صدقته أم كذبته و سواء جاءت بالولد لستة أشهر أو لاكثر أو لاقل فان نسب الولد يثبت على كل حال إذا ادعاه لان المكاتبة باقية على ملك المولى فكان ولدها مملوكا له ودعوة المولى ولد أمته لا تقف صحتها على التصديق و عتق الولد لان نسبه ثبت من المولى و لا ضمان عليه فيه لان غرض المكاتبة من الكتابة عتقها و عتق أولادها و قد حصل لها هذا الغرض فلا يضمن له شيأ ثم ان جاءت بالولد لاكثر من ستة أشهر فعليه العقر لانه تبين أن الوطء حصل في حال الكتابة و ان جاءت به لاقل من ستة أشهر منذ كاتبها فلا عقر عليه لانه علم أنه وطئها قبل الكتابة و المكاتبة بالخيار ان شاءت مضت على كتابتها و ان شاءت عجزت لان الحرية توجهت إليها من جهتين و لها في كل واحدة منهما غرض صحيح لان بالكتابة تتعجل لها الحرية و بالاستيلاد تسقط عنها السعاية فكان التخيير مفيدا فكان لها أن تختار أيهما شاءت و ان ادعى المولى ولد جارية المكاتب له و قد علقت به في ملك المكاتب فانه يرجع إلى تصديق المكاتب فان كذب المولى لم يثبت نسب
(129)
في بيان صفة الاستيلاد واحكامه
الولد و لا تصير الجارية أم ولد له و كانت الجارية و ولدها مملوكين و ان صدقه كان الولد ابن المولى و عليه قيمة يوم ولد و ذكر محمد في الزيادات و لم يحك خلافا و كذا ذكر في الدعاوي الا انه قال أستحسن ذلك إذا كان الحبل في ملك المكاتب و هذا يشير إلى أن القياس ان لا يعتق الولد و ان صدقه المكاتب و هو رواية عن أبى يوسف و روى ابن سماعة في نوادره عن أبى يوسف أن المولى يصدق بغير تصديق المكاتب وجه القياس أنه لما لم يقبل قوله بغير تصديق فكذا مع التصديق لان المكاتب لا يملك التحرير بنفسه فلا يملك التصديق بالحرية أيضا وجه الرواية الاخرى لابى يوسف أن حق الرجل في مال مكاتبه أقوى من حقه في مال ولده فلما ثبت النسب في جارية الابن من تصديق فههنا أولى وجه ظاهر الرواية ان حق المكاتب في كسبه أقوى من حق المولى بدليل انه لا يملك النزع من يده فكان المولى في حق ملك التصرف في مال المكاتب بمنزلة الاجنبي فتقف صحة دعوته على تصديق المكاتب فان صدقه كان الولد ابن المولى و عليه قيمته يوم ولد لانه يشبه ولد المغرور لثبوت الملك في الام من وجه دون وجه لان ملك الذات في المكاتب للمولى و ملك التصرفات للمكاتب كالمغرور أنه يثبت الملك في الام ظاهرا و للمستحق حقيقة و ولد المغرور حر بالقيمة قال محمد في الزيادات إذا اشترى المكاتب أمة حاملا فادعى مولاها ولدها أو اشترى عبدا صغيرا فادعاه لم يجز دعوته الا بالتصديق كما في المسألة الاولى الا ان هناك إذا صدقه يثبت النسب و يعتق و ههنا ان صدقه المكاتب ثبت نسبه و لا يعتق لان تلك الدعوة دعوة استيلاد لعدم العلوق في الملك فكانت دعوة تحرير و المولى لا يملك تحريره الا ترى انه لو أعتقه لا تصح الا ان النسب يثبت و ليس من ضرورة ثبوت النسب ثبوت العتق الا ترى ان من ادعى ولد أمة أجنبي فصدقه مولاه يثبت النسب و لا يعتق في الحال كذا ههنا ( فصل )و أما صفة الاستيلاد فالاستيلاد لا يتجزأ عند أبى يوسف و محمد كالتدبير و عند أبى حنيفة هو متجزئ الا انه قد يتكامل عند وجود سبب التكامل و شرطه و هو المكان التكامل و قيل انه لا يتجزأ عنده أيضا لكن فيما يحتمل نقل الملك فيه و أما فيما لا يحتمل فهو متجزئ عنده و بيان هذا ما ذكرنا فيما تقدم في الامة القنة بين اثنين جاءت بولد فادعاه أحدهما ان كلها صارت أم ولد له و ان ادعياه جميعا صارت أم ولد لهما جميعها ثم أم الولد الخالصة إذا أعتق المولى نصفها عتق كلها بالاجماع و كذا إذا كانت بين اثنين فاعتق أحدهما نصيبه عتق جميعها بلا خلاف لكن عند هما العدم تجزي الاعتاق و عنده لعدم الفائدة في بقاء حكم الاستيلاد في الباقى لا باعتافه كما في الطلاق و العفو عن القصاص على ما بينا في كتاب العتاق و لا ضمان على الشريك المعتق و لا سعاية عليها في قول أبى حنيفة و ستأتي المسألة في موضعها و الفرق بين المدبر وأم الولد في هذا الحكم ان شاء الله تعالى و لو كانت مدبرة صار نصيب المدعى أم ولد له و نصيب الآخر بقي مدبرا على حاله و ان كانت مكاتبة بين اثنين صار نصيب المدعى أم ولد عند أبى حنيفة و تبقى الكتابة و عندهما يصير الكل أم ولد للمدعى و تفسخ الكتابة في النصف و هي من مسائل كتاب المكاتب ( فصل )و أما حكم الاستيلاد فنوعان أيضا كحكم التدبير أحدهما يتعلق بحال حياة المستولد و الثاني يتعلق بما بعد موته أما الاول فما ذكرنا في التدبير و هو ثبوت حق الحرية عند عامة العلماء و قال بشر بن غياث المريسي و داود بن على الاصفهانى امام أصحاب الظاهر لا حكم له في الحال و على هذا تبتني جملة من الاحكام فلا يجوز بيع أم الولد عند العامة و عندهما يجوز و احتجا بما روى عن جابر بن عبد الله انه قال كنا نبيع أمهات الاولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و لانها مملوكة له بدليل انه يحل له وطؤها و لا يحل الوطء الا في الملك و كذا تصح اجارتها و كتابتها فدل انها مملوكة له فيجوز بيعها كبيع القنة و لنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال أم الولد لا تباع و لا توهب و هي حرة من جميع المال و هذا نص في الباب و روى عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال في أم إبراهيم عليه السلام أعتقها ولدها فظاهره يقتضى ثبوت حقيقة الحرية للحال أو الحرية من كل وجه الا انه تأخر ذلك إلى ما بعد الموت بالاجماع فلا أقل من انعقاد سبب الحرية أو الحرية من وجه و كل ذلك عدم
(130)
يمنع جواز البيع و روى ان سعيد بن المسيب سئل عن بيع أمهات الاولاد فقال ان الناس يقولون ان أول من أمر بعتق أمهات الاولاد عمر بن الخطاب و ليس كذلك لكن رسول الله صلى الله عليه و سلم أول من أعتقهن و لا يجعلن في الثلث و لا يستسعين في دين و عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بعتق أمهات الاولاد و ان لا يبعن في الدين و لا يعجلن في الثلث و كذا جميع التابعين على انه لا يجوز بيع أم الولد فكان قول بشر و أصحاب الظواهر مخالفا للاجماع فيكون باطلا و من مشايخنا من قال عليه إجماع الصحابة أيضا لما روى عن على رضى الله عنه انه سئل عن بيع أمهات الاولاد فقال كان رأيي ورأى عمر أن لا يبعن ثم رأيت بيعهن فقال له عبيدة السلمانى رأيك مع الجماعة أحب إلى من رأيك وحدك و فى رواية أخرى عن على رضى الله عنه اجتمع رأى ورأى عمر في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم على عتق أمهات الاولاد ثم رأيت بعد ذلك ان يبعن في الدين فقال عبيدة رأيك ورأى عمر في الجماعة أحب إلى من رأيك في الفرقة فقول عبيدة في الجماعة اشارة إلى سبق الاجماع من الصحابة رضى الله عنهم ثم بدا لعلى رضى الله عنه فيحمل خلافه على أنه كان لا يرى استقرار الاجماع ما لم ينقرض العصر و منهم من قال كانت المسألة مختلفة بين الصحابة رضى الله عنهم فكان على و جابر رضى الله عنهما يريان بيع أم الولد لكن التابعين أجمعوا على أنه لا يجوز و الاجماع المتأخر يرفع الخلاف المتقدم عند أصحابنا لما عرف في أصول الفقة و لان أم الولد تعتق عند موت السيد بالاجماع و لا سبب سوى الاستيلاد السابق فعلم أنه انعقد سببا للحال لثبوت الحرية بعد الموت و أنه يمنع جواز البيع لما بينا في التدبير و أما حديث جابر رضى الله عنه فيحتمل أنه أراد بالبيع الاجارة لانها تسمى بيعا في لغة أهل المدينة و لانها بيع في الحقيقة لكونها مبادلة شيء مرغوب بشيء مرغوب و يحتمل أنه كان في ابتداء الاسلام حينما كان بيع الحر مشروعا ثم انتسخ بانتساخه فلا يكون حجة مع الاحتمال و أما قوله انها مملوكة للمستولد فنعم لكن هذا لا يمنع انعقاد سبب الحرية من حرية أصلا و رأسا و هذا القدر يكفى للمنع من جواز البيع لما ذكرنا في كتاب التدبير و سواء كان المستولد مسلما أو كافرا مرتدا أو ذميا أو مستأمنا خرج إلى ديارنا و معه أم ولده لا يجوز له بيعها لانها أم الولد لان أمية الولد تتبع ثبات النسب و الكفر لا يمنع ثبوت النسب و لما دخل المستأمن دار الاسلام بأمان فقد رضى بحكم الاسلام و من حكم الاسلام أن لا يجوز بيع أم الولد و كذلك كل تصرف يوجب بطلان حق الحرية الثابتة لها بالاستيلاد لا يجوز كالهبة و الصدقة و الوصية و الرهن لان هذه التصرفات توجب زوال ملك العين فيوجب بطلان هذا الحق و ما لا يوجب بطلان هذا الحق فهو جائز كالاجارة و الاستخدام و الاستسعاء و الاستغلال و الاستمتاع و الوطء لانها تصرف في المنفعة لا في العين و المنافع مملوكة له و الاجرة و الكسب و الغلة و العقر و المهر للمولى لانها بدل المنفعة و المنافع على ملكه و كذا ملك العين قائم لان العارض و هو التدبير لم يؤثر الا في ثبوت حق الحرية من حرية فكان ملك اليمين قائما و انما الممنوع منه تصرف يبطل هذا الحق و هذه التصرفات لا تبطله و كذا الارش له بدل جزء هو ملكه و له أن يزوجها لان التزويج تمليك المنفعة و لا ينبغي أن يزوجه حتى يستبرئها بحيضة لاحتمال أنها حملت منه فيكون النكاح فاسد أو يصير الزوج بالوطء ساقيا ماءه زرع غيره فكان لتزويج تعريضا للفساد فينبغي أن يتحرز من ذلك بالاستبراء لكن هذا الاستبراء ليس بواجب بل هو مستحب كاستبراء البائع و لو زوجها فولدت لاقل من ستة أشهر فهو من المولى و النكاح فاسد لانه تبين أنه زوجها و فى بطنها ولد ثابت النسب منه و ان ولدت لاكثر من ستة أشهر فهو ولد الزوج لان الزوج له فراش و الولد للفراش على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا فراش للمولى لزوال فراشه بالنكاح فان ادعاه المولى و قال هذا ابنى لا يثبت نسبه منه لسبق ثبوته من غيره و هو الزوج فلا يتصور ثبوته فلا تصح دعوته لكنه يعتق عليه لانه في ملكه و قد أقر بحريته فيعتق عليه و ان لم يثبت نسبه منه كما إذا قال لعبده هذا ابنى و هو معروف النسب من الغير و نسب ولد أم الولد يثبت من المولى من دعوة عند عدم الحرية الا إذا حرمت عليه حرمة مؤبدة فجاءت بولد لستة أشهر من وقت
(131)
الحرمة أو زوجها فجاءت بولد لستة أشهر من وقت التزويج فلا يثبت نسبه الا بالدعوة و انما قلنا أنه يثبت نسب ولدها من المولى من دعوة عند عدم الحرمة المؤبدة و النكاح لانها صارت فراشا بثبوت نسب ولدها و الولد المولود على الفراش يثبت نسبه من دعوة قال النبي صلى الله عليه و سلم الولد للفراش بخلاف الامة القنة أو المدبرة لانه لا يثبت نسب ولدها و ان حصنها المولى و طلب ولدها بدون الدعوة عندنا فلا تصير فراشا بدون الدعوة ثم انما يثبت نسب ولد أم الولد بدون الدعوة دون ولد القنة و المدبرة لان الظاهر ان ولد أم الولد من المولى لانه لا يتحرز عن الاعلاق اذ التحرز لخوف فوت ماليتها و قد حصل ذلك منه فالظاهر ان لا يعزل عنها بل يعلقها فكان الولد منه من حيث الظاهر فلا تقع الحاجة إلى الدعوة بخلاف القنة و المدبرة فان هناك الظاهر أنه لا يعلقها بل يعزل عنها تحرزا عن إتلاف المالية فلا يعلم أنه منه إلى بدعوة فلا يثبت النسب الا بالدعوة فهو الفرق و الله عز و جل أعلم فان صارت أم الولد محرمة على المولى على التأبيد بان وطئها ابن المولى أو أبوه أو وطي المولى أمها أو بنتها فجاءت بولد لاكثر من ستة أشهر لم يثبت نسب الولد الذي أتت به بعد التحريم من دعوة لان الظاهر أنه ما وطئها بعد الحرمة فكان حرمة الوطء كالنفى دلالة و ان ادعى يثبت النسب لان الحرمة لا تزيل الملك و ذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي أصلا فقال إذا حرمت أم الولد بما يقطع نكاح الحرة و يزيل فراشها مثل المسائل التي ذكرنا لا يثبت نسب ولدها من مولاها الا أن يدعيه لان فراش الزوجة أقوى من فراش أم الولد و هذه المعاني تقطع فراش الوجه فلان تقطع فراش أم الولد أولى و كذلك إذا زوجها فجاءت بولد لاكثر من ستة أشهر لانها صارت فراشا للزوج فيستحيل أن تصير فراشا لغيره الا أنه إذا ادعى يعتق عليه كما إذا قال لعبده و هو معروف النسب من الغير هذا ابنى و ان حرمت عليه بما لا يقطع نكاح الحرة لا يزيل فراشها مثل الحيض و النفاس و الاحرام و الصوم يثبت نسب ولدها منه لانه تحريم عارض لا يغير حكم الفراش و للمولى أن ينفى ولد أم الولد من لعان أما النفي فلانه يملك العزل عنها بغير رضاها فإذا أخبر عن ذلك فقد أخبر عما يملك فكان مصدقا و أما النفي من لعان فلان فراش أم الولد أضعف من فراش الحرة و هذا أصل يذكر في كتاب الدعوي أن الفرش ثلاثة قوى و ضعيف و وسط فالقوي هو فراش النكاح حتى يثبت النسب فيه من دعوة و لا ينتفى الا باللعان و الضعيف فراش الامة حتى لا يثبت النسب فيه من دعوة و الوسط فراش أم الولد حتى يثبت النسب فيه من دعوة و ينتفى من لعان لانه يحتمل الانتقال بالتزويج فيحتمل الانتفاء بالنفي بخلاف فراش الزوج ثم انما ينتفى بالنفي إذا لم يقض به القاضي أو لم تتطاول المدة فاما إذا قضى القاضي به أو تطاولت المدة فلا ينتفى لانه يتأكد بقضاء القاضي فلا يحتمل النفي بعد ذلك و كذا تطول المدة من ظهور النفي اقرار منه دلالة و النسب المقر به لا ينتفى بالنفي و لم يقدر أبو حنيفة لتطاول المدة تقديرا و أبو يوسف و محمد قدراه بمدة النفاس أربعين يوما و قد ذكرناه في كتاب اللعان و ولد أم الولد من مولاها بمنزلة الام بان زوج أم ولده فولدت ولد الستة أشهر فصاعدا من وقت التزويج لان الولد يتبع الام في الرق و الحرية و قد ثبت حق الحرية في الام فيسرى إلى الولد فكان حكمه حكم الام في جميع الاحكام هذا إذا استولد جارية في ملكه فان كان استولدها في ملك غيره بنكاح حتى يثبت نسب ولدها منه ثم ملكها و لها ولد من زوج آخر بان استولدها ثم فارقها فزوجها المولى من آخر فجاءت بولد ثم ملكها يوما من الدهر و ولدها صارت الجارية أم ولده عند أصحابنا و لا يصير ولدها ولد أم ولد حتى يجوز بيعه في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر إذا ملك من ولدته بعد ثبوت نسب ولدها منه فهو ولد أم ولده يثبت فيه حكم الام وجه قوله أن الاستيلاد و ان كان ملك الغير لكنه لما ملكها فقد صارت أم ولد عند أصحابنا و انما صارت أم ولد بالعلوق السابق و الولد حدث بعد ذلك فيحدث على وصف الام فإذا ملكه يثبت فيه الحكم الذي يثبت في الام و لنا أن الاستيلاد في الام و هو أمية الولد شرعا انما تثبت وقت ملك الام و الولد منفصل في ذلك الوقت و السراية لا تثبت في الولد المنفصل و يتعلق الدين بكسبها لا برقبتها لانها لا تقبل البيع لما ذكرنا و تسعى
(132)
في ديونها بالغة ما بلغت لان الدين عليها لا في رقبتها و أرش جنايتها على المولى و هو الاقل من قيمتها و من الارش و ليس على المولى الا قدر قيمتها و ان كثرت الجنايات كالمدبر و يجوز إعتاقها لما فيه من استعجال مقصود ها و هو الحرية و لو أعتق المولى نصفها يعتق كلها و كذا إذا كانت مشتركة بين اثنين فاعتق احد هما نصيبه عتق جميعها لما ذكرنا و لا ضمان على المعتق و لا سعاية عليها عند أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد ان كان المعتق موسرا ضمن لشريكه و ان كان معسرا سعت في نصف قيمتها للشريك الذي لم يعتق و لو مات عن أم ولد بينه و بين شريكه عتق جميعها و لا ضمان عليه بالاجماع لانه لا صنع له في الموت و يقع الاختلاف في السعاية عند أبى حنيفة لا سعاية عليها و عندهما عليها السعاية و على هذا الخلاف الغصب و القبض في البيع الفاسد انها لا تضمن في قول أبى حنيفة و عندهما تضمن و لا خلاف في المدبرة انها تضمن بهذه الاسباب و لقب المسألة ان أم الولد هل هى متقومة من حيث انها مال أم متقومة عنده متقومة من هذه الجهة و عندهما متقومة و أجمعوا على انها متقومة من حيث انها نفس و لا خلاف في ان المدبر متقوم من حيث انه مال و ربما تلقب المسألة بان رق أم الولد هل له قيمة أم لا ذكر محمد في الاملاء انها تضمن في الغصب عند أبى حنيفة كما يضمن الصبي الحر إذا غصب يعنى إذا مات عن سبب حادث بان عقره سبع أو نهشته حية أو نحو ذلك وجه قولهما أم الولد مملوكة للمولى و لا شك و لهذا يحل له وطؤها و اجاربتها و استخدامها و كتابتها و ملكه فيما معصوم لان الاستيلاد له لم يوجب زوال العصمة فكانت مضمونة بالغصب و الاعتاق و القبض في البيع الفاسد كالمدبر و الدليل على ان رقها متقوم ان أم ولد النصراني إذا أسلمت تخرج إلى العتاق السعاية فلو لا ان ماليتها متقومة لعتقت مجانا و لم يكن للمولى أخذ السعاية بدلا عن ماليتها و كذا يجوز للمولى أن يكاتبها الاعتياض انما يجوز عن مال متقوم و الدليل عليه انها تضمن بالقتل بالاجماع و لابي حنيفة قول النبي صلى الله عليه و سلم لما ولدت إبراهيم عليه السلام أعتقها ولدها فظاهر الحديث يقتضى ثبوت العتق في لحال في العتق في حق جميع الاحكام الا انه خص منه الاستمتاع و الاستخدام بالاجماع و لا إجماع في التقويم فكانت حرة في حق التقويم بظاهر الحديث و كذا سبب العتق للحال موجود و هو ثبوت النسب الولد لان ذلك يوجب الاتحاد بين الواطي و الموطوءة يجعلهما نفسا واحدة فقضيته ثبوت العتق للحال في جميع الاحكام الا انه يظهر في سائر الاحكام بالاجماع فيظهر في حق سقوط التقوم بخلاف المدبر لان هناك السبب و هو التدبير أضيف إلى ما بعد الموت لان التدبير إثبات العتق عن دبر الا انه جعل سبب للحال لضرورة ذكرناها في بيع المدبر و الثابت بالضرورة يعقيد بقدر الضرورة و الضرورة في حرمة البيع الا في سقوط التقوم و ههنا الامر على القلب من ذلك لان السبب يقتضى الحكم للحال و التأخر على خلاف الاصل و الدليل على انها متقومة من حيث انها مال لانها لا تسعى لغريم و لا لوارث و لو كانت متقومة من حيث انها مال لثبت للغريم حق فيها و للوارث في ثلثها فيجب ان يسعى في ذلك كالمدبر و السعاية مبينة على هذا الاصل لان استسعاء العبد يكون بقيمته و لا قيمة لام الولد فلا سعاية عليها و أما قوله ان ملك المولى فيها قائم بعد الاستيلاد و العصمة قائمة فمسلم لكن قيام الملك و العصمة لا يقتضى التقوم كملك القصاص و ملك النكاح و ملك الخمر و جلد الميتة و أما أم ولد النصراني إذا أسلمت فالجواب من وجهين أحدهما انها متقومة زعمهم و اعتقادهم و نحن أمرنا بتركهم و ما يدينون فإذا دانوا تقويمها يتركون و ذلك و لذلك جعلت خمورهم متقومة كذا هذا و الثاني ان أم ولد النصراني إذا أسلمت تجعل مكاتبة للضرورة اذ لا يمكن القول بعتقها لان ملك الذي محترم فلا يجوز ابطاله عليه و لا سبيل إلى إبقائها على ملكه يستمتع بها و يستخدمها لما فيه من الاستذلال بالمسلمة و لا وجه دفع المذلة عنها بالبيع من المسلم لخروجها بالاستيلاد عن محلية البيع فتجعل مكاتبة و ضمان الكتابة ضمان شرط و لانه لا يوقف على كون ما يقابله ما لا متقوما كما في النكاح و الخلع ثم إذا سعت تسعى و هي رقيقة عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر تسعى و هي حرة وجه قوله ان الاستسعاء استذلال بها و هذا لا يجوز و لنا ما ذكرنا ان في الحكم بعتقها إبطال ملك الذي عليه و تتعلق ديونه بذمة المفلس و ملكه معصوم