في الرضاع واحكامه . - بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 4

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

(1)



الجزء الرابع من كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع تأليف الامام علاء الدين ابي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي الملقب بملك العلماء المتوفى سنة هج 587 رية ( الطبعة الاولى )


1409 ه 1989 م الناشر المكتبة الحبيبية كانسي رود حاجي غيبي شوك كوئته باكستان


(2)



في الرضاع واحكامه .


بسم الله الرحمن الرحيم } كتاب الرضاع { قد ذكرنا في كتاب النكاح ان المحرمات نكاحا على التأبيد أنواع ثلاثة محرمات بالقرابة و محرمات بالصهرية و محرمات بالرضاع و قد بينا المحرمات بالقرابة و الصهرية في كتاب النكاح و هذا الكتاب وضع لبيان المحرمات بالرضاع و الكلام في هذا الكتاب يقع في ثلاثة مواضع أحدها في بيان المحرمات بالرضاع و الثاني في بيان صفة الرضاع المحرم و الثالث في بيان ما يثبت به الرضاع ( فصل )


أما الاول فالأَصل ان كل من يحرم بسبب القرابة من الفرق السبع الذين ذكرهم الله عز و جل في كتابه الكريم نصا أو دلالة على ما ذكرنا في كتاب النكاح يحرم بسبب الرضاعة الا ان الحرمة في جانب المرضعة متفق عليها و في جانب زوج المرضعة مختلف فيها أما تفسير الحرمة في جانب المرضعة فهو ان المرضعة تحرم على المرضع لانها صارت أما له بالرضاع فتحرم عليه لقوله عز و جل و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم معطوفا على قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم و بناتكم فسمى سبحانه و تعالى المرضعة ام المرضع و حرمها عليه و كذا بناتها يحرمن عليه سواء كن من صاحب اللبن أو من صاحب اللبن من تقدم منهن و من تأخر لانهن أخواته من الرضاعة و قد قال الله عز و جل و أخواتكم من الرضاعة أثبت تعالى الاخوة بين بنات المرضعة و بين المرضع و الحرمة بينهما مطلقا من فصل بين اخت و أخت و كذا بنات بناتها و بنات ابنائها و ان سفلن لانهن بنات أخ المرضع و أخته من الرضاعة وهن يحرمن من النسب كذا من الرضامة و لو أرضعت إمرأة صغيرين من أولاد الاجانب صارا أخوين لكونهما من أولاد المرضعة فلا يجوز المناكحة بينهما إذا كان أحدهما أنثى و الاصل في ذلك ان كل اثنين اجتمعا على ثدي واحد صارا أخوين أو اختين أو اخا و أختا من الرضاعة فلا يجوز لاحدهما ان


(3)



يتزوج بالآخر و لا بولده كما في النسب و أمهات المرضعة يحرمن على المرضع لانهن جداته من قبل امه من الرضاعة و آباء المرضعة أجداد المرضع من الرضاعة فيحرم عليهم كما في النسب و أخوات المرضعة يحرمن على المرضع لانهن خالاته من الرضاعة و أخواتها أخوال المرضع فيحرم عليهم كما في النسب فاما بنات اخوة المرضعة و أخواتها فلا يحرمن على المرضع لانهن بنات أخواله و خالاته من الرضاعة و انهن لا يحرمن من النسب فكذا من الرضاعة و تحرم المرضعة على ابناء المرضع و أبناء أبنائه و ان سفلوا كما في النسب هذا تفسير الحرمة في جانب المرضعة و الاصل في هذه الجملة قول النبي صلى الله عليه و سلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فيجب العمل بعمومه الا ما خص بدليل و اما الحرمة في جانب زوج المرضعة التي نزل لها منه لبن فثبتت عند عامة العلماء و عامة الصحابة رضى الله عنهم و روى عن رافع بن خديج رضى الله عنه أنه قال لا تثبت و هو قول سعيد بن المسيب و عطاء بن يسار و بشر المريسي و مالك و هي المسألة الملقبة عند الفقهاء بلبن الفحل انه هل يحرم أو لا و تفسير تحريم لبن الفحل ان المرضعة تحرم على زوج المرضعة لانها بنته من الرضاع و كذا على ابناثه الذين من المرضعة لانهم إخوتها لاب من الرضاعة و كذا على ابناء أبنائه و أبناء بناته من المرضعة لانهم ابناء اخوة المرضعة و أخواتها لاب من الرضاعة و على هذا إذا كان لرجل إمرأتان فحملتا منه و أرضعت كل واحدة منهما صغيرا أجنبيا فقد صارا أخوين لاب من الرضاعة فان كان أحدهما أنثى فلا يجوز النكاح بينهما لان الزوج أخوها لابيها من الرضاعة و ان كانا أنثيين لا يجوز لرجل ان يجمع بينهما لانهما اختان لاب من الرضاعة و تحرم على آباء زوج المرضعة لانهم اجدادها من قبل الاب من الرضاعة و كذا على إخوته لانهم اعمامها من الرضاعة و أخواته عمات المرضع فيحرمن عليه و اما أولاد إخوته و أخواته فلا تحرم المناكحة بينهم لانهم أولاد الاعمام و العمات و يجوز النكاح بينهم في النسب فيجوز في الرضاع هذا تفسير لبن الفحل احتج من قال انه لا يحرم بان الله عز و جل بين الحرمة في جانب المرضعة و لم يبين في جانب الزوج بقوله تعالى و أمهاتكم من اللاتي أرضعنكم و لو كانت الحرمة ثابتة في جانبه لبينها كما بين في النسب بقوله عز و جل حرمت عليكم أمهاتكم و بناتكم و لان المحرم هو الارضاع و انه وجد منها لا منه فصارت بنتا لها لا له و الدليل عليه انه لو نزل للزوج لبن فارتضعت منه صغيرة لم تحرم عليه فإذا لم تثبت الحرمة بلبنه فكيف تثبت بلبن غيره و لنا الحديث المشهور و هو قول النبي صلى الله عليه و سلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و روى ان عائشة رضى الله عنها قالت جاء عمي من الرضاعة فاستأذن على فأبيت ان آذن له حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألته عن ذلك فقال صلى الله عليه و سلم انما هو عمك فاذنى له فقلت يا رسول الله انما أرضعتنى المرأة و لم يرضعنى الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم انه عمك فليلج عليك قالت عائشة رضى الله عنها و كان ذلك بعد ان ضرب علينا الحجاب أى بعد أمر الله عز و جل النساء بالحجاب عن الاجانب و قيل كان الداخل عليك أفلح أخا أبي القعيس و كانت إمرأة أبي القعيس أرضعتها و عن عمرة أن عائشة رضى الله عنها أخبرتها ان رسول الله صلي الله عليه و سلم كان عندها و انها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة قالت عائشة فقلت يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك فقال أراه فلانا لعم حفصة من الرضاعة فقلت يا رسول الله لو كان فلانا حيا لعمي من الرضاعة أ كان يدخل على فقال نعم ان الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة و عن على رضى الله عنه انه قال لا تنكح من أرضعته إمرأة أبيك و لا إمرأة أخيك و لا إمرأة ابنك و عن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل عن رجل له إمرأتان أو جارية و إمرأة فارضعت هذه غلاما و هذه جارية هل يصلح للغلام أن يتزوج الجارية فقال رضى الله عنه لا اللقاح واحد بين الحكم و أشار إلى المعنى و هو اتحاد اللقاح و لان المحرم هو اللبن و سبب اللبن هو ماء الرجل و المرأة جميعا فيجب ان يكون الرضاع منهما جميعا كما كان الولد لهما جيمعا و أما قولهم ان الله تعالى بين الحرمة في جانب المرضعة لا في جانب زوجها فنقول ان لم بينها نصا فقد بينها دلالة و هذا لان البيان من الله تعالى بطريقين بيان احاطة و بيان كفاية فبين في النسب بيان احاطة و بين في الرضاع بيان كفاية تسليطا


(4)



للمجتهدين على الاجتهاد و الاستدلال بالنصوص عليه على غيره و هو ان الحرمة في جانب المرضعة لمكان اللبن و سبب حصول اللبن و نزوله هو ماؤهما جميعا فكان الرضاع منهما جميعا و هذا لان اللبن انما يوجب الحرمة لاجل الجزئية و البعضية لانه ينبت اللحم و ينشر العظم على ما نطق به الحديث و لما كان سبب حصول اللبن و نزوله ماء هما جميعا و بارتضاع اللبن تثبت الجزئية بواسطة نبات اللحم يقام سبب الجزئية مقام حقيقة الجزئية في باب الحرمات احتياطا و السبب يقام مقام المسبب خصوصا في باب الحرمات أيضا ألا ترى ان المرأة تحرم على جدها كما تحرم على أبيها و ان لم يكن تحريمها على جدها منصوصا عليه في الكتاب العزيز لكن لما كان مبينا بيان كفاية و هو ان البنت و ان حدثت من ماء الاب حقيقة دون ماء الجد لكن الجد سبب ماء الاب أقيم السبب مقام المسبب في حق الحرمة احتياطا كذا ههنا و الدليل عليه انه لما لم يذكر البنات من الرضاعة نصا لم يذكر بنات الاخوة و الاخوات من الرضاعة نصا و انما ذكر الاخوات ثم ذكر لبنات الاخوة و الاخوات دلالة حتى حرمن بالاجماع كذا ههنا على انه ان لم يبين بوحي متلو فقد بين بوحي متلو على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و قد خرج الجواب عن قولهم ان الارضاع وجد منها لما ذكرنا انه وجد منهما لان سبب حصول اللبن ماؤهما جميعا فكان الارضاع منهما جميعا و اما الزوج إذا أنزل له لبن فارتضعت به صغيرة فذاك لا يسمي رضاعا عرفا و عادة و معنى الرضاع أيضا لا يحصل به و هو اكتفاء الصغير به في الغذاء لانه لا يغنيه من جوع فصار كلبن الشاة و الله عز وجل أعلم ثم انما تثبت الحرمة من جانب الزوج إذا كان لها زوج فاما إذا لم يكن لها زوج بان ولدت من الزنا فنزل لها لبن فأرضعت به صبيا فالرضاع يكون منها خاصة لا من الزاني لان نسبه يثبت منها لا من الزاني و الاصل ان كل من يثبت منه النسب يثبت منه الرضاع و من لا يثبت منه النسب لا يثبت منه الرضاع و كذا البكر إذا نزل لها لبن و هي لم تتزوج قط فالرضاع يكون منها خاصة و الله الموفق و كذا كل من يحرم بسبب المصاهرة من الفرق الاربع الذين وصفناهم في كتاب النكاح يحرم بسبب الرضاع فيحرم على الرجل أم زوجته و بنتها من زوج آخر من الرضاع كما في النسب الا ان الام تحرم بنفس العقد على البنت إذا كان صحيحا و البنت لا تحرم الا بالدخول بالام كما في النسب و كذا جدات زوجته من أبيها و أمها و ان علون أو بنات بناتها و بنت أبنائها و ان سفلن من الرضاع كما في النسب و كذا تحرم حليلة ابن الرضاع و ابن ابن الرضاع و ان سفل على إب الرضاع أب أبيه و ان علا كما في النسب و تحرم منكوحة أب الرضاع و أب أبيه و ان علا على ابن الرضاع و ابن ابنه و ان سفل كما في النسب و كذا يحرم بالوطء أم الموطوءة و بنتها من الرضا على الواطي و كذا جداتها و بنات بناتها كما في النسب و تحرم الموطوءة على أب الواطي و ابنه من الرضاع و كذا على أجداده و ان علوا و على أبناء أبنائه و ان سفلوا كما في النسب سواء كان الوطء حلالا بان كان بملك اليمين أو الوطء بنكاح فاسد أو شبهة نكاح أو كان بزنا عندنا و عند الشافعي الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة فلا يوجب حرمة الرضاع و المسألة قد مرت في كتاب النكاح ثم قول النبي صلى الله عليه و سلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب مجرى على عمومه الا في مسئلتين احداهما انه لا يجوز للرجل ان يتزوج باخت ابنه من النسب لامه و هو ان يكون لابنه أخت لامه من النسب من زوج اخر كان لها و يجوز له ان يتزوج أخت ابنه من الرضاع و هو ان يكون لابنه من الرضاع أخت من النسب لم ترضعها إمرأته لان المانع من الجواز في النسب كون أم الاخت موطوءة الزوج لان أمها إذا كانت موطوءة كانت هى بنت الموطوءة و انها حرام و هذا لم يوجد في الرضاع و لو وجد لا يجوز كما لا يجوز في النسب و الثانية انه لا يجوز للرجل ان يتزوج أم أخته من النسب لابيه و هو ان يكون له أخت من أبيه من النسب لا من أمه لا يجوز له ان يتزوج أم هذه الاخت و يجوز له أن يتزوج أم أخته من الرضاع و هو ان يكون له أخت من الرضاعة فيتزوج أمها من النسب لان لمانع في النسب كون المتزوجة موطوءة أبيه و هذا لم يوجد في الرضاع حتى لو وجد لا يجوز كما في النسب و يجوز للرجل ان يتزوج أخت أخيه لابيه من النسب و صورته


(5)



منكوحة أبيه إذا ولدت ابنا و لها بنت من زوج آخر فهي أخت أخيه لابيه فيجوز له أن يتزوجها و كذا يجوز للرجل أن يتزوج أخت أخته من الرضاع و هذا ظاهر و يجوز لزوج المرضعة أن يتزوج أم المرضع من النسب لان المرضع ابنه و يجوز للانسان أن يتزوج أم ابنه من النسب و كذا أب المرضع من النسب يجوز له أن يتزوج المرضعة لانها أم ابنه من الرضاع فهي كام ابنه من النسب و كذا يجوز له أن يتزوج بمحارم أبي الصبي من الرضاعة أو النسب كما يجوز له أن يتزوج بامه و الله عز و جل أعلم ( فصل )


و أما صفة الرضاع المحرم فالرضاع المحرم ما يكون في حال الصغر فاما ما يكون في حال الكبر فلا يحرم عند عامة العلماء و عامة الصحابة رضى الله عنهم الا ما روى عن عائشة رضى الله عنها انه يحرم في الصغر و الكبر جميعا و احتجت بظاهر قوله تعالى و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم و أخواتكم من الرضاعة من فصل بين حال الصغر و الكبر و روى ان أبا حذيفة تبنب سالما و كان يدخل عى إمرأته سهلة بنت سهيل فلما نزلت آية الحجاب أتت سهلة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالت يا رسول الله قد كنا نرى سالما ولدا و كان يدخل على و ليس لنا الا بيت واحد فماذا ترى في شأنه فقال لها رسول الله صلى الله عليه سلم أرضيعه عشر رضعات ثم يدخل عليك و كان سالم كبيرا فدل ان الرضاع في حال الصغر و الكبر محرم و قد عملت عائشة رضى الله عنها بهذا الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم حتى روى عنها انها كانت إذا أرادت أن يدخل عليها أحد من الرجال أمرت أختها أم كلثوم بنت أبي بكر رضى الله عنها و بنات أخيها عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق رضى الله عنه ان يرضعنه فدل عملها بالحديث بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم على انه منسوخ و لنا ما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل يوما على عائشة رضى الله عنها فوجد عندها رجلا فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال من هذا الرجل فقالت عائشة هذا عمي من الرضاعة فقال رسول الله صلى الله عليه سلم انظرن ما أخواتكم من الرضاعة انما الرضاعة من المجاعة أشار صلى الله عليه و سلم إلى ان الرضاع في الصغر هو المحرم اذ هو الذي يدفع الجوع فاما جوع الكبير فلا يندفع بالرضاع و روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال الرضاع ما أنبت اللحم و أنشر العظم و ذلك هو رضاع الصغير دون الكبير لان إرضاعه لا ينبت اللحم و لا ينشر العظم و روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال الرضاع ما فتق الامعاء و رضاع الصغير هو الذي يفتق الامعاء لا رضاع الكبير لان أمعاء الصغير تكون ضيقة لا يفتقها الا اللبن لكونه من ألطف الاغذية كما وصفه الله تعالى في كتابه الكريم بقوله عز و جل لبنا خالصا سائغا للشاربين فاما أمعاء الكبير فمنفتقة لا تحتاج إلى الفتق باللبن و روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال لا رضاع بعد فصال و روى ان رجلا من أهل البادية ولدت إمرأته ولدا فمات ولدها فورم ثدي المرأة فجعل الرجل يمصه و يمجه فدخلت جرعة منه حلقه فسأل عنه أبا موسى الاشعرى رضى الله عنه قال قد حرمت عليك ثم جاء إلى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فسأله فقال هل سألت أحد فقال نعم سألت أبا موسى الاشعرى فقال حرمت عليك فجاء ابن مسعود أبا موسى الاشعرى رضى الله عنهما فقال له أما علمت انه انما يحرم من الرضاع ما أننت اللحم فقال أبو موسى لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم و عن عبد الله بن عمر أن رجلا جاء إلى عمر رضى الله عنه فقال كانت لي وليدة أطؤها فعمدت إمرأتي إليها فارضعتها فدخلت عليها فقالت دونك مقدور الله أرضعتها فقال عمر رضى الله عنه واقعها فهي جاريتك فانما الرضاعة عند الصغر و بهذا تبين ان ليس المراد من الآية الكريمة رضاع الكبير لان النبي صلى الله عليه و سلم فسر الرضاع المحرم بكونه دافعا للجوع منبتا للحم منشرا للعظم فاتقا للامعاء و هذا وصف رضاع الصغير لا الكبير فصارت السنة مبينة لما في الكتاب أصله أما حديث سالم فالجواب عن التعلق به من وجهين أحدهما يحتمل انه كان مخصوصا بذلك يدل عليه ما روى ان سائر أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم أبين أن يدخل عليهن بالرضاع في حال الكبر أحد من الرجال و قلن ما نرى الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم سهلة بنت سهيل الا رخصة في سالم وحده


(6)



فهذا يدل على ان سالما كان مخصوصا بذلك و ما كان خصوصية بعض الناس لمعنى لا نعقله لا يحتمل القياس و لا نترك به الاصل المقرر في الشرع و الثاني ان رضاع الكبير كان محرما ثم صار منسوخا بما روينا من الاخبار و أما عمل عائشة رضى الله عنها فقد روى عنها ما يدل على رجوعها فانه روى عنها انها قالت لا يحرم من الرضاع الا ما أنبت اللحم و الدم و روى انها كانت تأمر بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضى الله عنهم ان ترضع الصبيان حتى يدخلوا عليها إذا صاروا رجالا على ان عملها معارض بعمل سائر أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فانهن كن لا يرين أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة احد من الرجال و المعارض لا يكون حجة و إذا ثبت ان رضاع الكبير لا يحرم و رضاع الصغير محرم فلا بد من بيان الحد الفاصل بين الصغير و الكبير في حكم الرضاع و هو بيان مدة الرضاع المحرم و قد اختلف فيه قال أبو حنيفة ثلاثون شهرا و لا يحرم بعد ذلك سواء فطم أو لم يفطم و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله تعالى حولان لا يحرم بعد ذلك فطم أو لم يفطم و هو قول الشافعي و قال زفر ثلاثة أحوال و قال بعضهم خمس عشرة سنة و قال بعضهم أربعون سنة احتج أبو يوسف و محمد بقوله و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة جعل الله تعالى الحولين الكاملين تمام مدة الرضاع و ليس وراء التمام شيء و بقوله تعالى و فصاله في عامين و قوله عز و جل و حمله و فصاله ثلاثون شهرا و أقل مدة الحمل ستة أشهر فبقى مدة الفصال حولين و روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لا رضاع بعد الحولين و هذا نص في الباب و لابي حنيفة قوله تعالى و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم و أخواتكم من الرضاعة أثبت الحرمة بالرضاع مطلقا عن التعرض لزمان الارضاع الا انه قام الدليل على ان زمان ما يعد الثلاثين شهرا ليس بمراد فيعمل بإطلاقه فيما وراءه و قوله تعالى فان أرادا فصالا عن تراض منهما و تشاور و الاستدلال به من وجهين أحدهما انه أثبت لهما إرادة الفصال بعد الحولين لان الفآء للتعقيب فيقتضى بقاء الرضاع بعد الحولين ليتحقق الفصال بعدهما و الثاني انه أثبت لهما إرادة الفصال مطلقا عن الوقت و لا يكون الفصال الا عن الرضاع فدل على بقاء حكم الرضاع في مطلق الوقت إلى ان يقوم الدليل على التقييد و قوله تعالى و ان أردتم ان تسترضعوا أولادكم أثبت لهما إرادة الاسترضاع مطلقا عن الوقت فمن ادعى التقييد بالحولين فعليه الدليل و لان الارضاع انما يوجب الحرمة لكونه منبتا للحم منشرا للعظم على ما نطق به الحديث و من المحال عادة ان يكون منبتا للحم إلى الحولين ثم لا ينبت بعد الحولين بساعة لطيفة لان الله تعالى ما أجرى العادة بتغير الغذاء الا بعد مدة معتبرة و لان المرأة قد تلد في البرد الشديد و الحر الشديد فإذا تم على الصبي سنتان لا يجوز ان تؤمر المرأة بفطامه لانه يخاف منه الهلاك على الولد اذ لو لم يعود بغيره من الطعام فلا بد و ان تؤمر بالرضاع و محال أن تؤمر بالرضاع و يحرم عليها الرضاع في وقت واحد فدل ان الرضاع بعد الحولين يكون رضاعا الا أن أبا حنيفة استحسن في تقديره مدة ابقاء حكم الرضاع بعد الحولين بستة أشهر لانه أقل مدة تغير الولد فان الولد يبقى في بطن أمه ستة أشهر يتغذى بغذائها ثم ينفصل فيصير أصلا في الغذاء و زفر اعتبر بعد الحولين سنة كاملة فقال لما ثبت حكم الرضاع في ابتداء السنة الثالثة لما قاله أبو حنيفة يثبت في بقيتها كالسنة الاولى و الثانية و أما الا آية الاولى ففيها ان الحولين مدة الرضاع في حق من أراد تمام الرضاعة و هذا لا ينفي أن يكون الزائد على الحولين مدة الرضاع في حق من لم يرد أن يتم الرضاعة مع ما أن ذكر الشيء بالتمام لا ليمنع من احتمال الزيادة عليه ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه و سلم من أدرك عرفة فقد تم حجه و هذا لا يمنع زيادة الفرض عليه فان طواف الزيارة من فروض الحج على أن في الآية الكريمة ان الحولين تمام مدة الرضاع لكنها تمام مدة الرضاع في حق الحرمة أو في حق وجوب أجر الرضاع على الاب فالنص لا يتعرض له و عندهما تمام مدة الرضاع في حق وجوب الاجر على الاب حتى ان الام المطلقة إذا طلبت الاجر بعد الحولين و لا ترضع بلا أجر لم يجبر الاب على أجر الرضاع فيما زاد على الحولين أو تحمل الآية على هذا





/ 33