و هذه الجملة لا تتفرع على أصل محمد هذا إذا لم يخرج الزوج معها إلى الحج فأما إذا خرج فلها النفقة بلا خلاف لوجود التسليم المطلق لامكان الانتفاع بها وطأ و استمتاعا في الطريق فصارت كالمقيمة في منزله و لو آلى منها أو ظاهر منها فلها النفقة لان حق الحبس قائم و التسليم موجود و لتمكنه من وطئها و الاستمتاع بها بغير واسطة في الايلاء و بواسطة تقديم الكفارة في الظهار فوجد سبب وجوب النفقة و شرط وجوبها فتجب و لو تزوج أخت إمرأته أو عمتها أو خالتها و لم يعلم بذلك حتى دخل بها فرق بينهما و وجب عليه أن يعتزلها مدة عدة أختها فلا مرأته النفقة لو جود سبب الوجوب و شرطه و هو التسليم الا انه امتنع الانتفاع بها بعارض يزول فأشبه الحيض و النفاس وصوم رمضان و لا نفقة لاختها و ان وجبت علهيا العدة لانها معتدة من نكاح فاسد و على هذا الاصل يخرج ما إذا تزوج حر أو عبد أو أمة أو قنة أو مدبرة أو أم ولد انه ان بوأها المولى تجب النفقة و الا فلا لان سبب الوجوب و هو حق الحبس و شرطه و هو التسليم لا يتحقق بدون التبوئة لان التبوئة لان هوان يخلى المولى بنيها و بين زوجها في منزل زوجها لا يستخدمها فإذا كانت مشغولة بخدمة المولى لم تكن محبوسة عند الزوج و لا مسلمة اليه و لا يجبر المولى على التبوئة لان خدمتها حق المولى فلا يجبر الانسان على إيفاء حق نفسه لغيره فان بوأها المولى ثم بداله أن يستخدمها فله ذلك لما ذكرنا ان خدمتها حق المولى لان منافع سائر الا عضاء بقيت على ملكه و انما أعارها للزوج بالتبوئة و للمعير أن يسترد عاريته و لا نفقة على الزوج مدة الاستخدام لفوات التسليم فيها من جهة المولى و لو بوأها مولاها بيت الزوج فكانت تجئ في أوقات إلى مولاها فتخدمه من ان يستخدمها قالوا لا تسقط نفقتها لان الاسترداد انما يحصل بالاستخدام و لم يوجد و لان هذا القدر من الخدمة لا يقدح في التسليم كالحرة إذا خرجت إلى منزل أبيها و ان كانت مكاتبة تزوجت باذن المولى حتى جاز العقد فلها النفقة و لا يشترط التبوئة لان خدمتها ليست حق المولى اذ لا حق للمولى في منافعها ألا ترى انه ليس للمولى أن يستخدمها فكانت في منافعها كالحرية فيجبر المولى على التسليم و يجب على الزوج النفقة و العبد إذا تزوج باذن المولى حرة أو أمة فهو في وجوب النفقة كالحرلا ستوائهما في سبب الوجوب و هو حق الحبس و شرطه و هو التسليم و لهذا استويا في وجوب المهر الا ان الفرق بينهما ان النفقة إذا صارت مفروضة على العبد تتعلق برقبته و كسبه يباع فيها الا ان يفديه المولى فيسقط حق الغريم كسائر الديون و يبدأ بها قبل الغلة لمولاه فان كان المولى ضرب عليه ضريبة فان نفقة إمرأته تقدم على ضريبة مولاه لانها بالفرض صارت دينا في رقبته حيت يباع بها فأشبه سائر الديون بخلاف الغلة فانها لا تحب للمولى على عبده دين في الحقيقة فان مات العبد قبل البيع بطلت النفقة و لا يؤخذ المولى بشيء لفوات محل التعليق فيبطل التعليق كالعبد المرهون إذا هلك يبطل الدين الذي تعلق به و كذلك إذا قتل العبد في ظاهر الرواية و ذكر الكرخي انه إذا قتل كانت النفقة في قيمته وجه ما ذكره الكرخي ان القيمة قامت مقام العبد لانها بد له فتقوم مقامه كانه هو كما في سائر الديون وجه ظاهر الرواية ان القيمة انما تقام مقام القربة في الديون المطلقة لا فيما يجرى مجرى الصلات النفقة تجري مجرى الصلات على أصل أصحابنا لما نذكر ان شاء الله تعالى فتسقط بالموت قبل القبض كسائر الصلات و لهذا لو كان الزوج حرا فقتل خطأ سقت عندنا و لا تقام الدية مقامه فكذا إذا كان عبدا و كذلك المدبر وأم الولد لما قلنا ان هؤلاء لا يباعون لان ديونهم تتعلق باكسابهم لا برقابهم لتعذر استيفائها من رقابهم لان الاستيفاء بالبيع و رقابهم لا تحتمل البيع و أما المكاتب فعندنا يعلق الدين بقربته و كسبه كالقن لتصور الاستيفاء من رقيته لاحتمال العجز لانه إذا عجز يعود قنا فيسعى فيها ما دام مكاتبا فإذا قضى بعجزه و صار قنا يباع فيها الا ان يفديه المولى كما في الكتابة و أما المعتق البعض فهو عند أبى حنيفة بمنزلة المكاتب الا انه لا يتصور فيه العجز و البيع في الدين فيسعى في نفقتها و عندهما هو حر عليه دين و لا يجب على العبد نفقة ولده سواء كمن من إمرأة حرة أو أمة لانه ان كان من حرة يكون حرا فلا يجب على العبد نفقة
(22)
الحر و تكون على الام نفقته ان كانت غنية و ان كانت محتاجة فعلى من يرث الولد من القرابة و ان كان من أمة فيكون عبدا لمولاها فلا يلزم غيره نفقته و كذلك الحر إذا تزوج أمة فولدت له أولادا فنفقة الاولاد على مولى الامة لانهم مماليكه و العبد و الحر في ذلك سواء و كذلك المدبرة وأم الولد في هذا كالأَمة القنة لما قلنا و ان كان مولى الامة في هذه المسائل فقيرا و الزوج أب الولد غنيا لا يؤمر الاب بالنفقة على ولده بل اما ان يبيعه مولاه أو ينفق عليه ان كان من أمة قنة و ان كان من مدبرة أو أم ولد ينفق الاب عليه ثم يرجع على المولى إذا أيسر لتعذر الجبر على البيع ههنا لعدم قبول المحل فأما إذا كانت مكاتبة فنفقة أولادها لا تجب على زوجها و انما تجب على الام المكاتبة سواء كان الاب حرا أو عبدا لان ولد المكاتبة ملك المولى رقبة و هو حق المكاتبة كسبا ألا ترى انها تستعين باكسابه في رقبتها و عتقها و إذا كانت اكسابه حقا لها كانت نفقته عليها لان نفقة الانسان تتبع كسبه قال النبي صلى الله عليه و سلم ان أطيب ما يأكل الرجل من كسبه و ان زوج ابنته من عبده فلها النفقة على العبد لان البنت يجب لها على أبيها دين فيجوز أن يجب على عبد أبيها و ان زوج أمته من عبده فنفقتهما جميعا على المولى لانهما جميعا ملك المولى و الله عز و جل أعلم و الكتابية في استحقاق النفقة على زوجها المسلم كالمسلمة لاستوائهما في سبب الاستحقاق و شرطه و الذمي في وجوب النفقة عليه لزوجته التي ليست من محارمه كالمسلم لاستوائهما في سبب الوجوب و شرطه و لان ما ذكرنا من دلائل الوجوب لا يوجب الفصل بين المسلم و الذمي في النفقة و لقول النبي صلى الله عليه و سلم و إذا قبلوا عقد الذمة فاعلمهم ان لهم ما للمسلمين و عليهم ما على المسلمين و على المسلم نفقة زوجته فهكذا على الذمي و أما إذا كانت من محارمه فقد قال أبو حنيفة انها إذا طلبت النفقة فان القاضي يقضى بالنفقة لها و عند أبى يوسف و محمد و زفر و الشافعي لا يقضى بناء على ان هذا النكاح فاسد عندهم و أما عند أبى حنيفة فقد ذكر بعض مشايخنا انه صحيح عندهم حتى قال انهما يقران عليه و لا يعترض عليهما قبل ان يترافعا أو يسلم أحدهما و ذكر الكرخي ان هذا النكاح فاسد بالاجماع و انما أوجب أبو حنيفة النفقة مع فساد هذا النكاح لانهما يقران عليه مع فساده عنده فان أبا حنيفة قال انى أفرض عليه النفقة لكل إمرأة أقرت على نكاحها جائزا كان النكاح عندي أو باطلا و وجهه انه لما أقره على نكاحها فقد الحق هذا النكاح بالنكاح الصحيح في حق وجوب النفقة و قد يلحق النكاح الفاسد بالصحيح في بعض الاحكام من النسب و العدة و غير ذلك و يستوى في استحقاق هذه النفقة المعسرة و الموسرة فتستحق الزوجة النفقة على زوجها و ان كانت موسرة لاستوائهما في سبب الاستحقاق و شرطه و لان هذه النفقة لها شبه بالاعواض فيستوى فيها الفقير و الغني كنفقة القاضي و المضارب بخلاف نفقة المحارم انها لا تجب للغنى لانها تجب صلة محضة لمكان الحاجة فلا تجب عند عدم الحاجة و تجب هذه النفقة من قضأ القاضي لكنها لا تصير دينا في الذمة الا بقضاء أو رضا على ما نذكر ان شاء الله تعالى بخلاف نفقة ذوى الارحام فانها لا تجب من قضأ القاضي و نفقة الوالدين و المولودين تجب من قضأ القاضي و الفرق بين هذه الجملة يذكر في نفقة الاقارب ان شاء الله تعالى و لا نفقة للناشزة لفوات التسليم بمعنى من جهتها و هو النشوز و النشوز في النكاح ان تمنع نفسها من الزوج بغير حق خارجة من منزله بان خرجت بغير اذنه و غابت أو سافرت فاما إذا كانت في منزله و منعت نفسها في رواية فلها النفقة لانها محبوسة لحقه منتفع بها ظاهرا و غالبا فكان معنى التسليم حاصلا و النشوز في العدة ان تخرج من بيت العدة مراغمة لزوجها أو تخرج لمعنى من قبلها و قد روى ان فاطمة بنت قيس كانت تبذو على احمائها فنقلها النبي صلى الله عليه و سلم إلى بيت ابن أم مكتوم و لم يجعل لها نفقة و لا سكنى لان الاخراج كان بمعنى من قبلها فصارت كانها خرجت بنفسها مراغمة لزوجها و أما الثاني و هو الشرط الذي يخص نفقة العدة فهو ان لا يكون وجوب العدة بفرقة حاصلة من قبلها بسبب محظور استحسانا و القياس انه ليس بشرط و قد مر وجه القياس و الاستحسان فيما تقدم و كل إمرأة لها النفقة فلها الكسوة لقوله تعالى و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف و غير ذلك من النصوص التي ذكرناها فيما تقدم و لان سبب وجوبهما
(23)
في بيان مقدار الواجب من النفقة .
لا يختلف و كذا شرط الوجوب و يجبان على الموسر و المعسر لان دليل الوجوب لا يفصل و الله أعلم و كل إمرأة لها النفقة لها السكنى لقوله عز و جل أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم و قرأ ابن مسعود رضى الله عنه أسكنوهن من حيث سكنتم و أنفقوا عليهن من وجدكم و لانهما استويا في سبب الوجوب و شرطه و هو ما ذكرنا فيستويان في الوجوب و يستوى في وجوبهما أصل الموسر و المعسر لان دلائل الوجوب لا توجب الفصل و انما يختلفان في مقدار الواجب منهما و سنبينه ان شاء الله تعالى في موضعه و لو أراد الزوج ان يسكنها مع ضرتها أو مع احمائها كام الزوج و أخته و بنته من غيرها و أقاربه فأبت ذلك عليه ان يسكنها في منزل مفرد لانهن ربما يؤذينها و يضررن بها في المساكنة و اباؤها دليل الاذى و الضرر و لانه يحتاج إلى ان يجامعها و يعاشرها في أى وقت يتفق و لا يمكنه ذلك إذا كان معهما ثالث حتى لو كان في الدار بيوت ففرغ لها بيتا و جعل لبيتها غلقا على حدة قالوا انها ليس لها ان تطالبه ببيت آخر و لو كانت في منزل الزوج و ليس معها أحد يساكنها فشكت إلى القاضي ان الزوج يضربها و يؤذيها سأل القاضي جيرانها فان أخبروا بما قالت و هم قوم صالحون فالقاضي يؤدبه و يأمره بان يحسن إليها و يأمر جيرانه ان يتفصحوا عنها و ان لم يكن الجيران قوما صالحين أمره القاضي ان يحولها إلى جيران صالحين فان أخبروا القاضي بخلاف ما قالت أقرها هناك و لم يحولها و للزوج ان يمنع أباها و أمها و ولدها من غيره و محارمها من الدخول عليها لان المنزل منزله فكان له ان يمنع من شاء و ليس له ان يمنعهم من النظر إليها و كلامها خارج المنزل لان ذلك ليس بحق له الا أن يكون في ذلك فتنة بان يخاف عليها الفساد فله ان يمنعهم من ذلك أيضا ( فصل )و أما بيان مقدار الواجب منها فالكلام في هذا الفصل في موضعين أحدهما في بيان ما تقدر به هذه النفقة و الثاني في بيان من تقدر به اما الاول فقد اختلف العلماء فيه قال أصحابنا هذه النفقة مقدرة بنفسها بكفايتها و قال الشافعي مقدرة بنفسها على الموسر مدان و على المتوسط مد و نصف و على المعسر نصف مد و احتج بظاهر قوله تعالى لينفق ذو سعة من سعته أى قدر سعته فدل انها مقدرة و لانه إطعام واجب فيجب ان يكون مقدرا كالاطعام في الكفارات و لانها وجبت بدلا لانها تجب بمقابلة الملك عندي و مقابلة الحبس عندكم فكانت مقدرة كالثمن في البيع و المهر في النكاح و لنا قوله تعالى و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف مطلقا عن التقدير فمن قدر فقد خالف النص و لانه أوجبها بإسم الرزق و رزق الانسان كفايته في العرف و العادة كرزق القاضي و المضارب و روى ان هند إمرأة أبى سفيان قالت يا رسول الله ان أبا سفيان رجل شحيح و انه لا يعطينى ما يكفينى و ولدي فقال صلى الله عليه و سلم خذى من مال أبى سفيان ما يكفيك و ولدك بالمعروف نص عليه أفضل الصلاة و السلام على الكفاية فدل ان نفقة الزوجة مقدرة بالكفاية و لانها وجبت بكونها محبوسة بحق الزوج ممنوعة عن الكسب لحقه فكان وجوبها بطريق الكفاية كنفقة القاضي و المضارب و أما الآية فهي حجة عليه لان فيها أمر الذي عنده السعة بالانفاق على قدر السعة مطلقا عن التقدير بالوزن فكان التقدير به تقييد المطلق فلا يجوز الا بدليل و قوله انه إطعام واجب يبطل بنفقة الاقارب فانه إطعام واجب و هي مقدرة بنفسها بل بالكفاية و التقدير بالوزن في الكفارات ليس لكونها نفقة واجبة بل لكونها عبادة محضة لوجوبها على وجه الصدقة كالزكاة فكانت مقدرة بنفسها كالزكاة و وجوب هذه النفقة ليس على وجه الصدقة بل على وجه الكفاية فتتقدر بكفايتها كنفقة الاقارب و أما قوله انها وجبت بدلا ممنوع و لسنا نقول انها تجب مقابلة الحبس بل تجب جزاء على الحبس و لا يجوز ان تكون واجبة بمقابلة ملك النكاح لما ذكرنا و إذا كان وجوبها على سبل الكفاية فيجب على الزوج من النفقة قدر ما يكفيها من الطعام و الادام و الدهن لان الخبز لا يؤكل عادة الا مأدوما و الدهن لابد منه للنساء و لا تقدر نفقتها بالدراهم و الدنانير على أى سعر كانت لان فيه اضرارا بأحد الزوجين اذ السعر قد يغلو و قد يرخص بل تقدر لها على حسب اختلاف الاسعار غلاء و رخصا رعاية للجانبين و يجب عليه من الكسوة في كل سنة مرتين صيفية و شتوية لانها كما تحتاج إلى العطام و الشراب تحتاج إلى اللباس
(24)
لستر العورة و لدفع الحر و البرد و يختلف ذلك باليسار و الاعسار و الشتاء و الصيف على ما نذكر ان شاء الله تعالى و ذكر في كتاب النكاح ان المعسر يفرض عليه خمسة دراهم في الشهر و الموسر عشرة و ذلك محمول على اعتبار قرار السعر في الوقت و لو جاء الزوج بطعام يحتاج إلى الطبخ و الخبز فابت المرأة الطبخ و الخبز يعنى بان تطبخ و تخبز لما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قسم الاعمال بين على و فاطمة رضى الله عنهما فجعل أعمال الخارج على علي و أعمال الداخل على فاطمة رضى الله عنهما لكنها لا تجبر على ذلك ان أبت و يؤمر الزوج ان يأتى لها بطعام مهيأ و لو استأجرها للطبخ و الخبز لم يجز و لا يحوز لها أخذ الاجرة على ذلك لانها لو أخذت الاجرة لا خدتها على عمل واجب عليها في الفتوى فكان في معنى الرشوة فلا يحل لها الاخذ و ذكر الفقية أبو الليث ان هذا إذا كان بها علة لا تقدر على الطبخ و الخبز أو كانت من بنات الاشراف فاما إذا كانت تقدر على ذلك و هي ممن تخدم بنفسها تجبر على ذلك و ان كان لها خادم يجب لخادمها أيضا النفقة و الكسوة إذا كانت متفرغة لشغلها و لخدمتها لا شعل لها غيرها لان أمور البيت لا تقوم بها وحدها فتحتاج إلى خادم و لا يجب عليه لاكثر من خادم واحد في قول أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف يجب لخادمين و لا يجب أكثر من ذلك و روى عنه رواية أخرى ان المرأة إذا كانت يجل مقدارها عن خدمة خادم واحد و تحتاج إلى أكثر من ذلك تجب ؟ لاكثر من ذلك بالمعروف و به أخذ الطحاوي وجه ظاهر قول أبى يوسف ان خدمة إمرأة لا تقوم بخادم واحد بل تقع الحاجة إلى خادمين يكون أحدهما معينا للاآخر وجه قولهما ان الزوج لو قام بخدمتها لنفسه لا يلزمه نفقة خادم أصلا و خادم واحد يقوم مقامه فلا يلزمه غيره لانه إذا قام مقامه صار كانه خدم بنفسه و لان الخادم الواحد لابد منه و الزيادة على ذلك ليس له حد معلوم يقدر به فلا يكون اعتبار الخادمين أولى من الثلاثة و الاربعة فيقدر بالاقل و هو الواحد هذا إذا كان الزوج موسرا فاما إذا كان معسرا فقد روى الحسن عن أبى حنيفة انه ليس عليه نفقة خادم و ان كان لها خادم و قال محمد ان كان لها خادم فعليه نفقته و الا فلا وجه قول محمد انه لما كان لها خادم علم انها لا ترضى بالخدمة بنفسها فكان على الزوج نفقة خادمها و ان لم يكن ها خادم دل انها راضية بالخدمة لنفسها فلا يجبر على اتخاذ خادم لم يكن وجه رواية الحسن ان الواجب على الزوج المعسر من النفقة أدنى الكفاية و قد تكفى المرأة بخدمة نفسها فلا يلزمه نفقة الخادم و ان كان لها خادم و أما الثاني و هو بيان من يقدر به هذه النفقة فقد اختلف فيه أيضا ذكر الكرخي ان قدر النفقة و الكسوة يعتبر بحال الزوج في يساره و إعساره لا بحالها و هو قول الشافعي أيضا و ذكر الخصاص انه يعتبر بحالهما جميعا حتى لو كان موسرين فعليه نفقة اليسار و ان كانا معسرين فعليه نفقة الاعسار و كذلك إذا كان الزوج معسرا و المرأة موسرة و لا خلاف في هذه الجملة فاما إذا كان الزوج موسرا و المرأة معسرة فعيله نفقة اليسار على ما ذكره الكرخي و على قول الخصاف عليه أدنى من نفقة الموسرات و أوسع من نفقة المعسرين حتى لو كان الزوج مفرطا في اليسار يأكل خبز الحواري و لحم الحمل و الدجاج و المرأة مفرطة في الفقر تأكل في بيتها خبر الشعير لا يجب عليه أن يطعمها ما يأكله و لا يطعمها ما كانت تأكل في بيت أهلها أيصا و لكن يطعمها خبز الحنطة و لحم الشاة و كذلك الكسوة على هذا الاعتبار وجه قول الخصاف ان في اعتبار حالتهما في تقدير النفقة و الكسوة نظرا من الجانبين فكان أولى من اعتبار حال أحدهما و الصحيح ما ذكره الكرخي لقوله تعالى لينفق ذو سعة من سعته و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا الا ما آتاها و هذا نص في الباب و إذا عرف هذا فنقول إذا كان الزوج معسرا ينفق عليها أدنى ما يكفيها من الطعام و الادام و الدهن بالمعروف و من الكسوة أدنى ما يكفيها من الصيفية و الشتوية و ان كان متوسطا ينفق عليها أوسع من ذلك بالمعروف و من الكسوة أرفع من ذلك بالمعروف و ان كان غنيا ينفق عليها أوسع من ذلك كله بالمعروف و من الكسوة أرفع من ذلك كله بالمعروف و انما كانت النفقة و الكسوة بالمعروف لان دفع الضرر عن الزوجين واجب و ذلك في إيجاب الوسط من الكفاية و هو تفسير المعروف فيكفيها من الكسوة في الصيف قميص و خمار
(25)
في بيان كيفية وجوب هذه النفقة .
و ملحفة و سراويل في عرف ديارنا على قدر حاله من الخشن و اللين و الوسط و الخشن إذا كان من الفقراء و اللين إذا كان من الاغنياء و الوسط إذا كان من الاوساط و ذلك كله من القطن أو الكتان على حسب عادات البلدان الا الخمار فانه يفرض على الغنى خمار حرير و في الشتاء يزاد على ذلك حشويا و فروة بحسب اختلاف البلاد في الحر و البرد و أما نفقة الخادم فقد قيل ان الزوج الموسر يلزمه نفقة الخادم كما يلزم المعسر نفقة إمرأته و هو أدنى الكفاية و كذا الكسوة و لو اختلفا فقالت المرأة انه موسر و عليه نفقة الموسرين و قال الزوج انى معسر و على نفقة المعسرين و القاضي لا يعلم بحاله ذكر في كتاب النكاح ان القول قول الزوج مع يمينه و كذا ذكر القاضي و الخصاف و ذكر محمد في الزيادات ان القول قول المرأة مع يمينها وأصل هذا انه متى وقع الاختلاف بين الطالب و بين المطلوب في يسار المطلوب و إعساره في سائر الديون فالمشايخ اختلفوا فيه منهم من جعل القول قول المطلوب مطلقا و منهم من جعل القول قول الطالب مطلقا و منهم من حكم فيه رأى المطلوب و محمد فصل بين الامرين فجعل القول قول الطالب في البعض و قول المطلوب في البعض و ذكر في الفصل أصلا يوجب أن يكون القول في النفقة قول المرأة و كذا فصل الخصاف لكنه ذكر أصلا يقتضى أن يكون القول في النفقة قول الزوج و بيان الاصلين و ذكر الحجج يأتى في كتاب الحبس ان شاء الله تعالى فان أقامت المرأة البينة على يساره قبلت بينتها و ان أقاما جميعا البينة فالبينة بينتها لانها مثبتة و بينة الزوج لا تثبت شيئا و لو فرض القاضي لها نفقة شهر و هو معسر ثم أيسر قبل تمام الشهر يزيدها في الفرض لان النفقة تختلف باختلاف اليسار و الاعسار و كذلك لو فرض لها فريضة للوقت و السعر رخيص ثم غلا فلم يكفها ما فرض لها فانه يزيدها في الفرض لان الواجب كفاية الوقت و ذلك يختلف باختلاف السعر و لو فرض لها نفقة شهر فدفعها الزوج إليها ثم ضاعت قبل تمام الشهر فليس عليه نفقة أخرى حتى يمضى الشهر و كذا إذا كساها لزوج فضاعت الكسوة قبل تمام المدة فلا كسوة لها عليه حتى تمضى المدة التي أخذت لها الكسوة بخلاف نفقة الاقارب فان هناك يجبر على نفقة أخرى و كسوة أخرى لتمام المدة التي أخذ لها الكسوة إذا حلف انها ضاعت و وجه الفرق ان تلك النفقة تجب للحاجة ألا ترى انها لا تجب الا للمحتاج و قد تحققت الحاجة إلى نفقة أخرى و كسوة أخرى و وجوب هذه النفقة ليس مطلوبهم بالحاجة بدليل انها تجب للموسرة الا ان لها شبها بالاعواض و قد جعلت عوضا عن الاحتباس في جميع الشهر فلا يلزمه عوض آخر في هذه المدة و لو فرض القاضي لها نفقة أو كسوة فمضى الوقت الذي أخذت له و قد بقيت تلك النفقة أو الكسوة بان أكلت من مال آخر أو لبست ثوبا آخر فلها عليه نفقة أخرى و كسوة أخرى بخلاف نفقة الاقارب و الفرق ما ذكرنا ان نفقة الاقارب تجب بعلة الحاجة صلة محضة و لا حاجة عند بقاء النفقة و الكسوة و نفقة الزوجات لا تجب لمكان الحاجة و انما تجب جزاء على الاحتباس لكن لها شبهة العوضية عن الاحتباس و قد جعلت عوضا في هذه المدة و هي محتبسة بعد مضى هذه المدة بحبس آخر فلا بد لها من عوض آخر و لو نفدت نفقتها قبل مضى المدة التي لها أخذت أو تخرق الثوب فلا نفقة لها على الزوج و لا كسوة حتى تمضى المدة بخلاف نفقة الاقارب و كسوتهم و الفرق نحو ما ذكرنا و الله أعلم .( فصل )و أما بيان كيفية وجوب هذه النفقة فقد اختلف العلماء في كيفية وجوبها قال أصحابنا انها تجب على وجه لا يصير دينا في ذمة الزوج الا بقضاء القاضي أو بتراضي الزوجين فان لم يوجد أحد هذين تسقط بمضي الزمان و قال الشافعي انها تصير دينا في الذمة من قضأ القاضي و لا رضاه و تسقط بمضي الزمان فيقع الكلام في هذا الفصل في مواضع في بيان ان الفرض من القاضي أو التراضى هل هو شرط صيرورة هذه النفقة دينا في ذمة الزوج أم لا و في بيان شرط جواز فرضها من القاضي على الزوج إذا كان شرطا و في بيان حكم صيرورتها دينا في ذمة الزوج أما الاول فهو على الاختلاف الذي ذكرنا احتج الشافعي بقوله عز و جل و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف و على كلمة إيجاب فقد أخبر سبحانه و تعالى عن وجوب النفقة و الكسوة مطلقا عن الزمان و قوله عز و جل لينفق ذو سعة
(26)
من سعته و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله أمر تعالى بالانفاق مطلقا عن الوقت و لان النفقة قد وجبت و الاصل ان ما وجب على الانسان لا يسقط الا بالايصال أو بالابراء كسائر الواجبات و لانها وجبت عوضا لوجوبها بمقابلة المتعة فبقيت في الذمة من قضأ كالمهر و الدليل عليه ان الزوج يجبر على تسليم النفقة و يحبس عليها و الصلة لا تحتمل الحبس و الجبر و لنا ان هذه النفقة تجري مجرى الصلة و ان كانت تشبه الاعواض لكنها ليست بعوض حقيقة لانها لو كانت عوضا حقيقة فاما ان كانت عوضا عن نفس المتعة و هي الاستمتاع و اما ان كانت عوضا عن ملك المتعة و هي الاختصاص بها لا سبيل إلى الاول لان الزوج ملك متعتها بالعقد فكان هو بالاستمتاع متصرفا في ملك نفسه باستيفاء منافع مملوكة له و من تصرف في ملك نفسه لا يلزمه عوض لغيره و لا وجه للثاني لان ملك المتعة قد قوبل بعوض مرة فلا يقابل بعوض آخر فخلت النفقة عن معوض فلا يكون عوضا حقيقة بل كانت صله و لذلك سماها الله تعالى رزقا بقوله عز و جل و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف و الرزق اسم للصلة كرزق القاضي و الصلات لا تملك بأنفسها بل بقرينة تنضم إليها و هي القبض كما في الهبة أو قضأ القاضي لان القاضي له ولاية الالزام في الجملة أو التراضى لان ولاية الانسان على نفسه أقوى من ولاية القاضي عليه بخلاف المهر لانه أوجب بمقابلة ملك المتعة فكان عوضا مطلقا فلا يسقط بمضي الزمان كسائر الديون المطلقة و لا حجة له في الآيتين لان فيهما وجوب النفقة لا بقاؤها واجبة لانهما لا يتعرضان للوقت فلو ثبت البقاء انما يثبت باستصحاب الحال و انه لا يصلح لالزام الخصم و أما قوله ان الاصل فيما وجب على إنسان لا يسقط الا بالايصال أو الابراء فنقول هذا حكم الواجب مطلقا لا حكم الواجب على طريق الصلة بل حكمه انه يسقط بمضي الزمان كنفقة الاقارب و أجرة المسكن و قد خرج الجواب عن قوله انها وجبت عوضا و أما الجبر و الحبس فالصلة تحتمل ذلك في الجملة فانه يجبر على نفقة الاقارب و يحبس بها و ان كانت صلة و كذا من أوصى بان يوهب عبده من فلان بعد موته فمات الموصى فامتنع الوارث من تنفيذ الهبة في العبد يجبر عليه و يحبس بانه و ان كانت الهبة صلة فدل ان الجبر و الحبس لا ينفيان معنى الصلة و على هذا يخرج ما إذا استدانت على الزوج قبل الفرض أو التراضى فانفقت انها لا ترجع بذلك على الزوج بل تكون متطوعة في الانفاق سواء كان الزوج غائبا أو حاضرا لانها لم تصر دينا في ذمة الزوج لعدم شرط صيرورتها دينا في ذمته فكانت الاستدانة إلزام الدين الزوج بغير أمره و أمر من له ولاية الامر فلم يصح و كذا إذا أنفقت من مال نفسها لما قلنا و كذا لو أبرأت زوجها من النفقة قبل فرض القاضي و التراضى لا يصح الابراء لانه إبراء عما ليس بواجب و الابراء إسقاط و إسقاط ما ليس بواجب ممتنع و كذا لو صالحت زوجها على نفقة و ذلك لا يكفيها ثم طلبت من القاضي ما يكفيها فان القاضي يفرض لها ما يكفيها لانها حطت ما ليس بواجب و الحط قبل الوجوب باطل كالابراء و الله أعلم و أما الثاني فلوجوب الفرض على القاضي و جوازه منه شرطان أحدهما طلب المرأة الفرض منه لانه انما يفرض النفقة على الزوج حقا لها فلا بد من الطلب من صاحب الحق و الثاني حضرة الزوج حتى لو كان الزوج غائبا فطلبت المرأة من القاضي أن يفرض لها عليه نفقة لم يفرض و ان كان القاضي عالما بالزوجية و هذا قول أبى حنيفة الآخر و هو قول شريح و قد كان أبو حنيفة أولا يقول و هو قول إبراهيم النخعي ان هذا ليس بشرط و يفرض القاضي النفقة على الغائب و حجة هذا القول ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال لهند إمرأة أبى سفيان خذى من مال أبى سفيان ما يكفيك و ولدك بالمعروف و ذلك من النبي صلى الله عليه و سلم كان فرضا للنفقة على أبى سفيان و كان غائبا و حجة القول الاخير ان الفرض من القاضي على الغائب قضأ عليه و قد صح من اصلنا ان القضاء على الغائب لا يجوز الا ان يكون عنه خصم حاضر و لم يوجد و أما الحديث فلا حجة له فيه لان رسول الله صلى الله عليه و سلم انما قال لهند على سبيل الفتوى لا على طريق القضاء بدليل انه لم يقدر لها ما تأخذه من مال أبى سفيان و فرض النفقة من القاضي تقديرها فإذا لم تقدر لم تكن فرضا فلم تكن قضأ تحقيقه ان من يجوز القضاء على الغائب فانما يجوزه إذا كان غائبا
(27)
غيبة سفر فاما إذا كان في المصر فانه لا يجوز بالاجماع لانه لا يعد غائبا و أبو سفيان لم يكن مسافرا فدل ان ذلك كان اعانة لا قضأ فان لم يكن القاضي عالما بالزوجية فسألت القاضي أن يسمع بينتها بالزوجية و يفرض على الغائب قال أبو يوسف يسمعها و لا يفرض و قال زفر يسمع و يفرض لها و تستدين عليه فإذا حضر الزوج و أنكر يأمرها بإعادة البينة في وجهه فان فعلت نفذ القرض و صحت الاستدانة و ان لم يفعل لم ينفذ و لم يصح وجه قول زفر ان القاضي انما يسمع هذه البنية لاثبات النكاح على الغائب ليقال ان الغيبة تمنع من ذلك بل ليتوصل بها إلى الفرض و يجوز سماع البينة في حق حكم دون حكم كشهادة رجل و إمرأتين على السرقة و انها تقبل في حق المال و لا تقبل في حق القطع كذا هنا تقبل هذه البينة في حق صحة الفرض لا في إثبات النكاح فإذا حضر و أنكر استعاد منها البينة فان أعادت نفذ الفرض و صحت الاستدانة عليه و الا فلا و الصحيح قول أبى يوسف لان البينة على أصل أصحابنا لا تسمع الا على خصم حاضر و لا خصم فلا تسمع و ما ذكره زفر ان بينتها تقبل في حق صحة الفرض سديد لان صحة الفرض مبنية على ثبوت الزوجية فإذا لم يكن إلى إثبات الزوجية بالبينة سبيل لعدم الخصم لم يصح فلا سبيل إلى القبول في حق صحة الفرض ضرورة هذا إذا كان الزوج غائبا و لم يكن له مال حاضر فاما إذا كان له مال حاضر فان كان المال في يدها و هو من جنس النفقة فلها ان تنفق على نفسها منه بغير أمر القاضي لحديث أبى سفيان فلو طلبت المرأة من القاضي فرض النفقة فذلك المال و علم القاضي بالزوجية و بالمال فرض لها النفقة لان لها أن تأخذه فتنفق على نفسها من فرض القاضي في هذه الصورة قضأ بل كان اعانة لها على استيفاء حقها و ان كان في يد مودعة أو مضاربه أو كان له دين على غيره فان كان صاحب اليد مقرا بالوديعة و الزوجية أو كان من عليه الدين مقرا بالدين و الزوجية أو كان القاضي عالما بذلك فرض لها في ذلك المال نفقتها في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر لا يفرض وجه قوله انه هذه قضأ على الغائب من ان يكون عنه حاضرا إذا المودع ليس بخصم عن الزوج و كذا المديون فلا يجوز و لنا ان صاحب اليد و هو المودع إذا أقر بالوديعة و الزوجية أو أقر المديون بالدين و الزوجية فقد أقر ان لها حق الاخذ و الاستيفاء لان للزوجة أن تمديد ها إلى ما لزوجها فتأخذ كفايتها منه لحديث إمرأة أبى سفيان فلم يكن القاضي فرض لها النفقة في ذلك المال قضأ بل كان اعانة لها على أخذ حقها و له على احياء زوجته فكان له ذلك و ان جحد أحد الامرين و لا أعلم للقاضي به لم يسمع البينة و لم يفرض لان سماع البينة و الفرض يكون قضأ على الغائب من خصم حاضر لانه ان أنكر الزوجية لا يمكنها اقامة البينة على الزوجية لان المودع ليس بخصم عنه في الزوجية و ان أنكر الوديعة أو الدين لا يمكنها اقامة البينة على الوديعة و الذين لانها ليست بخصم عن زوجها في إثبات حقوقه فكان سماع البينة على ذلك قضأ على الغائب من ان يكون عنه خصم حاضر و ذلك جائز عندنا هذا إذا كان الوديعة و الدين من جنس النفقة بان كانت دراهم أو دنانير أو إطعاما أو ثيابا من جنس كسوتها فاما إذا كان من جنس آخر فليس لها أن تتناول شيئا من ذلك و ان طلبت من القاضي فرض النفقة فيه فان كان عقارا لا يفرض القاضي النفقة فيه بالا جماع لانه لا يمكن إيجاب النفقة فيه الا بالبيع و لا يباع العقار على الغائب في النفقة بالاتفاق و ان كان منقولا من العروض فقد ذكر القاضى في شرحه مختصرا الطحاوي الخلاف فيه فقال القاضي لا يبيع العروض عليه في قول أبى حنيفة و عندهما له ان يبيعها عليه و هي مسألة الحجر على الحر العاقل البالغ و ذكر القدوري المسألة على الاتفاق فقال القاضي انما يبيع على أصلهما على الحاضر الممتنع عن قضأ الدين لكونه ظالما في الامتناع دفعا لظلمه الغائب لا يعلم امتناعه فلا يعلم ظلمه فلا يباع عليه و إذا فرض القاضي لها النفقة في شيء من ذلك و أخذ منها كفيلا فهو حسن لاحتمال أن يحضر الزوج فيقيم البينة على طلاقها أو على إيفاء حقها في النفقة عاجلا فينبغي أن يستوثق فيما يعطيها بالكفالة ثم إذا رجع الزوج ينظر ان كان لم يجعل لها النفقة فقد مضى الامر و ان كان قد عجل و أقام البينة على ذلك أو لم يقم له بينة و استحلفها فنكلت فهو بالخيار ان شاء أخذ من المرأة و ان شاء أخذ من الكفيل