حرية أبيه و ابنه في معنى حرية نفسه لان المرء يسعى لحرية أولاده و آبائه مثل ما يسعى لحرية نفسه فهو الفرق و الله عز و جل أعلم و سواء كان المالك لذى الرحم المحرم بالغا أو صبيا عاقلا أو مجنونا يعتق عليه إذا ملكه لعموم قوله صلى الله عليه و سلم من ملك ذا رحم منه فهو حر و لانه علق الحكم هو الحرية بالملك فيقتضى ان كل من كان من أهل الملك كان من أهل هذا الحكم و الصبي و المجنون من أهل الملك فكانا من أهل هذا الحكم فان قيل ان الصبي العاقل إذا اشترى أباه يعتق عليه و شراء القريب اعتاقا عند أصحابنا حتى تتأدى به الكفارة و الصبي و ان كان عاقلا فليس من أهل الاعتاق فينبغي ان لا يعتق أو لا يكون الشراء اعتاقا قيل ان كون شراء الاب اعتاقا عرفناه بالنص و هو ما رويناه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه و النص قابل للتخصيص و التقييد و قد قام الدليل على ان الصبي ليس بمراد لانه ليس من أهل الاعتاق قلا يكون الشراء من الصبي و ان كان عاقلا اعتاقا بل يكون تمليكا فقط فيعتق عليه بالملك شرعا لقول النبي صلى الله عليه و سلم من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر لا بالاعتاق و لو ملك حليلة ابنه أو منكوحة أبيه أو أمه من الرضاع لا يعتق عليه و كذا إذا ملك ابن العم أو العمة أو ابنتها أو ابن الخال أو الخالة أو بنتهما لا يعتق لان شرط العتق ملك ذي رحم محرم فلا بد من وجودهما أعنى الرحم المحرم ففى الاول وجد المحرم بلا رحم و في الثاني وجد الرحم بلا محرم فلا يثبت العتق و أهل الاسلام و أهل الذمة في ذلك سواء لاستوائهم في حرمة قطع الرحم و أهلية الاعتاق و أهلية الملك و لعموم قوله صلى الله عليه و سلم من ملك ذا رحم فهو حر و ولاء المعتق لمن عتق عليه لان العتق ان وقع بالشراء فالشراء إعتاق و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم الولاء لمن أعتق و ان وقع بالملك شرعا فالملك للمعتق عليه فكان الولاء له و لو اشترى أمة و هي حبلى من أبيه و الامة لغير الاب جاز الشراء و عتق ما في بطنها و لا تعتق الامة و لا يجوز بيعها قبل ان تضع و له ان بيعها إذا وضعت أما جواز الشراء فلا شك فيه لان شراء الاخ جائز كشراء الاب و سائر ذوى الرحم المحرم و أما عتق الحمل فلانه أخوه و قد ملكه فيعتق عليه و لا تعتق الام عليه لانها أجنبية عنه لعدم القرابة بينهما يحققه انه لو ملكها أبوه لا تعتق عليه فابنه أولى و أما عدم جواز بيعها ما دام الحمل قائما فلان في بطنها ولد حرا و لان بيع الحامل بدون الحمل لا يجوز ألا ترى انه لو باعها و استثنى الحمل يفسد البيع فإذا كان الولد حرا و الحر لا يكون محلا للبيع يصير كانه استثنى الولد و إذا وضعت جاز بيعها لان المانع قد زال و إذا ملك شقصا من ذي رحم محرم منه عتق عليه قدر ما ملك في قول أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد و زفر يعتق كله كما لو أعتق شقصا من عبد له أجنبي لان العتق يتجزأ عنده و عندهم لا يتجزأ و لو ملك رجلان ذا رحم محرم من أحدهما حتى عتق عليه فهذا لا يخلو اما ان ملكاه بسبب لهما فيه صنيع و اما ان ملكاه بسبب لا صنيع لهما فيه فان ملكاه بسبب لهما فيه صنع بان ملكاه بالشراء أو بقبول الهبة أو الصدقة أو الوصية لا يضمن من عتق عليه لشريكه شيئا موسرا كانت أو معسرا في قول أبي حنيفة و لكن يسعى له العبد في نصيبه و عند أبى يوسف و محمد يضمن الذي عتق عليه نصيبه ان كان موسرا و على هذا الخلاف إذا باع رجل نصف عبده من ذي رحم محرم من عبده أو وهبه له حتى عتق عليه لا يضمن المشترى نصيب البائع عند أبى حنيفة موسرا كان القريب أو معسرا و لكن يسعى العبد في نصف قيمته للبائع و عندهما يضمن ان كان موسرا و ان كان معسرا يسعى العبد و لو قال الرجل لعبد ليس بفريب له ان ملكته فهو حر ثم اشتراه الحالف و غيره صفقة واحدة ذكر الجصاص أنه على هذا الخلاف أنه لا ضمان عليه و في قول أبى حنيفة و عندهما يضمن و ذكر الكرخي أنى لا أعرف الرواية في هذه المسألة و اجمعوا على أن العبد إذا كان بين اثنين فباع أحدهما نصيبه من قريب العبد حتى عتق عليه أن المشترى يضمن نصيب الشريك الساكت ان كان موسرا و لا يضمن البائع شيئا و الكلام في هذه المسائل بناء على أن الاعتاق يتجزأ عند أبى حنيفة و عندهما لا يتجزأ و وجه البناء على هذا الاصل ان الاعتاق لما لم يكن متجزئا عندهما و شراء القريب إعتاق فكان شراء نصيبه اعتاقا لنصيبه و إعتاق نصيبه إعتاق لنصيب صاحبه فيعتق كله كالعبد المشترك بين اثنين أعتقه أحدهما و هو موسر و لما كان متجزئا عنده كان شراء نصيبه
(50)
اعتاقا لنصيبه خاصة فلم يكن إفسادا لنصيب شريكه و لان تمليكا لنصيبه أيضا لان ذلك ثبت لضرورة تكيل الاعتاق لضرورة عدم التجزئة فإذا كان متجزئا عنده فلا ضرورة إلى التكميل فلا حاجة إلى التمليك و الدليل عليه أنه لا ضمان إذا كان معسرا و ضمان الاتلاف و التمليك لا يسقط بالاعسار و كان ينبغى أن لا يجب الضمان على الشريك المعتق الا انا عرفنا وجوب الضمان ثمة مخالفا للاصول بالنص نظرا للشريك الساكت و هو مستحق للنظر اذ لم يوجد منه الرضا بمباشرة الاعتاق من الشريك و لا بما بشرة شرطه و ههنا وجد لان كل واحد من المشتريين راض بشراء صاحبه و كيف لا يكون راضيا به و أن شراء كل واحد منهما شرط لصحة شراء صاحبه حتى لو أوجب البائع لهما فقيل أحدهما دون صاحبه لم يصح و كذا البائع نصف عبده من ذي رحم محرم راض بشرائه و من رضى بالضرر لا ينظر له فلم تكن هذه المواضع نظير المنصوص عليه فبقى الحكم على الاصل بخلاف البعد المشترك بين اثنين باع أحدهما نصيبه من ذي رحم محرم منه لان هناك لم يوجد دليل الرضا من الشريك الساكت بشراء القريب أصلا حتى يوجب سقوط حقه في الضمان فكان في معنى المنصوص عليه فيلحق به ثم وجه الكلام لابى حنيفة على طريق الابتداء أنه و ان سلم أن شراء نصيبه إعتاق لنصيبه شريكه لكن هذا إفساد مرضى به من جهة الشريك لانه رضى بشراء نفسه و إثبات الملك له في نصيبه و لا يمكنه ذلك بدون شراء صاحبه لان الخلاف فيما إذا أوجب البائع البيع لهما صفقة واحدة فلا بد و أن يكون القبول موافقا للايجاب إذا البائع ما رضى الا به ألا ترى أنه لو قال بعت منكما فقبل أحدهما و لم يقبل الآخر لم يصح البيع فكان الرضا بشراء نفسه رضا بشراء صاحبه فكان شراء القريب إفساد النصيب الشريك برضا الشريك فلا يوجب الضمان كما إذا كان العبد مشتركا بين اثنين فقال أحدهما لصاحبه أعتق نصيبك أو رضيت بإعتاق نصيبك فاعتق لا يضمن كذا هذا فان قيل هذه النكتة لا تتمشى في الهبة فان أحدهما إذا قبل الهبة دون الاخر يثبت له الملك فلم يكن الرضا بقبول الهبة في نصيبه رضا بقبول صاحبه فلم يكن هذا إفسادا مرضيا به من جهة الشريك و كذا لا تتمشى فيما إذا لم يعلم الشريك الا جنبي أن شريكه قريب العبد لانه إذا لم يعلم به لم يعلم كون شراء الشريك اعتاقا لنصيبه فلا يعلم كونه إفساد النصيب شريكه فلا يثبت رضاه بالافساد لان الرضا بالشيء بدون العلم محال فالجواب أن هذا من باب عكس العلة لانه أراه الحكم مع عدم العلة و هذا تفسير العكس و العكس ليس بشرط في العلل الشرعية لجواز أن يكون لحكم واحد شرعي علل فنحن نفينا وجوب الضمان في بعض الصور بما ذكرنا و نبقيه في غيره بعلة أخرى ثم نقول أما فصل الهبة فنقول كل واحد منهما و ان لم يكن قبوله شرط صحة قبول الآخر حتى ينفرد كل واحد منهما بالقبول لكنهما إذا قبلا جميعا كان قبولهما بمنزلة شيء واحد لانه جواب إيجاب واحد مثاله إذا قرأ المصلى آية واحدة قصيرة أو طويلة على الاختلاف يتعلق به الجواز و لو قرأ عشر آيات أو أكثر يتعلق الجواز بالكل و يجعل الكل كاية واحدة كذا هذا و أما فصل العلم فتخريجه على جواب ظاهر الرواية و هو أن عند أبى حنيفة لا يجب الضمان سواء علم أو لم يعلم و عندهما يجب أو لم يعلم نص عليه في الجامع الصغير اما على أصلهما فظاهر لان الضمان عندهما يجب مع العلم الجهل أولى و أما على أصل أبى حنيفة فلا سقوط ضمان الاتلاف عند الاذن و الرضا به لا يقف على العلم فان من قال لرجل كل هذا الطعام و الآذن لا يعلم أنه طعام نفسه فأكله الرجل لا يستحق الضمان عليه و ان لم يعلم به و هذا لان حقيقة العلم ليست بشرط في بناء الاحكام عليها بل المعتبر هو سبب حصول العلم و الطريق الموصل اليه و يقام ذلك مقام حقيقة العلم كما يقام سبب القدرة مقام حقيقة القدرة و طريق حصول العلم ههنا في يده و هو السوأل و الفحص عن حقيقة الحال فإذا لم يفعل فقد قصر فلا يستحق الضمان و روى بشر عن أبى يوسف أنه فصل بين العلم و الجهل فقال ان كان الاجنبي يعرف ذلك فان العبد يعتق و يسعى للاجنبي في قول أبى حنفية و أبى يوسف و ان كان لا يعلم فهو بالخيار ان شاء نقض البيع و ان شاء تم عليه و هذا قول أبى حنيفة و أبى يوسف و وجه هذه الرواية ان الشراء مع شركة الاب عيب فكان بمنزلة سائر العيوب أنه ان علم به المشترى يلزمه البيع كما في سائر العيوب و ان لم يعلم به لم يلزمه مع العيب و إذا لم يلزمه العقد
(51)
في حق أحد الشريكين لم يلزم في حق الآخر فلا يعتق العبد و يثبت للمشتري حق الفسخ و ذكر في الجامع الصغير لو اشترى رجل نصف عبد ثم اشترى أب العبد النصف الباقى و هو موسر فالمشترى بالخيار بمنزلة عبد بين اثنين أعتقه أحدهما فالمشترى بالخيار لانه لم يوجد من المشترى الا جنبي ما هو دليل الرضا في سقوط الضمان عن الاب فلا يسقط و روى عن أبى يوسف أنه قال لو أن عبدا اشترى نفسه هو و أجنبي من مولاه فالبيع باطل في حصته الاجنبي لانه اجتمع العتق و البيع في عقد واحد في زمان واحد لان بيع نفس العبد منه إعتاق على مال فلا يصح البيع بخلاف الرجلين اشتريا ابن أحدهما أنه يصح و ان اجتمع الشراء و العتق في عقد واحد لان شراء القريب تملك في الزمان الاول و إعتاق في الزمان الثاني و أنه جائز لما بينا و روى عن أبى يوسف أنه قال إذا قال ان ملكت من هذا العبد شيئا فهو حر ثم اشتراه الحالف و أبوه صفقة واحدة عتق على الاب و هذا على أصله لان العتق عنده لا يتجزأ و قد اجتمع للعتق سببان القرابة و اليمين الا أن القرابة سابقة على اليمين فإذا ملكاه صار كان عتق الاب أسبق فيعتق النصيبان عليه و لهذا قال في رجل قال ان اشريت فلانا أو بعضه فهو حر فادعى رجل آخر أن انه ثم اشرياه عتق عليهما و نصف ولائه للذي أعتقه و هو ابن الذي ادعاه لان النسب ههنا لم يسبق اليمين فيعتق نصيب كل واحد منهما عليه و ولاؤه بينهما لانه عتق عليهما و الولاء للمعتق و ان ملك اثنان ذا رحم محرم من أحدهما سبب لا صنع لهما فيه بان ورثا عبدا و هو قريب أحدهما حتى عتق عليه لا يضمن نصيب شريكه موسرا كان أو معسرا و لكن يسعى العبد في نصف قيمته لشريكه في قولهم جميعا لان العتق ههنا ثبت بالملك شرعا من إعتاق من جهة أحد من العباد اذ لا صنع لاحد من العباد في الارث و وجوب الضمان على المرء يعتمد شرعا صنعا من جهته و لم يوجد من القريب فلا يضمن و الله الموفق و من هذا القبيل ألفاظ النسب و ذكرها لا يخلو اما أن يكون على وجه الصفة و اما أن يكون على سبيل الفداء فان ذكرها على طريق الصفة بان قال لملوكه هذا ابنى فهو لا يخلو اما ان كان يصلح ابنا له بان كان يولد مثله لمثله و اما ان كان لا يصلح و لا يخلو اما ان كان مجهول النسب أو معروف النسب من الغير فان كان يصلح ابنا له هل فان كان مجهول النسب يثبت النسب و العتق بالاجماع و ان كان معروف النسب من الغير لا يثبت النسب بلا شك و لكن يثبت العتق عندنا و عند الشافعي لا يثبت العتق و الاصل عنده أن العتق بناء على النسب فان ثبت النسب ثبت العتق و الا فلا و ان كان لا يصلح ابنا له فلا يثبت النسب بلا شك و هل يعتق قال أبو حنيفة يعتق سواء كان مجهول النسب أو معروف النسب و قال أبو يوسف و محمد لا يعتق و الاصل عندهما أن التعتق مبنى على تصور النسب و احتمال ثبوته فان تصور ثبوته ثبت العتق و الا فلا و الاصل عند أبى حنيفة ان ثبوت العتق لا يقف على ثبوت النسب و لا على تصور ثبوته و كذلك لو قال لمملوكته هذه بنتي فهو على هذا التفصيل و الاتفاق و الاختلاف الذي ذكرنا في الابن وجه قولهم أن العتق لو ثبت لا يخلو اما ان ثبت ابتداء أو بناء على ثبوت النسب لا وجه للاول لانه لم يوجد الاعتاق ابتداء و لا سبيل للثاني أما عند الشافعي فلان النسب لم يثبت في المسئلتين جميعا فلا يثبت العتق بناء عليه و أما عندهما فلان في المسألة الثاينة لا يتصور ثبوت النسب فلا يثبت العتق و في المسألة الاولى يتصور ثبوت النسب منه حقيقة بالزنا و الاشتهار من غيره بناء على النسب الظاهر فيعتق و لابي حنيفة أن كلام العاقل المتدين يحمل على الصحة و السداد ما أمكن لاعتبار عقله و دينه دلالة و أمكن تصحيح هذا الكلام من وجهين الكناية و المجاز أما الكناية فلو جود طريق الكناية في اللغة و هو الملازمة بين الشيئين أو المجاورة بينهما غالبا على وجه يكن بينهما تعلق الوجود به أو عنده أو تعلق البقاء و تكون الكناية كالتابع للمكنى و الكنى هو المقصود فيترك اسم الاصل صريحا و يكنى عنه بإسم الملازم إياه التابع له كما في قوله عز و جل أو جاء أحد منكم من الغائط و الغائط اسم للمكان الخالي المطئن من الارض كنى به عن الحدث لملازمة بين هذا المكان و بين الحدث غالبا و عادة اذ العادة ان الحدث يوجد في مثل هذا المكان تسترا عن الناس و كذا الاستنجاء و الاستجمار كناية عن تطهير موضع الحدث اذ الاستنجاء طلب النجو و الاستجمار طلب الجمار
(52)
و كذا العرب تقول ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم من أى نطأ المطر إذا المطر نزل من السماء و نحو ذلك من مواضع الاستعمال و البنوة في الملك ملازمة للحرية فجاز ان يكنى بقوله هذا ابنى عن قوله هذا معتقى و ذكر الصريح و الكناية في الكلام سواء لو صرح فقال هذا معتقى عتق فكذا إذا كنى به و أما المجاز فلان من طرقه المشابهة بين الذاتين و في المعنى الملازم المشهور في محل الحقيقة فيطلق اسم المستعار عنه على المستعار له لاظهار المعنى الذي هو ظاهر في المستعار عنه خفى في المستعار له كما في الاسد مع الشجاع و الحمار مع البليد و نحو ذلك و قد وجد هذا الطريق هنا من وجهين أحدهما ان الابن في اللغة اسم للمخلوق من ماء الذكي و الانثى و فيه معنى ظاهر لازم و هو كونه منعما عليه من جهة الاب بالاحياء لاكتساب سبب وجوده و بقائه بالتربية و المعتق منعم عليه من جهة المعتق اذ الاعتاق أنعام على المعتق و قال الله عز و جل و اذ تقول للذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه قيل في التفسير أنعم الله تعالى عيله بالاسلام و أنعمت عليه بالاعتاق فكان بينهما مشابهة في هذا المعنى أنه معنى لازم مشهور فيجوز إطلاق اسم الابن على المعتق مجاز الاظهار نعمة العتق كإطلاق اسم الاسد على الشجاع و الحمار على البليد و الثاني ان بين معتق الرجل و بين ابنه الداخل في ملكه مشابهة في معنى الحرية و هو معنى لازم للابن الداخل في ملكه بحيث لا ينفك عنه و انه مشهور فيه فوجد طريق الاستعارة فصحت الاستعارة و قد خرج الجواب عن قولهم ان العتق اما ان ثبت ابتداء أو بناء على النسب لانا نقول ابتداء لكن بأحد الطريقين و هو الكناية أو المجاز على ما بينا و لا يلزم على أبى حنيقة ما إذا قال لامرأته هذا بنتي و مثله لا يلد مثلها انه لا تقع الفرقة بينهم لان إقراره بكونها بنتا له نفى النكاح لاجل النسب و ههنا لم يثبت النسب فلا ينتفى النكاح فاما ثبوت العتق فليس يقف على ثبوت و الدليل على الفرقة بين المسئلتين انه لو قال لزوجته و هي معروفة النسب من الغير هذه بنتي لم تقع الفرقة و لو قال لامته هذه بنتي و هي معروفة النسب تعتق و ما افترقا الا لما قلنا و كذا لو قال لزوجته هذه بنتي و هي تصلح بنتا له ثم قال أوهمت أو أخطأت لا تقع الفرقة و لو قال لامته هذه بنتي و هي تصلح بنتا له ثم قال أوهمت أو أخطأت يقع العتق فدل على التفريق بينهما و كذلك لو قال هذا أبى فان كان يصلح أبا له و ليس للقائل أب معروف يثبت النسب و العتق بلا خلاف و ان كان يصلح أبا له و لكن للقائل أب معروف لا يثبت النسب و يعتق عندنا خلافا للشافعي و ان كان لا يصلح أبا له يثبت النسب بلا شك و لكن يعتق عند أبى حنيفة و عندهما لا يعتق و كذا لو قال هذه أمى فا لكلام فيه كالكلام في الاب و أما الكلام في الحرية بان كان المملوك أمة ففي كل موضع يثبت النسب تثبت الحرية و الا فلا و لو قال لعبده هذه بنتي أو قال لامته هذا ابنى اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يعتق و قال بعضهم لا يعتق و لو قال لمملوكه هذا عمي أو خالى يعتق بلا خلاف بين أصحابنا و لو قال هذا أخى أو أختى ذكر في الاصل انه لا يعتق بخلاف قوله هذا ابنى أو أبى أو عمي أو خالى و روى الحسن عن أبي حنيفة انه يعتق كما في قوله عمي أو خالى وجه هذه الرواية ان هذا وصف مملوكه بصفة من يعتق عليه إذا ملكه فيعتق عليه كما إذا قال هذا اعمى أو خالى وجه رواية الاصل ان قوله هذا أخى يحتمل تحقيق العتق و يحتمل الاكرام و التخفى به لانه يستعمل في ذلك عرفا و شرعا قال الله تعال فان لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين و مواليكم فلا يحمل على العتق من نية بخلاف اسم الخال و العم فانه لا يستعمل في الاكرام عرفا و عادة فلا يقال هذا خالى أو عمي على إرادة الكرام فكان ذكره للتحقيق و بخلاف قوله هذا بني أو هذا أبى لانه لا يستعمل في الاكرام عرفا و شرعا و قد منع الشرع من ذلك قال الله تعالى و ما جعل أدعياءكم أبناءكم و قال سبحانه و تعالى أدعو هم لآبائهم هو أقسط عند الله فان لم تعلموا آباءهم فاخوانك في الدين و مواليكم روى انهم كانوا يسمون زيد بن حارثة زيد بن محمد فنزل قوله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين فكفوا عن ذلك و ان لم يكن مستعملا في الاكرام يحمل على التحقيق و أما النداء فهو ان يقول يا ابنى يا أبى يا إبنتي يا أمى يا خالى يا عمي أو يا أختى أو يا أخى على رواية الحسن لا يعتق في هذه الفصول لان الغرض بذكر اسم النداء هو استحضار المنادي لا تحقيق معنى الاسم فيه الا إذا كان الاسم موضوعا له على ما بينا
(53)
فاحتمل انه أراد به النداء على طريق الاكرام دون تحقيق العتق فلا يحتمل من نية و لو قال لعبده يا ابن أو لامته يا ابنة لا يعتق لعدم الاضافة إلى نفسه و لو قال يا بني أو يا بينة يعتق لوجود الاضافة و أما الكناية فنحو قوله لا سبيل لي عليك أو لا ملك لي عليك أو خليت سبيلك أو خرجت من ملكى فان نوى العتق يعتق و الا فلا لان كل واحدة من هذه الالفاظ يحتمل العتق و يحتمل غيره فان قوله لا سبيل لي عليك يحتمل سبيلا للوم و العقوبة أى ليس لي عليك سبيل اللوم و العقوبة لوفائك بالخدمة و الطاعة و يحتمل لا سبيل لي عليك لانى كاتبتك فزالت يدى عنك و يحتمل لا سبيل لي عليك لانى أعتقك فلا يحمل على التعق الا بالنية و يصدق إذا قال عنيت به العتق الا إذا قال لا سبيل لي عليك الا سبيل الولاء فانه يعتق في القضاء و لا يصدق انه أراد به العتق لانه نفى كل سبيل و أثبت سبيل الولاء و إطلاق الولاء يراد به ولاء العتق و ذلك لا يكون الا بعد العتق و لو قال الا سبيل الموالاة دين في القضاء لان مطلق الموالاة يراد بها في الدين أو يستعمل في ولاء الدين و ولاء العتق فاى ذلك نوى يصدق في القضاء و قوله لا ملك لي عليك يحتمل ملك اليد أى كاتبتك فزالت يدى عنك و يحتمل لا ملك لي عليك لانى يعتك و يحتمل لا ملك لي عليك لانى أعتقك فتقف على النية و قوله خليت سبيلك يحتمل سبيل الاستخدام أى لا أستخدمك و يحتمل أعتقك و لو قال له أمرك بيدك أو قال له اختر وقف على النية لانه يحتمل العتق و غيره فكان كناية و لو قال له أمر عتقك بيدك أو جعلت عتقك في يدك أو قال له اختر العتق أو خيرتك في عتقك أوفي العتق لا يحتاج فيه إلى النية لانه صريح و لكن لا بد من اختيار العبد العتق وقف على المجلس لانه تمليك و قوله خرجت عن ملكى يحتمل ملك التصرف فيكون بمعنى كاتبتك و يحتمل أعتقك و لو قال لمملوكه نسبك حر أو أصلك حر فان كان يعلم أنه سبى لا يعتق و ان لم يكن سبى يعتق لان الاصل ان حرية الابوين تقضى حرية الولد لان المتولد من الحرين يكون حرا الا ان حرية المسبي بطلت بالسبي فبقى الحكم في المسبي على الاصل و لو قال لعبده أنت لله تعالى لم يعتق في قول أبى حنيفة و قال أبو يوسف ان نوى العتق يعتق وجه قوله الله تعالى يحتمل ان يكون بيان جهة القربة للاعتاق المحذوف فإذا نوى العتق يعتق كما لو قال أنت حر لله و لابي حنيفة ان الاعتاق إثبات صفة للمملوك لم تكن ثابتة قبل الاعتاق لانه إثبات العتق و لم يوجد لان كونه لله تعالى كان ثابت قبل الاعتاق فلم يكن ذلك إعتاق فت يعتق و لو قال له أنت عبد الله لم يعتق بلا خلاف أما على قول أبى حنيفة فظاهر لما ذكرنا ان الاعتاق انشاء العتق فيقتضى ان لا يكن ثابتا قبله و كونه عبد الله صفة ثابتة له قبل هذه المقالة و أما على قول أبى يوسف فلان قوله عبد الله لا يحتمل ان يكون جهة القربة للاعتاق و قوله لله تعالى يحتمل ذلك و روى عن أبى يوسف انه قال إذا قال لعبده قد جعلتك لله تعالى في صحته أو مرضه و قال لم أنو العتق و لم يقل شيئا حتى مات قبل ان يبين لا يعتق و ان نوى العتق عتق و كذلك إذا قال هذا في مرضه فمات قبل ان يبين فهو عبد أيضا لانه يحتمل انه أراد بهذا اللفظ النذر و يحتمل انه أراد به العتق فلا يعتق الا بالنية و لا يلزم الورثة بعد الموت الصدقة لان النذر يسقط بالموت عندنا و روى عن أبى يوسف انه قال إذا قال لامته أطلقتك يريد به العتق تعتق لان الاطلاق ازالة اليد و المرء يزيل يده عن عبده بالعتق و بغير العتق بالكتابة فإذا نوى به العتق عتق كما لو قال لها خليت سبيلك و لو قال لها طلقتك يريد به العتق لا تعتق عندنا لما نذكر و لو قال فرجك على حرام يريد به العتق لم تعتق لان حرمة الفرج مع الرق يجتمعان كما لو اشترى أخته من الرضاعة أو جارية قد وطي أمها أو بنتها أو جارية مجوسية انه لا تعتق و روى عن أبى يوسف انه قال إذا قال لعبده أن ت ح ر أو قال لزوجته أن ت ط ا ل ق فتهجى ذلك هجاء ان نوى العتق أو الطلاق وقع لانه يفهم من هذه الحروف عند انفرادها ما يفهم عند التركيب و التأليف الا انها ليست بصريحة في الدلالة على المعنى لانها عند انفرادها لم توضع للمعنى فصارت بمنزلة الكناية فتقف على النية و اما ما يقوم مقام اللفظ في الدلالة على العتق فالكتابة المستبينة لانها في الدلالة المراد بمنزلة اللفظ الا أن فيها ضرب استتار و إبهام لان الانسان يكتب ذلك لارادة العتق و قد
(54)
يكتب لتجويد الخط فالتحقيق بسائر الكنايات فافتقر إلى النية و الكلام في هذا كالكلام في الطلاق و قد ذكرناه في الطلاق و كذا الاشارة من الاخرس إذا كانت معلمة مفهومة المراد لانها في الدلالة على المراد في حقه كالعبارة في الطلاق و الاصل في قيام الاشارة مقام العبارة قوله خطا بالمريم عليها السلام فقولي انى نذرت للرحمن صوما أى صمتا و إمساكا و ذلك على الاشارة لا على القول منها و قد سما ها الله تعالى قولا فدل أنها تعمل عمل القول و أما الالفاظ التي يقع بها العتق أصلا نوى أو لم ينو فنحو أن يقول لعبده قم أو اقعد أو اسقني و نوى به العتق لان هذه الالفاظ لا تحمل العتق فلا تصح فيها نية العتق و كذا لو قال لا سلطان لي عليك لان السلطنة عبارة عن نفاذ المشية على وجه القهر فانتفاؤها لا يقتضى انتفاء الرق كالمكاتب فلا يقتضى العتق بخلاف قوله لا سبيل لي عليك لانه نفى السبل كلها و لا ينتفى السبيل عليها مع قيام الرق ألا ترى أن للمولى على مكاتبة سبيل المطالبة ببدل الكتابة و كذا السلطان يحتمل الحجة أيضا فقوله لا سلطان لي عليك أى لا حجة لي عليك و انتفاء حجته على عبده لا يوجب حريته و كذا لو قال لعبده اذهب حيث شئت أو توجه حيث شئت من بلاد الله تعالى يريد به العتق أو قال له أنت طالق أو طلقتك أو أنت بائن أو ابنتك أو قال لامته أنت طالق أو طلقتك أو أنت بائن أو ابنتك أنت على حرام أو حرمتك أو أنت خليفة أو برية أو بتة أو اذهبي أو اخرجى أو اعزبى أو تقنعى أو استبرئى أو اختارى و نوى العتق فاختارت و غير ذلك مما ذكرنا في الطلاق و هذا عندنا و عند الشافعي يقع العتق بها إذا نوى و لقب المسألة أن صريح الطلاق و كناية لا يقع بها العتاق عندنا خلافا له وجه قوله أن قوله لمملوكته أنت طالق أو طلقتك إثبات الاطلاق أو ازالة القيد و انه نوعان كامل و ذلك بزوال الملك و الرق و هو تفسير العتق و ناقص ذلك بزوال اليد لا كما في المكاتب و المأذون فإذا نوى به العتق فقد نوى أحد النوعين فنوعين فنوى ما يحتمله كلامه فصحت نيته و لهذا إذا قال لزوجته أنت حرة و نوى به الطلاق طلقت كذا هذا و لنا أن هذه الالفاظ المضافة إلى المملوك عبارات عن زوال يد المالك عنه أما قوله أنت طالق فلان الطلاق عبارة عن رفع القيد و القيد عبارة عن المنع عن العمل لا عن الملك و المانع يد المالك فرع المانع يكون بزوال يد المالك عن المملوك لا يقتضى العتق كالمكاتب و كذا قوله اذهب حيث شئت أو توجه إلى اين شئت لانه عبارة عن رفع اليد عنه و انه لا ينفى الرق كالمكاتب و به تبين أن القيد ليس بمتنوع بل هو نوع واحد و زواله عن المملوك لا يقتضى زوال الملك كالمكاتب و كذا قوله أنت بائن أو ابنتك لانه ينبئ عن الفصل و التبعيد و كذا التحريم يجامع الرق كالاخت من الرضاعة و الامة المجوسية و نحو ذلك بخلاف قوله لامرأته أنت حرة لان التحريم تخليص و القيد ثبوت فينا فيه و لان ملك اليمين لا يثبت بلفظ النكاح و ما لا يملك بلفظ النكاح لا يزول الملك عنه بلفظ الطلاق كسائر الاعيان و هذا لان الطلاق رفع ما يثتب بالنكاح فإذا لم يثبت ملك اليمين بلفظ النكاح لا يتصور رفعه بلفظ الطلاق بخلاف قوله لامرأته أنت حرة و نوى به الطلاق لان ملك المتعة لا يختص ثبوته بلفظ النكاح فانه كما يثبت بغير النكاح يثبت بغيره من الشراء و غيره فلا يختص زواله بلفظ الطلاق ألا ترى أنه يزول بردة المرأة و كذا بشرائها بان اشترى الزوج إمرأته فجاز أن يزول بلفظ التحرير و لو قال لعبده رأسك رأس حر أو بدنك بدن حر أو فرجك فرج حر لم يعتق لان هذا تشبيه لكن بحذف حرف التشبيه و انه جائز من باب المبالغة قال الله تعالى و هي تمر مر السحاب أى كمر السحاب و قال الشاعر و عيناك عيناه و جيدك جيدها سوى أن عظم الساق منك دقيق فتشبيه الشيء بالشيء لا يقتضى المشاركة بنيهما في جميع الصفات و هذا معنى قولهم كلام التشبيه لا عموم له قال الله عز وجل كانهن الياقوت و المرجان و قال تعالى كانهن بيض مكنون فلا يعتق و لو نون فقال رأسك رأس حر و بدنك بدن حر و فرجك فرج حر فهو لان هذا ليس بتشبيه بل هو وصف و قد وصف جملة أوما يعبر به عن جملة بالحرية فيعتق لو قال ما أنت الا مثل الحر لم يعتق في القضاء و لا فيما بينه و بين الله تعالى كذا ذكر في الاصل
(55)
في بيان شرائط اركان الاعتاق .
لان هذا تشبيه بحرف التشبيه و التشبيه لا يقتضى المشاركة في جميع الصفات بخلاف قوله ما أنت الا حر لان ذاك ليس بتشبيه بل هو تحرير لانه نفى و أثبت و النفي ما زاده الا تأكيدا كقول القائل لغيره ما أنت الا فقيه و روى عن أبى يوسف أنه قال إذا قال كل مالى حر و له عبيد لم يعتقوا لانه جمع بين العبد و غيرهم من الاموال و وصف الكل بالحرية بقوله كل مالى حر و معلوم أن العبيد من الاموال لا يحتمل الوصف بالحرية التي هى العتق فينصرف الوصف بالحرية إلى الحرية التي يحتملها الكل و هي أن تكون جميع أمواله خالصة صافية له لا حق لا حد فيها فلا تعتق عبيده و الله عز وجل الموفق ( فصل )و أما شرائط الركن فانواع بعضها يرجع إلى المعتق خاصة و بعضها يرجع إلى المعتق خاصة و بعضها يرجع إليهما جميعا و بعضها يرجع إلى نفس الركن أما الذي يرجع إلى المعتق خاصة فمنها أن يكون عاقلا حقيقة أو تقديرا حتى لا يصح الاعتاق من الصبي الذي لا يعقل و المجنون كما لا يصح الطلاق منها و أما المجنون الذي يجن في حال و يفيق في حال فما يوجد منه في حال افاقته فهو فيه بمنزلة سائر العقلاء و ما يوجد منه في حال جنونه فهو بمنزلة المجنون المطبق اعتبار الحقيقة و أما السكران فإعتاقه كطلاقه و قد مر ذلك في كتاب الطلاق و منها أن لا يكون معتوها و لا مدهوشا و لا مبرسما و لا مغمى عليه و لا نائما حتى لا يصح الاعتاق من هؤلاء كمالا يصح الطلاق منهم لما ذكرنا في الطلاق و منها أن يكون بالغا فلا يصح الاعتاق من الصبي و ان كان عاقلا كمالا يصح الطلاق منه و لو قال رجل أعتقت عبدي و أنا صبي أو قال و أنا نائم كان القول قوله و الاصل فيه انه إذا أضاف الاعتاق إلى حال معلوم الكون و هو ليس من أهل الاعتاق فيها يصدق بان قال اعتقته و أنا صبي أو و أنا نائم أو مجنون و قد علم جنونه أو و أنا حربى في دار الحرب على أصل أبى حنيفة و محمد و قد علم ذلك منه لانه إذا أضاف الاعتاق إلى زمان لا يتصور منه الاعتاق علم ان أراد به صيغة الاعتاق لا حقيقة الاعتاق فلم يصر معترفا بالاعتاق و لو قال أعتقته و أنا مجنون و لم يعلم له جنون لا يصدق لانه إذا أضافه إلى حالة لا يتيقن وجودها فالظاهر أنه أراد الرجوع عما أقر به فلا يقبل منه و لو قال أعتقته قبل أن أخلق أو قبل أن يخلق لا يعتق لان زمان ما قبل انخلاقه و انخلاق العبد معلوم فقد أضاف الاعتاق إلى زمان معلوم الكون و لا يتصور منه فيه الاعتاق فلا يعتق و أما كونه طائعا فليس بشرط عندنا خلافا للشافعي و المسألة مرت في كتاب الطلاق و كونه جادا ليس بشرط بالاجماع حتى يصح إعتاق الهازل و كذا كونه عامدا حتى يصح إعتاق الخاطئ لما ذكرنا في الطلاق و كذا التكلم باللسان ليس بشرط فيصح الاعتاق بالكتابة المستبينة و الاشارة المفهومة و كذا الخلو عن شرط الخيار ليس بشرط في الاعتاق بعوض و بغير عوض إذا كان الخيار للمولى حتى يقع العتق و يبطل الشرط أما إذا كان بغير عوض فظاهر لان ثبوت الخيار لفائدة الفسخ و الاعتاق بغير العوض لا يحتمل الفسخ و كذا ان كان بعوض لان العوض من جانب المولى هو العتق و انه لا يقبل لا الفسخ فلا معنى للخيار فيه و ان كان الخيار للعبد فخلوه عن خياره شرط صحته حتى لورد العبد العقد في مدة الخيار فينفسخ العقد و لا يعتق لان العوض في جانبه هو المال فكان محتملا للفسخ فيصح شرط الخيار فيه كما في الطلاق على مال و قد ذكرناه في كتاب الطلاق و على هذا الصلح من دم العمد بشرط الخيار و ان الخيار ان كان مشروطا للمولى يبطل الخيار و يصح الصلح لان الخيار لثبوت الفسخ و الذى من جانب المولى و هو العفو لا يحتمل الفسخ و ان كان الخيار للقاتل جاز لان ما هو العوض من جانبه و هو المال قابل للفسخ ثم إذا جاز الخيار و فسخ القاتل العقد هل يبطل العفو فالقياس أن يبطل لانه تعلق بشرط المال و لم يسلم المال و في الاستحسان لا يبطل و يلزم القاتل الدية كذا روى عن محمة أما صحة العفو و سقوط القصاص فلان عفو الولى يصير شبهة و القصاص يسقط بالشبهات و أما وجوب الدية فلان الولى لم يرض بإسقاطه بغير عوض و لا عوض الا الدية اذ هى قيمة النفس ثم فرق بين الاعتاق على مال و بين الكتابة فانه يجوز فيها شرط الخيار للمولى لانها عقد معاوضة يلحقها الفسخ فيجوز شرط الخيار في طرفيها كالبيع بخلاف الاعتاق على مال و الله عز و جل