أن مذهبه ان المكاتب يعتق بنفس الكتابة و قد روى محمد بن الحسن عن شريح مثل ذلك وجه قول على كرم الله وجهه ان المكاتبة عقد معاوضة فإذا أدى العبد بعض بدل الكتابة إلى المولى فقد ملك المولى ذلك القدر فلو لم يملك من نفسه ذلك القدر لاجتمع للمولى ملك البدل و المبدل و هذا لا يجوز وجه قول ابن مسعود رضى الله عنه ان قيمة العبد مالية فلو عتق باداء ما هو أقل من قيمته لتضرر به المولى و إذا أدى قدر قيمته فلا ضرر على المولى وجه قول ابن عباس رضى الله عنهما انه لو لم يعتق بنفس العقد لوجب للمولى على عبده دين و لا يجب للمولى على عبده دين و لان الكتابة إعتاق على مال و من أعتق عبده على مال و قبل العبد عتق و المال دين عليه كذلك ههنا وجه قول زيد بن ثابت رضى الله عنه قول النبي صلى الله عليه و سلم المكاتب عبد ما بقي عليه درهم و هذا نص في الباب و لان المولى علق عتقه باداء جميع بدل الكتابة فلا يعتق ما لم يؤد جميعه كما لو قال لعبده إذا أديت إلى ألفا فانت حر انه لا يعتق ما لم يؤد جميع الالف كذا ههنا ثم العتق كما يثبت باداء بدل الكتابة يثبت بأداء العوض عن بدل الكتابة لان عوض الشيء يقوم مقامه و يسد مسده كانه هو كما في البيع و غيره على أن بدل الكتابة دين في ذمة العبد و قضاء الديون يكون باعواضها لا بأعيانها و كذا يثبت بالابراء لما نذكر ثم إذا أدى بدل الكتابة و عتق يعتق ولده المولود في الكتابة بان ولد للمكاتب ولد من أمة اشتراها لانه صار مكاتبا تبعا للاب فيثبت فيه حكم الاصل الا ان للمولى أن يطالب الاب دون الولد لانه لم يدخل في العقد مقصودا بل تبعا فلا يملك مطالبة التبع حال قيام المتبوع و كما يعتق المكاتب الاداء من كسبه يعتق بالاداء من كسب ولده لان كسب الولد كسبه فإذا أدى يعتق هو و ولده و كذا ولده المشترك في الكتابة و ولد ولده و ان سفل و الوالدون و ان علوا إذا اشتراهم المكاتب يدخلون في الكتابة كالولد المولود سواء لا فرق بينهم الا في فصل واحد و هو أنه إذا مات المكاتب من مال يقال للولد المشترى و للوالدين اما أن تؤدوا الكتابة حالا و الا رددناكم في الرق بخلاف الولد المولود في الكتابة لما نذكر و أما ما سوى الوالدين و المولودين من ذوى الرحم المحرم كالاخ و العم و الخال و نحوهم فهل يدخلون في الكتابة قال أبو حنيفة لا يدخلون و قال أبو يوسف و محمد يدخلون و يسعون على النجوم بمنزلة الوالدين و المولودين و الاصل عندهما ان كل من إذا ملكه الحر يعتق عليه فإذا ملكه المكاتب يتكاتب عليه و يقوم مقامه وجه قولهما ان المكاتبة عقد يفضى إلى العتق فيعتبر بحقيقة العتق و الحكم في الحقيقة هذا فكذا في كسب الكسب المفضي اليه و لهذا اعتبر بحقيقة العتق في الوالدين و المولودين كذا ههنا و لابي حنيفة ان الاصل أن لا يثبت التكاتب رأسا لان ملك المكاتب ملك ضروري لكونه مملوكا ما بقي عليه ردهم فلا يظهر في حق التبرع و العتق و انما يظهر في حق حرية نفسه الا ان حرية ولده و أبويه في معنى حرية نفسه لمكان الحرية و لم يوجد في سائر ذوى الرحم فبقى الامر فيهم على الاصل و بدل القياس من وجه آخر يقتضى أن لا يدخل الولد لانه كسبه و حق الحرية لا يسرى للاكتساب ككسب أم الولد و المدبر و انما استحسنا الولاد بحكم الحرية و لم يوجد و الولد المنفصل قبل العقد لا يدخل في الكتابة و يكون للمولى و لو اختلفا فقال المولى ولد قبل العقد و قالت المكاتبة بعد العقد ينظر ان كان الولد في يد المولى فالقول قوله انه انفصل قبل العقد و ان كان في يد الامة فالقول قولها ويحكم فيه الحال كمن استاجر عبدا و مضت مدة الاجارة ثم اختلفا فادعى المستأجر الاباق و المؤاجر ينكر انه ينظر ان كان في الحال آبقا فالقول قول المستأجر و ان لم يكن في الحال آبقا فالقول قول المؤاجر و كذلك هذا في الطاحونة إذا اختلفا في انقطاع الماء و جريانه فان كان في الحال منقطعا فالقول قول المتسأجر و ان كان جاريا فالقول قول المؤاجر و لو تصادقا في الاباق و الانقطاع و اختلفا في مدة الاباق و الانقطاع فالقول قول المستأجر لانه منكر وجوب الزيادة و سواء كان الاداء في حال حياة العاقدين أو بعد موتهما حتى لو مات المولى فادى المكاتب إلى ورثته عتق لان العقد لا ينفسخ بموت المولى بلا خلاف و كذا لو مات المكاتب عن وفاء يؤدى بدل الكتابة إلى المولى ويحكم بعتقه عندنا و عند الشافعي لا يعتق و يسلم البدل للمولى بناء على أن عقد الكتابة لا ينفسخ بموت المكاتبة عندنا كما لا ينفسخ بموت المولى و عنده ينفسخ بموت
(155)
المكاتب و قد اختلف الصحابة رضى الله عنهم في المكاتب إذا مات عن وفاء انه يموت حرا أو عبدا قال على رضى الله عنه و عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يموت حرا فيؤدى بدل كتابته ويحكم بحريته و به أخذ أصحابنا و عن زيد بن ثابت رضى الله عنه انه يموت عبدا و المال كله للمولى و به أخذ الشافعي وجه قول الشافعي انه لو عتق لا يخلو اما أن يعتق قبل موته و اما أن يعتق بعد موته لا سبيل إلى الاول لان العتق معلق باداء البدل و الاداء لم يوجد قبل الموت و لا سبيل إلى الثاني لان محل العتق قد فات لان محله الرق و قد فات بالموت و إثبات الشيء في محله محال فامتنع القول بالعتق و لا يقال انه يعتق مستندا إلى آخر جزء من أجزاء حياته و هو قابل للعتق في ذلك الوقت لان الاصل فيما يثبت مستندا انه يثبت للحال ثم يستند ألا ترى ان من باع مال الغير توقف على اجازة المالك عندكم فان هلك المال ثم أجاز المالك لا تلحقه الاجازة لان الحكم يثبت عند الاجازة مستندا فيراعى قيام محل الحكم للحال و المحل ههنا لا يحتمل العتق للحال فلا يستند و لنا ما روى عن قتادة أنه قال قلت لسعيد بن المسيب ان شريحا قال في المكاتب إذا مات عن وفاء و عليه دين بدئ بدين الكتابة ثم بالدين فقال سعيد أخطأ شريح و ان كان قاضيا فان زيد بن ثابت رضى الله عنه يقول ان المكاتب إذا مات عن وفاء و عليه دين بدئ بالدين ثم بالكتابة فاختلاف الصحابة رضى الله عنهم في الترتيب و الميل على اتفاقهم على بقاء عقد الكتابة بعد الموت فرواية قتادة تشير إلى إجماع الصحابة رضى الله عنهم على ما قلنا و مثله لا يكذب فلا يعتد بخلاف الشافعي لان المعتق في الحقيقة معلق بسلامة البدل للمولى اما صورة و معنى بالاستيفاء و اما معنى الصورة بأخذ العوض أو الابراء لا بصورة الاداء من المكاتب لان العتق يثبت من أداء أصلا بأخذ المولى و بالابراء و قد سلم البدل للمولى اما صورة و معنى بالاستيفاء و اما معنى لا صورة بالابراء أما طريق الاستيفاء فلان هذا عقد معاوضة بين المولى و المكاتب و حكمه في جانب المولى ملك البدل و سلامته و فى جانب المكاتب سلامة رقبته بالحرية و سلامة أولاده و اكسابه حال سلامة البدل للمولى و فى الحال زوال يد المولى عنه و صيرورته أحق بمنافعه و مكاسبه و قد ثبت الملك في المبدل للمولى في ذمة العبد للحال حتى لو تبرع عنه إنسان بالداء و قبل المولى صح و لو أبرأه جاز الابراء و يعتق و لو أحال المكاتب على غريم له عليه دين من اكسابه و قبل المولى صح و عتق و إذا ثبت الملك للمولى في البدل كان ينبغي أن يزول المبدل من ملكه و هو رقبة المكاتب و تسلم له رقبته تحقيقا للمساواة في عقد المعاوضة اذ المعاوضة في الحقيقة بين البدل و القربة كما في سائر المعاوضات من البيع و الاجارة كما في الخلع و الاعتاق على مال الا أن الزوال لو ثبت ههنا للحال بقي الدين في ذمة المفلس و يتكامل في الاداء فيتضرر به المولى فيمتنع الناس عن الكتابة فشرع هذا العقد على خلاف موجب المعاوضات في ثبوت السلامة و زوال المبدل عن المولى الا بسلامة البدل له على الكمال نظرا للموالي و ترغيبا لهم في عقد الكتابة و نظرا للعبيد ليتوصلوا إلى العتق فإذا جاء آخر حياته و عجز عن الكسب انتقل الدين من ذمته إلى أكسابه كما في الحر الا أن الكسب قد لا يسلم له اما بالهلاك أو بأخذ الورثة فإذا أدى ذلك إلى المولى فقد وجد الشرط و هو سلامة البدل للمولى فيسلم المبدل للمكاتب و هو رقبته له و أما الابراء فهو انه لما بلغ آخر حياته يسقط عنه المطالبة بأداء البدل لعجزه عن الاداء بنفسه و انتقل إلى المال خلفا عن المطالبة عنه فيطالب به وصيه أو وارثه أو وصى القاضي فإذا أدى النائب سقطت المطالبة عن النائب في آخر حياته فيبرأ عن بدل الكتابة و تسقط عنه المطالبة في ذلك الوقت فيعتق في ذلك الوقت و قد خرج الجواب عما ذكره الشافعي لما ذكرنا ان الشرط ليس هو من صورة الاداء بل سلامة البدل صورة و معنى بالاستيفاء أو معنى بالابراء و قد حصل و من أصحابنا من قال ان العتق يثبت بعد الاداء مقصورا عليه و يبقى حيا تقديرا لاحراز شرف الحرية كما يبقى المولى حيا بعد الموت تقديرا لاحراز شرف الكتابة و يثبت العتق فيه و هو مثبت حقيقة و يقدر حيا على اختلاف طريق أصحابنا في ذلك على ما عرف في الخلافيات و لو مات المكاتب و ترك وفاء و أولادا أحرارا بأن ولدوا من إمرأة حرة يؤدى بدل كتابته و ما فضل يكون ميراثا بين أولاده الاحرار لان المكاتب يعتق في آخر جزء
(156)
من حياته ثم يموت فيموت حر فيرث منه أولاده الاحرار و كذلك أولاده الذين ولدوا في الكتابة لانهم صاروا مكاتبين تبعا له فإذا عتق هو في آخر حياته يعتقون هم أيضا تبعا له فإذا مات هو فقد مات حرا و هم أحرار فيرثونه و كذا أولاده الذين اشتراهم في الكتابة و والداه لما قلنا و كذا ولده الذي كوتب معه كتابة واحدة لانه عتق معه في آخر حياته فيرثه و أما ولده الذي كاتبه كتابة على حدة لا يرثه لانه لا يعتق بعتقه فيموت حرا و ولده مكاتب و المكاتب لا يرث الحر و لو مات و ترك وفاء و عليه دين أجنبي و دين المولى الكتابة و له وصايا من تدبيره و غير ذلك و ترك ولدا حرا أو ولدا ولد له في الكتابة من أمته يبدأ بدين الاجانب ثم بدين المولى ثم بالكتابة و الباقى ميراث بين سائر أولاده و بطلت وصاياه أما بطلان وصاياه فلوجهين أحدهما يخص التدبير و الثاني يعم سائر الوصايا أما الاول فلان المدبر يعتق بموت السيد و المكاتب ليس من أهل الاعتاق و أما الثاني فلانه إذا أدى عنه بعد الموت فانه يحكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته و ذلك زمان لطيف لا يسع الوصية ثم انتقل الملك إلى الوارث و الملك للموصى له يثبت بعقد الوصية الذي هو فعله فإذا لم يتسع الوقت له لا يمكن إثباته بخلاف الميراث لان الملك ينتقل إلى الورثة من صنع العبد و إذا بطلت الوصايا بقيت الديون و أما ترتيب الديون فيبدأ بدين الاجنبي لان الاصل في الديون المتعلقة بالتركة انه يبدأ بالاقوى فالأَقوى كما في دين الصحة مع دين المرض و دين الاجنبي أقوى من دين المولى لانه يبطل بالرق دين المولى و لا يبطل دين الاجنبي بل يباع فيه فيبدأ بدين الاجنبي ثم ينظر في بقية التركة فان كان فيها وقاء بدين المولى و بالكتابة بدئ بدين المولى ثم بالكتابة لان دين المولى أقوى من دين الكتابة بدليل انه تصح الكفالة به و لا تصح بدين الكتابة و كذا المكاتب يملك إسقاط دين المكاتبة عن نفسه قصدا بأن يعجز نفسه و لا يملك إسقاط دين المولى قصدا بل يسقط ضرورة بسقوط الكتابة فكان دين المولى أقوى فيقدم على دين الكتابة و ان لم يكن في التركة وفاء بالديون جميعا بدئ بدين الكتابة لانه لو بدئ بقضاء دين المولى لبطل القضاء لانه إذا قضى ذلك فقد صار عاجزا فيكون قد مات عاجز فتبطل الكتابة فلم يصح القضاء لانه بالعجز صار قنا و لا يجب للمولى على عبده القن دين و ليس في البداءة بقضاء دين الكتابة إبطال القضاء فيكون أولى فيبدأ بالكتابة حتى يعتق و يكون دين المولى في ذمته فر بها يستوفى منه إذا ظهر له مال و ما فضل عن هذه الديون فهو ميراث لاولاده الاحرار من إمرأة حرة و لاولاده المولودين في الكتابة لانهم عتقوا بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته فيرثون كالحر الاصل و لو مات و ترك وفاء و عليه دين و جناية و مكاتبة و مهر و أولاد أحرار من إمرأة حرة و أولاد ولدوا في الكتاتبة من أمته و أولاد اشتراهم يبدأ بالدين ثم بالجناية ثم بالكتابة ثم يكون الباقى ميراثا لجميعهم لان الدين أقوى من الكتابة لما بينا ثم ينظر إلى ما بقي من المال فان كن فيه وفاء بالكتابة فانه يبدأ بالجناية لانه إذا كان به وفاء بالجنابة صار كان المكاتب قن فيقضى عليه بالجنابة و متى قضى عليه بالجنابة يصير عاجزا إذا لم يكن في الباقى وفاء و ان لم يكن في المال وفاء بالكتابة و كان فيه وفاء بالخيار أو لم يكن فقد مات المكاتب عبدا و بطلت الجناية لانه لا حق لصاحب الجناية في مال العبد و انما كان حقه في الرقبة و قد فاتت الرقبة و هذا إذا كان القاضي لم يقض بالجناية في حال حياته فان كان القاضي قضى عليه بالجنابة صار حكمه حكم سائر الديون و أما المهر فان كان تزوج نكاحا صحيحا باذن المولى فحكمه حكم سائر الديون و ان كان النكاح بغير اذن المولى لا يجب للمرأة شيء ما لم يقضى سائر الديون و الجناية و الكتابة فان فضل شيء يصرف إلى المهر لان في النكاح الفاسد انما يتبع بالمهر بعد العتاق لانه يصح في حق المولى فإذا زال حق المولى فحينئذ يؤاخذ به فان أديت كتابته و حكم بحريته و حرية أولاده صار الباقى ميراثا لاولاده كلهم لانهم عتقوا بعتقه و كذلك ان كان الابن مكاتبا معه لانهم عتفوا في زمان واحد و ان كاتب الابن مكاتبة على حدة لا يرث منه لانه لا يعتق بعتقه و لا يستند عتقه في حقه فلا يرث منه و ان مات المكاتب من وفاء و ترك ولدا مولودا في الكتابة بأن ولدت أمته التي اشتراها بأن كان المكاتب تزوج أمة إنسان باذن
(157)
مولاه فولدت منه ثم اشتراها المكاتب و ولدها أو المكاتبة ولدت من مولاها فانه يسعى في الكتابة على نجوم أبيه لا يبطل الاجل لانه إذا مات لا عن وفاء فقد مات عاجزا فقام الو لد مقامه كانه حى و لو كان حيا حقيقة لكان يسعى على نجومه فكذا ولد بخلاف ما إذا مات عن وفاء لانه مات قادرا فيؤدى بدل الكتابة للحال و لا يوخر إلى أجله بل يبطل الاجل لان موت من عليه الدين يبطل الاجل في الاصل كما في سائر الديون و ليس ههنا أحد يقوم مقامه حتى يجعل كانه حى و إذا أدى السعاية عتق أبوه و هو و أما ولده المشترى في الكتابة فانه لا يسعى على نجومه بل يقال له اما أن تؤدى السعاية حالا أو ترد إلى الرق و لا يقال ذلك للمولد في الكتابة بل يسعى على نجوم أبيه و لا يرد إلى الرق الا إذا أخل بنجم أو بنجمين على الاختلاف و انما كان ذلك لان دخول الولد في الكتابة بطريق التبعية و تبعية الولد المولود في الكتابة أشد من تبعية المشترى في الكتابة لان تبعيته باعتبار الجزئية و الجزيئة في الولد المولود في الكتابة حصلت في العقد فكان بمنزلة المكاتب نفسه و الحكم في المكاتب على ما ذكرنا فكذا فيه و لا كذلك الولد المشترى لان جزئته ما حصلت في العقد فانحطت درجته عنه فلا بد من أظهار ذلك في الحكم ترتيبا للاحكام على مراتب الحجج في القوة و الضعف و ذكر القاضي في شرح الكافي الخلاف في المسألة و جعل ما ذكرنا قول أبى حنيفة و أما على قولهما فالولد المشترى الولد المولود سواء وجه قولهما ان التكاتب على الولد المولود لمكان التبعية و هي موجودة في المشترى و جواب أبى حنيفة عن هذا ان معنى التبعية في المولد أقوى منه في المشترى فلا يصح القياس و لو مات من وفاء و ترك الديون التي ذكرنا فالخيار في ذلك إلى الولد يبدأ باى ذلك شاء لان المكاتب إذا لم يترك وفاء صار التدبير إلى الولد لانه يقضى من كسبه فيبدأ باى ذلك شاء فان أخل بنجم أو بنجمين على الاختلاف يرد في الرق و لو كان بعض أولاده غائبا و بعضهم حاضرا فعجز الحاضر لا يرد في الرق حتى يحضر الغائب لجواز أن الغائب يحضر فيؤدى و لو مات المكاتب و لم يترك وفاء لكنه ترك أم ولد فان لم يكن معها ولد بيعت في المكاتبة و ان كان معها ولد استسعت فيها على الاجل الذي كان للمكاتب صغيرا كان ولد ها أم كيبرا بناء على أن المكاتب إذا اشترى أم ولد و ليس معها ولد فانها لا تدخل في مكاتبته و كان له أن يبيعها عند ابى حنيفة و كذا الموالاة عندهما تدخل في مكاتبته فكذلك بعد موته تكون بمنزلته لما دخلت في الكتابة و إذا كان معها فانها تتبع ولدها في الكتابة عند أبى حنيفة و لا يجوز بيعها فكذا بعد الموت إذا كان معها ولد ولدته في الكتابة يصير كانه قائم لان الابن قام مقامه ولي قولهما لا فرق بين وجود الولد و عدمه وجه قولهما انها انما تسعى لان عتاق الاستيلاد بمنزلة عتاق النسب فلا يبطل بموت الولد فكان حالها بعد موت الولد و قبله واحدا و لابي حنيفة انه لا وراثة بينه و بينها و انما دلت في كتابته لكتابة ولد ها تبعا فإذا مات الولد بطلت كتابتها لانه كتابة الولد بطلت بموته فيبطل ما كان تبعا له و الله عز و جل أعلم و لو ولدت المكاتبة ولد و اشترت ولدا ثم ماتت سعيا في الكتابة على النجوم و الذى يلى الاداء المولود في الكتابة و هذا بناء على أن المولود في الكتابة يقوم مقام المكاتب و الولد المشترى لا يقوم مقامه على الاتفاق أو على الاختلاف الا انه يسعى تبعا للولد المولود في الكتابة فلا تجب عليه السعاية ألا ترى ان محمدا ذكر في الاصل فان قلت فلا يجب على الاخر شيء من السعاية قال لانها لو لم تدع غيره بيع الا أن يؤدى الكتابة عاجلا و انما قلنا الذي يلى الاداء هو الولد المولود في الكتابة لما ذكرنا ان الولد المشترى لا يقوم مقام المكاتب على الاتفاق أو على أصل أبى حنيفة و المكاتبة و لو كاتب حية لكانت تملك كسب ولدها المشترى فكذا الذي يقوم مقامها و ان سعى المشترى فادى الكتابة لم يرجع على أخيه بشيء لانه أدى الكتابة من كسب الام لان كسب أم الولد المشترى للام فإذا أدى الكتابة من كسبه فقد أدى كتابة الام و كسبه لها فلا يرجع و لما ذكرنا ان الولد المولود قائم مقامها و لو كانت الام باقية فادى الولد المشترى فعتقت الام لم يرجع عليه بشيء كذا هذا و كذا الولد المولود في الكتابة لو سعى وادي لم يرجع على المشترى بشيء من هذا المعنى و قال
(158)
بعضهم هذا إذا أدى المولود في الكتابة من مال تركته الام فاما إذا أدى من كسب اكتسبه بنفسه فانه يرجع بنصفه على المشترى و لم يذكر في الاصل حكم المولود في الكتابة و انما ذكر حكم المشترى انه إذا أدى لا يرجع و لو اكتسب هذا الابن المشترى كسبا كان لاخيه أن يأخذه و يستعين به في كتابته لما ذكرنا ان الولد المولود قائم مقام الام و هي لو كانت قائمة لكانت تملك أخذ كسب المشترى و كذا من يقوم مقامها و كذا إذا أراد أن يسلمه في عمل ليأخذ كسبه فيستعين به في مكاتبته كان له ذلك و كذلك لو أمرة القاضي أن يؤاجر نفسه أو أمر أخاه أن يؤاجره و يستعين بأجره على أداء الكتابة كان ذلك جائزا لانه بمنزلتها و ما اكتسب الولد المولود في الكتابة بعد موت أمه قبل الاداء فهو له خاصة لانه داخل في كتابة الام و قائم مقامها فما اكتسبه يكون له و ما يكتسب أخوه حسب من التركة فتقضى منه المكاتبة و الباقى منه ميراث بينهما و الفرق بينهما ان الولد المولود في الكتابة قام مقامها فكان حكمها كحكمه و كسب المكاتبة لها كذا كسب ولدها و أما الولد المشترى فلم يقم مقامها انه كسبها بجميع ما اكتسبه فيصير كانها ماتت عن مال و لو ماتت عن مال تؤدى منه كتابتها و الباقى ميراثا بينهما و كذا هذا و قيل هذا كله قول أبى حنيفة فاما على قولهما فالولد ان يقومان مقامها و لا يملك كل واحد منهما كسب صاحبه لان كل واحد منهما لو كان منفردا لقام مقام المكاتبة و يسعى على النجوم عندهما فكذا إذا اجتمعا لم يكن أحدهما بأولى من الا آخر و الله عز و جل الموفق و أما الفاسد و هي التي فاتها شيء من شرائط الصحة و هي ما ذكرنا فيما تقدم فلا يثبت بها شيء من الاحكام المتعلقة بما قبل الاداء لان الكتابة الفاسدة لا توجب زوال شيء مما كان للمالك عنه إلى المكاتب فكان الحال بعد العقد كالحال قبله و أما الحكم المتعلق بالاداء و هو العتق فالفاسد فيه كالصحيح حتى لو أدى يعتق لان الفاسد من العقد عند اتصال القبض كالصحيح على أصل أصحابنا و نفس المكاتب في قبضته الا ان في الكتابة الفاسدة إذا أدى يلزمه قيمة نفسه و فى الكتابة الصحيحة يلزمه المسمى لما عرف ان الاصل أن يكون الشيء مضمونا بالمثل و القيمة هى المثل لانها مقدار ماليته و انما المصير إلى المسمى عند صحة التسمية تحرزا عن الفساد لجهالة القيمة فإذا فسدت فلا معنى للتحرز فوجب الرجوع إلى الاصل و هو القيمة كما في البيع و نحوه و كذا في الكتابة الفاسدة للمولى ان يفسخ الكتابة بغير رضا العبد و يرده إلى الرق و ليس له أن يفسخ في الصحيحة الا برضا العبد و للعبد أن يفسخ في الصحيح و الفاسد جميعا بغير رضا المولى لما ذكرنا ان الفاسدة لازمة في حقهما جميعا و الصحيحة لازمة في حق المولى لازمة في حق العبد ثم إذا أدى في الكتابة الفاسدة ينظر إلى المسمى و إلى قيمة العبد أيهما أكثر على ما ذكرنا الكلام فيه فيما تقدم و سواء كان الاداء في حياة المولى أو بعد موته إلى ورثته استحسانا و القياس ان لا يعتق بالاداء إلى الورثة وجه القياس أن العتق في الكتابة الفاسدة يقع من طريق التعليق بالشرط لان في الكتابة معنى المعاوضة و معنى اليمين فإذا فسدت بطل معنى المعاوضة فبقى معنى اليمين و اليمين تبطل بموت الحالف و لان الكتابة الفاسدة لا توجب زوال ملك المولى و إذا بقي ملكه فإذا مات قبل الاداء انتفل إلى ورثته فلا يعتق بالاداء وجه الاستحسان انها مع كونها فاسدة فيها معنى المعاوضة و العتق فيها يثبت من طريق المعاوضة لا من طريق التعليق بالشرط بدليل أنه يجب فيها القيمة و لو كان العتق فيها بمحض اليمين لكان لا يجب فيها شيء لان القيمة لم تدخل تحت اليمين و كذا الولد المنفصل و معلوم أن الولد المنفصل عند الشرط لا يدخل تحت اليمين فثبت أن فساد الكتابة لا يوجب زوال معنى المعاوضة عنها فثبت العتق فيها من طريق المعاوضة و أما قوله ان ملك المولى لا يزول في الكتابة الفاسدة فنعم لكن قبل قبض البدل فاما بعد القبض فانه يزول ذلك عند الاداء و لو كاتب أمته كتابة فاسدة فولدت ولدا ثم أدت عتقت و عتق ولدها معها لما ذكرنا ان الكتابة الفاسدة تعمل عمل الصحيح عند اتصال القبض به و الاولاد يدخلون في الكتابة الصحيحة كذا في الفاسدة فان ماتت الام قبل أن تؤدى لم يكن عمل ولدها أن يسعى لان الولد قائم مقام الام ثم الام لا تجبر على السعاية كذلك الولد لكنه إذا سعى فيما على أمه يعتق استحسانا و القياس أن لا يعتق و هو على ما ذكرنا فيما إذا مات المولى فادت المال إلى
(159)
في الولاء وانواعه وبيان ولاء العتاقة .
في بيان ما تنفسخ به الكتابة .
ورثته تعتق استحسانا و القياس أن لا تعتق و أما الباطلة و هي التي فاتها شرط من شرائط الانعقاد فلا يثبت بها شيء من الاحكام لان التصرف الباطل لا وجود له الا من حيث الصورة كالبيع الباطل لا وجود له الا من حيث الصورة كالبيع الباطل و نحوه فلا يعتق بالاداء الا إذا نص على التعليق بان قال ان أديت إلى ألفا فانت حر فادى يعتق لكن بالمكاتبة بل بالتعليق بالشرط و لا يلزمه شيء كما في التعليق بسائر الشروط ( فصل )و أما بيان ما تنفسخ به الكتابة فانها تنفسخ بالاقالة لانها من التصرفات المحتملة للفسخ لكون المعاوضة فيها أصلا فتجوز اقالتها كسائر المعاوضات و كذا تنفسخ بفسخ العبد من رضا المولى بان يقول فسخت المكاتبة أو كسرتها سواء كانت فاسدة أو صحيحة لما ذكرنا انها و ان كانت صحيحة فانها لازمة في جانب العبد نظرا له فيملك الفسخ من رضا المولى و المولى لا يملك الفسخ من رضا المكاتب لانها عقد لازم في جانبه و هل تنفسخ بالموت أما بموت المولى فلا تنفسخ بالاجماع لانه ان كان له كسب فيؤدى إلى ورثة المولى و ان لم يكن في يده كسب فيكتسب و يؤدى فيعتق فكان في بقاء العقد فائدة فيبقى و ان عجز عن الكسب يزول إلى الرق كما لو كان المولى حيا و إذا مات المولى فادى المكاتب مكاتبته أو بقية منها إلى ورثته عتق فولاؤه يكون لعصبة المولى لان الولاء لا يورث من المعتق بعد موته لما نذكر في كتاب الولاء ان شاء الله تعالى و ان عجز بعد موت المولى فرد إلى الرق ثم كاتبه الورثة كتابة أخرى فادى إليهم و عتق هو فولاؤه للورثة على قدر موراثتهم لانه عتق باعتاقهم فكان ماله ميراثا بينهم اذ الولاء يورث به ان كان لا يورث نفسه و اما بموت المكاتب فينظر ان مات عن وفاء لا ينفسخ عندنا خلافا للشافعي و ان مات لا عن وفاء ينسفخ بالاجماع لانه مات عاجزا فلا فائدة في بقاء العقد فينفسخ ضرورة و لا ينفسخ بردة المولى بان كاتب مسلم عبده ثم ارتد للمولى لانها لا تبطل بموت المولى حقيقة فبموته حكما أولى ان لا ينفسخ و لهذا لا تبطل سائر عقوده بالردة كذا المكاتبة فان أقر بقبض بدل الكتابة و هو مرتد ثم أسلم جاز إقراره في قولهم و ان قتل أو مات على الردة لم يجز في قول أبى حنيفة إذا لم يعلم ذلك الا بقوله بناء على ان تصرفات المرتد نافذة عنده بل هى موقوفه و ان علم ذلك بشهادة الشهود جاز قبضه و كذا يجوز للمرتد أخذ الدين بشاهدة الشهود في كل ما وليه من التصرفات كذا ذكر في الاصل لان ردته بمنزلة عزل الوكيل فيملك قبض الديون التي وجبت بعقده كالوكيل المعزول في باب البيع انه يملك قبض الثمن بعد العزل و ذكر في موضع آخر و لا يجوز قبض المرتدة لانه انما يملك لكونه من حقوق هذا العقد و حقوق هذا العقد و هو المكاتبة لا يتعلق بالعاقد فلا يملك القبض بخلاف البيع و أما على أصلهما فإقراره بالقبض جائز لان تصرفاته نافذة عندهما فان لم يقبض شيأ حتى لحق بدار الحرب فجعل القاضي ماله ميراثا بين ورثته فاخذوا الكتابة ثم رجع مسلما فولاء العبد له لان ردته مع لحوقه بدار الحرب بمنزلة موته و لو دفع إلى الورثة بعد موته كان الولاء له كذلك هذا و يأخذ من الورثة ما قبضوه منه ان وجد بعينه كما في سائر أملاكه التي وجدها مع الورثة بأعيانها لان الوارث انما قبض بتسليط المورث فصار بمنزلة الوكيل و الله عز و جل أعلم ( كتاب الولاء )الولاء نوعان ولاء عتاقة و ولاء موالاة أما ولاء العتاقة فلا خلاف في ثبوته شرعا عرفنا ذلك بالسنة و إجماع الامة و المعقول أما السنة فقول النبي صلى الله عليه و سلم الولاء لمن أعتق و هذا نص روى ان رجلا اشترى عبدا فأعتقه فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله انى اشتريت هذا فاعتقته فقال صلى الله عليه و سلم هو أخوك و مولاك فان شكرك فهو خير له و شر لك و إن كفرك فهو خير لك و شر له و ان مات و لم يترك وارثا كنت أنت عصبته و الاستدلال به من وجهين أحدهما انه جعله عصبة إذا لم يترك وراثا آخر و الثاني انه صلى الله عليه و سلم جعل المعتق مولى المعتق بقوله صلى الله عليه و سلم هو أخوك و مولاك و لا يكون مولاه الا و ان يكون ولاؤه له
(160)
و نظير هذا الاستدلال استدلالنا بقوله عز و جل و الله خلقكم و ما تعملون على تقدير تسليم إرادة المعمول من قوله سبحانه و تعالى و ما تعملون في إثبات خلق الافعال من الله تبارك و تعالى أخبر سبحانه انه خلقهم و خلق معمولهم و لا معمول بدون العمل فيدل على كون المعمول مخلوق الله عز و جل و قوله الله عليه و سلم ان شكرك فهو خير له لان المعتق لما أنعم الله عليه بالاعتاق فقد وجب عليه الشكر فإذا شكره فقد أدى ما وجب عليه فكان خيرا له و قوله صلى الله عليه و سلم و شر لك لانه قد وصل اليه شيء من العوض فاوجب ذلك نقصانا في الثواب لانه يصير كانه أعتقه على عوض فكان ثوابه أقل ممن أعتق و لم يصل اليه على إعتاقه عوض دنيوي أصلا و رأسا و قوله صلى الله عليه و سلم و ان كفرك فهو خير لك لان إعتاقه إذا خلى عن عوض دنيوي يتكامل ثوابه في الا آخرة و قوله صلى الله عليه و سلم و شر له لان شكر النعمة واجب عقلا و شرعا فإذا لم يشكره فقد ترك الواجب فكان شرا له و روى ان معتق بنت حمزة رضى الله عنه مات و ترك بنتا فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم نصف ماله لابنته و النصف لابنة حمزة و روى عن عمر رضى الله عنه و على و عبد الله بن مسعود و أبى بن كعب و زيد بن ثابت و أبى مسعود الانصاري و أسامة ابن زيد رضى الله عنهم انهم قالوا الولاء للكبر فاتفاق هؤلاء النجباء من الصحابة رضى الله عنهم على لفظ واحد بدليل سماعهم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مع ما ان هذا حكم لا يدرك بالقياس فالظاهر قول السماع و سيأتي تفيسر هذا الحديث في أثناء المسائل ان شاء الله تعالى و أما الاجماع فان الامة أجمعت على ثبوت هذا الولاء و اما المعقول فمن وجوه أحدها ان الاعتاق أنعام اذ المعتق أنعم على المعتق بإيصاله إلى شرف الحرية و لهذا سمى المولى الاسفل مولى النعمة في عرف الشرع و كذا سماه الله تعالى أنعاما فقال عز و جل في زيد مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم و اذ تقول للذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه قيل في التفسير أنعم الله عليه بالاسلام و أنعمت عليه بالاعتاق فجعل كسبه عند استغنائه عنه لمولاه شكرا لانعامه السابق و لهذا لا يرث المعتق من المعتق و الثاني ان المعتق في نصرة المعتق حال حياته و لهذا كان عقله عليه و عليه ان ينصره بدفع الظلم عنه و بكفه عن الظلم على غيره فإذا جنى فقد قصر في أحد نوعى النصرة و هو كفه عن الظلم على غيره فجعل عقله عليه ضمانا للتقصير فإذا مات جعل ولاؤه لمعتقه جزاء للنصرة السابقة و الثالث ان الاعتاق كالايلاد من حيث المعنى لان كل واحد منهما احياء معنى فان المعتق سبب لحياة المعتق باكتساب سبب الاهلية و المالكية و الولاية التي يمتاز بها الآدمى عن البهائم كما ان الاب سبب حياة الولد باكتساب سبب وجوده عادة و هو الايلاد ثم الايلاد سبب لثبوت النسب فالإِعتاق يكون سببا لثبوت الولاء كالايلاد و هذا معنى قول النبي صلى الله و عليه و سلم الولاء لحمة كلحمة النسب و الله عز و جل أعلم فبعد هذا يقع الكلام في مواضع في بيان سبب ثبوته و فى بيان شرائط الثبوت و فى بيان صفة الثابت و كيفيته و فى بيان قدره و فى بيان حكمه و فى بيان ما يظهر له أما سبب ثبوته فالعتق سواء كان العتق حاصلا بصنعه و هو الاعتاق أو ما يجرى مجرى الاعتاق شرعا كشراء القريب و قبول الهبة و الصدقة و الوصية أو بغير صنعه بان ورث قريبه و سواء أعتقه لوجه الله أو لوجه الشيطان و سواء أعتقه تطوعا أو عن واجب عليه كالاعتاق عن كفارة القتل و الظهار و الافطار و الايلاء و اليمين و النذر و سواء كان العتاق بغير بدل أو ببدل و هو الاعتاق على مال و سواء كان منجزا أو معلقا بشرط أو مضافا وقت و سواء كان صريحا أو يجرى مجرى الصريح أو كناية أو يجرى مجرى الكناية و كذا العتق الحاصل بالتدبير و الاستيلاد و يستوى فيه صريح التدبير و الاعتاق و الاستيلاد و الكتابة و الاصل فيه قول النبي صلى الله عليه و سلم الولاء لمن أعتق من فصل و على هذا إذا أمر المولى غيره بالاعتاق في حال حياته أو بعد وفاته ان الولاء للآمر لان العتق يقع عنه و لو قال لآخر أعتق عبدك عني على ألف درهم فأعتق فالولاء للآمر لان العتق يقع عنه استحسانا و القياس ان يكون الولاء للمأمور لان العتق يقع عن المأمور و هو قول زفر وجه القياس انه أمر بإعتاق عبد الغير عن نفسه و هذا لا يصح لان العتق لا يقع بدون الملك و لا ملك للآمر بل